رغم تأكيدات حكومية على استمرارها وعدم تقليصها، تحولت برامج الدعم الاجتماعي بمصر إلى مادة شبه دائمة لـ«الإشاعات» خاصةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيما تقابل السلطات ذلك ببيانات نفي مستمرة... فلماذا تتكرر إذن تلك الظاهرة في البلاد؟
أحدث «الإشاعات» التي نفاها اليوم (الأحد) المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تتعلق بصدور قرار بتخفيض قيمة الدعم النقدي الخاص ببرنامج «تكافل وكرامة»، وهو برنامج دعم اجتماعي نقدي تستفيد منه نحو 5.2 مليون أسرة، بما يشمل 22 مليون مواطن وفقاً لمركز معلومات مجلس الوزراء.
المركز الحكومي أوضح في بيان صحافي أنه «لا صحة لتخفيض قيمة مستحقات برنامج الدعم النقدي (تكافل وكرامة) نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية»، مؤكداً «انتظام صرف مستحقات البرنامج لكافة المستفيدين بشكل طبيعي وبذات القيمة المقررة».
وفي 4 فبراير (شباط) الجاري، اضطر المركز الإعلامي بمجلس الوزراء إلى نفي «إشاعات» عن إلغاء دعم رغيف الخبر «المدعم». وقال في بيان صحافي حينها: «لا صحة لما يتردد بشأن رفع سعر رغيف الخبز المدعم، بدءاً من شهر يوليو (تموز) المقبل»، بينما يستفيد من دعم رغيف الخبز نحو 71 مليون مواطن وفقاً لوزارة التموين والتجارة الداخلية، ويحصل المستفيدون على رغيف الخبر بسعر 5 قروش (الدولار يعادل نحو 30.60 جنيه في المتوسط).
وفي نهاية العام الماضي، نفت الحكومة «إشاعة» تتعلق بإلغاء الدعم على السلع الغذائية الذي يستفيد منه حاملو البطاقات التموينية، وتحويله إلى دعم عيني، مؤكدةً على «استمرار صرف المقررات التموينية للمستحقين».
اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية المصري يتفقد أحد معارض أهلا رمضان اليوم الأحد (الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء المصري على فيسبوك)
الدكتورة هدى زكريا، أستاذة الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، قالت ﻟ«الشرق الأوسط» إن «تكرار إشاعات إلغاء أو تخفيض الدعم محاولات لاستغلال الأزمة الاقتصادية وشعور الناس بالاضطراب والقلق بسبب ارتفاع الأسعار، وهي إشاعات تطال الجانب الاقتصادي كله لأنها منطقة ضعف المواطن في الوقت الراهن».
واعتبرت زكريا أن «تركيز الإشاعات على قضية الدعم والمشكلات الاقتصادية يحمل نوايا خبيثة – بحسب وصفها - من مطلقيها، في ظروف صعبة على الناس تدفعهم لتصديق أي شيء بسبب الظروف الصعبة التي يمرون بها».
ويواجه المصريون أزمة في ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل متوالٍ بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية منذ بدء إجراءات الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الجنيه مقابل الدولار، وقال «البنك المركزي المصري» في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن معدل التضخم الأساسي في البلاد ارتفع إلى 24.4 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بينما كان في الشهر السابق نوفمبر (تشرين الثاني) يبلغ 21.5 في المائة.
وتركز «الإشاعات» على قضايا اقتصادية وخاصةً الدعم، ففي التقرير السنوي لمركز معلومات مجلس الوزراء الذي صدر في 22 يناير حول «الإشاعات» كانت قضية إلغاء دعم رغيف الخبز من أكثر «الإشاعات» التي تم تداولها خلال عام 2022، كما تضمنت «الإشاعات» وجود أزمة سيولة نقدية، ما يهدد بتعرض الدولة للإفلاس.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط» إن «المناخ الحالي ملائم لانتشار الإشاعات بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، لأن المواطن يشعر بأن الدولة نفسها تعاني اقتصادياً وهو يعاني من ظروفه الخاصة أيضاً». وأوضح أن «المعاناة والمشكلات الاقتصادية هي المناخ المناسب لإطلاق الإشاعات وخاصةً المتعلقة بالدعم، فالناس في هذه الظروف مستعدة لتصديقها».