يوم العلم السعودي : العَلم السعودي... شاهد التوحيد عبر ثلاثة قرون

وقف دونه الأبطال يذودون عنه بدمائهم وأرواحهم حتى لا يسقط أو يُهان

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وخلفه العلم الخاص بالملك   -    خطاب وزارة الداخلية (الشرق الأوسط)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وخلفه العلم الخاص بالملك - خطاب وزارة الداخلية (الشرق الأوسط)
TT

يوم العلم السعودي : العَلم السعودي... شاهد التوحيد عبر ثلاثة قرون

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وخلفه العلم الخاص بالملك   -    خطاب وزارة الداخلية (الشرق الأوسط)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وخلفه العلم الخاص بالملك - خطاب وزارة الداخلية (الشرق الأوسط)

في يوم الخميس 11 مارس (آذار) 1937، أصدر الملك عبد العزيز أمره بالموافقة على قرار مجلس الشورى رقم «354»، الذي أقر فيه مقاس العَلَم السعودي وشكله الذي نراه اليوم، بعد رحلة امتدت لثلاثة قرون، توارثته فيها الدولة السعودية في أطوارها المختلفة، كما كان هذا العَلَم شاهداً على حملات توحيد البلاد. ومن هنا، نص الأمر الملكي الذي أصدره الملك سلمان بن عبد العزيز على «أن يكون يوم 11 مارس من كل عام يوماً خاصاً بالعَلَم باسم (يوم العلم)».
والعلم السعودي علم متفرد ليس مستورداً أو مستوحًى من أي علَم آخر، ويعكس عمق الدولة السعودية، ويجسد هويتها، ويمثل القيم والمبادئ التي قامت عليها، وحسب المصادر التاريخية، فإن العلم السعودي منذ عهد الإمام محمد بن سعود كان أخضر مشغولاً من الخز (ما يُنسج من صوف وحرير) والإبريسم (الحرير الخام) تتوسطه عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وحتى في سنوات غياب الدولة، كان آل سعود «يحملون الراية السعودية ولا يتخلون عنها»، كما يؤكد ذلك المؤرخ السعودي عبد الرحمن الرويشد، ويضيف: «ودون العلم، وقف الأبطال الصناديد يذودون عنه بدمائهم وأرواحهم حتى لا يسقط أو يُهان؛ فهو رمز الشعوب والأمم والأوطان... وكان نظامه وتنسيقه وتحديد مكوناته تُتوارث بشكل عرفي».

خياطة العلم السعودي

وحول خياطة الأعلام والكتابة عليها، يقول الرويشد: «كان يقوم بها بعض أسر الرياض المعروفة، وممن تولاها في العصر الحديث عبد الله بن محمد بن شاهين والشيخ سعد بن سعيد».
أما التطورات التي صاحبت شكل العلم؛ فقد أُضيف في أعلاه سيفان متقاطعان، ثم استُبدل بالسيفين سيفٌ مسلول، ثم وُضِع السيف تحت عبارة التوحيد، وكُتِب تحته «نصر من الله وفتح قريب»، ثم استقر على شكله الحالي. وما دمنا في سياق التأريخ للعلم السعودي، فلعل من المناسب التطرق إلى حمَلة العلم أو الراية أو البيرق أو «البيارقيين»، كما يصفهم المؤرخ الرويشد، الذين يحتلون مكانة تفوق غيرهم، لأن العدو يستهدفهم في المعارك قبل الآخرين بهدف إسقاط الراية؛ لذا لا بد أن يتصفوا بالشجاعة والحكمة ورباطة الجأش. ويُحمَد للرويشد أنه استطاع توثيق أسماء بعض أولئك الأبطال، رغم ندرة المعلومات وقلة ما دُوّن عنهم.

