الملوثات البيئية.. والعقم

العلماء يدرسون آثارها الضارة على القدرة الإنجابية للزوجين

الملوثات البيئية.. والعقم
TT

الملوثات البيئية.. والعقم

الملوثات البيئية.. والعقم

طبقا للمركز القومي الأميركي للإحصائيات الصحية لعام 2002، فإن هناك حوالي 7.3 مليون من النساء يشتكين من العقم (عدم القدرة على الإنجاب) مقارنة بـ4.9 مليون امرأة في عام 1998. ويعزو العلماء سبب ذلك إلى بعض المسببات العضوية والطبية التي تساهم في ازدياد نسبة العقم مثل مرض «إندوميتريوسز» عند النساء، وسرطان الخصيتين وقلة جودة السائل المنوي عند الرجال، وهذه الأمراض يغلب عليها، أن تكون ناجمة عن أسباب تتعلق بتلوث البيئة.

* التلوث والعقم
هل، حقا، تلعب الملوثات البيئية دورا في العقم؟ إن الثورة الكيميائية الحديثة التي بدأت في بدايات النصف الثاني من القرن الماضي أنتجت آلافا من المواد المصنعة وأدخلتها إلى البيئة، فهناك حاليا أكثر من 80.000 من هذه المواد قد سجلت للاستخدام في أميركا، منها المبيدات ومنتجات البلاستيك والمنظفات ومستحضرات التجميل. ونجد هذه الأيام كثيرا من المواد المصنعة التي لم تكن موجودة أصلا في بيئتنا وأكثرها مواد سامة مضرة، بعضها موجود في مياه الشرب والغذاء والتربة وفي الهواء بل وحتى موجود في أجسامنا. وقد تم تقييم واختبار نسبة كبيرة منها وثبت أنها سامة وأنها ضارة للصحة وخاصة الصحة الإنجابية وأنها تسبب العقم.
وفقا لتقرير سابق من المراكز الأميركية لمراقبة لأمراض، فقد بين استعراض نتائج تقييم 148 مادة كيميائية ونواتج تحليلها في عينة بشرية مكونة من 2400 مواطن أميركي، أن أجسام 90 في المائة من أفراد العينة احتوت على خليط من مكونات المبيدات الحشرية. وغالبا فإن كل فرد منهم تعرض لمادة «الفيثالييت» وهي مادة منتشرة الاستخدام في تليين البلاستيك وتماسك الروائح والألوان. ومادة «الفيثالييت» توجد في منتجات عدة مثل مغلفات الطعام والمنظفات والأرضيات الفينيل، ولعب الأطفال البلاستيك، وكذلك الأنابيب الطبية، وكذلك في الكثير من مواد التجميل والشامبوهات والعطور.
وأظهرت الدراسة، أيضا أن 95 في المائة من العينة يحملون في أجسامهم آثارا من مادة البيسفينول إيه وأيضا مكون آخر مثل «بولي كاربونيت» البلاستيكية التي تدخل في صناعة العدسات اللاصقة ولتبطين الأسطح الداخلية لأواني الطهي والمواد المستخدمة في طب الأسنان والزجاجات البلاستيكية للمياه المعدنية ولرضاعة الأطفال.
وفي دراسة مشتركة بين كلية طب «مونت سيناي» وجمعية دراسة البيئة وجد أن 167 مادة ملوثة موجودة في دم وبول عدد من المتطوعين البالغين الذين تمت دراستهم. ووجدت دراسة أخرى أيضا نحو 200 مادة ملوثة موجودة في عينات دم مأخوذة من الحبل السري لعشرة أطفال فور ولادتهم، إضافة إلى مواد أخرى سامة مثل المبيدات الحشرية والبلاستيكات والكيميائيات الصناعية وكذلك بعض المذيبات وأيضا النواتج النهائية الضارة لحرق الفحم.
وحتى الآن لا تزال نسبة كل من هذه المواد الضارة السامة بالدم التي تسبب الضرر الفعال الأكيد غير معروفة، ولا كيف وصلت إلى دم الأجنة داخل الرحم. لكن المعروف والمثبت، منذ زمن بعيد، أن بعض المواد الكيميائية الداخلة في تركيب بعض الأسمدة الزراعية مثل «داي برومو كلورو بروبان» تؤثر على القدرة الإنجابية للرجال الذين يعملون بها ويتعرضون لها لفترة كافية وجرعة عالية.

