شكري ولافروف يبحثان في موسكو علاقات التعاون والمستجدات الدولية

محطة «الضبعة» وواردات القمح والأزمة الأوكرانية... أبرز محاور اللقاء

لقاء موسع يجمع وفدي مصر وروسيا في موسكو (الخارجية المصرية)
لقاء موسع يجمع وفدي مصر وروسيا في موسكو (الخارجية المصرية)
TT

شكري ولافروف يبحثان في موسكو علاقات التعاون والمستجدات الدولية

لقاء موسع يجمع وفدي مصر وروسيا في موسكو (الخارجية المصرية)
لقاء موسع يجمع وفدي مصر وروسيا في موسكو (الخارجية المصرية)

أكدت مصر وروسيا على أهمية تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين على المستويات كافة. وتناولت المباحثات، التي جمعت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره المصري سامح شكري، في موسكو، أمس (الثلاثاء)، عدداً من القضايا الإقليمية والدولية، ولا سيما الأزمة الأوكرانية.
وقال وزير الخارجية المصري، في مؤتمر صحافي (الثلاثاء)، إن «مباحثاته مع نظيره الروسي ركزت على الهدف المشترك لتطوير العلاقات بين البلدين على المستويات كافة، بما يخدم مصالح الشعبين، وأثر ذلك على جهود التنمية الاقتصادية». وأشار إلى أن المفاوضات مع لافروف «امتدت لأكثر من ساعتين، وتناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها ليبيا وسوريا وفلسطين»، مؤكداً «اهتمام مصر بالتوصل إلى الظروف التي تسمح بانتهاء المواجهة العسكرية في أوكرانيا».
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي إنه «تم تبادل وجهات النظر في المسائل الإقليمية والدولية، والتأكيد على ضرورة استمرار التعاون الوثيق في الأمم المتحدة وغيرها من الساحات الدولية».
وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، قال لافروف إن «القوات العسكرية الروسية الخاصة مكلفة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية لعدم تحقيق مخطط الغرب في أوكرانيا»، معرباً عن «استعداد بلاده لسماع أي اقتراحات جادة لتسوية النزاع في أوكرانيا بشكل كامل وشامل». وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أنه «تلقى رسالة من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عبر نظيره المصري، ويتم تقييم الموقف المتوازن والمسؤول لمصر». وتابع: «استمعنا مجدداً من وزير الخارجية المصري إلى الرسالة الأميركية بأن على روسيا أن توقف هذه الأعمال، وهو ما سيؤدي إلى نجاح العمل، إلا أن هذه الدعوات هي الوحيدة التي قدّمها بلينكن». واستطرد: «أطلب من نظيري بلينكن أن يكمل رسالته، ولا يطالب فقط بخروج روسيا من أوكرانيا».
من جانبه، أشار وزير الخارجية المصري إلى مباحثاته مع نظيره الأميركي في القاهرة (الاثنين)، وقال إن «المباحثات تطرقت إلى الأزمة الروسية - الأوكرانية والتطورات المرتبطة بالصراع العسكري»، لافتاً إلى أن «بلينكن أعرب عن الرؤية الأميركية إزاء هذه التطورات، وما هو المتوقع خلال المراحل المقبلة في هذا الصدد». وأوضح أنه «خلال اللقاء مع لافروف (الثلاثاء)، كانت الفرصة متاحة لمعرفة الرؤية الروسية بشأن الأزمة».
وقال شكري إن «مصر في جميع اتصالاتها المرتبطة بالأزمة الأوكرانية تزكي من أهمية التوصل إلى إطار سياسي وتوافق دبلوماسي ومفاوضات تؤتي بنتائج لإنهاء الصراع العسكري والتعامل مع كافة القضايا المرتبطة بهذه الأزمة، ما يلبي مصالح الأطراف كافة». وأضاف أن «القاهرة ستواصل المتابعة الحثيثة لهذه التطورات، في إطار العلاقات الثنائية التي تجمعها بأطراف الصراع والشركاء الدوليين و(الإطار المتعدد)، وستستمر في السعي لإيجاد الحلول الدبلوماسية للأزمة».
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد وزير الخارجية المصري أنه «لا غنى عن استمرار التواصل بين مصر وروسيا، وإيجاد الأطروحات التي تعزز الالتزام بقواعد الشرعية الدولية والاعتماد على التوصل إلى حل نهائي على أساس حل الدولتين، خصوصاً أن روسيا دولة دائمة العضوية بمجلس الأمن، وطرف في (الرباعية الدولية)، ومهتمة بالقضية الفلسطينية، وداعمة للحقوق الفلسطينية».
وفيما أعرب وزير الخارجية الروسي عن تقدير بلاده للموقف المصري «المتوازن والمدروس» من مختلف القضايا الإقليمية، لفت وزير الخارجية المصري إلى «عمق العلاقات بين البلدين». وقال شكري إن «واردات القمح من أهم عناصر العلاقة بين القاهرة وموسكو، خصوصاً أن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم»، مؤكداً «توظيف كل الآليات الخاصة بالعلاقات بين البلدين، من أجل الحفاظ على هذه الواردات، إلى جانب توسيع رقعة التبادل التجاري بين البلدين في كل المجالات»، معرباً عن أمله في «استكشاف مجالات جديدة وأوسع للارتقاء بالعلاقات».
بدوره، أشاد وزير الخارجية الروسي بعمق العلاقات والاتصالات الوثيقة مع مصر، وقال إن «حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل خلال العام الماضي إلى 6 مليارات دولار»، مشدداً على «ضرورة اتخاذ كافة الخطوات الملائمة لتعزيز التقدم التجاري».
وأكد لافروف أن «بلاده تعمل على تعزيز التعاون مع مصر في ضوء الاتفاق الذي تم توقيعه بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين في سوتشي عام 2019»، مشيراً إلى «قرب الاحتفال بالذكرى 80 على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».
ولفت إلى أن «المباحثات مع نظيره المصري تناولت كثيراً من القضايا الهامة ذات الاهتمام المشترك، من بينها سبل تعزيز آفاق التعاون في المجالات كافة، ولا سيما المشروعات الاستثمارية، التي من ضمنها إنشاء محطة الطاقة النووية في مدينة الضبعة المصرية، والتعاون في مجال الصناعة، وتوريد القمح، إضافة إلى التعاون العسكري».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«قتل طفل ونزع أحشائه» يعيدان الجدل بشأن «الجرائم البشعة» في مصر

مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)
مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)
TT

«قتل طفل ونزع أحشائه» يعيدان الجدل بشأن «الجرائم البشعة» في مصر

مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)
مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)

أعادت واقعة قتل طفل مصري ونزع أحشائه، الجدل بشأن «الجرائم البشعة» في مصر، بعدما كشفت النيابة المصرية تفاصيل واقعة العثور على جثمان لطفل انتزعت أحشاؤه ووضعت إلى جواره في ضاحية شبرا الخيمة القريبة من القاهرة. وقالت النيابة في إفادة لها، مساء الخميس: «تبين أن مرتكب جريمة قتل الطفل هو جاره، وارتكبها بناء على طلب من مصري مقيم في الكويت تعرف عليه عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية».

ووفق بيان النيابة المصرية «نفذ المتهم جريمة قتل الطفل بعدما حصل على وعد بالحصول على 5 ملايين جنيه (الدولار الأميركي يساوي 47.90 جنيه في البنوك المصرية)؛ حيث اختار المتهم ضحيته وعرضها على المصري المقيم في الكويت عبر تقنية (الفيديو كول)، وطلب منه المصري المقيم بالكويت إزهاق روحه تمهيداً لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء عن طريق تقنية (الفيديو كول) أيضاً، وأخبره بأنه سيتم إبلاغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن قام بتنفيذ ما طلب منه، كلفه بتكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، لكن تم ضبط المتهم قبل قيامه بذلك».

وبحسب البيان «لم تعثر النيابة المصرية بمعاينتها على أي تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود هو تجارة الأعضاء البشرية». وقالت النيابة «أسفرت التحريات عن معرفة المتهم المصري المقيم بالكويت الذي استخدم في ارتكاب الواقعة جوالاً مزوداً بشريحة اتصال يملكها والده». وبناء على تعليمات النائب العام المصري، اضطلعت «إدارة التعاون الدولي» بمكتب النائب العام المصري بالاتصال بالجهات المختصة بالكويت، والإنتربول الدولي؛ ما أسفر عن ضبط المتهم ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية؛ حيث تم ترحيلهما إلى مصر.

وذكرت النيابة أنه باستجواب المصري المقيم في الكويت ووالده «أقر المتهم الأول (15 عاماً) أنه من أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه والتمثيل بجثمانه، وذلك حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة، كما قرر أنه سبق أن قام بهذا الفعل في مرات سابقة».

