هل تبدّل باريس اقتراحها للرئاسة اللبنانية؟

ميقاتي مجتمعاً مع ليف والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا الجمعة (أ.ف.ب)
ميقاتي مجتمعاً مع ليف والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا الجمعة (أ.ف.ب)
TT

هل تبدّل باريس اقتراحها للرئاسة اللبنانية؟

ميقاتي مجتمعاً مع ليف والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا الجمعة (أ.ف.ب)
ميقاتي مجتمعاً مع ليف والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا الجمعة (أ.ف.ب)

قال مصدر سياسي لبناني مواكب عن كثب للّقاءات التي عقدتها مساعِدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، مع عدد من القيادات اللبنانية، في زيارتها الخاطفة لبيروت، الجمعة الماضي، إن الاستحقاق الرئاسي لم يغِب عن جدول أعمال المحادثات التي أجرتها وكان حاضراً بامتياز، وإنما من خلال دعوتها للتوافق على رئيس للجمهورية يجري انتخابه استناداً إلى التفاهم على تسوية يجري إنتاجها بين الكتل النيابية.
وتوقّف المصدر السياسي أمام الموقف الأميركي حيال الاستحقاق الرئاسي الذي عبّرت عنه ليف في لقاءاتها مع المسؤولين؛ ومن بينهم 5 من النواب السنّة هم: فؤاد مخزومي، عبد الرحمن البزري، وضّاح الصادق، إبراهيم منيمنة، وبلال الحشيمي. وأكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقفها لم يكن متناغماً مع الاقتراح الفرنسي الذي يقضي بانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في مقابل تكليف السفير السابق نواف سلام بتشكيل الحكومة العتيدة.
وكشف أن عدداً من النواب السنّة الذين التقوا ليف أبدوا أمامها اعتراضاً على مبدأ المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة؛ في إشارة إلى الاقتراح الفرنسي بذريعة أنه أقرب إلى التعيين، منه إلى الانتخاب.
ولفت النواب إلى أن ليف لم تتطرق، في تعليقها، إلى اعتراضهم على المقايضة، وفضّلت أن يأتي ردُّها بطريقة غير مباشرة بقولها إنه ليس لدى واشنطن أي مرشح لرئاسة الجمهورية، وتترك انتخابه للبرلمان للتوافق على اسم يدفع باتجاه الوصول إلى تسوية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم.
واعتبر هؤلاء النواب أن ما سمعوه على لسان ليف يأتي في سياق الرد الدبلوماسي على الاقتراح الفرنسي، من دون دخولها في سجال مباشر، وأكدوا، في ضوء موقفها الذي أدلت به، أن هذا الاقتراح لا يحظى بتأييد أميركي.
ورأى عدد من هؤلاء النواب أن باريس تكاد تغرّد وحيدةً في اقتراحها حول التسوية الرئاسية، خصوصاً أن مسؤولين في السفارة الفرنسية في بيروت بدأوا يلتفون على ردود الفعل السلبية حيال الاقتراح الفرنسي، وإن كان انتخاب الرئيس يأخذ بعين الاعتبار مراعاة موقف الثنائي الشيعي بدعمه ترشيح فرنجية من دون إغفال موقف إحدى الكتلتين المسيحيتين اللتين ترفضان تأييده وتسعى للبحث عن مرشح آخر.
ونقل النواب عن لسان المسؤولين الفرنسيين في السفارة الفرنسية ببيروت، قول أحدهم لزميل لهم إن هناك من أساء فهم ما اقترحته السفيرة آن غريو، والذي ينمّ عن رغبتها في استمزاج آراء الكتل النيابية؛ في محاولة لإعادة تحريك الملف الرئاسي وإخراجه من التعطيل الذي يحاصره، خصوصاً أنه لا دعوة في المدى المنظور لعقد جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية.
كما نقلوا عن المسؤول الفرنسي قوله إن مبادرة الرئيس بري بدعم ترشيح فرنجية، والتحاق الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله به بضمّ صوته إلى حليفه الاستراتيجي، لم يخدما زعيم تيار «المردة»، وكان من الأفضل أن يُترك له اختيار التوقيت المناسب للإعلان عن ترشّحه بصورة رسمية، رغم أن الدستور اللبناني لا ينص على أن يتقدّم مسبقاً من البرلمان بإعلانه عن ترشّحه. ورداً على سؤال أوضح هؤلاء النواب أن تركيز ليف على ضرورة التوصل إلى تسوية من شأنها أن تأتي برئيس من خارج الاصطفافات التقليدية في ظل الانقسام العمودي في البلد، لا يعني أن واشنطن تضع فيتو على هذا الاسم أو ذاك، ونمن ثم تفضّل أحد المرشحين على الآخرين، وأكدوا أنهم لم يسمعوا منها أي موقف يُشتمّ منه أن الإدارة الأميركية تضع فيتو على مرشح معين، وكان قد سبق للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا أن عكست الموقف الأميركي لدى اجتماعها بالرئيس بري.
وأكد هؤلاء أن ليف تبنّت، على بياض، التحذير الذي أطلقه صندوق النقد الدولي لجهة أن لبنان يمر بوضع خطير جداً، وقالوا إنها شدّدت على ضرورة الإسراع بالاتفاق معه، بالتلازم مع انتخاب رئيس للجمهورية، اليوم قبل الغد؛ ليكون في مقدوره أن يتدارك الأخطار المترتبة على عدم إنجاز الاستحقاقات الأخرى؛ في إشارة إلى تفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان فور انتهاء الولاية الممدّدة للحالي رياض سلامة؛ لأن هناك ضرورة لإدارة الملف المالي على قاعدة الالتزام بالإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد.
وكشف أحد النواب أن سفراء الدول العربية لدى لبنان، والمنتمين إلى دولهم الأعضاء في اللجنة الخماسية (السعودية، مصر، قطر)، يتحدثون لغة واحدة ويقرأون في كتاب واحد أنه لا مرشح لديهم للرئاسة، وهذا ما عبّر عنه سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري بقوله، بعد لقائه رئيس حزب «القوات» اللبنانية سمير جعجع، إنه لم يبحث في الأسماء، وجرى التشديد على ضرورة الإسراع في إتمام الاستحقاق الرئاسي والإتيان برئيس من خارج الاصطفافات.
لذلك فإن المشهد السياسي، بشقّيه الإقليمي والدولي، المحيط بالاستحقاق الرئاسي لإنهاء الشغور الذي يأخذ البلد إلى مزيد من الانهيار والتخبّط، وكما يقول المصدر السياسي، يستقر حالياً على تفاهم بين الدول العربية الأعضاء في اللجنة الخماسية وبين الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما يحتّم على فرنسا أن تعيد النظر في اقتراحها الرئاسي.
وعلمت «الشرق الأوسط»، وفق المصدر نفسه، أن المشاورات الثنائية بين الدول الأعضاء لم تنقطع، وما زالت قائمة منذ أن انفضّ اجتماع اللجنة في باريس التي تشارك فيها بغية التوصل إلى موقف موحد يُفترض أن يشكل رافعة لانتشال انتخاب الرئيس من الحلقة المفرغة التي يدور فيها.
فهل تعيد باريس النظر في موقفها؟ وكيف ستتصرف الكتل النيابية؟ وهل ترفض التواصل مع بعضها بحثاً عن رئيس توافقي لأن انقسامها يعزّز الانقسام الخارجي بخلاف توحّدها ما أمكن لإنضاج تسوية يرعاها المجتمع الدولي من خلال اللجنة الخماسية من دون إقفال الباب أمام انضمام دول أخرى لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان؟


