الجزائر تلوّح بـ«قطيعة» مع فرنسا بسبب «تهريب» المعارضة بوراوي

«التجمع الوطني الديمقراطي» طالب بالرد على باريس لـ«ردع الغطرسة الاستعمارية»

أميرة بوراوي (من حسابها بـ«فيسبوك»)
أميرة بوراوي (من حسابها بـ«فيسبوك»)
TT

الجزائر تلوّح بـ«قطيعة» مع فرنسا بسبب «تهريب» المعارضة بوراوي

أميرة بوراوي (من حسابها بـ«فيسبوك»)
أميرة بوراوي (من حسابها بـ«فيسبوك»)

أفرزت «قضية تهريب المعارضة والناشطة الجزائرية أميرة بوراوي»، حملة إعلامية وحزبية جزائرية قوية ضد فرنسا، وصلت إلى حد اتهام مخابراتها الخارجية بـ«السعي لإحداث قطيعة مع الجزائر»، على أساس أن هذا الجهاز هو من خطط لـ«إجلاء» المعارضة الخمسينية من الجزائر إلى تونس، ثم فرنسا، «نكاية» في السلطات الجزائرية.
وبلغ غضب الجزائر من باريس ذروته بعد الحادثة المثيرة للجدل، وكتبت وكالة الأنباء الحكومية مساء أول من أمس، أن المخابرات الفرنسية «لم تعد تخفي مناوراتها، وأضحت تعلنها أمام الملأ وفي وضح النهار، وها هي اليوم على وشك بلوغ هدفها، المتمثل في إحداث قطيعة في العلاقات الجزائرية - الفرنسية»، مشيرة إلى بوراوي، دون ذكرها بالاسم، بأنها «ليست صحافية ولا مناضلة، ولا تحمل أي صفة... يتم إجلاؤها إلى فرنسا، وفي ظرف 48 ساعة يتم استقبالها وتمكينها من التحدث في قنوات تلفزيونية عمومية، وذلك دليل على أن المخابرات الفرنسية أعلنت التعبئة العامة لخبارجيتها، وبات هدفها واضحاً». و«الخبارجي» هو لفظ محلي دارج يحيل إلى «المتعاون مع أجنبي ضد مصلحة البلد».
وذهبت الوكالة الرسمية إلى حد وصف «تهريب بوراوي» بعملية «خليج الخنازير» العسكرية، التي نفذتها واشنطن عام 1961 بكوبا لقلب النظام بقيادة فيدل كاسترو، باستخدام مرتزقة كوبيين، والتي فشلت في النهاية، وقالت بنبرة تهديد: «نقول لهؤلاء إنه إذا فكرت فرنسا في تكرار سيناريو (خليج الخنازير) فقد أخطأوا العنوان... الجميع يعلم أنه يوجد على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي خطة، تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية - الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين، وبعض المسؤولين بالمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري»، مبرزة أن كل هؤلاء داعمون للمغرب في خصومته مع الجزائر.
وأضافت الوكالة موضحة: «من المؤسف رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار، وحدوث القطيعة لم يعد بعيداً على ما يبدو». ورأى مراقبون أن في ثنايا ما كتبته الوكالة تلميحاً إلى أن المخابرات تعمدت ضرب مسعى الرئيس ماكرون لتحسين العلاقات مع الجزائر، التي شهدت انفراجة لافتة منذ الصيف الماضي.
وكانت الجزائر قد استدعت الأربعاء الماضي سفيرها في باريس لـ«التشاور»، كما احتجت لدى السفارة الفرنسية بالجزائر على «تهريب» المعارضة الطبيبة بوراوي، واتهمت موظفين دبلوماسيين وعناصر مخابرات فرنسيين بـ«إجلائها سراً» إلى تونس، ثم فرنسا، في حين كانت تحت طائلة إجراء بمنعها من السفر. والاثنين الماضي، وبينما كانت الشرطة التونسية تتجه لإبعادها إلى بلدها، تدخلت السفارة الفرنسية بتونس، وتمكنت من نقلها إلى فرنسا في نفس اليوم،
من جانبها، أكدت المعارضة بوراوي في تصريحات للقناة الفرنسية العمومية «الخامسة»، أول من أمس، أنها دخلت تونس عن طريق المعبر الحدودي أم الطبول «بطريقة قانونية»، بعكس ما ذكرته السلطات الجزائرية. وعندما سئلت إن كان الرئيس التونسي قيس سعيد كان على علم بتطور الأحداث، قالت إن ترحيلها إلى فرنسا «تم بموافقة منه»، ولفتت إلى أنها «مواطنة فرنسية»، وأن قنصل فرنسا بتونس تدخل لوقف إبعادها إلى الجزائر «عندما علم أنني تعرضت للاختطاف من طرف الشرطة التونسية»، ما يعني - حسبها - أنه تصرف وفق القوانين الدولية بمنح الحماية القنصلية لرعية فرنسية، كانت بحاجة إليها.
كما نفت بوراوي ما نشره الإعلام الجزائري بأن «عقيداً في المخابرات الفرنسية كان في استقبالها عندما وصلت لمطار ليون»، مؤكدة أنها قضت ليل الاثنين في فندق «بشكل عادي»، ثم سافرت إلى باريس، حيث يوجد ابنها الأكبر، وهو طالب في الجامعة.
وأول من أمس صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بأن بوراوي «استفادت من الحماية القنصلية مثل جميع المواطنين الفرنسيين»، ورفض التعليق على استدعاء الجزائر سفيرها بباريس.
وفي سياق الحملة ضد فرنسا، دعا حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يدعم سياسات الحكومة، في بيان، إلى «الرد بما يلزم لردع الغطرسة الاستعمارية، والتطاول على الأعراف الدبلوماسية»، مشيراً إلى أن فرنسا «تسبح ضد تيار جارف من الغضب والرفض لسياسات الهيمنة والوصاية والاستغلال، والسيطرة على ثروات ومقدرات أفريقيا». كما دعا حزب «التحالف الوطني الجمهوري» (موالٍ للحكومة)، في بيان، إلى «الانتباه للأهداف غير المعلنة لهذه الحادثة، من خلال تفادي الانعكاسات السلبية المحتملة على مستوى وجودة العلاقات الجزائرية - التونسية، لا سيما في ظل الوضع المعقد، والظروف الصعبة التي تمر بها الشقيقة تونس».


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.