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

وصدمت الواقعة الجديدة المصريين، الخميس والجمعة، وذكّرتهم بـ«جرائم القتل البشعة» التي وقعت خلال الفترة الماضية، ومن بينها، قيام زوج في محافظة القليوبية المجاورة للقاهرة بـ«قتل زوجته وإشعال النار فيها وبالمنزل بعد طلبها الطلاق في أكتوبر (تشرين أول) الماضي»، وقيام «زوج بخنق زوجته وطفليه في محافظة الدقهلية (دلتا مصر) في يناير (كانون ثاني) الماضي بسبب خلافات عائلية». أيضاً أقدم شاب بمحافظة بورسعيد المصرية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، على «ذبح شقيقته في الشارع اعتراضاً على خطبتها».

أستاذ الطب النفسي في مصر، الدكتور جمال فرويز، رأى أن «تكرار الجرائم البشعة» يكشف عن «زيادة الاضطرابات الشخصية، ونقص النضج خاصة في المرحلة العمرية التي يفترض أنها تمثل انتقالاً من الطفولة للشباب (وهو عُمر الطفل المُحرض على الواقعة المقيم في الكويت)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الانشغال لساعات طويلة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل غياب الرقابة والمتابعة الأبوية، بشكل مستمر، يؤدي لوقوع الأطفال في مشكلات قانونية». فرويز أوضح أن «كثرة الفيديوهات التي يتعرض لها الأطفال عبر مشاهدة أمور غير مألوفة والتربح منها، ونجاح بعض النماذج التي يتابعونها في تحقيق أموال كبيرة، وفي ظل غياب دور الأسرة، يقع هؤلاء الأطفال ضحايا لهذه الفيديوهات».

وشغل حادث قتل «طفل شبرا الخيمة»، الذي أصبح متداولاً إعلامياً، رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، الجمعة، كما تفاعل الرواد مع بيان «النيابة المصرية». وعلق حساب باسم «أحمد محمد»، على الواقعة، عبر «إكس»، الجمعة، بالقول إنه «يتم تصوير فيديوهات القتل وبيعها للدارك ويب».

https://twitter.com/ahmed_m_muhamed/status/1783738015795278294

فيما عبر حساب باسم «خلفاوي»، على «إكس»، عن صدمته من تفاصيل الحادث.

https://x.com/_KHALAFAWY_/status/1783625556665229797


الفاشر على حافة الانفجار... ومخاوف من اقتحام وشيك لـ«الدعم السريع»

النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
TT

الفاشر على حافة الانفجار... ومخاوف من اقتحام وشيك لـ«الدعم السريع»

النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)

توجهت أنظار المجتمع الدولي نحو مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي باتت على شفا الانفجار، وسط تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة منذ عدة أشهر، تحشد الآلاف من قواتها لاقتحامها، ما ينذر بكارثة إنسانية، حيث تحضن المدينة آلاف النازحين الفارين من الحرب في مناطقهم.

وكانت الفاشر بمنأى عن الحرب التي اشتعلت في عموم الإقليم، عندما تم تكوين قوة من مجموعة من فصائل مسلحة، اتخذت الحياد في الحرب، من أجل حماية النازحين، لكن بعض هذه الحركات تخلت عن الحياد وانضمت لصفوف الجيش السوداني، ما أدى إلى اشتعال القتال في محيط المدينة.

ويخشى على نطاق واسع من اشتعال حرب قبائلية، لا سيما أن اشتعالها قد يؤدي إلى تمددها في الإقليم وحتى إلى دول الجوار الغربي لوجود قبائل مشتركة في المنطقة.

قلق دولي

وإزاء هذا الخطر، طلبت الولايات المتحدة من طرفي القتال، وقفاً فورياً لإطلاق النار في الفاشر وحولها، وحثت كلاً من الجيش و«الدعم السريع» على العودة إلى منبر جدة التفاوضي، وإنهاء القتال المستمر منذ أكثر من عام. وعبّر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، عن مخاوف من هجوم وشيك في مدينة الفاشر، وطالب بوقف فوري للهجمات على الفاشر.

وقالت الأمم المتحدة في بيان إن التقارير تفيد بأن قوات «الدعم السريع» تطوق المدينة، ما يشير إلى احتمال شن هجوم وشيك عليها، مضيفة أن «الهجوم على المدينة ستكون له عواقب وخيمة على السكان المدنيين، في منطقة على شفا المجاعة بالفعل». وتابع البيان أن «المدنيين عالقون في المدينة الوحيدة في دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني، ويخشون أن يتم قتلهم إذا حاولوا الفرار». وأكد أن المبعوث الشخصي للأمين العام، رمطان لعمامرة، يتواصل مع طرفي الصراع لتهدئة التوتر في الفاشر.

بدوره، جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، دعوته الأطراف في السودان إلى «الامتناع عن القتال في منطقة الفاشر».

غوتيريش قال إن أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل (أ.ف.ب)

وتشكل الفاشر مركزاً للمساعدات الإنسانية في دارفور. وتضم عدداً كبيراً من اللاجئين، وبقيت حتى الآن في منأى نسبي عن المعارك. لكن القرى المحيطة بها تشهد مواجهات وقصفاً منذ منتصف أبريل (نيسان).

«الدعم السريع» يتحدث عن «كيد سياسي»

ونفى مستشار قائد قوات «الدعم السريع»، عمران عبد الله حسن، الخميس، أن تكون قواته قد قامت بحرق قرى في منطقة الفاشر، قائلاً إن هذه الادعاءات يراد منها «الكيد السياسي»، مشيراً إلى أن قواته مستعدة للمثول أمام العدالة في حال ثبوت انتهاكات بحق المدنيين. وأضاف: «هذه الادعاءات طرأت من فلول النظام السابق والمؤتمر الوطني والإخوان المسلمين، وهم الذين يروجون لهذه العملية، وهم أرادوا أن يجروا قوات (الدعم السريع) إلى حرب أهلية، وعندما فشلوا في ذلك، روجوا أن قوات (الدعم السريع) ارتكبت الجرائم في حق المواطنين شمال دارفور».

ويحذر الخبير العسكري أمين المجذوب من تأثيرات الصراع على الفاشر وتأجيج الصراع في الإقليم، ومن إطالة عمر الأزمة السودانية، بما يتيح المجال لدخول جماعات إرهابية للبلاد.

ويقول المجذوب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن القتال في السودان يهدد استقرار دول الجوار الغربي للبلاد. ويتابع: «خطة القوات المسلحة أنها لن تترك المناطق التي تسيطر عليها قوات (الدعم السريع)، ما يعني أن حركات الكفاح المسلح الحليفة للجيش ستدخل في حرب شاملة يوماً ما، سواءً في الخرطوم أو الجزيرة أو دارفور، وربما يؤدي الأمر إلى إلغاء اتفاقية جوبا لسلام السودان الموقعة عام 2020، نتيجة لتشرذم وانهيار بعض الحركات المسلحة».

المعركة الأشرس

من جهته، قال رئيس مجلس أمناء «هيئة محامي دارفور» المكلف، الصادق علي حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وصول الحرب إلى مدينة الفاشر يعني أنها ستكون الأشرس، وستخلف آثاراً كارثية على السودان كله»، داعياً إلى توحد القوات المشتركة (مكونة من الجيش وحركات الكفاح المسلح) والعمل بوصفها قوة متجانسة تنسق مع بعضها البعض لحماية وحفظ الأمن في دارفور والسودان. بيد أن حسن لاحظ أن القوات المشتركة فشلت في مهامها الموكلة إليها بعد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وتابع: «عملياً، كان يجمع بينها فقط المرتبات والنثريات والحوافز والزي المشترك، لكنها بعد الحرب أصبحت أسيرة للاستقطاب القبلي والمناطقي، ووقعت بين القطبين المتحاربين».

وأوضح حسن أن «الحركات الموقعة لاتفاق جوبا لسلام السودان، ظلت تترقب تطور الحرب بحذر، للحفاظ على مصالحها الذاتية، متجاهلة إنسان دارفور، في انتظار لمن تكون الغلبة في الحرب. لكن، خوفاً على مصالحها وليس مراعاة لمصالح دارفور، التحقت حركتا (العدل والمساواة) بقيادة دكتور جبريل و(حركة تحرير السودان) بقيادة مني أركو مناوي، إلى صف الجيش، فيما اقتربت (حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي) برئاسة الهادي إدريس، و(حركة تجمع قوى تحرير السودان) برئاسة الطاهر حجر ونمر عبد الرحمن، وحلفاؤهما، من (الدعم السريع)، رغم إعلانهم التزام الحياد».

سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور جراء المعارك (أ.ف.ب)

ويشير المحامي حسن إلى وجود مجموعات محلية أخرى مسلحة على الأرض تحمل السلاح لمواجهة أي أخطار قد تحدق بها، إلى جانب (حركة جيش تحرير السودان) بقيادة عبد الواحد نور، غير الموقعة على اتفاق السلام، والمحايدة في الصراع. ويوضح حسن أن كل قوات هذه المجموعات متمركزة داخل الفاشر أو حولها، وفي حال اندلاع الحرب في الفاشر، فستكون هي الأشرس بين كل العمليات القتالية الدائرة حالياً في بقية مدن وولايات السودان.


