مصر وسوريا: تحولات إقليمية تسهل إعادة بناء العلاقات الثنائية

زيارات أمنية ودبلوماسية تمهد لتحريك الملف

وزير الخارجية المصري ونظيره السوري في دمشق (الخارجية المصرية - «تويتر»)
وزير الخارجية المصري ونظيره السوري في دمشق (الخارجية المصرية - «تويتر»)
TT

مصر وسوريا: تحولات إقليمية تسهل إعادة بناء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية المصري ونظيره السوري في دمشق (الخارجية المصرية - «تويتر»)
وزير الخارجية المصري ونظيره السوري في دمشق (الخارجية المصرية - «تويتر»)

عززت تحولات إقليمية وتحركات ثنائية من محاولات «إعادة بناء العلاقات» بين مصر وسوريا، وبعد نحو شهر من زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري إلى دمشق، يصل نظيره السوري، فيصل المقداد إلى القاهرة (السبت)، فيما عدّه مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أنها «إشارة إضافية على تسهيل التحركات بالملف».
ومنذ ضرب زلزال مدمر سوريا وتركيا، في فبراير (شباط) الماضي، تواترت زيارات واتفاقيات بين أطراف إقليمية بارزة تصب في مسار «تخفيف التوتر» في الإقليم، والمضي قدما في مسار «إعادة بناء العلاقة» مع سوريا التي استقبل رئيسها بشار الأسد، في أعقاب الزلزال، وزراء خارجية: مصر، والأردن، والإمارات في زيارات منفصلة.
ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن «مباحثات الوزير السوري في القاهرة، ستؤكد بشكل لا لبس فيه أن مصر من الدول المؤيدة لعودة العلاقات السورية - العربية إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، وكذلك عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية في أقرب الآجال، في مقاربة بين المستويين الثنائي والعربي».
«المباحثات المصرية السورية، ستتطرق بالتأكيد إلى التطورات الإيجابية الإقليمية ومنها الاتفاق السعودي - الإيراني»، بحسب ما يقول هريدي لـ«الشرق الأوسط» مضيفاً، أن «مصر وسوريا ستكونان من الدول التي تتعاون ثنائياً ومع أطراف عربية أخرى من أجل ترسيخ وتسهيل التهدئة في الإقليم، وإرساء مبادئ جديدة في العلاقات العربية - العربية، وكذلك العلاقات العربية مع دول الجوار الإسلامي المتمثلة في إيران وتركيا».

وزير خارجية سوريا إلى مصر «السبت»

وجمدت جامعة الدول العربية عضوية سوريا منذ نحو 12 عاماً على خلفية تعامل السلطات مع المتظاهرين ضد حكم الرئيس بشار الأسد، وخلال تلك الفترة مرت العلاقات المصرية - السورية بمحطات مختلفة، تضمنتها لحظة استثنائية عبّر عنها قرار الرئيس المصري الأسبق المنتمي لتنظيم «الإخوان»، محمد مرسي بقطع العلاقات مع دمشق عام 2013.
لكن وفي سنوات ما بعد إطاحة حكم «الإخوان» تطورت العلاقات على مستويات مختلفة، وعلى الصعيد الأمني زار رئيس «مكتب الأمن الوطني» السوري اللواء علي مملوك، القاهرة مرتين في عام 2016 و2018 في لقاءين لم تنفهما مصر أو تعلنهما، لكنّ وكالة الأنباء السورية حرصت على إبرازهما في حينهما.
كما رعت مصر إعلان هدنة في ريف حمص في عام 2017، واستضافت أيضاً عدداً من الفصائل السورية التي وقّعت على اتفاق لوقف إطلاق النار عام 2018، وخلال فبراير الماضي أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً بنظيره السوري.
وبشأن الأهداف القريبة لزيارة المقداد إلى القاهرة، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن «هناك مسعى لإيجاد آلية تنسيق مشتركة مصرية - سورية لحلحلة المشهد في الإقليم، ونقل رسائل لأطراف دولية، على الأخص الإدارة الأميركية التي ترفض التقارب مع سوريا، بأن مسار استعادة العلاقات العربية ماضٍ في طريقه».
ويقول فهمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الزيارة تتجاوز البعد الثنائي إلى أبعاد إقليمية ودولية، خاصة أن تقارب مصر وسوريا يحظى بقبول روسي، ورضا صيني».
مضيفاً، أن «سوريا ستكون حريصة على تطوير العلاقة مع مصر، وقد نشهد عضوية قريبة لسوريا في (منتدى غاز المتوسط)، كما تسعى دمشق لحشد التأييد لمحاولة عودتها للجامعة قبل مايو (أيار) المقبل (الموعد المحدد للقمة العربية) التي تستضيفها المملكة العربية السعودية».
لكن كيف تبني القاهرة على التقارب مع دمشق؟ يجيب فهمي، بأن «مصر تتحرك بمقاربة جديدة في الإقليم مع دول مثل تركيا، وسوريا، وربما ينعكس ذلك على تنشيط التحالف الثلاثي (مصر، العراق، الأردن) عبر ضم سوريا ولبنان إلى آلياته».
وبشأن الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر بين سوريا وتركيا، في ضوء تقاربها المتصاعد مع كل منهما، يقول فهمي «القاهرة، ربما تلعب دوراً مهماً في تسريع مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة لما تحظى به من علاقات مع الطرفين، فضلاً عن التفاهم والتواصل مع روسيا».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».