سلطان الزياد ينقل بيئة البادية إلى عوالم مدهشة بلغة عصرية

تجاوز مرجعيات الفنون التشكيلية بغرائبية فريدة

لوحة من المعرض (الشرق الأوسط)   -   الفنان التشكيلي سلطان الزياد (الشرق الأوسط)
لوحة من المعرض (الشرق الأوسط) - الفنان التشكيلي سلطان الزياد (الشرق الأوسط)
TT

سلطان الزياد ينقل بيئة البادية إلى عوالم مدهشة بلغة عصرية

لوحة من المعرض (الشرق الأوسط)   -   الفنان التشكيلي سلطان الزياد (الشرق الأوسط)
لوحة من المعرض (الشرق الأوسط) - الفنان التشكيلي سلطان الزياد (الشرق الأوسط)

أدهش فنان تشكيلي زوار أحد معارضه الشخصية تجاوز فيه كل الحدود ونقل بيئة البادية إلى عوامل مليئة بالدهشة، وبصبغة عصرية، معلناً عن تجربة فردية وطارحاً لوحات تعبيرية يقف عندها الزائر متأملاً ومتسائلاً ومندهشاً.
وبعد 5 أيام، اختتم، السبت الماضي، في «جاليري نايلا» بالرياض، المعرض الشخصي الثالث للدكتور سلطان الزياد، وسط حفاوة الوسط التشكيلي بالمعرض، واعجابهم باللوحات التشكيلية التي كسرت المألوف، من خلال اللعب على ثيم «الماعز العارضية» بعدما نقلها من بيئتها المحلية، إلى بيئة فنية غرائبية تلاعب فيها باللون، والتكوين، والدلالات، والخطوط، لتظهر لوحات تعبيرية تثير اهتمام المشاهد.
الزياد كسر كثيراً من القواعد، على مستوى المنظور، والتكوين، واللون، وأعلن عن تجربة فردية، يراها أكثر واقعية، ليعبر بأسلوب حداثي، عن تلقي الفن كما يراه هو، والتعبير عنه بأدواته وبأسلوبه وشخصيته هو، وبدت اللوحات الثلاثون في معرض «نايلا» بالرياض نقلة نوعية في المعارض التشكيلية، من حيث الموضوع، والتنفيذ، والدلالات المتعددة التي يحملها ثيم «الماعز»، الذي انتقل به من عالم إلى عالم بكثير من الجرأة، والمغامرة، والثقة، والوعي، فلم يعِد الزياد إنتاج ذاته.
ولم يكرر عالمه الفني، بل استطاع في هذا المعرض تجاوز كل الحدود، تجده في العوالم «المابعدية» بكل تجلياتها، لقد خلخل الثنائيات، وجمع النقائض، وكسر صدقية المعايير، وهز ثقة دائرة الألوان، وأعطى للوحة التشكيلية معاني لا متناهية، معاني مرجأة إلى زمن غير معلوم، فلم يجد الزوار شيئاً من قصدية الفنان، بقدر ما يخرج كل واحد منهم بمعنى خاص به.

لوحة تتناول بيئة البادية ونقلها إلى عوامل مدهشة (الشرق الأوسط)

وجاءت «ليالي الماعز» في بعض اللوحات التشكيلية، مرة بلون أزرق داكن، ولون تركوازي مخضر، وبعضها أذنها البيضاء مضاءة بانعكاس النار، والنار غير موجودة داخل إطار اللوحة، بعض «العنزات» أذنها لونها أزرق، ولا مصدر يوحي بهذه الزرقة، وليس ثمة قاعدة نرجع لها في ذلك.
وتناول الزياد موضوع بيئة البادية بما فيها من خيمة شعر ورمال وشجيرات وماعز وراعي الغنم...، هذا الموضوع يعتبر تقليدياً، ولكن الفنان قرر قبول التحدي وتناول هذا الموضوع التقليدي وعالجه فنياً ليصبح ذا صبغة عصرية تحدث الدهشة الممتعة لدى المتلقي. فاللوحات تعطي فرصة للتأمل والغوص في بحر التأويلات والتفسيرات الشخصية، كل حسب خلفيته الفنية والثقافية. فالتكوين العام للوحة وألوانها يعتبر جريئاً وحديثاً على الوسط الفني. كما أن التنوع في نسق العلاقات بين الماعز داخل اللوحات يثير تساؤلات لا حصر لها، فهي تارة تنظر لبعضها بما يوحي بتفاهم وانسجام، وتارة أخرى في تكوين فني آخر يوحي بشجار واضطراب بينها، وأحياناً نسق أو تكوين يوحي بالتمرد على مفهوم القطيع (كما في اللوحة الزرقاء).
ويعد إدخال ألوان جديدة وبراقة، ذات طابع عصري في هذا الموضوع التقليدي، الذي طالما كانت صبغته الألوان البنية والبرتقالية، مغامرة وتحدياً فنياً؛ إذ استطاع الزياد إدخال البنفسجي والتركوازي المخضر والأزرق الكحلي والوردي في لوحاته، ولم تصبح نشازاً، بل أصبحت ألوان متعة البادية في ربيعها وليلها وشتائها، وعند الفجر وعند الغروب...
معرض «ما بعد...» بموضوعه التقليدي والأصيل (البادية) وبشكله العصري هذا، يعتبر سفيراً يجوب العالم ليعرّف بأصالة البادية والماضي الجميل، ويقدّم نموذجاً بصرياً ذا طابع عالمي عصري وممتع، هذا المعرض يعد إضافة فنية للوسط التشكيلي بالسعودية، إلى جانب معرضه السابق «أنا في انتظارك» الذي اقتُنيت كل لوحاته خلال 5 أيام.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لـ«الأوسكار»

فيلم «خارج التغطية» بمشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)
فيلم «خارج التغطية» بمشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)
TT

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لـ«الأوسكار»

فيلم «خارج التغطية» بمشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)
فيلم «خارج التغطية» بمشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

دخلت 3 أفلام فلسطينية القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار)، في نسختها الـ97 المقرر إعلانها في الحفل السنوي الذي تحتضنه هوليوود يوم 3 مارس (آذار) المقبل.

والأفلام الثلاثة هي: «المسافة صفر» للمخرج رشيد مشهراوي في مسابقة «الأفلام الروائية»، والفيلم القصير «برتقالة من يافا» للمخرج الفلسطيني محمد المغني في قائمة مسابقة «الأفلام القصيرة»، فيما كان الفيلم الفلسطيني - النرويجي «لا أرض أخرى»، في مسابقة «الأفلام الوثائقية الطويلة»، وهو من إخراج الرباعي باسل عدرا، وحمدان بلال، ويوفال إبراهيم، وراحيل تسور، والذي عُرض للمرة الأولى ضمن النسخة الماضية من مهرجان «برلين السينمائي» ضمن «برنامج البانوراما»، وقد حصدت الأفلام الثلاثة إشادات نقدية وجوائز من المهرجانات التي عُرضت فيها.

وحظيت السينما الفلسطينية باحتفاء لافت في مهرجانات مصرية العام الحالي بينها مهرجانات القاهرة وأسوان والفيوم.