هل تنجح مصر في تعويض خسائر الملاحة بقناة السويس؟

سفينة شحن ترفع العلم اليوناني رست في ميناء عدن  الذي وصلت إليه بعد تعرضها لهجوم في البحر الأحمر الشهر الماضي (رويترز)
سفينة شحن ترفع العلم اليوناني رست في ميناء عدن الذي وصلت إليه بعد تعرضها لهجوم في البحر الأحمر الشهر الماضي (رويترز)
TT

هل تنجح مصر في تعويض خسائر الملاحة بقناة السويس؟

سفينة شحن ترفع العلم اليوناني رست في ميناء عدن  الذي وصلت إليه بعد تعرضها لهجوم في البحر الأحمر الشهر الماضي (رويترز)
سفينة شحن ترفع العلم اليوناني رست في ميناء عدن الذي وصلت إليه بعد تعرضها لهجوم في البحر الأحمر الشهر الماضي (رويترز)

دفعت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة بشأن تراجع حركة الشحن عبر قناة السويس المصرية بنسبة 66 في المائة خلال الفترة من منتصف ديسمبر (كانون الأول) حتى مطلع أبريل (نيسان) الحالي، بسبب التوترات في البحر الأحمر، إلى تساؤلات حول «هل تنجح مصر في تعويض خسائر الملاحة بقناة السويس؟ وما الخيارات والبدائل التي يمكن أن تعوض نسب الخسارة في عائدات القناة؟»، في حين طرح خبراء في النقل البحري والاقتصاد «بعض الخيارات الاقتصادية والتجارية التي قد تعوض خسائر مصر من إيرادات قناة السويس»، لكنهم أشاروا إلى أن تلك الخيارات ستكون «حلولاً مؤقتة» لحين عودة حركة الملاحة في قناة السويس.

وتستهدف جماعة الحوثي اليمنية، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سفناً بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب، تقول إنها «مملوكة أو تشغلها شركات إسرائيلية»، وتأتي الهجمات رداً على الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتجنب المرور في البحر الأحمر وتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، رغم ما يسببه هذا التغيير من ارتفاع في تكلفة الشحن المالية والزمنية.

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» بالبحر الأحمر في نوفمبر الماضي (رويترز)

مسارات السفن

وأشارت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، الأربعاء الماضي، إلى «انخفاض نسب السفن المارة بقناة السويس خلال أبريل». وذكرت: «في الأسبوع الأول من أبريل كان حجم سفن الشحن والناقلات المارة عبر قناة السويس أقل بنسبة تبلغ 71 في المائة و61 في المائة على التوالي، من حجم سفن الشحن والناقلات التي عبرت في الممر التجاري المصري الحيوي العام السابق». ولفتت البيانات إلى أن «تحول مسارات سفن الشحن من قناة السويس والبحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح تسبب في ارتفاع أسعار الحاويات المتجهة إلى أوروبا بأكثر من 300 في المائة».

ولم تختلف بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة عما أشار إليه وزير المالية المصري محمد معيط، الأسبوع الماضي، بشأن «تراجع إيرادات قناة السويس المصرية بنسبة 60 في المائة بسبب استمرار التوترات في البحر الأحمر».

صورة عرضها الإعلام الحوثي للسفينة «روبيمار» وهي تغرق بعد تعرضها لصاروخ في البحر الأحمر فبراير الماضي (إ.ب.أ)

ورأى مستشار النقل البحري بمصر وخبير اقتصادات النقل ودراسات الجدوى الدكتور أحمد الشامي أن هناك بعض البدائل التي من الممكن أن تعوض مصر عن خسائر عائدات القناة؛ منها «رفع رسوم المرور والملاحة بقناة السويس، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار الوقود عالمياً، فضلاً عن الإجراءات التأمينية التي تقدمها مصر»، لافتاً إلى أن «رفع رسوم الملاحة بنحو 20 أو 30 في المائة يُمكن أن يعوض العجز في إيرادات القناة». وقال الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن «50 في المائة من موارد قناة السويس تعتمد على سفن الحاويات الكبيرة، وهذه السفن لديها مخاوف حالياً، وتلجأ لمسار الرجاء الصالح رغم ارتفاع تكلفته».

إلا أن خبير النقل البحري وعميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، الدكتور محيي الدين السايح، قلّل من جدوى خيار رفع رسوم الملاحة بقناة السويس. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «رفع رسوم الملاحة يعد حلاً من جانب واحد، ولا يخدم التجارة الدولية». ورأى أن «الإشكالية الأساسية هي قلة عدد السفن وبالتالي أي إجراءات غير تأمينية لن تكون مجدية».

سفينة حاويات وهي تبحر عبر قناة السويس في وقت سابق (رويترز)

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت هيئة قناة السويس المصرية زيادة رسوم العبور العادية عبر الممر المائي بنسبة 15 في المائة بدءاً من يناير (كانون الثاني) الماضي.

انخفاض العائدات

السايح أشار هنا إلى حلول طرحها خبراء التجارة والنقل لتعويض مصر، مثل تعزيز «تجارة الترانزيت» لنقل البضائع عبر الموانئ المختلفة بمصر المطلة على البحرين الأحمر والمتوسط»، لكنه أوضح أن «تجارة الترانزيت يُمكن أن تكون بدائل جيدة بشكل مؤقت لاستخدام الموانئ في نقل أنواع معينة من البضائع، خصوصاً التي تستخدم أكثر من وسيلة نقل مثل البضائع المعبأة في الحاويات، أو نقل شاحنات النفط عبر خطوط البترول في قناة السويس، لكنها ستكون من (الحلول المؤقتة) وليست المستدامة».

وقال وزير النقل المصري، كامل الوزير، في يوليو (تموز) الماضي، إن الدولة المصرية تعمل على تعزيز «تجارة الترانزيت حيث تستهدف نقل 40 مليون حاوية بحلول عام 2030».

في السياق ذاته، ذكرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، الجمعة، أن «الصراع الإقليمي المتصاعد يشكل مخاطر على السياحة وعائدات قناة السويس في مصر». وتوقعت «فيتش» أن «تصل عائدات السياحة وقناة السويس إلى 12.7 مليار دولار و9 مليارات دولار على التوالي في السنة المالية 2024 (الدولار الأميركي يساوي 47.90 جنيه في البنوك المصرية)». لكن بحسب الوكالة، «إذا استمرت الحرب في غزة، واستمر تعطيل حركة المرور في قناة السويس طوال النصف الأول من عام 2024 فإن هذه الإيرادات قد تنخفض إلى نحو 11 مليار دولار في عائدات السياحة، و7.5 مليار دولار في عائدات قناة السويس، وقد يؤدي الصراع المكثف أو الموسع في المنطقة إلى نتائج أسوأ».

عميد كلية النقل البحري والتكنولوجيا أشار إلى خيار آخر قد يعوّض القاهرة عن خسائر الملاحة في القناة، يتمثل في النقل البري، للاستفادة من البنية التحتية للطرق والموانئ البرية مع دول الجوار، لكنه لفت إلى أن «هذا الخيار يعد من الحلول النظرية الجيدة»، لكن تطبيقه عملياً يواجه بعض الصعوبات، من بينها: «ضرورة توافر خطوط سكة حديدية وطرق نقل سريعة، وتغيير التشريعات مع دول الجوار بخصوص النقل البري، وتوحيد مفاهيم الإجراءات الجمركية والأمنية والإدارية».

خيارات اقتصادية

من جهته، قال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الخبير الاقتصادي الدكتور عبد المنعم السيد إن «العجز في إيرادات قناة السويس يقدر بنحو 6 مليارات دولار هذا العام، وأفضل سبيل لتعويض هذه النسبة سيكون عبر الخيارات الاقتصادية، مثل تعزيز الصادرات المصرية، بحيث ترتفع من 45 مليار دولار العام الماضي إلى نحو 60 مليار دولار، وهناك مقومات تسمح بهذه الزيادة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك خيارات أخرى لتعويض العجز في إيرادات قناة السويس، مثل دعم الصناعة والتصنيع، والعمل على الجذب السياحي من الأسواق الأوروبية والآسيوية».

وكان البنك الدولي قد أشار في تقرير، منتصف أبريل الحالي، إلى أن «استمرار الأزمة الأمنية الناجمة عن هجمات الحوثيين على السفن المارة في البحر الأحمر سيتسبب في خسائر تُقدر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر». وأوضح التقرير أن «قناة السويس تعد مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية لمصر، وكانت مسؤولة عن نحو ثمن حركة الشحن العالمية، وما يعادل 30 في المائة من حركة الحاويات في العالم».


