ليبيا: الدبيبة يُبرم اتفاقاً نفطياً مع إيطاليا وسط اعتراضات

اتصالات أميركية بميليشيات «حكومة الوحدة»

الدبيبة خلال لقاء رئيسة وزراء إيطاليا في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء رئيسة وزراء إيطاليا في طرابلس (حكومة الوحدة)
TT

ليبيا: الدبيبة يُبرم اتفاقاً نفطياً مع إيطاليا وسط اعتراضات

الدبيبة خلال لقاء رئيسة وزراء إيطاليا في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء رئيسة وزراء إيطاليا في طرابلس (حكومة الوحدة)

أبرمت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، اتفاقاً جديداً مع إيطاليا، على الرغم من غياب وزيرها للنفط وتصاعد الاعتراضات. وقال الدبيبة عن زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى طرابلس (أمس)، إنها في إطار «صداقة البلدين وحرص إيطاليا على مساندة ليبيا»، مشيراً إلى أنه «تم تتويج الاتفاقية بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزيري الخارجية بدعم ليبيا بخمسة زوارق للبحث والإنقاذ».
وفي أول زيارة لرئيس دولة أو حكومة أوروبية إلى ليبيا منذ زيارة سلفها ماريو دراغي في أبريل (نيسان) عام 2021، أوضح الدبيبة أنه «بحث مع ميلوني عدداً من الملفات المتعلقة بالهجرة والطاقة». وأبرمت ميلوني صفقة غاز كبيرة تهدف إلى تعزيز إمدادات الطاقة إلى أوروبا على الرغم من تدهور الوضع الأمني والفوضى السياسية في ليبيا.
واستقبل الدبيبة، ميلوني والوفد المرافق لها، بمجمع قاعات غابة النصر في العاصمة. وقال بيان لحكومة الدبيبة إنه ترأس بحضور ميلوني، ما سمّاه الاجتماع التقابلي، الذي يضم وزراء من الجانبين الليبي والإيطالي.
واعتبرت ميلوني أن «ليبيا سوق استراتيجية للشركات الإيطالية». وقالت إن «بلادها مدعوة للقيام بدورها». كما اعتبرت أن «التعاون بين البلدين بمجال الطاقة يعزّز الاقتصاد الليبي». ووصفت التوقيع على مذكرة التفاهم بالتطور المهم في العلاقات الاستثمارية، وخطوة أساسية تعزز العلاقة الاستراتيجية بين البلدين.
وبعدما لفتت إلى أن تعاون البلدين في مجال الطاقة قديم ومتجدد. رأت ميلوني أن مساهمة ليبيا بوقف «الهجرة غير المشروعة» يجب أن تكون «فعّالة». وقالت ميلوني: «ليبيا تعرف أنها تستطيع أن تعتمد على إيطاليا فيما يتعلق بالاستقرار السياسي وفي مشروع الذهاب إلى الانتخابات في زمن قصير»، مشيرة إلى أنها «بحثت مع الدبيبة الإسراع في بدء العمل سريعاً بمطار طرابلس العالمي، باعتبار أن وجود نظام أمني مناسبة تعني رجوع الرحلات المباشرة بين البلدين».
وتعد إيطاليا، شريكاً تجارياً مهماً لليبيا، ولا سيما في مجال المحروقات، وتعد مجموعة «إيني» الإيطالية أكبر شريك أجنبي في استخراج الغاز الطبيعي في ليبيا، الذي يؤمن أكثر من ثلث احتياج استهلاك إيطاليا.
في السياق، سارع أعضاء في مجلس النواب إلى انتقاد الاتفاقية، ووصفوها بأنها «غير شرعية وغير قانونية»، كما رفضها محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة الدبيبة، الذي اعتبر أن «أي صفقة تبرمها المؤسسة الوطنية للنفط مع إيطاليا، تفريط في ثروة الدولة الليبية».
وقال عون، الذي تغيّب عن استقبال ميلوني، ولم يشارك في المحادثات التي أجرتها في طرابلس، في مقطع فيديو على موقع الوزارة على «الإنترنت»، إن «مثل هذه الاتفاقات يجب أن تعقدها الوزارة، واتهم رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة بتجاوز صلاحياته». لكن فرحات دافع في المقابل عن الاتفاقية. وقال في مؤتمر صحافي، أمس: «راعينا في اتفاقيتنا مع شركة (إيني) الإيطالية نشاط دول الجوار في مجال الاكتشافات البحرية والمخاطر المحيطة»، لافتاً إلى أن «الاتفاقية تدلّ على عمق العلاقات بين دولتين جارتين في حوض البحر المتوسط».
واعتبر أن «الاتفاقية تعني أكثر من تطوير لحقول غاز تقترب احتياطاتها من 6 تريليونات قدم مكعب من الغاز وقدرة إنتاجية بين 750 و800 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا لمدة 25 عاماً». ووصف كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة «إيني» الإيطالية، الاتفاق بأنه «مهم وتاريخي لإنتاج الطاقة في ليبيا».
إلى ذلك، كشف قائد ميليشيات مسلحة موالية لحكومة الدبيبة النقاب عن «إجرائه اتصالاً نادراً بمسؤولي السفارة الأميركية». وقال معمر الضاوي، آمر ما يسمى «الكتيبة 55 مشاة» التابعة لحكومة الوحدة، إنه «قام بزيارة السفير الأميركي لدى ليبيا ووكيل شؤون السفارة الأميركية في ليبيا بالعاصمة التونسية، وتناول اللقاء ما وصفه بـ(الموضوعات ذات الاهتمام المشترك)». وأوضح بيان للكتيبة أن «السفير الأميركي أشاد بما سمّاه (الجهود المبذولة المختلفة) وأبرزها الجانبان الأمني والاجتماعي داخل مدن وقرى الجفارة من قبل الضاوي».
ويقود الضاوي الكتيبة 55 مشاة في مدينة ورشفانة التي تقع على بعد 30 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة طرابلس، وكانت في السابق تعد من المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الاستقرار الموازية برئاسة فتحي باشاغا. وخلال الشهر الماضي زاره الدبيبة برفقة بعض وزرائه، عقب ادعائه نجاته من محاولة اغتيال لدى زيارته إلى تونس.
وانتقد أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، هذا الاجتماع. واعتبره «(وصمة سياسية) للسفارة الأميركية بالجلوس والتحاور مع أحد أبرز قادة التشكيلات المسلحة الضالعين في ارتكاب (انتهاكات) ضد مواطنين ليبيين ومهاجرين»، مضيفاً: «هذا نعتبره دعماً سياسياً لهذا الخارج عن القانون».
بدوره، أبلغ المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، وسائل إعلام محلية ليبية، مساء أول من أمس، بأهمية «إدارة وتوزيع الموارد النفطية بشفافية و(عدالة)، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العامة في جميع أنحاء البلاد لصالح جميع المواطنين». وقال إن «مذكرة التفاهم بين تركيا وحكومة الدبيبة الموقعة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 أكدنا فيها موقفنا بشأن تجنب الأعمال التي يمكن أن تقوض الاستقرار الإقليمي». وأوضح أن «الاتحاد الأوروبي تربطه مصالح اقتصادية قوية مع ليبيا»، معرباً عن «استعداد الاتحاد الأوروبي للتعاون مع ليبيا، شريطة تهيئة الظروف لفرص طويلة الأجل للتعاون بين الطرفين».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية، وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن، وأوضح أن الفيروسات التنفسية التقليدية هي المنتشرة حالياً، مشيراً إلى أن الإصابة بنزلات البرد في هذا التوقيت، مع دخول فصل الشتاء: «أمر طبيعي يتكرر كل عام».