خطاب وزارة الداخلية (الشرق الأوسط)

حمل الراية في الحروب

ممن حمل الراية في الدولة السعودية الأولى إبراهيم بن طوق، وعبد الله أبو نهية الذي قُتِل أثناء حصار الدرعية عام 1818م. وفي الدولة الثانية الحميدي بن سلمة، وصالح بن هديان، وإبراهيم الظفيري. أما مع الملك عبد العزيز؛ فأول مَن حمل الراية عبد اللطيف المعشوق في معركة استرداد الرياض عام 1902، وشارك فيما تلاها من المعارك، وقُتِل في البكيرية عام 1904، وحمل الراية بعده ابنه منصور المعشوق الذي قُتِل في المعركة نفسها، ثم تسلَّم الراية عبد الرحمن بن مطرف وحملها أبناؤه من بعده، مع الإشارة إلى أن هناك أفراداً وأسراً كريمة أخرى تشرفوا بحمل العلم السعودي في معارك وأماكن مختلفة.

وعلم المملكة العربية السعودية علم مميز؛ ليس بلونه فقط، ولكن بدلالاته ومضامينه؛ فكلمة التوحيد ترمز إلى رسالة الإسلام، رسالة التوحيد والسلام والتسامح والعدل والأخلاق، وهي المبادئ الأساسية التي قامت عليها الدولة السعودية. أما السيف، فيرمز إلى القوة وعلو المكانة، واللون الأخضر يدل على النماء والرخاء. لذا فإن العَلَم السعودي بدلالاته الرمزية يمثل مفهوم وهوية الدولة.
أما عن ارتباط الشعب السعودي بالعلم، وماذا يمثل هذا العلم للمواطن السعودي؟ فعلاوة على دلالاته ومضامينه العميقة، فإن العلم يترجم احتياجات وتطلعات إنسان هذه الأرض التي تتلخص في الاستقرار، والعدل، والرخاء؛ فإذا كان معها السيادة والقوة والفخر، فقد حصل المطلوب وأكثر.

الملك سلمان بن عبد العزيز أمام العلم وإلى اليسار الراحل الملك فهد بن عبد العزيز

من هنا، كانت هذه التركيبة الخاصة والعلاقة الوشائجية بين الإنسان السعودي وأرضه وقيادته علاقة عميقة الجذور، مترابطة الأركان، متشابكة الأغصان، ملخصها يكمن في أن قيادة البلاد أدركت مسؤولياتها وعرفت احتياجات إنسان هذه الأرض وعاداته وتقاليده ومتطلبات وجوده، فحملت مشروعه وسعَتْ إلى تحقيقه، ثم إن انتماء الأسرة الحاكمة لأرض الجزيرة العربية، وتمسكها بمبادئ الشريعة الإسلامية، ومحافظتها على القيم والشمائل العربية جعلها، وفي كل حين، تضع مبدأ السيادة فوق كل اعتبار، لذا لم تخضع الدولة السعودية، على مرّ تاريخها، لسلطة مركزية أجنبية، أو تكون تحت أي استعمار. ولعل ما جادت به قريحة الشاعر إبراهيم داود فطاني إثر مشاهدته للعلم السعودي يرفرف على سارية إحدى البواخر التي تقل حجاج بيت الله الحرام في جاوة بإندونيسيا، وكان ذلك في عام 1937، أي بعد سنوات قليلة من استقرار الأوضاع إثر انضمام الحجاز للدولة السعودية، خصوصاً أن فطاني ممن عاصر ما واجهه سكان الحجاز وحجاج بيت الله الحرام من فقدان الأمن قبل حكم الملك عبد العزيز، يلخِّص حاجات وتطلعات الإنسان السعودي:
شعرتُ بعزَّةِ الإسلام لَمَّا
رأيتُ جلالةَ العَلَم السعودِي
رأيتُ الرايةَ الخضرا عليها
شعارُ الدين خفَّاقُ البنودِ
على سُفُن جوارٍ حاملاتٍ
لحجاجٍ هُمُوا خيرُ الوفودِ
ترفرِفُ عزَّةً في كل صقعٍ
يحوط جلالها سعد السعودِ
وها هي فوقَ باخرةٍ تسامت
لأعظمِ دولةٍ رغمَ الحسودِ
تظلِّل كلَّ مَن لجأوا إليها
وتحميها جبابرةُ الأسودِ

العلم السعودي هو العلم الذي لا يُنكس

 

