ما تداعيات رفع «المركزي المصري» للفائدة؟

وسط قلق بشأن أسعار السلع واحتمالات تخفيض قيمة الجنيه

خبير اقتصادي يتوقع استقرار أسعار السلع (رويترز)
خبير اقتصادي يتوقع استقرار أسعار السلع (رويترز)
TT

ما تداعيات رفع «المركزي المصري» للفائدة؟

خبير اقتصادي يتوقع استقرار أسعار السلع (رويترز)
خبير اقتصادي يتوقع استقرار أسعار السلع (رويترز)

أثيرت تساؤلات في مصر بشأن تداعيات قرار البنك المركزي المصري الأخير بزيادة أسعار الفائدة، على أسعار السلع، وسعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار. وأعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في ختام اجتماعها الدوري (الخميس)، عن زيادة أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 200 نقطة أساس (2 في المائة).
وجاءت خطوة «المركزي المصري» لاحتواء ضغوط التضخم، الذي ارتفع إلى أعلى مستوى على الإطلاق في البلاد، حيث بلغ معدل التضخم العام السنوي في المدن المصرية خلال فبراير (شباط) الماضي 31.932 في المائة، مقارنة بـ26.5 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2023.
وحسب الخبير الاقتصادي والمالي في مصر، الدكتور ياسر حسين، فإن «قرار رفع الفائدة يستهدف احتواء الضغوط التضخمية في السوق المصرية، ومحاولة الوصول إلى هدف استقرار الأسعار من أجل واقع أفضل للمواطن المصري، الذي يعاني من ارتفاع الأسعار المتتالي في كافة السلع على مدار عام 2022 وفي الربع الأول من 2023».
حول تأثير قرار «المركزي» على أسعار السلع، أوضح حسين لـ«الشرق الأوسط»: «من المتوقع بعد القرار استقرار الأسعار في السلع، ومنها السلع المهمة والاستراتيجية». وتابع: «أتوقع بالنسبة للربع الثاني من 2023 أن تستقر الأسواق، وستبدأ الأسعار في الهبوط مع دخول الاستثمارات الدولارية الكبيرة إلى مصر، التي اتفق عليها في مؤتمر المناخ (كوب 27)، وهي استثمارات الطاقة النظيفة والمشروعات الخضراء، وذلك في منتصف العام، كذلك مع دخول دولارات الاتفاق الجديد مع البنك الدولي، بالإضافة للدفعة الثانية من دولارات تمويل صندوق النقد الدولي».
وأوضح الخبير الاقتصادي والمالي أن «تأثير القرار سيؤدي لارتفاع تكلفة الاقتراض لإقامة المشروعات، وسيعاني بذلك من يعملون في إقامة المشروعات، وكذلك أصحاب أنشطة بيع السلع بالتقسيط، مثل الأجهزة الكهربائية والأثاث والمفروشات وأنشطة ومعارض بيع السيارات».
وتواجه مصر «أزمة اقتصادية» ظهرت بعض تبعاتها في غلاء غير مسبوق لأسعار السلع، غير أن المسؤولين الرسميين أرجعوا ذلك إلى «ظروف عالمية» منها «الحرب الروسية - الأوكرانية»، وتداعيات «جائحة كورونا».
بشأن سعر صرف العملة المحلية، قال ياسر حسين: «تصب التوقعات حول انفراجة دولارية بعض الشيء، حيث ستزيد التحويلات إلى مصر بالدولار الأميركي وتحويله إلى شهادات بنكية بالجنيه المصري للحصول على عائد الشهادات المصرية، وسيكون ذلك التوجه أيضاً هو توجه حائزي الدولار الأميركي داخل مصر، ما يؤدي إلى محاولة تجفيف (السوق السوداء) للعملة الصعبة، والدولار قد يزيد رسمياً إلى 32 جنيهاً، ولن يصل إلى 35 جنيهاً، ثم سيهبط تدريجياً مع تخطي مصر أزمتها الدولارية». (وسجل سعر الدولار في مصر حتى مساء الجمعة 30.80 جنيه).
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي المصري، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، الدكتور أشرف غراب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار لجنة السياسات النقدية بـ(البنك المركزي المصري) كان متوقعاً وذلك من أجل (احتواء ضغوط التضخم)»، لافتاً إلى أن «رفع الفائدة يهدف لتعويض العملاء عن نقص قيمة مدخراتهم بالبنوك، إضافة لجذب العملاء لأذون وسندات الخزانة».
وأشار غراب إلى أن «شهادة الادخار بعائد 18 في المائة التي طرحها بنكا (مصر) و(الأهلي) الحكوميان في مصر، العام الماضي، قد انتهت آجالها بنهاية مارس (آذار) 2023، وقدرت حصيلتها في البنكين بمبلغ 750 مليار جنيه، وبالتالي فصرفها سوف يُساهم في زيادة الطلب من قبل المستحقين، وهذا قد يسبب زيادة في معدل التضخم، وبالتالي لجأ (البنك المركزي) لزيادة سعر الفائدة بنسبة 2 في المائة»، متوقعاً أن «يقوم البنكان بطرح شهادات ادخار جديدة بفائدة أعلى من 20 في المائة، وذلك لجذب السيولة الناتجة عن حصيلة الشهادات المنتهية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
TT

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)

أرسلت الحكومة المصرية تطمينات متكررة لمواطنيها بشأن سعر صرف الجنيه، بعدما سجل «انخفاضاً في البنوك مع تداول الدولار عند حاجز 50.8 جنيه، الجمعة، وعقب شائعات ترددت عن زيادة كبيرة في قيمة الدولار في الفترة المقبلة.

وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، في تصريحات تليفزيونية، مساء الخميس، إن الدولة المصرية «تعتمد سياسة سعر الصرف المرن القائم على العرض والطلب»، ونفى «ما تردد من شائعات حول حدوث ارتفاع كبير في سعر الدولار خلال الأيام المقبلة». تصريحات «متحدث الوزراء» تزامنت مع تغريدات «غير متفائلة» على «السوشيال ميديا» حول مستقبل سعر الجنيه.

وكتب الخبير الاقتصادي المصري، محمد فؤاد، عبر حسابه على «إكس» متفاعلاً مع العديد من التغريدات، والمناقشات حول «مستقبل سعر صرف الجنيه»، أن «الأمر يحتاج الإجابة على سؤالين، الأول: مرتبط بآلية سعر الصرف المتبعة، والثاني: تحديد ما إذ كان مرونة كاملة أو شبه كاملة»، لافتاً إلى أن «مؤشر الدولار أمام سلة العملات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة يؤكد أنها (مرونة شبه كاملة)».

ورغم تأكيد أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «أي تحرك في سعر الصرف يؤدي لارتفاع الأسعار في مصر»، فإنه شدد في اتصال مع «الشرق الأوسط» على «ضرورة الالتزام بمرونة سعر الصرف لتجنب تكرار أخطاء الماضي فيما يتعلق بتثبيت السعر والتحرك بشكل مفاجئ، الأمر الذي يتطلب ترك السوق للعرض والطلب».

فيما عددت النائبة السابقة لرئيس «بنك مصر»، سهر الدماطي، أكثر من سبب لتراجع قيمة الجنيه بناءً على معايير العرض والطلب، من بينها «الحسابات المالية للشركات بنهاية العام الجاري، وفتح الاعتمادات لاستيراد بعض السلع، فضلاً عن احتياج بعض المستثمرين للعملة الأجنبية»، لافتة إلى أن سعر الصرف المرن «جعل هامش التحرك لم يزد حتى الآن عن 2 في المائة فقط».

وأضافت الدماطي لـ«الشرق الأوسط» أن وجود قروض والتزامات مالية لمصر يتوجب سدادها، بجانب المشاكل الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية المتشائمة في المنطقة، «أمور يكون لها تأثير على سعر صرف الجنيه، الذي تأثر بالفعل بقوة الدولار خلال الأيام الماضية».

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وهنا أشار الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، إلى وجود التزامات متعددة على الدولة المصرية يجب الوفاء بها، سواء من ناحية القروض التي يجري سدادها أو حتى التزامات تدبير العملة، مشيراً إلى أن «تحويل أرباح الشركات في مثل هذا التوقيت من العام يشكل عامل ضغط على سعر الصرف».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة أموراً لم تتضح ستكون حاسمة فيما يتعلق بسعر الصرف، من بينها «الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي، والاستثمارات الخارجية التي سوف تصل لمصر خلال الفترة المقبلة».

وأجرت بعثة صندوق «النقد الدولي» زيارة لمصر الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، فيما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

رجل يعد أوراق نقد من فئات مختلفة من الدولار الأميركي في مكتب صرافة بالقاهرة (رويترز)

وشهدت الأيام الماضية شائعات عدة حول سعر الصرف وقيمة الجنيه، مما دفع بعض التجار في الأسواق المصرية إلى تعليق «عمليات البيع تخوفاً من ارتفاع سعر الدولار»، بينما طرحت تساؤلات على مجموعات مغلقة بمواقع التواصل الاجتماعي عن «إمكانية تحويل مدخراتهم إلى دولار للحفاظ على قيمتها».

لكن الخبير الاقتصادي المصري أشار إلى أن استمرار البنك المركزي المصري في منح فائدة مرتفعة على الجنيه من خلال الشهادات الادخارية، «أمر لا يزال قادراً على تعويض الفارق بين تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار»، لافتاً إلى أن سعر الدولار لدى التجار والمصنعين «جرى احتسابه على أعلى من السعر الذي تداول خلال الفترة الماضية كإجراء تحوطي، وبالتالي لا تزال هناك مساحة تحركات محدودة».

عودة إلى أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بالبرلمان، الذي شدد على «ضرورة تطبيق إجراءات واضحة تضمن استدامة الموارد الدولارية للبلاد بما يغطي الاحتياجات اللازمة».