هل تشهد جهود الوساطة بشأن «هدنة غزة» «انفراجة»؟

فلسطينيون يسيرون في موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم جباليا للاجئين شمال غزة (أرشيفية -  رويترز)
فلسطينيون يسيرون في موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم جباليا للاجئين شمال غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

هل تشهد جهود الوساطة بشأن «هدنة غزة» «انفراجة»؟

فلسطينيون يسيرون في موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم جباليا للاجئين شمال غزة (أرشيفية -  رويترز)
فلسطينيون يسيرون في موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم جباليا للاجئين شمال غزة (أرشيفية - رويترز)

في محاولة لدفع مسار المفاوضات الرامية لتحقيق «هدنة» في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، كثفت القاهرة اتصالاتها مع الأطراف المعنية كافة، ما جدد الآمال بشأن إمكانية أن تشهد جهود الوساطة «انفراجة» خلال الأيام المقبلة، لا سيما مع تأكيدات مصرية بـ«حدوث تقدم ملحوظ» بين القاهرة وتل أبيب في هذا الصدد.

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، الجمعة، بأن «وفداً أمنياً مصرياً وصل إلى تل أبيب لبحث إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة». ونقلت القناة عن مصدر وصفته بأنه «رفيع المستوى» لم تسمه، قوله: إن «الوفد يضم مجموعة من المختصين بالملف الفلسطيني لمناقشة إطار شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة». وأكد المصدر أن «تقدماً ملحوظاً حدث في محاولات تقريب وجهات النظر بين الوفدين المصري والإسرائيلي بشأن الوصول إلى هدنة بغزة».

وكانت قناة «القاهرة الإخبارية» قد أشارت في وقت سابق، الجمعة، إلى أن «الاتصالات المصرية تجري مع الأطراف كافة بهدف الوصول لهدنة، ووقف الحرب وإنهاء المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني». كما نقلت القناة عن مصدر مصري تأكيده على أن «تلك الاتصالات مقتصرة على الوفود الأمنية فقط»، نافياً ما تردد عن «لقاءات مخططة لمسؤولين مصريين مع نظرائهم الإسرائيليين في هذا الشأن». وأشار المصدر إلى أن «القاهرة حذرت مراراً من التداعيات الخطيرة في حال نفذت إسرائيل تهديداتها باقتحام رفح في جنوب قطاع غزة».

وكانت القاهرة قد استضافت آخر جولة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في 10 أبريل (نيسان) الحالي. وأكد مصدر مصري مطلع في حينه أن المفاوضات شهدت «تقدماً ملحوظاً»، مع إشارة إلى «استئنافها خلال يومين»، لكن ذلك لم يحدث، فبعد أيام سلمت حركة «حماس» للوسطاء ردها على مقترح أميركي للهدنة عرض خلال المباحثات، وأكدت «التمسك بمطالبها التي تتمثل بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب الجيش من كامل قطاع غزة، وعودة النازحين، وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات، والبدء بالإعمار». وهو ما عدته إسرائيل بمثابة رفض للمقترح الأميركي.

دخان تصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

والتقى وفد أمني مصري، الجمعة، بمسؤولين إسرائيليين، «لبحث سبل استئناف المحادثات الرامية لإنهاء الحرب في غزة، وإتمام صفقة لتبادل الأسرى»، وفق ما نقلته «رويترز» عن مسؤول مطلع، تحدث شريطة عدم نشر اسمه. وقال المسؤول إن «إسرائيل ليس لديها أي مقترحات جديدة تقدمها؛ لكنها مستعدة للتفكير في هدنة محدودة يجري بموجبها إطلاق سراح 33 من النساء وكبار السن والمرضى بدلاً من 40 محتجزاً كان النقاش يدور حولهم من قبل». وأضاف: «لا محادثات عن المحتجزين حالياً بين إسرائيل وحركة (حماس)، ولا يوجد عرض إسرائيلي جديد في هذا الشأن، وما يحدث هو محاولة من القاهرة لاستئناف المحادثات باقتراح مصري».

وأكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الجمعة، «وصول وفد مصري إلى إسرائيل لبحث صفقة تبادل المحتجزين». وهو ما أكده أيضاً موقع «واي نت» الإسرائيلي، الذي نقل عن مسؤول أمني، قوله إنه «قد يكون هناك تقدم في الاقتراح المصري بشأن صفقة لإطلاق سراح محتجزين مقابل وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة».

وبدوره، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إن «مصر تبذل جهوداً من أجل الوصول إلى حل وسط والدفع نحو تحقيق هدنة ولو مؤقتة في قطاع غزة، يجري خلالها إتمام صفقة لتبادل المحتجزين من الجانبين». وأوضح الرقب لـ«الشرق الأوسط»، أن «المباحثات تجري بشأن هدنة لمدة 40 يوماً يجري خلالها إطلاق سراح نحو 20 محتجزاً لدى (حماس) مقابل عدد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن «هذا يختلف عن المقترح السابق الذي كان يتضمن الإفراج عن 40 محتجزاً لدى (حماس)، حيث سبق أن قالت الحركة إنه ليس لديها هذا العدد».

وأكد خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أن «مصر تبذل جهوداً مكثفة في المفاوضات وفي محاولة منع عملية عسكرية في رفح». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجهود المصرية نجحت حتى الآن في تأجيل اجتياح رفح رغم تكرار الحديث الإسرائيلي عن تحديد موعد العملية». وأضاف أن «القاهرة تمارس ضغوطاً سياسية على تل أبيب، نجحت حتى الآن في الحد من الجموح الإسرائيلي».

فلسطينيون نازحون بسبب القصف الإسرائيلي على قطاع غزة يطبخون في مخيم الخيام المؤقت بمنطقة المواصي (أ.ب)

وكان المقترح الذي جرت مناقشته في جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة ينص على «هدنة من 6 أسابيع يجري خلالها إطلاق سراح 42 محتجزاً إسرائيلياً في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني تعتقلهم إسرائيل، ودخول 400 إلى 500 شاحنة من المساعدات الغذائية يومياً وعودة النازحين من شمال غزة إلى بلداتهم، لكن وسائل إعلام نقلت عن مصادر في حركة «حماس» قولها إن «الحركة لا يمكنها تحديد 40 محتجزاً لديها تنطبق عليهم شروط المرحلة الأولى من الهدنة».

ويرى عكاشة أن «إسرائيل تحاول إلقاء الكرة في ملعب (حماس) لإظهارها بأنها الطرف الذي لا يريد الاتفاق، وفي حقيقة الأمر أن كلا الطرفين يناور، وليست لديه نية حقيقية في إنهاء الحرب».

بينما قال الرقب إن «الكرة الآن في ملعب إسرائيل، التي يبدو أنها أكثر انفتاحاً على إتمام الاتفاق لأنها تحتاج الهدنة لترتيب صفوفها إذا ما كانت تريد اجتياح رفح»، لافتاً إلى أن «مصر تبذل جهوداً مكثفة لمنع تنفيذ عملية عسكرية واسعة في رفح».

وتكثف القاهرة جهودها للوساطة في المفاوضات تزامناً مع قلق مصري ودولي من مخاطر تنفيذ عملية عسكرية في رفح جنوب القطاع. ووفق ما نقلته «رويترز» عن مصدر مسؤول، الجمعة، فإن «المصريين يتولون زمام المبادرة حقاً في هذا الشأن... القاهرة تريد أن ترى تقدماً لأسباب من ضمنها قلقها بشأن عملية رفح المحتملة». وأضاف المصدر أن «قطر لا تزال تشارك في الوساطة لكن بقدر أقل». وكانت قطر قد أعلنت في وقت سابق عزمها إعادة تقييم دورها في الوساطة، إثر اتهامات إسرائيلية وأميركية لها بـ«عدم ممارسة ضغط كافٍ على (حماس)».

ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة في الوصول إلى اتفاق بين حركة «حماس» وإسرائيل، استناداً إلى «إطار اتفاق من 3 مراحل» جرى التوافق عليه في اجتماع عقد في باريس، بحضور رؤساء استخبارات مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى رئيس الوزراء القطري، ووصفت نتائجه في حينه بـ«البناءة»، لكنها لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

مساعدة فتاة فلسطينية جريحة بعد غارة إسرائيلية على الزوايدة وسط قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

وقال الرقب إن «مصر تمارس جهوداً مكثفة لتقريب وجهات النظر يمكن أن يطلق عليها جهود اللحظات الأخيرة»، موضحاً أن «هناك مخططاً إسرائيلياً لتنفيذ عملية عسكرية في رفح بعد عطلة عيد الفصح أي بعد الـ30 من أبريل الحالي». وأشار إلى «وجود مقترحين إما بتنفيذ عملية عسكرية متدرجة وجزئية في رفح، وإما بإخلائها المدينة لتنفيذ اجتياح كامل». وأضاف أن «الوقت ضيق جداً بحسابات المفاوضات، لكن القاهرة تسعى من أجل الوصول إلى اتفاق قد يبرد الحرب، ويؤجل اجتياح رفح أو يلغيه».