شكل العلم

أما عن الجوانب القانونية والتنظيمية المتعلقة بالعلَم، فقد جاءت الإشارة النظامية الأولى قبل مائة عام (1344هـ)، وذلك عندما شكَّل الملك عبد العزيز الهيئة التأسيسية الاستشارية (لجنة صياغة الدستور)، وكان من ضمن مهامها «تعيين شكل العلم والنقود»، علماً بأن ذلك العام كان يصادف 1926م.
ونظراً لعدم وجود معايير موحَّدة للشكل والمقاس، وما واجهته وزارة الخارجية من تنوع مقاسات العلم وأشكاله عند تبادل الأعلام مع الدول، فقد رفعت الوزارة مقترحاً بتوحيد مقاس وشكل العلم، وأحيل الموضوع إلى «مجلس الشورى»، الذي أقر المقترح المتضمِّن تحديد شكل العلم، وأن يكون عرضه يساوي ثلثَي طوله (150 × 100 سم)، وفي 11 مارس 1937، صدر الأمر الملكي بالموافقة على قرار «مجلس الشورى»، كما تقدم معنا.
وفي أغسطس (آب) من العام نفسه (1937)، صدر قرار مجلس الشورى رقم «50» بشأن العلم السعودي، وشمل القرار تخصيص علم جلالة الملك، وعلم سمو ولي العهد، وأعلام الجيش والطيران والبحرية وغيرها من القطاعات. وهذا يبين أن العلم الخاص بالملك كان منذ عهد الملك عبد العزيز، ولم يتم استحداثه مع صدور نظام العلم في عهد الملك فيصل، كما يرد عند عديد من المؤرخين ويُتداول في وسائل الإعلام ومنصات التواصل. وفي عام 1938، صدر نظام رفع الإعلام واستعمالها في 10 مواد. وفي عام 1952، صدر قرار مجلس الشورى رقم «69» بشأن تعديل مقاسات الأعلام بناء على مقترح السفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية.

علم الملك

وفي عام 1966، أُعدّ مشروع نظام العلم، وشُكّلت بعد ذلك لجنة وزارية ضمت الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والطيران، والسيد عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية، والشيخ صالح الحصين وزير الدولة رئيس هيئة التأديب، وقامت اللجنة في عام 1973م بإعداد محضر، بالاشتراك مع السيد أحمد عبد الوهاب رئيس المراسم الملكية، وفي ضوء ذلك صدر قرار مجلس الوزراء رقم «101»، وتُوّج بالمرسوم الملكي رقم «م/ 3» بالموافقة على نظام العلم الذي تكوَّن من 22 مادة شملت وصف العلم الوطني للمملكة العربية السعودية، ووصف العلم الخاص بالملك: «يكون لجلالة الملك علَم خاص يُطابق العلم الوطني في أوصافِه ويُطرز في الزاوية الدُنيا مِنه المجاورة لعود العلم بخيوط حريرية مُذهّبة شعار الدولة، وهو السيفان المُتقاطِعان تعلوهما نخلة»، كما تناول النظام الأصول المتعلقة برفع العلم الوطني أو العلم الخاص بالملك، ونصت المادة الثامنة من النظام على أنه «يُرفع العلم الخاص لجلالة الملك ليلاً ونهاراً على المقر الفعلي لعمله أو إقامته، ولا يلزم رفعه على مكان يوجد جلالته فيه بصورة عرضية»، كما جاء في الفقرتين «أ» و«ب» من المادة التاسعة المتعلقة بقواعد رفع العلم على السيارة الآتي:
«أ - عندما يكون جلالة الملك في سيارته يُرفع العَلَم الخاص بجلالته فوق المُقدمة اليُسرى للسيارة والعَلَم الوطني فوق المُقدمة اليُمنى لها...
ب - عندما يكون جلالة الملك في سيارته مُصطحِباً ضيفاً من رؤساء الدول، يُرفع العَلَم الخاص بجلالته على المُقدمة اليُمنى للسيارة وعَلَم الضيف الأجنبي على المُقدمة اليُسرى للسيارة».

