انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

ألمانيا وفرنسا تطلبان ضمانات... وإسبانيا تبحث عن «حل وسط»

المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تيري بريتون في كلمة أمام مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)
المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تيري بريتون في كلمة أمام مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تيري بريتون في كلمة أمام مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)
المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تيري بريتون في كلمة أمام مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة.
وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح. وأضاف ليندنر في تصريحات صحافية نقلتها وكالة بلومبرغ للأنباء أنه ما زال يتعين إجراء تغييرات قبل أن تشعر الحكومة الألمانية بالرضا حيال هذه المقترحات.
وقال ليندنر للصحافيين في استوكهولم قبل اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بدول مجموعة اليورو، إن ألمانيا تريد نظاما يستند إلى قواعد ويؤدي إلى خفض «موثوق» في الديون، ويتضمن ما يطلق عليه اسم «معايير عددية». غير أن المفوضية الأوروبية اقترحت منح الدول المزيد من المرونة للسماح بالاستثمارات المطلوبة لمواجهة تغير المناخ وتحديث الاقتصادات.
ويشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل، منذ أن دفعت جائحة فيروس كورونا حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا أو هولندا، إلى الاعتماد على مقادير كبيرة من الدين العام، ما أثار دعوات للإصلاح.
وقالت وزيرة المالية الهولندية، سيغريد كاج، إن بلادها «سعيدة للغاية» بالخطط، لكنها شددت على «أهمية خفض موثوق به للديون» والرقابة. غير أن وزير المالية البلجيكي، فنسنت فان بيتيجيم، ذكر أنه يرحب كثيرا بالاقتراح. وأضاف أن تقليص الديون، بينما يتم التركيز على الاستثمارات والإصلاحات، هو «الثالوث المقدس». وذكرت وزيرة المالية الإسبانية، ناديا كالفينو، التي ستشرف على المفاوضات في النصف الثاني من العام أنها ستبذل ما بوسعها للتوصل إلى حل وسط، سيؤدي إلى خفض مستويات الديون، لكن «يضمن أيضا نموا قويا وتوفير وظائف في الوقت المناسب».
تجدر الإشارة إلى أن المفوضية طرحت الأربعاء مقترحات لإصلاح ما يسمى بميثاق الاستقرار والنمو، وتتيح هذه المقترحات للدول الأوروبية المثقلة بالديون المزيد من المرونة للتخلص من الديون المخالفة للقواعد، وتعول المفوضية في المقترحات على سلوك طرق فردية بالنسبة لكل دولة لتخفيض الديون والعجز على المدى البعيد وذلك بدلا من المبادئ التوجيهية الموحدة لكل الدول.
وبموجب مقترحات المفوضية، ستظل الدول ملزمة بخفض ديونها إلى 60 بالمائة من إنتاجها الاقتصادي في المدى الطويل، وتقليل عجزها إلى 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، غير أن خطط الإنفاق الفردي ستتيح للدول ذات الديون المفرطة والعجز مزيدا من الوقت والمرونة.
يذكر أن ألمانيا كانت تدعو في النقاش الدائر منذ شهور حول القواعد الجديدة إلى وضع حد أدنى من المبادئ التوجيهية الصارمة للحد من الديون. ومن المقرر أن تتفاوض دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي حول المقترحات التي طرحتها المفوضية.
وفي نقطة أخرى، أكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أنه سوف يجري أيضا مناقشة أوضاع القطاع المالي في أوروبا على خلفية الاضطرابات الأخيرة التي تعرض لها القطاع المصرفي في العالم. واستطرد: «لقد تأكد أن الإطار المؤسسي الذي توصلنا إليه بعد الأزمة المالية في أوروبا أثبت أنه مستقر».
وانضم فرنسوا فيلروي دي غال محافظ بنك فرنسا المركزي إلى المسؤولين الأوروبيين المطالبين بتعديل قواعد تنظيم سوق مبادلة القروض المتعثرة (سي دي إس) بعد الأزمة الكبيرة التي تعرضت لها مجموعة دويتشه بنك المصرفية الألمانية الشهر الماضي.
وقال فيلروي إن «نقص السيولة في هذه السوق وغموضها سببا أزمة مالية لا داعي لها وأثرا على دويتشه بنك... لا ينبغي القبول بوجود مثل هذه السوق المختلة التي تنطوي على مثل هذه المخاطر الكبرى».
يذكر أن عقود مبادلة الديون المتعثرة هي مشتقات مالية، يتم استخدامها إذا كان المُقرض قلقاً من أن المقترض سيتخلف عن سداد قرض، حيث يمكن للمقرض استخدام أدوات مقايضة الائتمان لتعويض أو مبادلة تلك المخاطر.
وفي هذه العقود يشتري المقرض عقد مبادلة ديون متعثرة من مستثمر آخر يوافق على تعويض المقرض في حالة تخلف المقترض عن السداد.
وتتطلب معظم مقايضات الائتمان دفع قسط مستمر للحفاظ على العقد، وهو ما يشبه بوليصة التأمين. وفي أواخر الشهر الماضي تراجع سهم دويتشه بنك بأكثر من 20 بالمائة بعد ارتفاع عقود مبادلة القروض المتعثرة، ليثير مخاوف أزمة مصرفية جديدة في أوروبا.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «المركزي» الأوروبي: التضخم الرئيسي في منطقة اليورو مسألة «شائكة»

«المركزي» الأوروبي: التضخم الرئيسي في منطقة اليورو مسألة «شائكة»

قال لويس دي جويندوس نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي أمس الجمعة، إن التضخم الرئيسي في منطقة العملة الأوروبية الموحدة أثبت أنه قوي للغاية. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن جويندوس قوله أمس، خلال فعالية في مدريد إن «التضخم الرئيسي ما زال شائكا للغاية»، مضيفا أن التضخم قد يكون أكثر استمراراً مما كان متوقعاً. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع خلال اجتماعه المقبل يوم 4 مايو (أيار)، ومن المرجح أن تتراوح نسبة الزيادة ما بين ربع ونصف نقطة. ومن المتوقع أن تساعد بيانات التضخم لشهر أبريل (نيسان)، التي سوف تصدر قبل هذا الموعد بيومين، في تحديد حجم الزيادة، حيث ي

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.