السوداني يدشن في أربيل عهداً من العلاقات الخالية من التوتر

شكر حكومة إقليم كردستان على «الرغبة الصادقة لحل كل الإشكالات»

السوداني لدى وصوله إلى مطار أربيل حيث كان في استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (شبكة «رووداو» الإعلامية)
السوداني لدى وصوله إلى مطار أربيل حيث كان في استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (شبكة «رووداو» الإعلامية)
TT

السوداني يدشن في أربيل عهداً من العلاقات الخالية من التوتر

السوداني لدى وصوله إلى مطار أربيل حيث كان في استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (شبكة «رووداو» الإعلامية)
السوداني لدى وصوله إلى مطار أربيل حيث كان في استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (شبكة «رووداو» الإعلامية)

يبدو أن رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني يسعى إلى تدشين عهد جديد من العلاقة الإيجابية مع إقليم بلاده الشمالي كردستان، بعد سنوات من التناحر وعدم الاتفاق على معظم القضايا الخلافية، مثل قضية المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وتطبيق المادة 144 من الدستور المتعلقة بمحافظة كركوك، إلى جانب الخلاف العميق حول تشريع قانون النفط والغاز، وحصة الإقليم من أموال الموازنة الاتحادية.
وحكمت العلاقة بين بغداد وأربيل على امتداد العقدين الماضيين سلسلة طويلة من المشاكل المستعصية والتي بدت في معظم الأحوال غير قابلة للحل. وبينما يصح القول بأن علاقة الإقليم ببعض الحكومات كانت إيجابية، وخاصة التي ترأسها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، فإن غالبية الخلافات القائمة بين الجانبين ظلت دون صيغة مناسبة للحل، وضمنها الخلافات حول التزام الإقليم بتسديد سعر 250 ألف برميل من النفط الذي يصدره لصالح بغداد ويشترطه قانون موازنة البلاد الاتحادية.
وليس من الواضح بعد في نظر المراقبين، ما إذا كان السعي للتفاهم والتقارب بين بغداد وأربيل يأتي ضمن مبادرة خاصة من السوداني، أم من تحالف «إدارة الدولة» الذي يهيمن عليه قوى «الإطار التنسيقي» التي أوصلت السوداني إلى سدة الحكم، وانخرط فيه وقتذاك معظم القوى الكردية وضمنها الحزب «الديمقراطي» الكردستاني الذي يهيمن على حكومة أربيل. وفي الحالين، فإن أولى ثمرات هذا التقارب حصول وزارة المالية في إقليم كردستان، الأحد، على مبلغ 400 مليار دينار من بغداد لتمويل مرتبات موظفيها. وقام السوداني اليوم بأول زيارة للإقليم منذ توليه المنصب نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022، التقى خلالها كبار المسؤولين في الإقليم وفي مقدمتهم رئيس الحزب الديمقراطي ورئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني.
ويوحي الوفد الرفيع الذي رافق السوداني، ويضمّ وزراء (الخارجية، والداخلية، والتخطيط، والهجرة والمهجرين، ورئيس هيئة المنافذ الحدودية، ونائب الأمين العام لمجلس الوزراء ووكيل جهاز الأمن الوطني وعدداً من المستشارين)، بأن على أجندة زيارة السوداني الكثير من القضايا ذات الصلة بخلافات الماضي، والرغبة المشتركة من الجانبين في حلحلتها. وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء إنه أكد خلال لقائه بارزاني «حرص الحكومة على التواصل مع جميع القوى السياسية، وتحقيق المزيد من التفاهمات، بما ينعكس على مستوى الأداء العام، في تقديم الخدمات للمواطنين».
ونقل البيان عن بارزاني ترحيبه بالزيارة، وتأكيد دعمه لبرنامج حكومة السوداني الذي «يتضمن محاور قادرة على النهوض بالواقع الاقتصادي والتنموي للعراق».
وأول من أمس، أعلن السوداني «التوصل إلى اتفاق لحل المشاكل بين المركز والإقليم بشأن النفط والغاز من خلال وضع الإيرادات من نفط الإقليم في أحد المصارف»، في مؤشر على العلاقة الإيجابية الجديدة بين بغداد وأربيل، خاصة مع الاتفاق و«لأول مرة» بحسب السوداني، على أن «يتم إيداع الإيرادات النفطية للإقليم في حساب واحد، ويخول رئيس مجلس وزراء الإقليم ورئيس مجلس الوزراء الاتحادي بمراقبة الحساب، وستكون هناك لجنة ترفع توصياتها إلى رئيس وزراء الاتحادي لاتخاذ القرار المناسب».
وبعد لقائه رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، شكر السوداني بارزاني على «روحية العمل المشترك والتعاون والرغبة الصادقة لحل لكل الإشكالات بين بغداد وأربيل»، منوّهاً بأنه «خلال 4 أشهر من عمر الحكومة الاتحادية قطعنا شوطاً مهماً في تنفيذ جزء من الاتفاق السياسي». ومضى يقول: «لدينا إرادة وطنية في إنهاء هذا الملف، والانتقال إلى أفق واسع من العمل المشترك والفرص الاقتصادية التي تعود بالخير على أبناء شعبنا في كردستان وفي كل المحافظات». بشأن المادة 140 من الدستور حول المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، أشار السوداني إلى أنها «جزء من الاتفاق السياسي، وهناك تخصيص موازنة للجنة المركزية» المعنية بتنفيذه لهذا لغرض.