وقال تاج الدين، خلال مداخلة هاتفية متلفزة، الثلاثاء، إنه لا يوجد أي رصد لمتحورات جديدة من فيروس «كورونا» في مصر خلال الآونة الأخيرة. وهو ما أكد عليه الدكتور محمد حلمي، أستاذ مساعد ورئيس معمل «البايوانفورماتيكس وبيولوجيا النظم» في منظمة «اللقاحات والأمراض المعدية» بجامعة «ساسكاتشيوان» الكندية، بقوله إنه «لا وجود الآن لأي متحورات جديدة من فيروس (كورونا) في العالم»، مرجحاً أن الأعراض المنتشرة الآن «قد تعود لفيروسات الإنفلونزا الموسمية، التي تتسبب في ضعف مناعة الجسم، وقد تسهل الإصابة بأحد فيروسات (كورونا) القديمة الموجودة من حولنا بطبيعة الحال، وهو ما يضاعف من أعراض الإنفلونزا».

وأضاف حلمي موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون ذلك أحد أسباب انتشار أخبار غير حقيقية عن وجود متحور جديد لفيروس (كورونا)»، مشدداً على أنه «وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، فإنه لا وجود لانتشار متحورات جديدة من فيروس (كورونا) الآن».

من جانبه، أوضح الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصادات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، أن آخر الأخبار التي تتعلق بظهور متحورات جديدة من فيروس «كورونا» عالمياً «تعود إلى شهر أغسطس (آب) الماضي، لكن لا وجود الآن لأي متحورات جديدة تدعو للقلق»، واصفاً الأخبار المتداولة حالياً بأنها «أقرب للفرقعة الإعلامية، التي لا تستند إلى أي دليل علمي».

وأشار عنان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المتحورات القديمة الموجودة من فيروس «كورونا» بالفعل «ربما تكون سريعة الانتشار لكنها قليلة الضرر».

وأوصى عنان كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وموظفي الرعاية الصحية، والفئات الأكثر عُرضة للعدوى، باتخاذ الإجراءات الاحترازية العادية، مشيراً إلى أن «بعض البلدان تنصح هذه الفئات بأخذ اللقاحات كل عام، لكنها لا تلزمهم بذلك»، مؤكداً على أن هذه أيضاً هي التوصيات التي تنصح بها منظمة الصحة العالمية.

وأضاف عنان: «نظراً لأن فيروس (كورونا) تنفسي، فإن ارتداء القناع الواقي في الأماكن المزدحمة سيكون وسيلة فعالة للوقاية من العدوى»، ناصحاً بالترطيب المستمر للجسم، والإكثار من تناول السوائل والأطعمة الصحية، والجلوس في الأماكن جيدة التهوية، مما يخفف كثيراً من أعراض ما بعد التعافي في حالة الإصابة بأي من هذه الفيروسات، ولافتاً إلى أن «الفيروسات الموجود حالياً لا تختلف كثيراً عن الإنفلونزا العادية، وإن اختلفت عنها في أن أعراضها قد تستمر لفترة أطول، تتراوح ما بين أسبوع وعشرة أيام».

وكان تاج الدين قد وجّه نصيحة لمن يصاب بنزلات البرد، أو الإنفلونزا أو «كورونا»، بالالتزام بالراحة في المنزل لمدة 3 أيام، وتناول السوائل الدافئة، وفي حال ارتفاع درجة حرارة الجسم يجب على المريض مراجعة الطبيب المختص.