* تضرر الجهاز التناسلي
أثبتت دراسات حديثة كثيرة أن قائمة واسعة من المواد الكيميائية والعناصر الموجودة بالبيئة يمكن أن تضر بالجهاز التناسلي أو تفسد قدرته على الإنجاب سواء للرجل أو للمرأة، وتكفي للبعض منها التعرض لجرعة متوسطة أو صغيرة كي تؤتي تأثيرها الضار المدمر. وفيما يلي نذكر أمثلة عليها:
* مادة «البيسفينول - إيه Bisphenol A (BPA)»: تؤدى في المرأة إلى تشوهات كروموسومات البويضات والإجهاض المتكرر، وفي الرجل تضعف جودة السائل المنوي.
* مادة «كلورينيتد هيدروكاربونايز chlorinated hydrocarbons»: تؤدي في المرأة إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وإلى تغيرات ضارة بالهرمونات وانخفاض الخصوبة ومرض «إندوميتريوسز» وكذلك وفاة الأجنة داخل الرحم. أما في الرجال فتؤدي إلى انخفاض وضعف في جودة السائل المنوي وتغيرات ضارة بالهرمونات.
* مادة «أوكسيد الإيثيلين Ethylene oxide»: تؤدي في النساء إلى فقدان الأجنة داخل الرحم، وفي الرجال تضر الحيوانات المنوية.
* مادة «جليكو إيثرز Glycol ether solvents»: تؤدي إلى فقدان الأجنة داخل الرحم والأضرار بعملية التبويض والدورة الشهرية وانخفاض القدرة على الإنجاب وفي الرجال تؤدي إلى عيوب خلقية وتشوهات بالحيوانات المنوية.
* مادة «دي دي تي: » DichloroDiphenylTrichloroethanes الموجودة في المبيدات الحشرية، وكذلك مادة «دايوكسين Dioxin» وهي ضارة جدا وتنتج عن الاحتراقات الكبيرة بالبيئة كصناعة الإسمنت وغيرها، وأيضا بعض المواد الصناعية الأخرى التي تدخل في صناعة الأواني المنزلية للطهي والتي تمنع التصاق الطعام بالأواني، وبعض هذه المواد سامة وخطرة وكذلك بعض المواد الكيميائية السامة الموجودة في بعض أنواع أصباغ الملابس.
* المعادن الثقيلة: في الحقيقة نحن جميعا نختزن في أنسجة أجسامنا أو في سوائلها خليطا من المعادن الثقيلة الضارة ومئات من المواد الكيميائية المصنعة الضارة، وكلها ثابتة ومستقرة بالجسم ويظل تأثيرها الضار لعدة سنوات.
* مواد كيميائية صناعية سامة أخرى: غالبا تكون غير ثابتة تدخل الجسم وتخرج ويكون مكوثها بالجسم لعدة ساعات فقط ويكون تأثيرها الضار بالجسم لمدة قصيرة.
* التدخين والمذيبات ومنظفات ومطهرات المياه: جميعها تشتمل على مواد كيميائية خطرة وضارة بالصحة الإنجابية للرجل والمرأة.

