بيانات التوظيف تعطي «الضوء الأخضر» لرفع الفائدة الأميركية

معدل البطالة عند أدنى مستوياته منذ 2007.. والظروف الخارجية «مواتية»

تأخر زيادة سعر الفائدة في الوقت الذي يسعى الفيدرالي لرفع معدلات التضخم
تأخر زيادة سعر الفائدة في الوقت الذي يسعى الفيدرالي لرفع معدلات التضخم
TT

بيانات التوظيف تعطي «الضوء الأخضر» لرفع الفائدة الأميركية

تأخر زيادة سعر الفائدة في الوقت الذي يسعى الفيدرالي لرفع معدلات التضخم
تأخر زيادة سعر الفائدة في الوقت الذي يسعى الفيدرالي لرفع معدلات التضخم

سادت حالة من التفاؤل بين أوساط المتعاملين في الأسواق، بعد بيانات اقتصادية أميركية قوية، حيث عزز أرباب العمل في الولايات المتحدة من معدلات التوظيف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط تنامي الثقة في الاقتصاد، الأمر الذي يجعل من شبه المؤكد أن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي (المركزي الأميركي) أسعار الفائدة في وقت لاحق من الشهر الحالي.
وأظهرت بيانات أخرى، صدرت خلال الساعات الـ48 الماضية، نمو الاقتصاد بوتيرة سريعة في الربع الثالث، وظهرت مكاسب في الإنفاق الاستهلاكي والتضخم والإسكان والصناعة التحويلية في وقت مبكر من الربع الرابع. وتؤهل البيانات الاقتصادية الراهنة تحسن حالة الاقتصاد الأميركي الجيد، ليعطي الفيدرالي الأميركي الضوء الأخضر لرفع أسعار الفائدة في اجتماع 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وعلى الأغلب سيرفع الفيدرالي الفائدة بضع مرات أخرى خلال اجتماعاته التي يشهدها العام المقبل.
وفي اجتماعي سبتمبر (أيلول) ونوفمبر الماضيين، عللت جانيت يلين، رئيس الاحتياطي الاتحادي، تأخير رفع الفائدة بعدم وجود تغير في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك معدل البطالة. وقد تأثرت الرهون العقارية والسندات الحكومية بانخفاض معدلات الفائدة بشكل سلبي.
ومن شأن تحسن الوضع الاقتصادي البريطاني في استقبال تداعيات اختيار المواطنين الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (البريكست)، في استفتاء يونيو (حزيران) الماضي، فضلاً عن تحسن سوق المال الأميركي في تقبل فوز دونالد ترامب المفاجئ، واتفاق فيينا على خفض الإنتاج للمعروض النفطي، أن تعزز كلها من احتمالات رفع الفائدة الأميركية.
وألمحت يلين لأسعار الطاقة في وقت سابق الشهر الماضي، كونها المحرك الرئيسي للتضخم، وسببًا إضافيًا لتأخر زيادة سعر الفائدة، في الوقت الذي يسعى فيه الفيدرالي لرفع معدلات التضخم إلى مستوى يصل إلى نحو 2 في المائة.
وكان لانخفاض أسعار النفط على مدار العامين الماضيين تأثير مختلط، حيث كان السبب في مزيد من مبيعات الغاز الطبيعي، في حين شهدت شركات النفط الأميركية الكبرى بعض التراجع.
وقبل أيام من صدور تقرير الوظائف، اتفق كل من رئيسة الاحتياطي لولاية أوهايو لوريتا ميستر، ومحافظ الفيدرالي جيروم باول، في تصريحاتهما، على ضرورة تعديل السياسة النقدية للاتحادي، ورفع الفائدة. وقال باول، يوم الثلاثاء الماضي، إن «هناك حاجة ملحة لمثل هذه السياسة لدعم الإنتاجية، والسماح لاقتصادنا الديناميكي بتحقيق مكاسب واسعة النطاق في النشاط»، في حين قالت ميستر، يوم الأربعاء الماضي، إنها تؤيد رفع سعر الفائدة «ليس لأنني أريد الحد من التوسع، ولكن لأنني أعتقد أنه سوف يساعد على إطالة التوسع».
وتأتي تلك المؤشرات جنبًا إلى جنب مع إعلان مكتب العمل الأميركي، مساء أول من أمس، عن تراجع معدل البطالة في الولايات المتحدة، في نوفمبر الماضي، إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس (آب) 2007، ليبلغ معدل البطالة 4.6 في المائة، وليتراجع عدد العاطلين عن العمل خلال شهر بنحو 387 ألف شخص، ويصل إلى 7.4 مليون شخص، الأمر الذي يرجح رفع أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر.
من جانب آخر، تمكن أكبر اقتصاد في العالم من خلق 174 ألف وظيفة إضافية في نوفمبر، بما يتوافق مع توقعات المحللين، الأمر الذي يشكل تسارعًا كبيرًا، مقارنة مع الأرقام التي تم تعديلها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويقترب الاقتصاد الأميركي من معدل التوظيف الكامل، المقدر بنحو 180 ألف وظيفة للعام الحالي.
ومع ذلك، تباطأ نمو الأجور، فانخفض متوسط الدخل بالساعة بنحو 3 سنتات أو 0.1 في المائة، بعد ارتفاعه بنحو 0.4 في المائة في أكتوبر الماضي، لينخفض على أساس سنوي بنحو 2.5 في المائة في نوفمبر، من 2.8 في المائة في أكتوبر، التي كانت تعد أكبر زيادة في ما يقرب من 7 سنوات ونصف السنة. ويبدو أن سوق العمل الأميركي غير متأثرة بالشكوك التي واكبت الانتخابات الرئاسية، والفوز المفاجئ لدونالد ترامب.