مقالات ذات صلة

الرئيسان العراقي والإيراني يبحثان ملف المياه ومكافحة المخدرات

شؤون إقليمية الرئيسان العراقي والإيراني يبحثان ملف المياه ومكافحة المخدرات

الرئيسان العراقي والإيراني يبحثان ملف المياه ومكافحة المخدرات

حض الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، إيران، على مراعاة حصة العراق المائية، ومكافحة تجارة المخدرات. وأبدى نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، التزام بلاده بإطلاق المياه للعراق، حسب الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين. وأضاف رئيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، اليوم، في طهران، أنه يجب على كل دولة في المنطقة أن تلتزم بحصتها وحقها من المياه، مبدياً بذلك التزام طهران بحصة المياه لسائر دول المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي يختبر القوى السياسية بعزمه على تعديل حكومته

رئيس الوزراء العراقي يختبر القوى السياسية بعزمه على تعديل حكومته

برز تصريحان اليوم الثلاثاء في العاصمة العراقية بغداد: الأول لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والآخر لوزير خارجيته فؤاد حسين.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي «حسابات انتخابية» معقدة تعرقل تشريع الموازنة العراقية

«حسابات انتخابية» معقدة تعرقل تشريع الموازنة العراقية

لا يتلقى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الاعتراضات على مشروع الموازنة من قبل القوى السنية وحسب؛ بل حلفاؤه في الإطار التنسيقي الشيعي يخشون من أن يحصل على «صك» مفتوح لثلاث سنوات بأكثر من 450 مليار دولار، في إطار حسابات انتخابية معقدة، ومحاولات لتقديم «جيل سياسي» جديد من الأحزاب الشيعية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم البرلمان العراقي صوّت فجراً على تعديل قانون الانتخابات

البرلمان العراقي صوّت فجراً على تعديل قانون الانتخابات

صوّت مجلس النواب العراقي، في ساعة مبكرة (الثالثة والنصف) من فجر الاثنين، على بعض البنود المتعلقة بالتعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية. وجاء التصويت وسط اعتراض أكثر من 70 نائباً من المستقلين والكتل الصغيرة على القانون، وأيضاً اعتراض التيار الصدري الخارج من البرلمان بقرار من زعيمه مقتدى الصدر.

فاضل النشمي (بغداد)
العالم العربي بعد عقدين من إطاحة صدام... مأساة عراقي مستمرة

بعد عقدين من إطاحة صدام... مأساة عراقي مستمرة

عندما أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بصدام حسين في عام 2003، احتفل عادل عامر بما ظن أنه مؤشر على نهاية عقدين من الحرب والعزلة في ظل العقوبات التي عصفت بالعراق وشعبه. وقال عامر: «كنت أرقص مثل المجنون فرحاً، ولم أصدق أن صدام قد رحل. كنت أشعر مثل الطائر الذي أطلق من القفص». لكن اتضح أنها مجرد بداية لحقبة أخرى من الصراع والفوضى شهدت أعمالاً مسلحة وتصاعداً لعنف المتشددين، وفتنة طائفية عمقت معاناة عامر، البالغ من العمر الآن 63 عاماً، وعائلته.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

150 عائلة عراقية تتحضر لمغادرة «الهول» شمال سوريا

أسواق «مخيم الهول» (الشرق الأوسط)
أسواق «مخيم الهول» (الشرق الأوسط)
TT

150 عائلة عراقية تتحضر لمغادرة «الهول» شمال سوريا

أسواق «مخيم الهول» (الشرق الأوسط)
أسواق «مخيم الهول» (الشرق الأوسط)

تستعد 150 عائلة عراقية لمغادرة «مخيم الهول»، في ريف الحسكة، باتجاه الأراضي العراقية، ووفقاً للمعلومات، فسيتم نقل دفعتين من العوائل العراقية خلال شهر واحد.

