بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* «التدخين» سبب في الوفاة المبكرة
من الأخطاء الشائعة في كثير من مجتمعات العالم، المتحضرة منها والنامية، أن معظم الأشخاص ما زالوا يمارسون عادة التدخين رغم تأكدهم من فداحة نتائجها وأنها أحد عوامل الخطر على الصحة والتي تؤدي للوفاة المبكرة، وأنه إذا لم تتغير توجهات الناس نحو التدخين فإن من المحتمل أن يتعرض الثلث من المجموع الكلي للشباب للموت نتيجة استهلاك التبغ. ومن حسن الحظ، فإن هذا التوجه عند النساء في منتصف العمر آخذ في التناقص وخطر الوفاة الناجمة عن استخدام التبغ آخذ في الانخفاض. وهذا ما أثبتته نتائج دراسة حديثة نشرت في العدد الأخير من «دورية لانسيت The Lancet».
وقارن باحثون من جامعة أكسفورد البريطانية، وآخرون من أكاديمية العلوم الطبية الصينية في بكين، بيانات من دراستين كبيرتين، أجريت إحداهما قبل 15 عاما وشارك فيها 250000 رجل، ولا تزال الثانية جارية حتى الآن وقد شملت على ما يقرب من نصف مليون شخص صيني.
وأظهرت النتائج زيادة كبيرة في استهلاك السجائر بين الشباب في السنوات الأخيرة. وحاليا، فإن ثلثي الناس يدخنون ومعظمهم قد بدأ التدخين قبل سن الـ20. وبدأت النتائج المترتبة على هذا التطور تظهر بالفعل، إذ ارتفعت نسبة الوفيات الناجمة عن التدخين في الفئة العمرية من 40 - 79 سنة إلى نحو 20 في المائة بعد أن كانت 10 في المائة في وقت مبكر من التسعينات من القرن الماضي. وفي المناطق الحضرية، كانت النسبة بالفعل 25 في المائة واستمرت في الارتفاع، أيضا.
ووفقا للباحثين، فإن نصف المدخنين – وكانوا يمثلون ثلث الشبان – معرضين للموت نتيجة لممارسة عادة التدخين. في عام 2010، كان عدد من تعرض للوفاة المرتبطة بتناول التبغ نحو مليون شخص (معظمهم من الرجال). وإذا استمرت هذه الممارسة في هذا الاتجاه دون تغيير، قد يرتفع هذا العدد إلى المليونين بحلول عام 2030.
أما النمط بين النساء في هذه الأيام، فقد كان مختلفا تماما، حيث وجد الباحثون أن النساء في سن العمل أصبحن يدخن الآن أقل من مثيلاتهن السابقات، وقد اتضح ذلك للباحثين من خلال بيانات المشاركات في الدراسة حيث وجد أن نسبة النساء المدخنات من المولودات في الثلاثينات من القرن الماضي كانت نحو عشرة في المائة، بينما نسبة المدخنات من النساء المولودات في الستينات كانت واحدا في المائة فقط. وهذا ما أكد للباحثين أن معدل الوفيات المبكرة المرتبطة بتدخين التبغ لدى النساء هي في تناقص مستمر.
ودعا الباحثون إلى زيادة حملات التوعية بأضرار التدخين والحث على الإقلاع فورا وخاصة للشباب من أفراد المجتمع.

* لا خوف من الدعامات المتعددة على القلب

* ما زال الكثير من أطباء القلب يفضلون التعامل المحدود عند معالجة الشريان المتسبب في الأزمة القلبية للمريض المصاب تحفظا منهم على عدم تعريض المريض لأي مضاعفات غير متوقعة حتى وإن اكتشفوا وجود شرايين أخرى متضيقة ولكنها لم تشترك بعد في تلف عضلة القلب.
إلا أن البعض الآخر من أطباء القلب بدأوا يبحثون في إمكانية زرع دعامات للشرايين الأخرى المتضيقة في نفس الجلسة، وهكذا أصبح التوسع في عملية توسيع شرايين القلب المتضيقة توجها طبيا حديثا وآمنا مثله مثل إصلاح الشريان الذي تسبب في إحداث أزمة قلبية لصاحبه تماما.
هذا ما أكدته دراسة بريطانية نشرت مؤخرا في «مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب Journal of the American College of Cardiology، JACC» وأثبتت أنه ليس هناك أي زيادة ضارة لعضلات القلب إذا ما تمت معالجة أكثر من شريان واحد في الوقت نفسه. وقد قام بإجراء تلك الدراسة علماء من جامعة ليسترthe University of Leicester. شملت 203 من مرضى النوبات القلبية. وتم اختيار البعض منهم (105 مشاركين) عشوائيا ليتلقوا العلاج الخاص بالشريان الذي تعرض للانسداد فقط، أما الآخرون (98 مشاركا) فقد خضعوا لإعادة فتح وتوسعة جميع الشرايين المتضيقة. وبعد العلاج، أجري لجميع المشاركين، من المجموعتين، تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
وأظهرت النتائج أن المرضى الذين تلقوا علاجا شاملا لكل الشرايين المتضيقة كان حجم المنطقة التي تعرضت للتلف من عضلة القلب لديهم مساوية تقريبا لحجم المنطقة التالفة من عضلة القلب عند الذين تلقوا علاجا لشريان واحد فقط أي الذي تسبب في النوبة القلبية. وبمعنى آخر كانت نسبة تضرر عضلة القلب في كلتا المجموعتين متساوية تقريبا (12.6 مقابل 13.5 في المائة). كما أن وظيفة القلب كانت في كلتا المجموعتين متماثلة - سواء بعد العلاج مباشرة وبعد تسعة أشهر من العلاج.
وعليه، صرح المدير الطبي لجمعية القلب البريطانية، بيتر ويسبيرغ Peter Weissberg أن هذه الدراسة توحي لأطباء القلب بأن إدخال الدعامات في جميع الشرايين المتضيقة مرة واحدة والتي يتم اكتشافها أثناء عملية علاج النوبة القلبية هي عملية آمنة، طالما أن طبيب القلب لديه التبرير الكافي من أن الشريان المتضيق سيحتاج إلى زراعة الدعامة.

* استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة

[email protected]



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.