وعلى صعيد ذي صلة، حذر ترامب من أن الشركات الأميركية التي تنتقل إلى خارج الولايات المتحدة، لـ«خفض تكاليف إنتاجها» ستواجه «عواقب»، وذلك خلال زيارة له إلى مصنع في ولاية إنديانا الأميركية. ووعد ترامب، قبل انتخابه، بالحفاظ على وظائف العمال ضمن نطاق الأراضي الأميركية، واختار زيارة مصنع «كاريير» الذي بات رمزًا للسياسة المناهضة لانتقال المؤسسات إلى الخارج التي ينوي الرئيس المنتخب اعتمادها بمساعدة وزيري المال والتجارة اللذين عينهما الخميس الماضي.
وقال ترامب: «لن تواصل الشركات مغادرة الولايات المتحدة من دون أن تكون هناك عواقب. لقد انتهى ذلك. لقد انتهى»، وجعل ترامب من هذا المصنع رمزًا منذ أن أعلنت شركة كاريير التخلي عن نقل المصنع الذي يعمل فيه ألف شخص إلى المكسيك، مؤكدة في تغريدة لها على موقع التواصل «تويتر» أنها «أبرمت اتفاقًا مع الرئيس المنتخب»، وأوضحت في بيان أن «الحوافز التي اقترحتها ولاية إنديانا كان لها دور مهم» في قرارها.
وحصلت الشركة المتفرعة عن المجموعة العملاقة «يونايتد تكنولوجيز» خصوصًا على امتيازات ضريبية بقيمة 7 ملايين دولار على 10 سنوات، بحسب وسائل إعلام أميركية، وستواصل الشركة في إنديانابوليس تصنيع سخانات الغاز (التي تؤمن أيضًا التبريد) بفضل «استثمارات مهمة».
كان ترامب قد كتب في تغريدة قبل أن يطير إلى هذه المدينة، الواقعة شمال البلاد، مع نائبه مايك بنس الذي يتولى أيضًا منصب حاكم إنديانا: «انتظر بفارغ الصبر زيارتي إلى إنديانا، لأكون إلى جانب عمال (كاريير) الممتازين الذين سيبيعون الكثير من المكيفات».
وقال جيسون ميلر، المتحدث باسم ترامب: «هذا فوز كبير للإدارة القادمة، وفوز أكبر لشعب إنديانا»، مضيفًا أن «الفوز الذي هو ربما أكبر من ذلك» هو الرسالة الموجهة إلى الولايات المتحدة عن «الالتزام بالحفاظ على الوظائف في أميركا».
ويرى الخبير الاقتصادي بول كروغمان أن فرص العمل التي تم إنقاذها لا تمثل إلا نقطة في بحر الوظائف التي فقدت، مضيفًا أن استعادة 4 في المائة من الوظائف التي فقدت منذ عام 2000، ستحتاج إلى اتفاق مماثل كل أسبوع، ولمدة 4 سنوات.
وأشارت «كاريير» إلى «حوافز قدمتها الولاية»، من دون تقديم مزيد من المعلومات حول نوع الإعفاءات الضريبية أو غيرها من الصفقات التي قد تكون عرضت عليها.
من جانبه، قال المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة بيرني ساندرز، الخميس الماضي، في تصريح لـ«واشنطن بوست» إن هذا الحل «سيزيد من مشكلة الفوارق في الدخل في أميركا».
وأضاف: «بدلاً من دفع الضريبة، ستتم مكافأة الشركة بخفض الضريبة.. هل هذه هي عقوبة المجموعات التي تغلق مصانعها في الولايات المتحدة لنقلها إلى الخارج؟»، وأبدى خشيته من أن يحض هذا الاتفاق شركات أخرى على التهديد بنقل مصانعها للخارج «فقط بغرض الحصول على تخفيف مماثل للضريبة».
وأقر أنتوني سكاراموتشي، أحد أعضاء فريق ترامب الانتقالي، يوم الأربعاء الماضي، بأن «الهدف» من هذه العملية هو خفض الضرائب لجذب الاستثمارات للولايات المتحدة، قائلاً: «آمل أن يكون كل أصحاب العمل في أميركا قد فهموا الرسالة من إدارة ترامب الجديدة بأننا منفتحون على الأعمال هنا في الولايات المتحدة، وأن علينا أن نعيد الأميركيين للعمل بوظائف أميركية».
وسيقوم ترامب بزيارة الولايات الصناعية الأساسية التي تفوق فيها في انتخابات الثامن من نوفمبر الماضي، بما أسمته الصحف «جولة النصر»، وتم تنظيم اجتماع، مساء الخميس، في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو، شمال الولايات المتحدة.
وتنظم هذه الجولة غداة تعيين ترامب لفريقه الاقتصادي، إذ عين الصيرفي في وول ستريت ستيفن منوتشين (53 عامًا) وزيرًا للمال، والملياردير ويلبر روس (79 عامًا) وزيرًا للتجارة، وسيكلفان أساسًا بتطبيق وعده بالتخلي عن اتفاقات التبادل الحر التي وقعتها الولايات المتحدة، وبالحفاظ على الوظائف في المجال الصناعي.
لكن وزير التجارة الجديد رفض اتهامات الحمائية، وقال: «الحمائية ليست لفظًا ذا معنى، بل (لفظ) يستخدم للتحقير»، معتبرًا في تصريحات لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية أن الإدارات السابقة قامت بـ«كثير من التجارة الغبية، وهذا ما سنصلحه»، خصوصًا «بزيادة الصادرات الأميركية».
وقالت «كاريير» في بيان إن «هذه الخطوة ممكنة لأن إدارة ترامب القادمة أكدت لنا التزامها بدعم مجتمع الأعمال، وتهيئة مناخ أفضل وأكثر تنافسية للأعمال في الولايات المتحدة».