وذكرت قناة «القاهرة الإخبارية»، الجمعة، أن «هناك مقترحاً مصرياً قد يجمد العملية العسكرية في رفح». بينما نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤول إسرائيلي قوله، الجمعة، إن المفاوضات التي يجريها وفد مصري مع مسؤولين أمنيين في إسرائيل «قد تكون فرصة أخيرة قبل دخول رفح».

ومن جانبه، لفت عكاشة إلى أن «الجهود المصرية تسير في اتجاهين؛ تحقيق الهدنة، وإلغاء اجتياح رفح»، مشيراً إلى أن «هناك حديثاً يتردد في إسرائيل بشأن تأثير حلحلة الأمور في مفاوضات الهدنة على عملية رفح».

ولا يعلق عكاشة آمالاً كبيرة على إمكانية حدوث انفراجة في جهود الوساطة قد تصل إلى هدنة. وقال إن «هناك نسبة لا تتجاوز 10 في المائة لاحتمال قبول (حماس) وإسرائيل بهدنة مؤقتة في غزة في ظل تمسك كل طرف بشروطه ومطالبه».

وتأتي زيارة الوفد المصري إلى إسرائيل بعد يوم من نداء وجهته الولايات المتحدة و17 دولة أخرى، الخميس، لحركة «حماس» لإطلاق سراح جميع المحتجزين لديها بوصفه سبيلاً لإنهاء الأزمة. وكانت «رويترز» قد نقلت، الخميس، عن مصدرين أمنيين مصريين قولهما، إن «القاهرة طلبت عقد اجتماع متابعة مع إسرائيل لاستئناف مفاوضات الهدنة». وأشار المصدران إلى أن «مسؤولين مصريين وإسرائيليين وأميركيين عقدوا اجتماعات مباشرة وعن بُعد، الأربعاء، سعياً للحصول على تنازلات لكسر جمود المفاوضات».


موريتانيا: مرشحو المعارضة يواجهون معضلة «التزكية»... والحل بيد أحزاب الأغلبية

ولد الغزواني في أثناء تقديم ملف ترشحه للمجلس الدستوري اليوم الجمعة (صحافة محلية)
ولد الغزواني في أثناء تقديم ملف ترشحه للمجلس الدستوري اليوم الجمعة (صحافة محلية)
TT

موريتانيا: مرشحو المعارضة يواجهون معضلة «التزكية»... والحل بيد أحزاب الأغلبية

ولد الغزواني في أثناء تقديم ملف ترشحه للمجلس الدستوري اليوم الجمعة (صحافة محلية)
ولد الغزواني في أثناء تقديم ملف ترشحه للمجلس الدستوري اليوم الجمعة (صحافة محلية)

دخلت موريتانيا أجواء السباق الانتخابي للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، مع بقاء شهرين فقط على موعد الانتخابات الرئاسية، المرتقبة يوم 29 يونيو (حزيران) المقبل، خاصة حينما تقدم الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني بملف ترشحه إلى المجلس الدستوري، اليوم الجمعة.

ويحكم ولد الغزواني (67 عاماً) موريتانيا منذ 2019 بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية آنذاك، متقدماً في الجولة الأولى على مرشحي المعارضة بنسبة 52 في المائة، لكنه يسعى اليوم لتكرار الفوز نفسه من أجل نيل ولاية رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات.

الرئيس الموريتاني يدلي بصوته في الانتخابات الماضية (الشرق الأوسط)

وإن كان ولد الغزواني قد ترشحَ للانتخابات الرئاسية السابقة بصفة مستقلة، دون أن يكون محسوباً على حزب سياسي محدد، فإنه رغم ذلك حظي بدعم ائتلاف من الأحزاب السياسية، يشكل تيار الأغلبية الحاكمة، وتعززت هذه الأغلبية خلال سنوات حكمه الخمس بأحزاب أخرى كانت في المعارضة.

ومن ثم، فإن ولد الغزواني يترشح لهذه الانتخابات في وضعية سياسية مريحة، حيث إن ائتلاف الأحزاب السياسية الداعمة له يستحوذ على أغلبية مريحة في البرلمان، بعد فوز ساحق في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وفي المقابل تمر المعارضة بواحدة من أسوأ فتراتها بسبب الخلافات الداخلية وضعف الأداء.

* مرشحون محتملون

حتى الآن أعلنت ست شخصيات سياسية نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن لتحقيق ذلك فإن كل مرشح سيكون بحاجة إلى تزكية مائة مستشار في المجالس المحلية، من بينها خمسة عمد، وفق ما ينص عليه القانون الموريتاني، وهو شرط كثيرًا ما كان مرشحو المعارضة يعجزون عنه بسبب هيمنة الأحزاب الموالية للسلطة على المجالس المحلية، لكن هذه الأحزاب توفر التزكيات لمرشحي المعارضة من أجل ضمان سير الانتخابات.

الرئيس الموريتاني محاط بحرسه أمام مبنى المجلس الدستوري (صحافة محلية)

غير أن الجديد هذه المرة هو أن الأحزاب الموالية للسلطة عقدت اجتماعاً مساء أمس (الخميس)، واشترطت التوقيع على «ميثاق شرف» من أجل السماح للعمد والمستشارين البلديين المحسوبين عليها بتزكية مرشحي المعارضة.

وأوضحت هذه الأحزاب في بيان صحافي أن الهدف من ميثاق الشرف ضمان سير الانتخابات في جو من الهدوء، بعيداً عن كل ما من شأنه أن «يمس الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية، والثوابت القانونية والأخلاقية، ويخدش في مصداقية ديمقراطيتنا».

كما اشترطت الأحزاب أن يمتلك المرشح «قاعدة شعبية، برهن عليها حصوله على مستوى مهم من ثقة الشعب الموريتاني؛ كانتخابه نائباً في البرلمان، أو ترشيحه من طرف حزب سياسي له تمثيله الانتخابي المعتبر»، وبذلك يسقط بعض المرشحين الشباب والوجوه الجديدة في الساحة السياسية.

وبذلك يتأكد تحكم أحزاب الأغلبية في قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية، حيث إن الحزب المعارض الوحيد، الذي خرج من الانتخابات المحلية الأخيرة بمائة مستشار بلدي، هو حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهو الحزب «الإخواني» الذي لا ينوي الترشح للرئاسيات، لكنه ما يزال يبحث عن مرشح لدعمه.

وليس من مصلحة أحزاب الأغلبية أن يتقلص عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية، وخاصة أنها شبه محسومة لصالح ولد الغزواني، لذا فإن أحزاب الأغلبية تحاول التحكم فيما بعد الانتخابات، خشية تكرار تجربة 2019، حين وقعت أحداث عنف في مناطق متفرقة من البلاد، بسبب رفض مرشحي المعارضة لنتائج الانتخابات، والتحدث عن تزوير.

* تحديات الشباب

ولد الغزواني، الذي أعلن ترشحه للانتخابات، أول من أمس الأربعاء، في رسالة مكتوبة موجهة للموريتانيين، دافع فيها بقوة عن حصيلة خمس سنوات من حكمه، لكنه تعهد بأن تكون مأموريته الثانية «للشباب ومن أجل الشباب».

ولا يأتي هذا الشعار من فراغ، فخلال السنوات الثلاث الأخيرة هاجر عشرات الآلاف من الشباب الموريتاني إلى الولايات المتحدة، في رحلة طويلة وخطيرة عبر دول أميركا الجنوبية، وصولاً إلى حدود المكسيك والولايات المتحدة، وعدد من هؤلاء الشباب تحولوا إلى ناشطين معارضين على وسائل التواصل الاجتماعي.

مواطنة موريتانية تسجل بياناتها بأحد مراكز تسجيل الناخبين في العاصمة نواكشوط (الشرق الأوسط)

ومع تصاعد وتيرة الخطاب المعارض في أوساط الشباب الموريتاني على وسائل التواصل الاجتماعي، تستعد كتلة انتخابية جديدة من الشباب للتصويت في هذه الانتخابات للمرة الأولى في حياتها، وستكون حاسمة بشكل كبير.

وفي نقاشاته على وسائل التواصل الاجتماعي، يركزُ الشباب الموريتاني على البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية، ويرجع كل ذلك إلى انتشار الفساد في الإدارة، وذلك ما دفع ولد الغزواني في رسالة ترشحه إلى التأكيد أنه سيعمل في ولايته الثانية على الضرب بيد من حديد، وسيواجه بكل قوة وصرامة مسلكيات وممارسات الفساد.


