أنقرة ترفض شروط الأسد... وعبداللهيان يرى في «التقارب» مصلحة للمنطقة

تركيا وإيران تدعمان «الحل السياسي والحفاظ على وحدة سوريا»

الرئيس التركي مستقبلاً عبداللهيان بحضور جاويش أوغلو (رويترز)
الرئيس التركي مستقبلاً عبداللهيان بحضور جاويش أوغلو (رويترز)
TT

أنقرة ترفض شروط الأسد... وعبداللهيان يرى في «التقارب» مصلحة للمنطقة

الرئيس التركي مستقبلاً عبداللهيان بحضور جاويش أوغلو (رويترز)
الرئيس التركي مستقبلاً عبداللهيان بحضور جاويش أوغلو (رويترز)

أكدت تركيا وإيران دعمهما للحل السياسي للأزمة السورية، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سوريا، وضرورة العمل على حل كثير من المشكلات في إطار «مسار أستانة».
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عقب مباحثاتهما في أنقرة الثلاثاء، إنهما بحثا الملف السوري بشكل موسع، و«أكدنا دعمنا الحل السياسي والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية».
وأضاف أنه أكد على «احترام ودعم تركيا الوحدة السياسية للأراضي السورية»، مشيراً إلى أنه «منذ 11 عاماً هناك أزمة أدت إلى كثير من المشكلات، وأنه في إطار مسار أستانة، الذي تشكل تركيا وروسيا وإيران الدول الضامنة له، نرى أنه يجب العمل على حل كثير من المشكلات».
وأكد أن التعاون والتنسيق مع إيران «متواصل في إطار مسار أستانة، وأن أنقرة لديها رغبة مشتركة في تفعيل المسار السياسي، وعمل اللجنة الدستورية، وغيرها من الخطوات في سوريا لإرساء الاستقرار».
وتابع جاويش أوغلو أن عملية تطبيع بين مؤسسات الاستخبارات في تركيا وسوريا «قد بدأت»، وشدد على أن بلاده «لن تسمح بقيام دولة إرهابية على حدودها الجنوبية»، وأن أحد الموضوعات المشتركة التي تطرقت إليها المباحثات مع نظيره الإيراني «هي محاربة الإرهاب»، مشيراً إلى أن بلاده «تتخذ خطوات ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا وخارج الحدود، وهناك وجود للعمال الكردستاني في إيران، وفي سوريا من خلال وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات سوريا الديمقراطية (قسد)».
ولفت إلى أن الولايات المتحدة وروسيا «لم تفيا بتعهداتهما بموجب تفاهمات وقّعت عام 2019 لإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الحدود التركية، وبالتالي فإن تركيا من حقها القيام باللازم، ولن نسمح بتشكيل دولة إرهابية على حدودنا».
من جانبه، رحّب وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان بخطوات التقارب بين تركيا وسوريا، قائلاً: «نؤمن بأهمية التقارب بين أنقرة ودمشق... نرحب بتطور العلاقات بين تركيا وسوريا، ونرى أن ذلك سيكون لمصلحة المنطقة».
وكان الملف السوري ومحادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق على رأس القضايا التي تناولتها المحادثات، فيما ردّت تركيا على تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد، التي اشترطا فيها انسحاب تركيا من شمال سوريا، ووقف دعمها للفصائل السورية المعارضة «من أجل التقدم في مسار التطبيع»، وأعلنت أنها «ليست قوة احتلال في سوريا، وأن الخطر الحقيقي هو المنظمات الإرهابية على أراضيها».
وزار عبد اللهيان أنقرة، الثلاثاء، بعد زيارته الأحد لدمشق، بدعوة من نظيره التركي. واستقبله الرئيس رجب طيب إردوغان في مقر «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة، بحضور جاويش أوغلو.
- جدول مزدحم
جاءت زيارة الوزير الإيراني لتركيا، قبل زيارة مرتقبة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قال عنها المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، الأسبوع الماضي، إنه كان مقرراً أن تتم في وقت سابق، لكنها تأجلت بسبب جدول أعمال الرئيس الإيراني، الذي قد يزور سوريا أيضاً، فيما يبدو أنه حراك إيراني يهدف إلى إثبات الحضور في ملف التطبيع بين أنقرة ودمشق، الذي قادت محادثاته روسيا حتى الآن.