* تدني الخصوبة
كيف تؤثر الملوثات على الخصوبة؟
تؤثر الملوثات البيئية على الصحة الإنجابية عند الذكور كالآتي:
* مشكلات عند الولادة، مثل الخصية المعلقة وفتحة البول التي تكون على القضيب من أسفل.
* مشكلات عند البلوغ: تقليل عدد الحيوانات المنوية ونقص في كفاءتها وسرطان الخصية.
كما تؤثر الملوثات البيئية على الصحة الإنجابية عند الإناث كالآتي:
* تأخر سن الإنجاب.
* ازدياد نسبة الإجهاض.
* عدم القدرة على إتمام الحمل في نسبة تزيد على 40 في المائة.
من الواضح أنه لا توجد، إلى الآن، ضوابط لمصانع إنتاج المواد الكيميائية تجبرها على اختبار منتجاتها ومدى تأثيرها على صحة الإنسان قبل إنتاجها وتداولها تجاريا، وهي تمثل 85 في المائة من الـ80.000 من المواد الكيميائية المصنعة، لم يجر تقييمها أو اختبارها مطلقا، باستثناء بسيط جدا لا يتجاوز 15 في المائة منها لاختبار بعض المبيدات الحشرية وبعض الإضافات الصناعية للأغذية. وتقع المسؤولية على السلطات المحلية والعالمية في عدم اختبار المنتجات الموجودة في الأسواق، واستبعاد ما ثبت أنه سام وأنه ضار للصحة وخاصة الصحة الإنجابية ويسبب العقم.
لقد لوحظ أن بعض الملوثات تقوم بعمل مشابه للهرمونات، وذلك عن طريق الالتحام بمستقبلات الهرمون مما يؤدي إلى استثارة الجين الذي يستجيب لهذا الهرمون. كما لوحظ أن بعض المركبات تقوم بحجب الإشارة الهرمونية مما يؤدي إلى تعطيل عمل الجين.
ومن الطرق التي تتحكم بها الخلية في عمل الجينات، هي التحام مجاميع الميثيل والحمض، وقد وجد العلماء أن هذا الالتحام محكوم بالبيئة المحيطة. وعليه فإن الأطفال الذين ولدوا في أعوام القحط والمجاعات، تعرضوا لأمراض السمنة عندما توفرت لهم ظروف معيشة مناسبة، وفسر العلماء ذلك بأن التركيبة الوراثية التي تكونت لديهم (داخل الرحم) دفعتهم بعد ذلك للإفراط في تناول الطعام.



الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)
أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)
TT

الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)
أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)

ارتبط الحليب الخام أو البقري بما لا يقل عن 10 أمراض في كاليفورنيا، وفقاً لدائرة الصحة العامة في كاليفورنيا. وقالت الوكالة إنه لم يتم تحديد أي من الأمراض على أنها إنفلونزا الطيور.

وقال متحدث باسم الولاية يوم الخميس: «منذ الإعلان عن عمليات سحب متعددة للحليب الخام بسبب التلوث بإنفلونزا الطيور، تلقى خبراء الصحة العامة على مستوى الولاية والمحلي تقارير عن أمراض من 10 أفراد أفادوا بشرب الحليب الخام. لم تحدد الاختبارات الأولية لمختبر الصحة العامة في المقاطعة والولاية أي إصابات إيجابية بإنفلونزا الطيور لدى هؤلاء الأفراد حتى الآن». ولم تقدم الدائرة على الفور معلومات إضافية حول الأمراض العشرة.

كما يحقق مسؤولو الصحة في شمال كاليفورنيا في حالة محتملة لإنفلونزا الطيور لدى طفل أصيب بالمرض بعد شرب الحليب الخام في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لما ذكرته هيئة الصحة العامة لمقاطعة مارين، وأفادت بأن الطفل ذهب إلى قسم الطوارئ المحلي مصاباً بالحمى والقيء بعد شرب الحليب الخام وثبتت إصابته بالإنفلونزا.

وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة يوم الخميس إن اختباراتها للعينات من الطفل كانت سلبية للإنفلونزا.

زاد الاهتمام بالحليب الخام وسط دعم من بعض المعجبين البارزين، بما في ذلك روبرت ف. كيندي جونيور، والذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترمب لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية.

رغم أن بعض المؤيدين للحليب الخام يزعمون بأن هناك فوائد غذائية له، فإن خبراء الصحة يقولون إن أي فوائد مزعومة لا تفوق المخاطر المرتبطة بها.

