«الاستثمارات العامة» السعودي مرشح للصدارة عالمياً

فرصة خليجية كبرى بعد انتكاسة تاريخية للصناديق في 2022

البنك المركزي النرويجي في أوسلو حيث يقع مقر صندوق التقاعد (رويترز)
البنك المركزي النرويجي في أوسلو حيث يقع مقر صندوق التقاعد (رويترز)
TT

«الاستثمارات العامة» السعودي مرشح للصدارة عالمياً

البنك المركزي النرويجي في أوسلو حيث يقع مقر صندوق التقاعد (رويترز)
البنك المركزي النرويجي في أوسلو حيث يقع مقر صندوق التقاعد (رويترز)

أظهرت تقديرات لدراسة سنوية أن الخسائر الثقيلة التي تكبدتها أسواق الأسهم والسندات خلال العام الماضي قادت لخفض القيمة المجمعة لصناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد العامة حول العالم لأول مرة على الإطلاق وبنحو 2.2 تريليون دولار... فيما تبدو الفرصة جيدة للصناديق السيادية الخليجية في احتلال موقع أكثر تقدماً على الخريطة العالمية العام الجاري.
وتضمن تقرير منصة غلوبال إس دبليو إف بشأن أدوات الاستثمار المملوكة للدول، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» توقعات مستقبلية، قائلا إنه «ليس من السهل أبداً التنبؤ بثماني سنوات (حتى 2030) على طريق مثل هذه الصناعة المتغيرة باستمرار، لكننا نتوقع أن تصل الاستثمارات العالمية تحت الإدارة في الصناديق السيادية إلى 37.2 تريليون دولار بحلول عام 2025، و50.5 تريليون دولار بحلول نهاية العقد في 2030. وقد يتصدر صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF الترتيب في عام 2030، مع 2 تريليون دولار من الاستثمارات المدارة».
وحول العام المنقضي، يحلل التقرير أن قيمة الأصول التي تديرها صناديق الثروة السيادية تراجعت إلى 10.6 تريليون دولار مقابل 11.5 تريليون دولار، فيما انخفضت قيمة الأصول الخاصة بصناديق التقاعد العامة إلى 20.8 تريليون دولار مقابل 22.1 تريليون دولار.
وأوضح دييغو لوبيز من غلوبال إس دبليو إف، أن المحرك الرئيسي كان تصحيحات «متزامنة وكبيرة» وصلت لعشرة بالمائة وأكثر في أسواق السندات والأسهم الرئيسية، وهو مزيج لم يحدث منذ 50 عاما.
جاء هذا في وقت أدى فيه الغزو الروسي لأوكرانيا لارتفاع أسعار السلع الأولية ودفع معدلات التضخم التي كانت ترتفع بالفعل لأعلى مستوياتها في 40 عاما. وللتعامل مع هذه التطورات، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) وبنوك مركزية رئيسية أخرى برفع أسعار الفائدة مما أدى لعمليات بيع مكثفة في الأسواق العالمية. وقال لوبيز: «هذه خسائر دفترية ولن يتأثر دور بعض الصناديق بها كمستثمرين على المدى الطويل... لكنها توضح لنا تماما اللحظة التي نقف عندها».
ورغم كل الاضطرابات، قفزت الأموال التي أنفقتها الصناديق للاستحواذ على شركات أو عقارات أو بنية تحتية 12 بالمائة مقارنة بعام 2021، وتوقع التقرير أن تصبح صناديق سيادية بمنطقة الخليج مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (إيه دي كيو) وجهاز قطر للاستثمار، أكثر نشاطا في شراء شركات غربية بعدما تلقت تدفقات مالية ضخمة من عائدات النفط خلال العام الماضي.
واستأثرت الصناديق السيادية في الشرق الأوسط بنحو 26 صفقة بقيمة مليار دولار أو أكثر، وجاء أكبر استثمار من قبل جهاز أبوظبي للاستثمار عندما ضخ 4 مليارات دولار في شركة «ASF IX» التابعة للصندوق الاستثماري «أرديان»، وملياري دولار في استثماراتهما المشتركة.
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، قال صندوق الثروة النرويجي، الذي تصدر عالميا لسنوات طويلة ويدير أصولا تبلغ قيمتها 1.15 تريليون دولار، إنه تكبد خسارة بلغت 449 مليار كرونة نرويجية (43.47 مليار دولار) في الربع الثالث من عام 2022، إذ تضرر من ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والحرب في أوروبا. وكان عائد الصندوق من الاستثمار عند سالب 4.4 في المائة في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، والذي كان أكبر بواقع 0.14 نقطة مئوية من العائد على المؤشر القياسي للصندوق.
يذكر أن صندوق الثروة النرويجي كان قد تكبد أكبر خسارة له على الإطلاق في النصف الأول 2022، بسبب ارتفاع معدلات الفائدة ونسب التضخم منذ اندلاع أزمة أوكرانيا. وخسر الصندوق نحو 14.4 في المائة في الأشهر الستة الأولى من العام الماضي، المنتهية في يونيو (حزيران) 2022، لتبلغ قيمة الخسارة 174 مليار دولار، وهي الأكبر على الإطلاق لفترة 6 أشهر.
ووفقا لأحدث بيانات معهد «إس دبليو إف آي»، الذي يرصد تطور قيمة أصول الصناديق السيادية حول العالم، تتصدر حاليا مؤسسة الاستثمار الصينية الصناديق السيادية عالميا بقيمة 1.35 تريليون دولار، وجاء الصندوق التقاعدي النرويجي ثانيا بقيمة 1.136 تريليون دولار. وعربيا، حاز جهاز أبوظبي للاستثمار الصدارة والمركز الثالث عالميا بقيمة 790 مليار دولار، تلاه الصندوق السيادي لـ«هيئة الاستثمار الكويتية» بقيمة 750 مليار دولار، ثم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 607 مليارات دولار. وجاء جهاز قطر للاستثمار في المركز الرابع عربيا بأصول بلغت 461 مليار دولار، ما مكّنه من اقتناص المركز التاسع عالمياً.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.