الحكومة الإيطالية تشدد قوانين مكافحة الهجرة غير الشرعية

بعد كارثة أوقعت أكثر من 70 ضحية قبالة شواطئ كالابريا

ميلوني تتحدث في مؤتمر صحافي بعد اجتماع حكومتها في جنوب إيطاليا أول من أمس (أ.ب)
ميلوني تتحدث في مؤتمر صحافي بعد اجتماع حكومتها في جنوب إيطاليا أول من أمس (أ.ب)
TT

الحكومة الإيطالية تشدد قوانين مكافحة الهجرة غير الشرعية

ميلوني تتحدث في مؤتمر صحافي بعد اجتماع حكومتها في جنوب إيطاليا أول من أمس (أ.ب)
ميلوني تتحدث في مؤتمر صحافي بعد اجتماع حكومتها في جنوب إيطاليا أول من أمس (أ.ب)

بعد أحد عشر يوماً على كارثة غرق زورق كان يحمل على متنه مهاجرين غير شرعيين قبالة سواحل منطقة كالابريا الإيطالية، وسيل غزير من الانتقادات للحكومة والأجهزة الإيطالية لسوء إدارتها تلك الكارثة، التي أوقعت ما يزيد على 70 ضحية بينهم عشرات الأطفال، قررت رئيسة الوزراء اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني عقد اجتماع استثنائي للحكومة في البلدة التي تحطم الزورق على شاطئها لتوجيه رسالة إلى الرأي العام بأنها تتابع هذه المأساة وتركّز على إيجاد حلول تمنع تكرارها في المستقبل.
وبينما كان سكان البلدة يتظاهرون احتجاجاً على مبادرة ميلوني، ويكررون النداءات المطالبة بإقالة وزير الداخلية الذي ألقى اللوم في تصريحاته الأولى على الآباء الذين يجازفون بحياتهم في هذه الرحلات المحفوفة بكل أنواع المخاطر، عادت الحكومة الإيطالية لتظهر تشددها في سياسة الهجرة، معلنة تدابير جديدة لإنزال عقوبات صارمة في حق الذين ينظمون هذه الرحلات، والذين يتقاضون بدلها في بلدان المنشأ، ومن يقود الزوارق حتى وصولها إلى الشواطئ الأوروبية. وقالت ميلوني إن الحكومة قررت إضافة فئة جديدة إلى القانون الجنائي، هي «القتل والضرر بسبب الاتجار بالمهاجرين غير الشرعيين»، وحددت لها عقوبة بالسجن تتراوح بين عشرين وثلاثين عاماً.
وكانت السلطات الإيطالية اعتقلت في أعقاب هذه الكارثة الأخيرة، ثلاثة أشخاص مشتبه بضلوعهم في تنظيم رحلة الزورق الذي كان انطلق من ساحل إزمير التركي وعلى متنه ما يزيد على 200 مهاجر من أفغانستان وإيران وباكستان وسوريا.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته رئيسة الوزراء الإيطالية بعد اجتماع الحكومة، وإلى جانبها نائبها الثاني والوزير الأسبق للداخلية ماتيو سالفيني زعيم حزب «الرابطة» المعروف بتشدده حيال ظاهرة الهجرة، أكّدت ميلوني أن الأجهزة الأمنية قامت بواجبها على أكمل وجه وبذلت كل جهد ممكن لإنقاذ اللاجئين.
لكن الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد «فرونتكس»، صرّحت بأنها أبلغت خفر السواحل الإيطالي بوجود الزورق قبل ست ساعات من وقوع الكارثة، في حين قررت الحكومة الإيطالية إرسال فريق من شرطة الحدود لمعاينة الوضع بدل أن ترسل فرق الإنقاذ المجهزة بالزوارق والمعدات اللازمة في مثل هذه الحالات. وبدت ميلوني متوترة جداً خلال المؤتمر الصحافي، ومصرّة على نفي التهم الموجهة إلى الحكومة ورافضة الإجابة عن أسئلة كثيرة حول الأسباب التي أدّت إلى تأخر وصول فرق الإنقاذ والجهات المسؤولة عن عرقلة اتخاذ القرار اللازم في الوقت المناسب. وحاولت تركيز الاهتمام على التعديل القانوني الذي قررته الحكومة، وقالت إن هذا الجرم الجديد سيكون له طابع عالمي، بمعنى أن المتهمين يتعرضون للملاحقة خارج الحدود الدولية، مؤكدة أنها اتخذت هذا القرار لتظهر تصميمها على مكافحة الاتجار بالبشر والمسؤولين عن هذه الحادثة الأليمة، وأن التعديل سيدخل حيز التنفيذ فور اعتماده في البرلمان «ليكون تكريماً للضحايا ورادعاً لتكرار مثل هذه الكارثة».
لكن قيادة خفر السواحل في منطقة الحادثة أكّدت عشية انعقاد اجتماع الحكومة أن حالة البحر لم تكن حائلاً دون إنقاذ المهاجرين لو أنها تبلغت في الوقت المناسب بوجود الزورق وأعطيت المعلومات اللازمة لتنظيم عملية الإنقاذ التي قالت إنها كانت ممكنة.
كما أعلنت الحكومة الإيطالية تشديد سياسات الهجرة بتقييد اللجوء إلى مبدأ «الحماية الخاصة» التي توفرها التشريعات الأوروبية للمهاجرين الضعفاء، مثل الأطفال والنساء والمرضى، إضافة إلى المعدات الدولية في مجال الهجرة.
وقالت ميلوني إنها تنوي وقف العمل بهذا المبدأ، الذي كان سالفيني قد قيد اللجوء إليه عندما تولّى وزارة الداخلية في حكومة جوزيبي كونتي الأولى. وأقرت حكومة ميلوني أيضاً مجموعة من التدابير الهادفة إلى تسريع طرد المهاجرين غير الشرعيين من الأراضي الإيطالية، وتحسين مراكز التجمع التي ينتظر فيها المهاجرون بت أوضاعهم. قالت رئيسة الوزراء الإيطالية التي تتمتع بأغلبية مريحة في مجلسي الشيوخ والنواب: «الرسالة واضحة: ليس من المستحسن الدخول إلى إيطاليا بصورة غير شرعية، أو التعامل مع المنظمات الإجرامية التي تتاجر بالبشر، أو المجازفة بالحياة من أجل الوصول إلى أوروبا».
وعادت ميلوني لتشدد مرة أخرى على عزمها مواصلة المساعي على الصعيد الأوروبي لتنفيذ الاتفاقات المعقودة من أجل تحديد الحصص التي على أساسها يتمّ توزيع المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الحدود الخارجية للاتحاد على الدول الأعضاء، وقالت إنها ستضاعف جهودها لتسهيل الهجرة الشرعية من الدول التي تكافح الاتجار بالمهاجرين، والتي تحذّر مواطنيها من مخاطر ومغبّة التعاقد مع المنظمات الإجرامية للوصول إلى أوروبا.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.