ووفقاً للمعلومات التي أوردها «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، حصلت العوائل على الموافقة الأمنية من الحكومة العراقية، بعد تسجيل أسمائها لدى اللجنة الأمنية العراقية التي زارت المخيم مسبقاً، وقدمت ضمانات لتشجعهم على العودة إلى العراق دون التعرض للمحاسبة بتهمة تعاملهم مع تنظيم «داعش»، وسيتم نقل العوائل إلى «مخيم الجدعة»، جنوب الموصل، تحت إشراف «التحالف الدولي».

وهذه القافلة هي الثانية من نوعها، خلال العام الحالي، إذ إنه في 8 منه، غادرت قافلة تضم عراقيين وعوائل لعناصر «التنظيم» من «مخيم الهول»، بريف الحسكة؛ حيث تم إخراج 193 عائلة تتألف من 715 شخصاً، برفقة مدرعات تابعة لقوات «التحالف الدولي»، كما وفرت طائرات التحالف حماية جوية طوال سير العملية.

عراقيات أمام «مخيم الجدعة» جنوب الموصل عام 2024 بعد نقلهم من مخيمات لعوائل «داعش» شمال شرق سوريا (إكس)

تأتي هذه العملية في إطار سياسة إعادة العراقيين من مخيمات النازحين إلى بلادهم، في خطوة تستهدف تفكيك معسكرات «التنظيم» وتطهير المنطقة من الخلايا النائمة التي قد تشكل تهديداً أمنياً مستمراً.

في الأثناء، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، الخميس، إفساح المجال أمام السوريين المقيمين في «مخيم الهول» بريف الحسكة للعودة الطوعية إلى مناطقهم.

وأشارت الإدارة الذاتية، في بيان، إلى أن هذا القرار كان قد اتخذ سابقاً في عام 2020، إلا أن العوائل المقيمة في «مخيم الهول» كانت «تخشى العودة بسبب وجود نظام (الرئيس السابق بشار) الأسد».

وأضاف البيان: «مع سقوط النظام، لم يعد هناك داعٍ للخوف أو للبقاء في المخيم، وسنقوم من جانبنا بتقديم جميع التسهيلات وتأمين رحلات للعوائل الراغبة في العودة».

أطفال في مخيم للنازحين ضرّه هطول أمطار شديد بإدلب يناير 2023 (د.ب.أ)

ودعت الإدارة الذاتية أيضاً «المنظمات الدولية المعنية بالشؤون الإنسانية إلى تقديم العون والمساعدة للمواطنين السوريين الذين نزحوا إلى مناطق شمال شرقي سوريا بسبب الحرب في البلاد، ويقيمون حالياً في مخيمات (العريشة)، و(المحمودلي)، و(طويحينية)، و(أبو خشب)».

في المقابل، شددت الإدارة على «ضرورة أن تتخذ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي موقفاً حازماً تجاه قضية المهجَّرين قسراً من مناطق عفرين وتل أبيض ورأس العين، شمال سوريا، لتمكينهم من العودة الآمنة إلى مناطقهم الخاضعة لسيطرة الفصائل السورية المدعومة من أنقرة، مع ضمانات أممية تحميهم وتؤمِّن عودتهم».

ويؤوي مخيم الهول على الحدود السورية العراقية نحو 39 ألف شخص، بينهم نحو 16 ألفاً من النازحين السوريين، ونحو 6 آلاف شخص من عوائل مسلحي «داعش» الأجانب.

شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال شرق لبنان إلى سوريا 8 ديسمبر (أ.ف.ب)

في شأن متصل، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الخميس، إن السلطات الجديدة في سوريا طلبت أن تكون عودة النازحين إلى بلدهم تدريجية، مضيفاً أن التغييرات في سوريا ستسمح لهم بالرجوع إلى ديارهم.

وأفادت الرئاسة اللبنانية، الخميس، بأن الرئيس جوزيف عون أكد، خلال استقبال غراندي، على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، وعدم بقائهم في لبنان. وأكدت الرئاسة اللبنانية، على منصة «إكس»، أن عون طلب من غراندي أن تقوم الأمم المتحدة بتنظيم مواكب لعودة النازحين إلى سوريا وتوفير الدعم اللازم لها.

وكان غراندي قال، في وقت سابق، الخميس، إنه بحث مع الرئيس اللبناني عون سبل مساعدة السوريين العائدين إلى بلادهم، وطالب بأن تعمل الحكومة اللبنانية والسلطات السورية والمانحون والمفوضية من أجل مساعدة اللاجئين السوريين.