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الفصائل المسلحة تسيطر على غالبية حلب... والجيش السوري: نحضّر لهجوم مضاد

TT

الفصائل المسلحة تسيطر على غالبية حلب... والجيش السوري: نحضّر لهجوم مضاد

تظهر هذه الصورة الجوية عناصر من فصائل سورية مسلحة يلتقطون صوراً أمام واجهة مبنى يحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد في وسط حلب (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الجوية عناصر من فصائل سورية مسلحة يلتقطون صوراً أمام واجهة مبنى يحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد في وسط حلب (أ.ف.ب)

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم (السبت)، سيطرة فصائل سورية مسلحة على «غالبية مدينة حلب»، بالتزامن مع شن طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016.

وقال المرصد إن «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها «سيطروا على غالبية المدينة ومراكز حكومية وسجون».

وأضاف: «شنت طائرات حربية روسية بعد منتصف ليل الجمعة السبت غارات على أحياء مدينة حلب للمرة الأولى منذ العام 2016».

وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز»: «استهدف قصف بطائرات روسية وسورية مقاتلي الفصائل السورية في حي بمدينة حلب».

وكان المرصد قد أشار في وقت سابق الى أن طائرات حربية، لم يحدد هويتها، شنت بعد منتصف الليلة الماضية غارات على أحياء مدينة حلب واستهدفت الغارات حي الفرقان قرب حلب الجديدة من الجهة الغربية للمدينة.

انسحاب مؤقت

من جانبه، أعلن الجيش السوري عن «إعادة انتشار» للقوات في حلب بهدف التحضير لهجوم مضاد على من وصفهم «الإرهابيين».

ونقلت وزارة الدفاع السورية عن مصدر عسكري قوله: «تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب» بعد أن نفذ الجيش عملية «إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع». وجاء ذلك بحسب المصدر بعد «معارك شرسة... على شريط يتجاوز 100 كم لوقف تقدمها وارتقى خلال المعارك العشرات من رجال قواتنا المسلحة شهداء».

تظهر هذه الصورة عناصر من الفصائل السورية المسلحة في شوارع مدينة حلب بشمال سوريا (أ.ف.ب)

وأضاف المرصد أن الضربات الجوية وعمليات قصف بري ومقاومة «محدودة» من جانب الجيش السوري أسفرت عن مقتل 20 عنصرا من الفصائل المسلحة.

وأشار المرصد إلى أن الغارات تزامنت مع وصول تعزيزات عسكرية «كبيرة» للفصائل المسلحة إلى المنطقة، حيث تخوض اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري.

كما أفاد المرصد السوري بارتفاع عدد قتلى الاشتباكات، التي تفجرت يوم الأربعاء الماضي، بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب وإدلب إلى 301.

وأفادت وسائل إعلام تابعة الفصائل السورية المسلحة أمس الجمعة بأن الفصائل سيطرت على مساحات واسعة في محافظتي حلب وإدلب، في حين قال الجيش السوري قال في بيان إن قواته تتصدى لهجوم كبير من الفصائل.

يتجمع عناصر من الفصائل السورية المسلحة في وسط حلب أمام مبنى يحمل صورة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد في وقت مبكر من اليوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

وعد روسي بمساعدات إضافية

وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز» إن سوريا تلقت وعدا بمساعدات عسكرية روسية إضافية لمساعدة الجيش في منع الفصائل من الاستيلاء على محافظة حلب بشمال غرب البلاد.

وأضاف المصدران أن دمشق تتوقع بدء وصول العتاد العسكري الروسي الجديد إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية الساحلية خلال 72 ساعة.