كما تطرق النظام إلى أسبقية ترتيب الأعلام، وأعلام الوحدات والقطاعات العسكرية، والتحية العسكرية للعلم، حيث نصت المادة السابعة عشرة من نظام العلم على أن «تُؤدَّى التحية العسكرية للعلم الوطني والعلم الملكي من قِبل العسكريين في حالة مرور العَلَم أو الاستعراض العسكري أو أخذ مكانه في الاستعراض أو أثناء عملية رفعه أو إنزالِه من على السواري»، وتضمن النظام العقوبات المترتبة على إسقاط أو إهانة العلم. كما نص على أنه «لا يجوز تنكيس العَلَم الوطني أو العَلَم الخاص بجلالة الملك أو أي عَلَم سعودي آخر يحمل الشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أو آية قُرآنية»، وأنه «لا يجوز أن يلمس العَلَم الوطني أو العَلَم الخاص بجلالة الملك سطحي الأرض والماء». كما حظر النظام استعمال العَلَم الوطني علامةً تجاريةً أو رفعه باهتَ اللون أو في حالة سيئة. وجاء نص المادة الحادية والعشرين: «يتولى مجلس الوزراء تفسير هذا النظام وإصدار لوائحه التنظيمية»، ونصت المادة الثانية والعشرون على أن «يتولى وزير الداخلية إصدار اللوائح التنفيذية...».

تطور العلم السعودي على مدى 3 قرون (الشرق الأوسط)

وفي عام 1978، أصدر مجلس الوزراء اللوائح التنظيمية من 7 مواد شملت تحديد المقصود باللون الأخضر (الأخضر الزاهي أو الزمردي)، كما حددت ارتفاع سارية العلم في الساحات والميادين العامة بستة أمتار، وفوق المباني بثلاثة أمتار، وآلية استبدال العلم قبل أن يصبح غير لائق للاستعمال. وفي عام 1982، أصدر وزير الداخلية اللوائح التنفيذية لنظام العلم من 5 مواد حددت 4 أشكال للعلم (علم الاستعراض، وعلم السارية، وعلم السيارة، وعلم المكتب) مع أبعاد كل علم. كما تضمنت اللائحة تفاصيل التطريز على العلم الخاص بالملك، والكتابة على العلم الوطني. وفي عام 1986، صدر قرار وزير الداخلية رقم «7» بشأن المواصفات القياسية المعتمَدة للعلم الوطني.
وفي عام 1992، صدر النظام الأساسي للحكم، ونصت المادة الثالثة منه على أن «يكون علم الدولة كما يلي:
أ - لونه أخضر.
ب - عرضه يساوي ثلثي طوله.
ج - تتوسطه كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، تحتها سيف مسلول، ولا يُنكَّس العلم أبداً.
ويبين النظام الأحكام المتعلقة به».

قصة عدم تنكيس العلم السعودي

وحول مبدأ عدم تنكيس العلم السعودي في مناسبات الحداد وغيرها، تشير المصادر إلى أن الشيخ إبراهيم بن محمد بن معمر الذي كان من أوائل مستشاري الملك عبد العزيز السياسيين وكُلّف عديداً من المهمات الخارجية وعُين رئيساً للديوان الملكي وتولى عديداً من المناصب، هو صاحب مقترح عدم تنكيس العلم السعودي في مناسبات الحداد وغيرها، إبان عمله وزيراً مفوضاً (سفيراً) لدى العراق، يقول المؤرخ الدكتور عبد الرحمن الشبيلي عن ذلك: «ويذكر له في تلك الفترة تفكيره في عدم مناسبة تنكيس العلم السعودي على هامش الحداد العام على وفاة ملك العراق (فيصل الأول) عام 1933، وهو تقليد تبنَّته الحكومة بعد ذلك التاريخ احتراماً لكلمة الشهادة التي يحملها العلم».
بقي أن أضيف أن هناك حراكاً توثيقاً شمل كثيراً من الزوايا والجوانب والتفاصيل المتعلقة بتاريخ العلم السعودي، مع تصحيح بعض المعلومات الخاطئة، التي يتم تداولها في مواقع ومنصات التواصل. ومع اعتماد «يوم العلم»، أتوقع أن يزيد هذا الحراك والتفاعل البحثي حول العلم السعودي، وهو ما تحتاج إليه المدرسة التاريخية السعودية، وفي هذا الوقت تحديداً.
إلى الرايةِ الخضراءِ تهفو قلوبُنا
لنا معمعانٌ حولَها وتدافُعُ

كاتب وباحث سعودي


مقالات ذات صلة

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

الرياضة أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

توج الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بطلي الشوطين الرئيسيين في كأس المؤسس، التي نظمها نادي سباقات الخيل في ميدان الملك عبد العزيز. وحقق «عسفان الخالدية» ابن «ليث الخالدية» المملوك لأبناء الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز لقب الشوط العاشر للخيل العربية، وحقق جائزة الخمسة ملايين ريال، وبلغت مسافة هذا الشوط 1600 متر، ونجح الجواد في وصول خط النهاية خلال 1:46 دقيقة، وذلك تحت قيادة المدرب سعد مطلق والخيال عبد الله العوفي.

