بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* الإسراع في العلاج الكيميائي للسرطان
من الأخطاء الشائعة بين ذوي المرضى التدخل بشكل كبير في خطة العلاج، ومن ذلك ما يحدث كثيرا في الحالات المرضية الخطيرة مثل السرطانات ومنها سرطان الثدي، وأحيانا ما يؤدي إلى تسببهم في تأخير بدء العلاج لمريضتهم وخصوصا العلاج الكيميائي الذي يدور حوله كثير من النقاش والمخاوف، وتكون النتيجة التأثير على جودة العلاج.
من هذا المنطلق أجريت دراسة أميركية نشرت نتائجها في العدد الأخير من مجلة «جاما – الأورام» JAMA Oncology وكانت نتائجها باهرة، حيث أكدت على أن تأخير العلاج الكيميائي المساعد لأكثر من 90 يوما بعد جراحة السرطان الأولي primary للثدي قد يزيد من خطر الوفاة.
قام بهذه الدراسة علماء من مركز أندرسون للسرطان بجامعة تكساس في هيوستن، وأجروا تقييما لبيانات مريضات بسرطان الثدي من واقع سجل السرطان في كاليفورنيا وعددهن 24823 امرأة مصابة بسرطان الثدي من (المراحل من الأولى إلى الثالثة)، وتم تشخيص إصابتهن بالسرطان بين الأعوام 2005 و2010 وسبق لهن تلقي العلاج الكيميائي المساعد. وقد سبق أن أشارت دراسات سابقة إلى أن تأخير بدء العلاج الكيميائي المساعد يمكن أن تكون له نتائج ضارة بالمريضة، ولكن تلك الدراسات لم تحدد التوقيت الأمثل لبدء العلاج.
وأظهرت الدراسة الأخيرة أن تأخير العلاج لأكثر من 30 إلى 90 يوما بعد الجراحة مقارنة مع النساء اللاتي بدأن العلاج في غضون 30 يوما الأولى لم يكن لها تأثير سلبي، ولكن التأخير لأكثر من 90 يوما - كما هو الحال بين واحدة من كل 10 نساء – وجد أنه يزيد من خطر الموت في السنوات الخمس التالية بنسبة 34 في المائة. وكان التأثير الأسوأ وبشكل خاص عند من تأخر علاجهن من المصابات اللاتي لديهن فحص سلبي ثلاثي لسرطان الثدي، حيث ارتفع لديهن خطر الوفاة بنسبة 53 في المائة. ومع ذلك لم يكن هناك ارتباط كبير لأولئك اللاتي يعانين من سرطان الثدي مع إيجابية مستقبلات الهرمون أو إيجابية هير2 «HER2».
ودرس الباحثون أيضًا الأسباب التي تكمن وراء تأخير بدء العلاج، فأظهرت نتائج الدراسة أن تأخير العلاج كان مرتبطا بتأثر بعض العوامل، ومنها الاجتماعية والاقتصادية، وعدم وجود تأمين صحي خاص، وعامل العرق (تحديدا، المرأة لأميركية من أصل إسباني أو أفريقي).
وعليه، تؤكد رئيسة فريق الدراسة ماريانا تشافيز ماك غريغور Mariana Chavez Mac Gregor أن العلاج الكيميائي يجب أن يبدأ، في جميع حالات سرطان الثدي، في غضون 90 يوما بعد الجراحة أو 120 يوما بعد التشخيص، وينبغي الاعتراف بهذا الإطار الزمني كمقياس جودة، وكمبدأ في دليل خطة العلاج.

* محلول الملح لتنظيف الجروح
قد يبدو للبعض أن غسل وتنظيف الجروح التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية يحتاج إلى مواد منظفة قوية كالصابون في حالة عدم توفر المواد الطبية المعقمة، إلا أن هناك من المحاليل البسيطة والرخيصة الثمن ما قد يفي بالغرض، مثل محلول الملح.
وبالفعل فقد وجد أن تنظيف الجروح قبل البدء في العمل الجراحي كجروح الكسور المفتوحة يكون أكثر فعالية باستخدام محلول الملح أو المياه المالحة من الممارسة القياسية باستخدام الماء والصابون. هذه هي نتائج دراسة دولية أجريت تحت قيادة باحثين كنديين ونشرت نتائجها في المجلة الطبية العالمية «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» New England Journal of Medicine. وقد أجريت هذه الدراسة في جامعة ماكغيل (مونتريال) McGill University Montreal وجامعة ماكماستر (هاميلتون) McMaster University Hamilton وشارك فيها 41 موقعا طبيا في العالم، في كل من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والنرويج والهند.
وشملت الدراسة عددا من المرضى (2500 مريض) المصابين بجروح مفتوحة في منطقة الذراع أو بكسور في الساق. وتم تنظيف الجروح باستخدام الماء والصابون فقط أو المياه المالحة فقط، فضلا عن استخدام واحد من ثلاثة مستويات مختلفة من ضغط الماء. وحلل الباحثون حالات المرضى من حيث مدى احتياج بعضهم إلى إجراء عملية جراحية إضافية في غضون اثني عشر شهرا بسبب الإصابة بالعدوى أو لمشكلات في التئام الجروح.
وكانت النتيجة أن معدل إعادة إجراء العملية كان بنسبة 14.8 في المائة في المجموعة التي تلقت العلاج بالماء والصابون، و11.6 في المائة في المجموعة التي تلقت العلاج بواسطة المياه المالحة. وثبت من هذه الدراسة أن ضغط الماء المنخفض يكون كافيا لتنظيف الجرح. وقال مؤلف الدراسة إدوارد هارفي Edward Harvey من جامعة ماكغيل أن نتائج الدراسة تؤكد على أن استخدام الصابون ليس أفضل من استخدام المياه المالحة، وأنه قد يكون لهذه النتائج تأثيرات مهمة لرعاية المرضى الذين يعانون من كسور مفتوحة في جميع أنحاء العالم وبالأخص في البلدان النامية التي تتعامل مع أعداد غير متناسبة من هذه الحالات. وأشار إلى أنه في السابق كانوا يستخدمون الماء والصابون مع نظام توصيل الضغط العالي لتنظيف الجرح، ولكن الآن لم يعد هناك داعٍ لاستخدام ذلك الأسلوب أمام وجود أفضل الممارسات وأرخصها بكثير وهو «محلول الملح».

* مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
TT

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

وتُعدّ الدراسة التي استمرت خمس سنوات بقيادة عالمة الأحياء التنموية، ريتا فيور، من مؤسسة «تشامباليمود»، أول تجربة عشوائية يتلقّى فيها المرضى أدوية تم اختبارها مسبقاً في أجنة سمك الزرد المزروعة بالخلايا السرطانية وأعطت «نتائج واعدة» على الأسماك.

ويقول عالم أحياء الخلايا الجذعية من كلية الطب بجامعة هارفارد، ليونارد زون، الذي لم يشارك في التجربة: «يبحث الجميع عن شيء أكثر تنبؤاً» بكيفية تأثير العلاج في أورام المرضى. وتم استخدام الفئران والذباب قبل ذلك لتجربة أدوية للسرطان، لكن «جميعها كانت له حدود». ويضيف زون: «إذا أظهرت الدراسة الجديدة أن الأسماك لها قيمة تنبؤية عالية، فسوف يهتم الناس بهذا الأمر».

سيتم اختبار أدوية مجربة في سمك الزرد على المرضى لأول مرة (أ.ف.ب)

والاختلافات في أورام المرضى بسبب سمات مثل الوراثة، والتمثيل الغذائي، يمكن أن تجعل اختيار العلاج المناسب أمراً محيّراً لأطباء الأورام. ونظراً إلى إمكانية توفر الكثير من الخيارات المتماثلة تقريباً، فقد يضطر المرضى إلى تحمّل علاج ضار تلو الآخر حتى يستقروا على العلاج الذي يساعدهم. ويمكن للتحليل الجيني في بعض الأحيان أن يغربل الاختيارات، ولكن حتى عندما يحمل سرطان المريض طفرات تشير إلى علاج معين، فليس هناك ما يضمن أنه سيستجيب إليه، وفق ما ذكرته مجلة «ساينس» العلمية.

وبحثاً عن بديل أفضل، كان مختبر العالمة فيور يدرس سمك الزرد منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وعزل الباحثون الخلايا السرطانية من المريض، ثم زرعوها في أجنة سمكة الزرد الشفافة التي تنمو بشكل طبيعي خارج الأم. وأضاف العلماء أدوية السرطان إلى مياه الأسماك، كما قدموا جرعات من الإشعاع، وراقبوا الخلايا السرطانية لقياس أي العلاجات «من المحتمل أن تكون فاعلة». وعلى القدر نفسه من الأهمية، ومن خلال الكشف عن الخيارات التي لم تنجح، تُنقذ التجربةُ على الأسماك المرضى من علاجات «قد تكون سامة وغير مجدية».

وفي تقرير صدر عام 2024، قال علماء إن الأسماك استطاعت التنبؤ بصورة صحيحة بالعلاج المناسب لـ50 مريضاً بالسرطان من وسط مجموعة تضم 55 مريضاً. ومن المميزات التي تشجع استخدام سمك الزرد هو أن هذه التجربة تقدّم نتائج سريعة بخصوص العلاج خلال 10 أيام فقط.

وفي التجربة السريرية، ستختبر فيور وفريقها دقة نتائج سمك الزرد على المرضى من خلال غربلة الخلايا السرطانية من السائل الذي يتراكم في بطن الأشخاص المصابين بسرطان الثدي أو المبيض، الذي عادة ما يتم تصريفه بوصفه جزءاً من العلاج.

وتقول فيور: «نحن لا نقوم بإجراءات إضافية على المرضى»، لكن سيتم زرع الخلايا السرطانية في أجنة الأسماك، وبدلاً من اختبار الأدوية التجريبية، كما تفعل الكثير من التجارب السريرية الأخرى، فستحدد الدراسة على الأسماك أي مجموعة من العلاجات المعتمدة تعمل بشكل أفضل، وسيحصل نصف المرضى على الأدوية التي تقترحها نتائج سمك الزرد، وسيتلقّى النصف الآخر العلاج الذي يختاره أطباؤهم، ثم سيجري تقييم النتائج.