تنسيق تونسي - جزائري - ليبي في مكافحة الإرهاب والتهريب والهجرة

القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية - الليبية رفعت نسق التنسيق الأمني خاصة في المناطق الحدودية (الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية)
القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية - الليبية رفعت نسق التنسيق الأمني خاصة في المناطق الحدودية (الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية)
TT

تنسيق تونسي - جزائري - ليبي في مكافحة الإرهاب والتهريب والهجرة

القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية - الليبية رفعت نسق التنسيق الأمني خاصة في المناطق الحدودية (الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية)
القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية - الليبية رفعت نسق التنسيق الأمني خاصة في المناطق الحدودية (الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية)

كشفت مصادر تونسية وليبية وجزائرية لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات الأمنية والسياسية في البلدان الثلاثة رفعت مستوى التنسيق الأمني والسياسي بينها في أعقاب الاجتماع التشاوري الذي نُظم الاثنين الماضي في قصر الرئاسة في قرطاج بين الرؤساء قيس سعيد وعبد المجيد تبون ومحمد المنفي، بحضور ثلة من كبار المسؤولين في البلدان الثلاثة.

وقد أوصى الاجتماع الثلاثي بإحداث «آليات متابعة جديدة» للمحافظات الحدودية، وبتطوير الشراكة الأمنية والاقتصادية، والتحرك المشترك لمواجهة المخاطر الأمنية التي تتسبب فيها الاضطرابات في بلدان جنوب الصحراء للبلدان المغاربية، ومن بينها استفحال معضلات تهريب البشر والممنوعات وبينها المخدرات.

وزيرا داخلية تونس وليبيا خلال اجتماع أمني قبل أسابيع قرب المعبر الحدودي المشترك «رأس جدير» (أرشيفية - وسائل إعلام تونسية)

بلدان جنوب الصحراء

وحسب المصادر نفسها، فإن «خطوات عملية» بدأت بعد لقاء قرطاج حول مراقبة الحدود البرية والبحرية للبلدان الثلاثة، لا سيما في سياق جهود «التصدي للإرهاب والجريمة المنظمة، ولتهريب السلع والأموال والمخدرات وآلاف المهاجرين غير النظاميين القادمين من بلدان جنوب الصحراء».

في هذا السياق، أكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن محادثات مسؤولي البلدان الثلاثة تشمل «التنسيق الأمني لمراقبة حركة المسافرين والسلع والتهريب على طول مئات من الكيلومترات من الحدود الصحراوية المشتركة»، أو ما يعبر عنه بـ«المثلث الحدودي» في منطقة غدامس التي يعد الخبراء الاقتصاديون أنها غنية جداً بالثروات الباطنية، وأن معابرها يمكن أن تتطور من «بؤرة للتهريب والجريمة المنظمة» إلى «منطقة حرة للتجارة وللشراكة بين البلدان الثلاثة» بمجرد أن تتحسن الأوضاع الأمنية في ليبيا من جهة والتحكم في «مسار آلاف المهاجرين غير النظاميين الأفارقة».

الرئيس التونسي في زيارة قبل أشهر لأحد مراكز تجمع المهاجرين الأفارقة غير النظاميين في مدينة صفاقس... بعد مواجهات بينهم وبين قوات الأمن التونسية (أرشيفية)

محادثات أمنية تونسية - ليبية

في نفس السياق، أعلنت وزارة الداخلية التونسية أن الوزير التونسي كمال الفقي أجرى محادثة جديدة مع نظيره في حكومة طرابلس عماد الطرابلسي حول «الأوضاع الأمنية والإدارية والترتيبية في معبر (رأس جدير) الحدودي»، والذي تقدر المصادر أنه «يستخدم سنوياً من قبل ما لا يقل عن 6 ملايين مسافر في الاتجاهين، وأن قيمة السلع التي تعبره تقدر بمليارات الدولارات».

وحسب نفس المصادر، تقرر «إعادة فتح معبر (رأس جدير) في أقرب الأوقات»، دون الإعلان عن تاريخ محدد.

وكان رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ووزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي أعلنا أواخر شهر رمضان الماضي عن «خطوات أمنية وسياسية وإدارية لإعادة فتح المعبر قبل عيد الفطر». لكن الخلافات بين «لوبيات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية ليبية وصراعات نفوذ بين العاصمة طرابلس، و(قوى ضغط من منطقة ميناء وبلدية زوارة غرب البلاد) عطلت هذه العملية».

تجمع مهاجرين غير نظاميين قرب ميناء صفاقس وسط تونس (أرشيفية)

وقد تسلم اللواء عبد الحكيم الخيتوني رئيس الغرفة الأمنية الليبية المشتركة أوائل الشهر الحالي مهام تأمين المعبر الحدودي التونسي - الليبي «رأس جدير» من رئاسة هيئة أركان الجيش الليبي. وأعلن عن تكليفه «فتح المعبر». لكن الأزمة راوحت مكانها.

لذلك كشفت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن «قمة تونس المغاربية الثلاثية المصغرة» ناقشت في «أجواء من الصراحة والوضوح والحميمية» مساء الاثنين الماضي مسألة «تأمين إعادة فتح معبر (رأس جدير)» لأسباب عديدة من بينها «التصدي لاستفحال مظاهر الانفلات الأمني والتهريب والهجرة غير النظامية».

آلاف المهاجرين غير النظاميين

وفي سياق رفع حالة التأهب الأمني والسياسي، أسفرت المشاورات الثلاثية الجزائرية - الليبية - التونسية عن توصيات بـ«تشديد الخناق ضمن تحرك تشارك فيه البلدان الثلاثة» لمنع دخول عشرات آلاف المهاجرين والمسلحين من بلدان الساحل والصحراء لمنطقة شمال أفريقيا، باعتبارها «محطة عبور» نحو سواحل جنوب أوروبا.

وكشف وزيرا خارجية تونس نبيل عمار، والجزائر أحمد عطاف، أن سلطات تونس والجزائر وطرابلس شرعت في متابعة مقررات «الاجتماع الثلاثي الرئاسي» الذي نُظم الاثنين الماضي بأبعاده الأمنية والتنموية، وبينها قضايا أمن المياه وتنمية المناطق الحدودية المشتركة.

كما أعلنا أن «الاجتماع الثلاثي ليس بديلاً عن آليات الاتحاد المغاربي» الذي يشمل كذلك المملكة المغربية وموريتانيا. لكن مبادرة الدعوة إليه فرضتها التحديات الأمنية والتنموية والسياسية التي تواجه المنطقة في مرحلة «تعذر فيها عقد قمة مغاربية خماسية وتفعيل مئات المقررات التي صدرت منذ قمة مراكش 1989 عن الرؤساء والوزراء والخبراء من الدول الخمس».

ولعل من أبرز التحديات الأمنية التي ضغطت للتعجيل بالتنسيق الأمني بين تونس وليبيا والجزائر ما وصفه إعلاميون تونسيون بـ«تضخم أعداد المهاجرين الأفارقة في غابات محافظة صفاقس وفي العاصمة تونس».

في الوقت نفسه، أكدت بلاغات رسمية عن مؤسسات أمنية وقضائية تونسية، اندلاع أعمال عنف جديدة بين المهاجرين الأفارقة وقوات الأمن ومواطنين تونسيين، وجرت إيقافات بسببها في جهة صفاقس.

إيقاف تكفيريين وتجار مخدرات

من جهة أخرى، أعلنت مصادر أمنية تونسية إيقاف عشرات المتهمين الجدد بالتهريب والاتجار في المخدرات، أو بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» وإلى «التكفيريين»، بعضهم من محافظات نابل بمنطقة الساحل وصفاقس ومدينة تطاوين الحدودية مع ليبيا والجزائر في أقصى الجنوب التونسي.


فرنسا تبدي استعدادها لتمويل خط كهرباء يربط المغرب بالصحراء

وزير المالية الفرنسي برونو لومير مع نظيرته المغربية نادية فتاح العلوي (أ.ف.ب)
وزير المالية الفرنسي برونو لومير مع نظيرته المغربية نادية فتاح العلوي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تبدي استعدادها لتمويل خط كهرباء يربط المغرب بالصحراء

وزير المالية الفرنسي برونو لومير مع نظيرته المغربية نادية فتاح العلوي (أ.ف.ب)
وزير المالية الفرنسي برونو لومير مع نظيرته المغربية نادية فتاح العلوي (أ.ف.ب)

قال وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، اليوم الجمعة، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء، إن فرنسا مستعدة للمشاركة في تمويل خط كهرباء بقدرة ثلاثة جيجاوات، يربط مدينة الدار البيضاء المغربية ببلدة الداخلة في الصحراء المغربية. وذكر لومير، في منتدى أعمال مغربي فرنسي بالرباط: «أؤكد لكم أننا مستعدون للمشاركة في تمويل هذا المشروع».