وقبل يومين من زيارته لأنقرة، زار عبد اللهيان دمشق، وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري فيصل المقداد: «عندما علمنا باحتمال شنّ القوات التركية هجوماً على الشمال السوري تدخلنا لمنعه... نحن سعداء بأن الجهود الدبلوماسية لإيران أدت إلى أن يحل الحوار محل الحرب». وفي ردّ على تصريحات الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد، التي اشترطا فيها انسحاب القوات التركية من شمال سوريا ووقف الدعم لما وصفاه بـ«الجماعات الإرهابية»، قال المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية»، عمر تشيليك، إن بلاده «ليست قوة احتلال في سوريا». واعتبر في مؤتمر صحافي في أنقرة، ليل الاثنين - الثلاثاء، عقب اجتماع مجلس الوزراء برئاسة إردوغان، أن «التهديد الأول والحقيقي للجانب السوري هو المنظمات الإرهابية، وليس تركيا». وأكد مجدداً أن تركيا «تحترم، منذ البداية، وحدة وسلامة سوريا».
وعن اللقاء المرتقب لوزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا، قال تشيليك إنه «عندما تستكمل التحضيرات اللازمة، سيلتقي وزراء الخارجية لاستئناف المحادثات الدبلوماسية والسياسية».
وأكد ضرورة التمسك بالمسار السياسي، موضحاً أن ما يجب القيام به في سوريا «هو المضي قدماً في مسار العملية السياسية، وإنشاء فعلي لآلية العمل المشترك (بين تركيا وسوريا وروسيا) من أجل محاربة المنظمات الإرهابية التي تهدد وحدة الأراضي السورية».
وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، بدوره، أنه على رغم دعم تركيا العملية السياسية، التي بدأت أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بلقاء وزراء دفاع تركيا وروسيا وسوريا في موسكو، وحضور رؤساء أجهزة مخابرات الدول الثلاث، فإن العملية العسكرية البرية التركية ضد مواقع «قسد» في شمال سوريا «ما زالت خياراً مطروحاً»، وقد تنطلق في أي وقت تتعرض فيه حدود تركيا وأمنها للتهديد.
ولفت كالين إلى أن روسيا والولايات المتحدة لم تفيا بالوعود التي جرى تقديمها لتركيا عام 2019، والتي تضمنت إبعاد عناصر «قسد» مسافة 30 كيلومتراً عن الحدود مقابل تعليق عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شرق الفرات. وأضاف: «نريد الأمن على حدودنا... ولا نستهدف أبداً مصالح الدولة السورية ولا المدنيين السوريين... هدفنا هو مكافحة الإرهاب وتأمين حدودنا وشعبنا».
وقال المتحدث الرئاسي التركي إن وزير الدفاع خلوصي أكار سيلتقي نظيره السوري علي محمود عباس، قبل اجتماع وزراء الخارجية، المتوقع عقده في منتصف فبراير (شباط) المقبل.
ورأى مراقبون أن تصريحات كالين بشأن عقد لقاء جديد لوزراء الدفاع، وتجديد الحديث عن العملية العسكرية، تعكس قراءة تركية لموقف دمشق تشير إلى «نوع من التباطؤ وعدم وجود نية لدى النظام السوري للسير بالوتيرة نفسها، وتلبية المتطلبات المتعلقة بمكافحة الإرهاب (التعاون ضد قسد) وتحقيق شروط مناسبة لعودة طوعية وآمنة للاجئين في وقت قريب».
ميدانياً، استمرت الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة بين قوات النظام من جهة، وفصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا من جهة أخرى، على محور قرية عمية، بريف تادف، شرق حلب، الثلاثاء، وسط تبادل للقصف المدفعي والصاروخي بين الطرفين، وذلك لليوم الثاني على التوالي.
في الوقت ذاته، سيّرت الشرطة العسكرية الروسية والقوات التركية دورية مشتركة في ريف عين العرب (كوباني) الغربي، تعد الدورية رقم 123 منذ اتفاق وقف إطلاق النار في إطار عملية «نبع السلام» العسكرية التركية، في شمال شرقي سوريا، في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والثالثة منذ مطلع العام الجديد.
وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، انطلقت الدورية، المؤلفة من 8 عربات عسكرية روسية وتركية، رفقة مروحيتين روسيتين، من قرية «أشمة»، 20 كيلومتراً غرب عين العرب، وجابت قرى جارقلي فوقاني، قران، ديكمداش، خورخوري، بوبان، جول بك، وصولاً إلى قرية تل شعير 4 كيلومترات غرب المدينة، قبل عودتها إلى نقطة انطلاقها من جديد.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.