فهد العيسى (الرياض)
السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

احتفت المملكة العربية السعودية في جميع مناطقها، يوم أمس (السبت)، بـ«يوم العلم»، الذي يصادف 11 مارس (آذار)، والذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ليكون ذكرى سنوية خاصة بهذه المناسبة، حين أصدر في مطلع الشهر الحالي، أمراً ملكياً ليكون هذا التاريخ يوماً خاصاً بالعلم. وجاء في سياق الأمر الملكي: «وحيث إن يوم 27 من ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه ـ العلم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء، أمرنا بما هو آتٍ: أولاً: يكون يوم (11 مارس) من كل عام يوماً خاصاً بال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

من أفضل المشاهد التي يمكن أن تراها من نافذة الطائرة، وأنت قادم إلى جدة، «سارية العلم»، التي تحمل راية التوحيد، والتي رُفعت على السارية لأول مرة في اليوم الوطني السعودي في 23 سبتمبر (أيلول) 2014، وتُرفرف على ارتفاع 171 متراً، حيث تغطي النباتات مساحة 9 آلاف متر مربع من حولها، ويحيط بها 13 ضوءاً يمثل عددها مناطق المملكة الـ13. وبتثبيت العلم السعودي ورفعه عليها، كُسر الرقم القياسي في موسوعة «غينيس» لطاجيكستان البالغ 165 متراً، بفارق 6 أمتار، لتصبح بهذا المشروع ثاني أكبر سارية علم في العالم بعد سارية العاصمة الإدارية الموجودة في مصر.

أسماء الغابري (جدة)
«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

استذكاراً ليوم 11 مارس (آذار)، يحتفل السعوديون للمرة الأولى بيوم العلم، وبقيمته الوطنية والتاريخية الممتدة منذ 3 قرون. وأعاد يوم العلم السعودي، الذي صدر بأمر ملكي، صلة السعوديين برمز الوحدة والسيادة الوطنية، وفتح نوافذ إلى التاريخ الشاهد على مراحل تطوره، متزامناً مع حقب مفصلية من تاريخ البلاد وهي تواجه شروط الاستدامة واستحقاقات التنمية. وفي ساحة العدل، المقابلة لجامع الإمام تركي بن عبد الله المعروف في منطقة قصر الحكم، ومن قصر المصمك التي تمثل الرياض القديمة، ومنطلق نهضة السعودية المعاصرة، نظمت وزارة الثقافة السعودية فعاليات فنية وثقافية وإثرائية تُرسي الارتباط الوثيق بين المواطن وبين العَلَم،

محمد هلال (الرياض)
«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

بالتزامن مع يوم العلم الوطني السعودي، الذي تحتفل به السعودية لأول مرة تعزيزاً لقيمته التاريخية والوطنية، تستعيد الدرعية مهد الدولة السعودية الأولى، إحدى أعرق أسواقها التاريخية، حيث أحيت دوي حركتها التجارية وعبقها العلمي، إذ كانت محلاً لتبادل البضائع والتعليم في آن معاً. وتقع «سوق الموسم» التاريخية في الدرعية على ضفاف وادي حنيفة، واشتهرت بكثرة الحوانيت فيها، حيث يجتمع الناس لتبادل البضائع، والبيع والشراء، وتلبية احتياجاتهم المعيشية. السوق التي تتخذ موقعاً استراتيجياً، بتوسطها بين أهم أحياء منطقة الدرعية (الطريف والبجيري) على طرفي وادي حنيفة، كانت حوانيتها مبنيّة من القصب وسعف النخل، وكانت زاخرة

عمر البدوي (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».