ويسعى المغرب وفرنسا إلى إرساء «تعاون جديد» في الطاقات النظيفة والنقل بواسطة السكك الحديدية، وفق ما أعلن وزير الاقتصاد الفرنسي، في سياق تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد توترات دبلوماسية. وأضاف لومير، عقب اجتماع مع نظيرته المغربية نادية فتاح العلوي: «نريد تدشين مرحلة تعاون جديد في ميدان الطاقة الخالية من الكربون (...) سوف تشمل الهيدروجين الأخضر والطاقة الريحية والشمسية». ومطلع مارس (آذار) الماضي، أعلنت الحكومة المغربية أن نحو مائة مستثمر محلي وأجنبي «أبدوا اهتماماً» بإطلاق مشاريع لصناعة الهيدروجين الأخضر، وتخصيص 300 ألف هكتار لها، في مرحلة أولى.

وفي هذا السياق قال لومير إنه «اقترح» أيضاً «تعاوناً في مجال الطاقة النووية يشمل مفاعلات صغيرة ومتوسطة الحجم». ولا يملك المغرب حالياً محطات نووية لإنتاج الطاقة، في حين اكتفت الوزيرة المغربية بالإشارة إلى أن قطاع الطاقات النظيفة «يعبر تماماً عن (...) فلسفة هذه الشراكة المتجددة» مع فرنسا. وتطمح المملكة إلى إنتاج 52 في المائة من الكهرباء النظيفة في أفق عام 2030، غير أن الطاقات الأحفورية لا تزال تشكل نحو 90 في المائة من استهلاكها الحالي، وتعتمد فيها على الخارج.

من جانب آخر، أفاد لومير بأن الطرفين اتفقا على تشكيل فريق عمل لدراسة التعاون في مجال النقل بواسطة السكك الحديدية، بما فيه «الخطوط فائقة السرعة». وحظيت فرنسا بصفقة إطلاق أول قطار فائق السرعة في أفريقيا، يصل، منذ عام 2018، مدينة طنجة بالدارالبيضاء (شمال)، على مسافة 350 كيلومتراً.

ويرتقب أن يسرع تنظيم المغرب مونديال 2030 لكرة القدم مع إسبانيا والبرتغال، إطلاق مشروع ضخم لتوسعة هذا الخط على نحو 600 كيلومتر حتى مدينة أكادير (جنوب)، وفق وسائل إعلام محلية. وأعلن مكتب السكك الحديدية المغربي، في فبراير (شباط) الماضي، فوز شركة صينية بإعداد دراسة أولية لمشروع الخط فائق السرعة بين مراكش وأكادير (جنوب)، لكنه نفى أن تكون صفقة إنجاز المشروع في حد ذاته قد رست على شركة صينية، في سياق حديث وسائل الإعلام المحلية عن منافسة بين باريس وبكين للفوز بهذه الصفقة.

ووصل لومير إلى المغرب، أمس الخميس، في سياق زيارات متعددة لوزراء فرنسيين، منذ مجيء وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه إلى المملكة، أواخر فبراير الماضي؛ وذلك لإعادة الدفء إلى علاقات الحليفين التقليديين بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية.


مصر: التوقيت الصيفي يُربك أسراً مع بداية تطبيقه

بدء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر (كوبري ستانلي من صفحة محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)
بدء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر (كوبري ستانلي من صفحة محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)
TT

مصر: التوقيت الصيفي يُربك أسراً مع بداية تطبيقه

بدء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر (كوبري ستانلي من صفحة محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)
بدء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر (كوبري ستانلي من صفحة محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)

«صاحية تايهة، الساعة كام؟»، سؤال وجّهه حساب باسم «ياسمين نبيل» عبر «إكس»، الجمعة، نقل جانباً مما أحدثه تطبيق التوقيت الصيفي من إرباك لدى بعض الأسر المصرية بعد استيقاظهم صباح الجمعة، مع بدء العمل بالتوقيت منتصف ليل «الخميس - الجمعة»، ما جعله يتصدر اهتمامات رواد التواصل الاجتماعي، وتصدر «التريند»، وسط تساؤلات عن طريقة ضبط ساعة الهواتف الجوالة والأجهزة الإلكترونية على التوقيت الجديد.

https://twitter.com/YasminN1679/status/1783742604334563650

وبدأت مصر تطبيق التوقيت الصيفي للعام الثاني على التوالي بتقديم الساعة 60 دقيقة، حيث أعادته الحكومة المصرية في 2023 بعد 7 سنوات من عدم العمل به. ويستمر التطبيق الصيفي حتى الخميس الأخير من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وبالتزامن، أكدت وزارة الكهرباء المصرية، أخيراً، أن «العمل بالتوقيت الصيفي سوف يساهم في توفير مبلغ 25 مليون دولار، من خلال توفير وحدات الغاز المستخدمة في إنتاج الكهرباء» (الدولار الأميركي يساوي 47.90 جنيه في البنوك المصرية). ونشط مصريون، الجمعة، للتفاعل مع هاشتاغي «التوقيت الصيفي» و«تغيير الساعة»، اللذين قفزا إلى صدارة «التريند» خلال الساعات الماضية، حيث عبّر قطاع كبير منهم عن انزعاجه من بدء تطبيق التوقيت الصيفي. وقال حساب باسم «دينا سيد»: «وبعدين في قلة النوم واليوم (المرتبك) ده بسبب التوقيت الصيفي».

https://twitter.com/Dina_qayed/status/1783806118344401215

كما تراوحت تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين معارضة تطبيق التوقيت الصيفي وتأييد تطبيقه، متسائلين عن أهمية تطبيقه، وجدواه الاقتصادية، وتطرقت بعض التعليقات لتأثير التوقيت الصيفي على توفير الكهرباء، التي تخضع لخطّة «تخفيف أحمال يومية في جميع ربوع البلاد بقرار من الحكومة المصرية»، في ظل ارتفاع أسعار الوقود عالمياً.

وتساءل حساب باسم «محمد زيدان»، على «إكس»، عن الغرض المنطقي من تغيير الساعة، فيما جاء تساؤل آخر عبر حساب باسم «سارة محمد»، على «إكس»، حول أوجه الاستفادة من التوقيت الصيفي.

https://twitter.com/northsinai2024/status/1783808959389851894

فيما شرح حساب باسم «لؤي الخطيب»، على «إكس»، أن «الهدف من التوقيت الصيفي هو تحقيق وفر في الكهرباء، والأرقام الحكومية تؤكد أن الاستهلاك بالفعل يكون أقل بنسبة ما بسبب التوقيت الصيفي».

https://twitter.com/LoayAlkhteeb/status/1783633283504300319

كما تندر وتهكم آخرون من معاناتهم من اضطراب نومهم وتأثر ساعتهم البيولوجية بالسلب، حيث كرر رواد تغريدة تفيد أن «الساعة البيولوجية في ذمة الله». وقال حساب باسم «آية البدراوي»، على «إكس»: «حلو التوقيت الصيفي ده... علشان تصحي من الساعة صفر تلحق ضربة الشمس من أولها».

https://twitter.com/AyaElBadrawy/status/1783776948168085949

ونالت طريقة ضبط ساعة الهواتف الجوالة والأجهزة الإلكترونية على التوقيت الجديد مساحة من التفاعل عبر منصات «السوشيال ميديا». وتساءل حساب «عصام»، على «إكس» ساخراً: «هو ساعة الهواتف تغيرت لوحدها إزاي؟».

https://twitter.com/EssooEssooEssoo/status/1783617188802298190

بينما روى حساب «عادل أبو الفضل»، على «إكس»، أن ساعة هاتفه تغيرت أوتوماتيكياً، ومع استيقاظه قام بضبطها مجدداً لتكون النتيجة تقديم الساعة 120 دقيقة؟

https://twitter.com/Adel_Aboelfadl/status/1783785291813167516

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

كذلك حرص آخرون على تداول منشور لـ«دار الإفتاء المصرية» حول مواقيت الصلاة بعد تقديم الساعة 60 دقيقة، للتعريف بالمواقيت الجديدة.

https://twitter.com/EgyptDarAlIfta/status/1783611632423170250

إلى ذلك، وجّهت وزارة الصحة المصرية، عبر صفحتها الرسمية على «إكس»، نصائح للحفاظ على نوم صحي بعد تطبيق العمل بالتوقيت الصيفي.

https://twitter.com/mohpegypt/status/1783607355470475444

كما أعلن وزير التنمية المحلية المصري، هشام آمنة، الجمعة، بالتزامن مع التوقيت الصيفي، بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة والمطاعم والمقاهي والمولات التجارية والورش والأعمال الحرفية، التي تتضمن فتح المحال والمولات التجارية يومياً من الساعة 7 صباحاً، وتغلق الساعة 11 مساءً صيفاً، على أن يتم زيادة التوقيت أيام الخميس والجمعة وفي الإجازات والأعياد الرسمية لتغلق الساعة 12 منتصف الليل صيفاً، وتكون مواعيد فتح المطاعم والكافيهات بما في ذلك الموجودة بالمولات التجارية يومياً من الساعة 5 صباحاً وتغلق الساعة 1 صباحاً صيفاً، مع استمرار خدمة «التيك أواي» وخدمة توصيل الطلبات للمنازل بالنسبة للمطاعم والكافيهات على مدار 24 ساعة.


