لماذا لم ينطلق «الحوار الوطني» في مصر حتى الآن؟

(تحليل إخباري)

أحد الاجتماعات السابقة للحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على «فيسبوك»)
أحد الاجتماعات السابقة للحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على «فيسبوك»)
TT

لماذا لم ينطلق «الحوار الوطني» في مصر حتى الآن؟

أحد الاجتماعات السابقة للحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على «فيسبوك»)
أحد الاجتماعات السابقة للحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على «فيسبوك»)

عام تقريباً مضى على الدعوة التي وجهها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإطلاق «حوار وطني» شامل بين القوى والأحزاب السياسية كجزء من تأسيس «الجمهورية الجديدة»، غير أن سياسيين وشخصيات عامة طرحوا تساؤلات بموازاة مرور نحو سنة على مبادرة الرئيس، بشأن أسباب طول فترة التحضير وتأخر بدء جلسات الحوار. وانتهى مجلس الأمناء، الذي عقد أول اجتماعاته في يوليو (تموز) من العام الماضي، قبل أشهر من وضع «لائحة لتنظيم الحوار»، والتوافق حول أجندة القضايا التي ستناقشها لجان تضم شخصيات حزبية وعامة ومختصين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان الرئيس المصري قد دعا خلال حفل إفطار رمضاني في 26 أبريل (نيسان) الماضي، إلى إجراء «حوار وطني» حول مختلف القضايا «يضم جميع الفصائل السياسية باستثناء واحد»، في إشارة إلى تنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً».
وكان من بين من طرحوا تساؤلات بشأن «الحوار» الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والقيادي السابق بحزب «المصري الديمقراطي»، الذي نشر مقالاً (الخميس) في صحيفة «المصري اليوم»، تطرق فيه إلى «بعض العقبات التي يواجهها الحوار الوطني».
ورأى بهاء الدين أن «ملف الإصلاح السياسي بعد عام كامل من الدعوة إلى الحوار الوطني لم يتقدم بما كان مأمولاً»، داعياً الدولة إلى الإعلان «مجدداً إما عن رغبتها في استعادته، والتزامها بمخرجات محددة منه، أو العدول عنه بالكامل».
وأضاف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، أن الحوار الوطني «دخل في دهاليز بيروقراطية بتشكيل لجان وأمانات ووضع ترتيبات إدارية بالغة التعقيد»، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى أن «تبادر القوى السياسية المستقلة لترتيب آليات للحوار، ولا تنتظر دعوة رسمية ولا ترتيباً من الدولة». وكان رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» والمنسق العام لـ«الحوار الوطني» ضياء رشوان، أكد في أكثر من إفادة أن «الحوار يسير في مساره الطبيعي»، وأن «الحوار يتسع للجميع، وسيشهد حديثاً موسعاً من المشاركين، وبكل حرية، ولا يوجد خط أحمر على أي موضوع أو شخص، مما ستتم مناقشته خلال الجلسات». من جانبه، أرجع الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، تأخر انطلاق الحوار بعد عام كامل من الدعوة إليه إلى ما وصفه بـ«التشدد من جانب بعض الأطراف المشاركة في الحوار».
وأوضح ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن بعض أحزاب وقوى المعارضة «تُصر على إطلاق سراح بعض الأسماء بعينها من المحبوسين في قضايا أو على ذمة محاكمات جارية، وتشترط الإفراج عن تلك الأسماء قبل انطلاق الحوار رسمياً»، وأنه في المقابل «هناك تحسس من جانب بعض المشاركين في الحوار إذا ما تحدثت بعض قوى المعارضة عن انتقادات هنا أو هناك».
وأضاف عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» أن «ذلك التشدد على الجانبين، سواء بأن يتم ربط مصير مناقشة أكثر من 100 قضية باسم شخص أو شخصين محبوسين، أو بالتحسس من وجود رأي معارض أو انتقاد هو في الأساس من بين أدوار أحزاب المعارضة، هو السبب وراء تأخر انطلاق الحوار حتى الآن».
وحول وجود أفق زمني للتغلب على تلك العقبات، أشار ربيع إلى توقعه أن تكون هناك «انفراجة ملموسة» في هذا الشأن خلال الاجتماع المقرر عقده مساء الأحد لمجلس أمناء الحوار الوطني، مشيراً إلى أنه «من المتوقع أن يكون هناك اتفاق على توقيتات زمنية تتعلق بانطلاق جلسات الحوار قريباً».
وبشأن ما أثاره البعض عن وجود «عقبات بيروقراطية» وراء عدم انطلاق الحوار خلال عام كامل، نفى الدكتور عمرو هاشم ربيع ذلك، مؤكداً أن «كل التحضيرات الفنية واللوجيستية اكتملت»، وأن كل الأمور المتعلقة بالقضايا واللجان والشخصيات المشاركة وأماكن الاجتماعات وترتيباتها «تم حسمها منذ فترة».
وشدد ربيع على أن سبب عدم انطلاق الحوار حتى الآن «سياسي وليس فنياً»، مضيفاً أن «حسن النيات والتفاهم المشترك بين القوى المشاركة في الحوار من شأنه أن يدفع باتجاه انطلاق وشيك لجلسات الحوار».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.