مخاوف الانكماش تتعزز في الصين مع تباطؤ التضخم الاستهلاكي بشكل أكبر

زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)
زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)
TT

مخاوف الانكماش تتعزز في الصين مع تباطؤ التضخم الاستهلاكي بشكل أكبر

زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)
زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)

تباطأ التضخم الاستهلاكي في الصين في ديسمبر (كانون الأول)، ما أدى إلى مكاسب سنوية متواضعة في الأسعار لعام 2024، بينما امتد الانكماش في المصانع إلى عام ثانٍ، وسط طلب اقتصادي متباطئ.

وقد أدى مزيج من انعدام الأمن الوظيفي وتراجع الإسكان الذي طال أمده وارتفاع الديون والتهديدات الجمركية من الإدارة القادمة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الإضرار بالطلب، حتى مع تكثيف بكين للتحفيز لإنعاش قطاعها الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، يوم الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، متباطئاً عن الزيادة التي سجلها في نوفمبر (تشرين الثاني) بنسبة 0.2 في المائة وهي أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان). وجاء ذلك متوافقاً مع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين.

وكان مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بنسبة 0.6 في المائة في نوفمبر ومطابقاً للتوقعات.

وارتفع التضخم الأساسي، باستثناء أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، بنسبة 0.4 في المائة الشهر الماضي من 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في 5 أشهر.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين لكامل العام بنسبة 0.2 في المائة، وهو ما يتماشى مع وتيرة العام السابق وأقل من الهدف الرسمي البالغ نحو 3 في المائة للعام الماضي، ما يشير إلى أن التضخم لم يحقق المستهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وبالإضافة إلى حرب أسعار السيارات الكهربائية التي تدخل عامها الثالث، اتسع نطاق التخفيضات في قطاع التجزئة ليشمل محلات بيع الشاي الفقاعي.

وقد اختار المستهلكون الحذرون بشكل متزايد استئجار السلع من الكاميرات إلى حقائب اليد، بدلاً من شرائها.

أما في قطاع التجزئة، فقد انخفض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أبطأ من الانخفاض الذي بلغ 2.5 في المائة في نوفمبر والانخفاض المتوقع بنسبة 2.4 في المائة. وانخفضت أسعار بوابة المصنع الآن لمدة 27 شهراً على التوالي.

في أواخر ديسمبر الماضي، رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن ضعف ثقة الأسر والشركات إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات ستظل عائقاً.

وذكرت وكالة «رويترز» أن الصين وافقت على تأمين سندات خزانة خاصة بقيمة 411 مليار دولار؛ حيث تعمل بكين على زيادة التحفيز المالي لإنعاش الاقتصاد المتعثر.

وستزيد بكين بشكل حاد من التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل للغاية في عام 2025 لتحفيز الاستثمار في الأعمال التجارية ومبادرات تعزيز المستهلكين.

وقد خصصت السلطات 41 مليار دولار من الأموال من السندات الحكومية في يوليو (تموز) لتمويل تحديث المعدات واستبدال السلع الاستهلاكية بما في ذلك السيارات.