دول غربية تتعهد «محاسبة» مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا

حكومة الأسد تكرر نفي مسؤوليتها عن «هجوم الكلور» على دوما

مدينة دوما كانت مسرح هجوم كيماوي عام 2018 (رويترز)
مدينة دوما كانت مسرح هجوم كيماوي عام 2018 (رويترز)
TT

دول غربية تتعهد «محاسبة» مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا

مدينة دوما كانت مسرح هجوم كيماوي عام 2018 (رويترز)
مدينة دوما كانت مسرح هجوم كيماوي عام 2018 (رويترز)

في الوقت الذي صعّدت فيه الدول الغربية حملتها ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد غداة صدور تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي اتهم دمشق بتنفيذ هجوم بغاز الكلورين على مدينة دوما قرب العاصمة السورية عام 2018، لوّح مؤيدون لحكم الأسد بـ«الادعاء أمام القضاء الدولي على الإدارة الأميركية بجرائم إبادة وحرب ضد الإنسانية» على خلفية العقوبات الاقتصادية التي تفرضها على النظام السوري.
وأصدرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الجمعة، تقريراً حمّل «نظام الأسد» مسؤولية شن هجوم قاتل بالأسلحة الكيميائية على دوما، بريف دمشق، بتاريخ 7 أبريل (نيسان) 2018. وخلص التقرير إلى أن هناك «أسساً منطقية للاعتقاد بأن مروحية واحدة على الأقل من طراز «أم آي-8/17» تابعة للقوات الجوية العربية السورية انطلقت من قاعدة الضمير الجوية تحت سيطرة قوات النمر وألقت برميلين صفراوين أصابا مبنيين سكنيين في منطقة مركزية من المدينة وأطلقا الكلور»، في هجوم تسبب بمقتل 43 شخصاً وإصابة عشرات آخرين.
وقالت وزارة الخارجية السورية أمس السبت إن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم يتضمن أي أدلة، ونفت الادعاءات الجديدة ضدها. ونفت سوريا باستمرار استخدامها أسلحة كيماوية، لكن تحقيقاً مشتركاً سابقاً للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة وجد أن الحكومة السورية استخدمت غاز الأعصاب (السارين) في هجوم وقع في أبريل 2017 كما استخدمت غاز الكلور مراراً كسلاح، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز».
ومساء الجمعة، وزعت وزارة الخارجية الأميركية بياناً مشتركاً لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي والوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية والخارجية كاثرين كولونا ووزيرة الخارجية الاتحادية الألمانية أنالينا بيربوك، اعتبر فيه الأربعة أن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «يمثّل (...) المثال التاسع لاستخدام أسلحة كيماوية تنسبه آليات الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشكل مستقل إلى نظام الأسد»، في إشارة إلى هجمات أخرى تُلقي بالمسؤولية فيها على قوات الحكومة السورية خلال النزاع الأهلي المستمر منذ عام 2011.وأضاف الوزراء الأربعة في بيانهم: «تدين حكوماتنا بشديد العبارة استخدام نظام الأسد هذه الأسلحة المروعة بشكل متكرر وتظل حازمة في مطالباتها نظام الأسد بالامتثال الفوري لالتزاماته بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. ينبغي أن تعلن سوريا عن برنامج أسلحتها الكيميائية وتدمره بشكل كامل وتسمح بوجود موظفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في البلاد للتحقق من ذلك».ولفت بيان الوزراء الأربعة إلى أن تقرير المنظمة يشير إلى «تلقي فريق التحقيق والتحقق التابع للمنظمة معلومات موثوقة أيدتها مصادر متعددة بأن القوات الروسية كانت موجودة في قاعدة الضمير الجوية مع قوات النمر. وتلقى فريق التحقيق والتحقق أيضاً معلومات تفيد بأن القوات الجوية العربية السورية وقوات الدفاع الجوي الروسية كانت الوحيدة المسيطرة على المجال الجوي فوق دوما عند وقوع الهجوم». ورغم أن بيان الوزراء لم يتهم مباشرة روسيا بالتورط في الهجوم الكيماوي، فإنه دعا «الاتحاد الروسي إلى الكف عن حماية سوريا من المساءلة عن استخدامها أسلحة كيميائية، إذ لا يمكن أن يخفي أي كم من المعلومات المضللة التي ينشرها الكرملين تورط هذا الأخير في تحريض نظام الأسد. وقد ساعدت الشرطة العسكرية الروسية النظام السوري لعرقلة وصول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى موقع الهجوم وحاولت تعقيمه عقب الهجوم الكيماوي بتاريخ 7 أبريل 2018. ونشرت القوات الروسية والسورية أيضاً صوراً انتشرت على الإنترنت في وقت لاحق، في محاولة لدعم رواياتها الملفقة عن هذه الحادثة».
وأعاد البيان الأميركي - البريطاني - الفرنسي - الألماني «التأكيد على التزامنا بمحاسبة جميع مرتكبي هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا وخارجها»، في موقف يعزز الاتجاه إلى عرقلة إمكانية التطبيع بين دمشق والعالم الخارجي.
في غضون ذلك، أُعلن في دمشق أن اللجنة التحضيرية لـ«الحملة الشعبية لرفع الحصار عن سوريا» دعت اتحاد المحامين العرب واتحاد الحقوقيين العرب إلى «دراسة إمكانية الادعاء أمام القضاء الدولي على الإدارة الأميركية بجرائم إبادة وحرب ضد الإنسانية» على خلفية العقوبات الاقتصادية التي تفرضها على النظام السوري. وأعلنت اللجنة أنها ستقوم بإعداد «دراسة علمية وافية وشاملة حول آثار الحصار الغربي على سوريا»، وستكون الدراسة «وثيقة تدين الإدارة الأميركية بارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
و«الحملة الشعبية العربية والدولية لرفع الحصار عن سوريا» انطلقت في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدعوة من رئيس «المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن» معن بشور، وبمشاركة أحزاب ومنظمات وشخصيات عربية تدعم النظام السوري، بهدف الضغط لرفع العقوبات الاقتصادية الدولية عن النظام.
وقالت وسائل إعلام رسمية في دمشق إنه خلال اجتماع جرى عبر الإنترنت، دعت اللجنة اتحاد المحامين العرب واتحاد الحقوقيين العرب إلى دراسة إمكانية الادعاء أمام القضاء الدولي على واشنطن. كما اتفق المشاركون في الاجتماع على المشاركة في الجلسة المخصصة للأوضاع في سوريا، التي يعقدها مجلس حقوق الإنسان في جنيف في 21 فبراير (شباط) المقبل. ودعت اللجنة إلى التركيز على أن أضرار العقوبات لا تشمل سوريا وحدها، بل أيضاً كل الأقطار المجاورة، ولا سيما لبنان الذي يعاني من تداعيات قوانين العقوبات على سوريا، خاصة لجهة الطاقة والمشتقات النفطية.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.