«العفو الدولية» تدعو السلطات التونسية للإفراج عن معارض مسجون

جوهر بن مبارك (الشرق الأوسط)
جوهر بن مبارك (الشرق الأوسط)
TT

«العفو الدولية» تدعو السلطات التونسية للإفراج عن معارض مسجون

جوهر بن مبارك (الشرق الأوسط)
جوهر بن مبارك (الشرق الأوسط)

أعربت منظمة العفو الدولية، اليوم الجمعة، عن قلقها إزاء إضراب ناشط سياسي مسجون في تونس، عن الطعام؛ «احتجاجاً على استمرار احتجازه». وقالت المنظمة، في بيان نقلته «وكالة أنباء العالم العربي»، إن الناشط السياسي المعارض، جوهر بن مبارك، بدأ «إضراباً عن الطعام والماء والدواء منذ ثلاثة أيام؛ احتجاجاً على استمرار احتجازه التعسفي». وأضافت المنظمة موضحة أنه «لا يزال بن مبارك وخمسة نشطاء معارضين آخرين محتجَزين منذ فبراير (شباط) 2023، دون محاكمة بتُهم لا أساس لها، في إطار ما يسمى قضية التآمر».

وجددت منظمة العفو الدولية دعوتها للسلطات التونسية للإفراج الفوري عن المحتجَزين، وإسقاط التهم الموجهة إليهم. كانت السلطات التونسية قد اعتقلت زعماء أحزاب ونشطاء سياسيين ورجال أعمال، بتهمة التآمر على أمن الدولة، لكنهم ينفون ذلك الاتهام.


ليبيا: «الاستقرار» تتوسع داخلياً... و«الوحدة» تعزز «تمكينها» خارجياً

الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)
TT

ليبيا: «الاستقرار» تتوسع داخلياً... و«الوحدة» تعزز «تمكينها» خارجياً

الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال جولاته في إثيوبيا (حكومة «الوحدة»)

تكثف الحكومتان المتنازعتان على السلطة في ليبيا جهودهما بقصد «التمكين» لكل منهما، و«إزاحة» الأخرى؛ إذ بدا أن «الاستقرار»، التي يترأسها أسامة حمّاد، متمسكة بالتوسّع جنوباً، في حين يلاحظ أن غريمتها «الوحدة» في العاصمة طرابلس، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ماضية لمزيد من توطيد علاقتها خارجياً.

وحرصت حكومة حمّاد، المدعومة من مجلس النواب والتي تحظى أيضاً بإسناد من المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على تكثيف جهودها باتجاه «حل أزمات المنطقة الجنوبية المتراكمة منذ سنوات»، بالإضافة إلى إعادة إعمار بعض المناطق، بما يشمل تشييد مساكن جديدة للمواطنين.

وقرر حماد إنشاء جامعة بمدينة الكفرة، عقب جولات عديدة إلى الجنوب برفقة بلقاسم حفتر، مدير «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا». كما توافد وزراء من الحكومة على مناطق بالجنوب الشرقي، من بينهم وزيرا الصحة الدكتور عثمان عبد الجليل، والداخلية اللواء عصام أبو زريبة، بالإضافة إلى أسامة الدرسي رئيس جهاز الأمن الداخلي، وقيادة من الجيش يتقدمها صدام وخالد خليفة حفتر.

وقال أبو زريبة إن زيارته إلى الكفرة تأتي ضمن جولة بالجنوب الشرقي لمتابعة الوضع هناك في ظل تدفق النازحين السودانيين الفارين من الحرب، وتقييم الحالة الأمنية على أرض الواقع. كما تحدث عن إنشاء غرفة لتأمين الحدود بهدف «حصر النازحين القادمين من السودان في مدينة الكفرة، والمدن المجاورة لها، ومكافحة الجريمة والمخدرات، وغيرها من الظواهر السلبية، وتوفير الدعم اللازم».

ومن جهته، حرص عبد الجليل على توزيع المواد الغذائية والمياه والمشروبات الغازية بنفسه على النازحين السودانيين، في جولة قالت الحكومة إنه التقى خلالها «بعدد كبير من العائلات السودانية النازحة في طريقها إلى الأراضي الليبية».

وزير الصحة بالحكومة الليبية عبد الجليل يوزع المياه الغازية على نازحين سودانيين في الكفرة جنوب شرقي البلاد (الحكومة الليبية)

واستبقت هذه الجولات لقاء عقده القائد العام للجيش بحمّاد، وبلقاسم حفتر مدير «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، ووكيل وزارة الحكم المحلي أبو بكر الزوي، رفقة وفد ضم عمداء بلديات الجنوب والجنوب الشرقي جالو وأوجلة وتازربو والكفرة. وخلال اللقاء تم بحث «الخطط والمشاريع» بالمدن والمناطق التي تشرف عليها حكومة حمّاد، بالتنسيق مع صندوق التنمية، بهدف «تذليل كافة الصعوبات، وتنفيذ المشروعات الوطنية، من بينها رصف الطرق الرئيسية، وإنشاء وصيانة المدارس والمستشفيات، ومحطات الكهرباء، وكذلك إنشاء الوحدات السكنية بمناطق ومدن الجنوب».

أعيان من مدينة الكفرة في انتظار وزير الداخلية بحكومة «الاستقرار» (الحكومة)

ويرى سياسيون ليبيون أن تحركات حكومة حمّاد المكثفة «تخصم من رصيد غريمتها» بالعاصمة طرابلس، لجهة «السيطرة على الجنوب سياسياً وعسكرياً»، لكنهم أشاروا في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حكومة «الوحدة» تزيد في المقابل من علاقاتها دولياً، «مستغلة الاعتراف الدولي بها»؛ فإلى جانب زيارات الدبيبة الخارجية، ومن بينها زيارته لإيطاليا وتركيا وقطر والسنغال، ودخوله على خط الأزمة السودانية باستقباله في طرابلس طرفَي النزاع هناك، جاءت زيارته الخميس إلى إثيوبيا، ولقاؤه برئيس وزرائها آبي أحمد، وذلك في إطار ما وصفته «الوحدة» بـ«إعادة لعلاقات التعاون التي كانت قد توقفت قبل 20 عاماً».

وعلى هامش زيارة الدبيبة إلى أديس أبابا، قالت حكومة «الوحدة»، الجمعة، إن وزير العمل والتأهيل، علي العابد، بحث في العاصمة الإثيوبية مع نظيره الإثيوبي، مفرحات كامل، التعاون المشترك بين وزارتَي العمل بالبلدين، وإعداد مذكرة تفاهم بين الوزارتين بشأن التشغيل والتدريب المهني.

وفي سياق تحركات «الوحدة» الخارجية، وعلى هامش زيارته إلى ماليزيا بمناسبة الذكرى الخمسين للعلاقات الليبية - الماليزية، بحث وكيل وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة» للشؤون السياسية، محمد عيسى، مع نظيره الماليزي داتو أحمد روزيان في كوالالمبور، في سبل تطوير العلاقات، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين.

وفد من وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة» الليبية مع نظيره الماليزي في كوالالمبور (وزارة الخارجية)

ونقلت وزارة خارجية «الوحدة»، الجمعة، أنه تم الاتفاق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة مدة تأشيرة دخول الليبيين للأراضي الماليزية، بهدف تسهيل وجود الراغبين منهم في استكمال دراستهم بالجامعات الماليزية، وكذلك تسهيل حركة التجارة بين البلدين.

في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أعضاء المجلس إلى حضور جلسة الاثنين في مدينة بنغازي لمناقشة قانون الموازنة العامة المحال من الحكومة المكلفة.

المنفي خلال استقباله رئيس لجنة الحدود البرية والبحرية محمد الحراري (المجلس الرئاسي)

يأتي ذلك، في حين شدد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، على ضرورة الحفاظ على الحدود الليبية، وذلك خلال اجتماعه في مقر المجلس مع رئيس لجنة الحدود البرية والبحرية، محمد الحراري.

وقال المكتب الإعلامي للمنفي إن الحراري أطلعه على «أهم الأعمال المنجزة من قبل اللجنة بشأن ترسيم الحدود مع دول الجوار، مستعرضاً مخططات اللجنة»، مشيراً إلى أن المنفي حث رئيس وأعضاء اللجنة على ضرورة متابعة كافة التطورات «لمنع أي انتهاك لحدود ليبيا البرية والبحرية، وإحاطته بمجريات عمل اللجنة وما يعترضها من عقبات لتذليلها».

أما فيما يتعلق بمعبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، فقد قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» إن الوزير المكلف عماد الطرابلسي، ناقش مع نظيره التونسي كمال الفقي، في مكالمة هاتفية، سبل تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين البلدين في المجال الأمني، و«أهمية المعبر ودوره الحيوي»، واتفقا على «ضرورة عودة العمل بالمنفذ وفتحه من الجانبين أمام حركة المسافرين في أقرب الآجال».