عينات الحليب المراد اختبارها على طاولة في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويوك بعد أن أصدرت وزارة الزراعة الأميركية الأسبوع الماضي أمراً فيدرالياً لاختبار إمدادات الحليب في البلاد وسط مخاوف متزايدة بشأن فيروس (إنفلونزا الطيور) الذي دق ناقوس الخطر منذ اكتشافه لأول مرة في بقرة في تكساس (أ.ف.ب)

يمكن أن يكون الحليب الخام وبعض أنواع الجبن الخام مصدراً للعديد من أنواع الجراثيم، وتُظهر الاختبارات المعملية أن فيروس إنفلونزا الطيور في الحليب الخام يمكن أن يكون معدياً.

تم سحب منتجات الحليب الخام والقشدة من مزرعة «رو فارم» في فريسنو وتم إيقاف توزيع المنتجات الشهر الماضي بعد أن ثبتت عينات إيجابية لإنفلونزا الطيور. وقالت إدارة الصحة العامة في مقاطعة لوس أنجليس إنه تم الإبلاغ عن حالتين محتملتين من إنفلونزا الطيور في القطط المنزلية التي تناولت الحليب الخام من مزرعة «رو فارم».

ورداً على الوجود المتزايد للفيروس، أعلنت وزارة الزراعة الأميركية أنها ستبدأ في اختبار الحليب الخام المخزن في صوامع الألبان في جميع أنحاء البلاد. وإليك ما يقوله علماء الأغذية ومحترفو الألبان عن الأساطير المحيطة بالحليب الخام وعملية البسترة.

ما هو الحليب الخام؟

الحليب الخام هو الذي لم يخضع للبسترة، وهي العملية التي تزيل الجراثيم المسببة للأمراض والخميرة والعفن والميكروبات الضارة الأخرى، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

يمكن أن يحمل الحليب الخام بكتيريا مسببة للأمراض من أنسجة الضرع المصابة، أو بقايا من معدات الحلب أو جزيئات من الماء والتربة وروث الأبقار، وفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية. لهذا السبب توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بتناول وشرب الحليب المبستر ومنتجات الألبان بدلاً من ذلك.

وتتم بسترة معظم الحليب في الولايات المتحدة باستخدام البسترة عالية الحرارة قصيرة الوقت، والتي تنطوي على تسخينه إلى 161 درجة فهرنهايت على الأقل لمدة لا تقل عن 15 ثانية، وفقاً للرابطة الدولية للألبان والأطعمة.

تمت تسمية العملية على اسم الكيميائي الفرنسي وعالم الأحياء الدقيقة لويس باستور الذي صقل العملية لاستخدامها في المشروبات الكحولية، ثم قام لاحقاً بتكييف الطريقة مع الحليب كوسيلة لإزالة مرض السل البقري في الولايات المتحدة وأوروبا في أوائل القرن العشرين. توفي ما يقرب من 65 ألف شخص بسبب هذا المرض بعد تناول منتجات ألبان غير مبسترة بين عامي 1912 و1937 في إنجلترا وويلز وحدهما.

ووفقاً للرئيس التنفيذي لشركة «رو فارم»، مارك ماكافي، يراقب منتجو الحليب الخام صحة الأبقار بدلاً من البسترة.

تستخدم المزرعة أجهزة استشعار تبتلعها الأبقار لقياس درجة حرارة أجسامها، واستهلاكها للمياه، ونشاطها وصحتها العامة. تظل الكبسولات في نفس الوضع في الشبكية طوال حياة البقرة، ولا يتم هضمها أو تقيؤها، ووفقاً للشبكة الأميركية أنه يتم فرز البيانات بواسطة الذكاء الاصطناعي لتوفير المعلومات بسرعة، في حالة مرض البقرة، لضمان أن الحليب آمن للشرب.

لماذا يشرب الناس الحليب الخام؟

رغم الجدل، تقدر إدارة الغذاء والدواء أن أقل من 1 في المائة من الأميركيين يشربون الحليب الخام، ويزعم العديد من المعجبين بأنهم يختارون الحليب الخام على الحليب المبستر لأنهم يفضلون المذاق، وفقاً للدكتور ويليام هولمان، أستاذ وعالم نفس في قسم علم البيئة البشرية بجامعة روتجرز. وقال هولمان إن «أحد الأسباب هو أن بعض الحليب الخام غير متجانس، مما يعني أن الكريمة تطفو إلى الأعلى، على سبيل المثال، لذلك قد تكون بعض الرشفات الأولى مليئة بالكريمة».

هناك أيضاً مجموعة متنوعة من الأسباب النفسية، كما قال هولمان، إذ يعتقد بعض الناس أن الحليب الخام أكثر صحة من الحليب المبستر، بينما قد يرغب آخرون في دعم الزراعة المحلية.

وقال هولمان: «من الناحية النفسية، يعزز هذا فكرة أنه منتج ممتاز لأنه بخلاف ذلك لم يكن بإمكانهم تحصيل الكثير مقابل ذلك. هناك نوع من تأثير المجموعة الذي أصبح طبيعياً».

وفقاً لإدارة الغذاء والدواء، فإن العديد من الادعاءات حول الفوائد الصحية للحليب الخام ليست صحيحة. على سبيل المثال، لا يعالج أو يعالج الربو أو الحساسية أو عدم تحمل اللاكتوز، ولا يحتوي على بكتيريا الأمعاء الجيدة التي يمكن أن تحسن الميكروبيومك.

قال الدكتور رابيا دي لاتور، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في كلية جروسمان للطب بجامعة نيويورك: «البسترة تهدف إلى ضمان قتل البكتيريا السيئة التي يمكن أن تكون ضارة للناس وتجعلهم مرضى». وأضاف: «لقد حظي مفهوم الأطعمة (المعالجة) الضارة بصحتك باهتمام كبير في الآونة الأخيرة. لا تزال (البسترة) توفر بعض البروتين وتساعد في صحة العظام من خلال توفير الكالسيوم وفيتامين د للشارب، ولكن إذا كنت قلقاً للغاية بشأن ميكروبيومك، فأعتقد أن هناك طرقاً أكثر أماناً لتعزيزه».

وتتضمن بعض الطرق لتحسين ميكروبيوم أمعائك تناول الأطعمة الغنية بالألياف والفواكه والخضراوات وزيت الزيتون البكر الممتاز.

ما مخاطر شرب الحليب الخام؟

يحتوي الحليب الخام على محتوى غذائي ومائي كبير ودرجة من الحموضة، مما يجعله بيئة مثالية لنمو البكتيريا ومسببات الأمراض الضارة الأخرى، كما تظهر الأبحاث.

وفي هذا الصدد، يقول أليكس أوبراين، منسق سلامة وجودة الغذاء في مركز أبحاث الألبان: «يحتوي الحليب على نحو 87 في المائة من الرطوبة، وتحب الميكروبات المزيد من الرطوبة. كلما توفرت المياه، كان من السهل عليها النمو».

وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن شرب أو تناول المنتجات المصنوعة من الحليب الخام يفتح الباب للعديد من الجراثيم الضارة، بما في ذلك الإشريكية القولونية والليستيريا والسالمونيلا والبروسيلا.

ويمكن أن تسبب هذه الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء أعراضاً مثل الإسهال وتشنجات المعدة والقيء. في حالات نادرة، قد تؤدي إلى حالات خطيرة مثل متلازمة غيلان باريه أو متلازمة انحلال الدم اليوريمية. من المرجح أن تسبب الجراثيم مضاعفات صحية لدى الأطفال دون سن الخامسة، والبالغين فوق سن 65 عاماً، والأشخاص الحوامل، وأصحاب المناعة الضعيفة.

ماذا عن الجبن الخام؟

يمكن استخدام الحليب الخام لصنع الجبن الخام، ويقول مؤيدو الحليب الخام إنه يتمتع بنكهة أفضل وأكثر تعقيداً من الجبن المبستر. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور دون شافنر، أستاذ علوم الأغذية بجامعة روتجرز، إن المخاطر الصحية الناجمة عن الجبن المصنوع من الحليب الخام قد تكون أقل بكثير، اعتماداً على نوع الجبن.

وتابع شافنر أن الجبن المصنوع من الحليب الخام الصلب مثل الشيدر، والآسياجو، والبارميزان، والسويسري أقل خطورة بكثير من الجبن المصنوع من الحليب الخام الطري مثل الكيزو فريسكو، والفيتا، والكاممبرت. وقال: «إن الجبن المصنوع من الحليب الخام الطري لا يتقادم... وربما يشكل نفس مستوى الخطر الذي يشكله الحليب الخام نفسه».

وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن الجبن الطري الذي يحتوي على نسبة عالية من الرطوبة أكثر عرضة للتلوث ببكتيريا الليستيريا.

وقال هولمان: «هناك ملح يضاف إلى الجبن، وهناك منفحة ومواد مضافة أخرى تجعل الحليب يتخثر. إن عملية التعتيق وإضافة الملح يمكن أن تقلل بشكل أساسي من خطر مسببات الأمراض. وهذا لا يعني أنها خالية من المخاطر، ولهذا السبب إذا كنتِ حاملاً أو كنتَ تعاني من ضعف المناعة أو شخصاً مسناً، فإن تناول الجبن المصنوع من الحليب الخام يمكن أن يكون محفوفاً بالمخاطر إلى حد ما».

لماذا تتم بسترة الحليب؟

وأنشأت هيئة الصحة العامة الأميركية قانون الحليب القياسي في عام 1924 لتعزيز ممارسات البسترة وإزالة البكتيريا الضارة التي يمكن أن تسبب التيفوئيد والحمى القرمزية وكذلك السل.

ويحدد القانون، المعروف الآن باسم قانون الحليب المبستر، متطلبات اختبار الحليب ومنتجات الألبان في المختبرات من حيث الجودة والسلامة. ويقدر الخبراء أنه قبل التبني الأوسع لهذا النهج، كان ما يقرب من 25 في المائة من جميع حالات تفشي الأمراض في الولايات المتحدة منقولة بالحليب.

وفقاً لإدارة الغذاء والدواء، لكل ملياري وجبة من منتجات الألبان المبسترة المستهلكة في الولايات المتحدة يصاب شخص واحد بالمرض.

ويعتقد بعض خبراء الصحة أن الناس قد يستمرون في استهلاك الحليب الخام رغم المخاطر الصحية لأنهم يعتقدون أن فرصة الإصابة بالمرض منخفضة بشكل عام.

قال هولمان: «بعض الناس متفائلون للغاية، ويعتقدون أنه إذا كانت هناك مخاطر، فمن المرجح أن يطبقوها على أشخاص آخرين. في هذه الحالة، قد يركزون في المقام الأول على الفوائد الصحية ويتجاهلون المخاطر لأن القيام بذلك أكثر ملاءمة. إنهم يقللون من أهمية المخاطر من خلال المبالغة في التأكيد على الفوائد لتبرير الاختيار الذي اتخذوه».

الجدل حول الحليب الخام

قال هولمان إن الحليب الخام أصبح موضوعاً جدلياً بشكل خاص بسبب دعم كيندي الصريح بالإضافة إلى التأييد من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يؤيدون شرب الحليب الخام.

وتابع هولمان: «إن الدليل على هذه الفوائد الصحية ليس قاطعاً بالتأكيد، في حين أن المخاطر قاطعة بالتأكيد». ويبدو أن مصداقية وموقف أولئك الذين يؤيدون الحليب الخام، مثل كيندي، الذي قال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر (تشرين الأول) إن الحليب الخام كان من بين قائمة طويلة من العناصر التي واجهت «قمعاً عدوانياً»، تلعب أيضاً دوراً في الاهتمام الأخير بالحليب الخام.