مصر: محاولات حكومية لحلحلة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية

تعديلات للاستيراد... وتخارج من الأسواق... ومساعٍ لجذب تحويلات المقيمين بالخارج

بائع معجنات في سوق شعبية يعرض بضاعته خلال الاحتفال بمولد السيدة نفيسة في مصر (رويترز)
بائع معجنات في سوق شعبية يعرض بضاعته خلال الاحتفال بمولد السيدة نفيسة في مصر (رويترز)
TT

مصر: محاولات حكومية لحلحلة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية

بائع معجنات في سوق شعبية يعرض بضاعته خلال الاحتفال بمولد السيدة نفيسة في مصر (رويترز)
بائع معجنات في سوق شعبية يعرض بضاعته خلال الاحتفال بمولد السيدة نفيسة في مصر (رويترز)

كثّفت الحكومة المصرية من محاولاتها لحلحلة أزمة اقتصادية ذات انعكاسات اجتماعية تواجهها مصر منذ شهور، وذلك عبر إجراءات متنوعة تستهدف اجتذاب عملات أجنبية وموارد مالية لدعم الموازنة تضمنت تعديلات لآليات تنظيم الاستيراد، ومحفزات للمصريين الخارج تسمح باستيرادهم سيارات مقابل ودائع مالية بالعملات الأجنبية، فضلاً عن إعلان موافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وثيقة «ملكية الدولة» التي تمهد لتخارج نسبي للمؤسسات المملوكة للدولة من الأسواق لإتاحة «مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي».
وأعلن «البنك المركزي المصري»، الخميس، وقف آلية العمل بـ«الاعتمادات المستندية» لدى تنفيذ العمليات الاستيرادية، والعودة إلى صيغة «مستندات التحصيل» والتي من شأنها «تسهيل عمليات الاستيراد».
وتعهّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمواطنيه، قبل أيام، بـ«تعدي الصعاب»، داعياً إلى «الحفاظ على الدولة»، كما طمأن بشأن توافر «الدولارات لدى الدولة».
وفيما بدا تشجيعاً لمواطنيها بالخارج على استيراد سيارات وإدخالها البلاد، أقرّت الحكومة المصرية تعديلات على «مشروع قرار خاص لأحكام قانون منح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين بالخارج».
وقال بيان حكومي إن التعديلات «استجابة لما جرت إثارته من جانب بعض المصريين المقيمين بالخارج راغبي استيراد السيارات، وسعياً لمنح المزيد من التيسيرات بما يحقق الأهداف المنشودة».
ونصّ تعديل القرار على أنه «يحق للمصري الذي له إقامة قانونية سارية في الخارج، استيراد سيارة ركوب خاصة واحدة لاستعماله الشخصي معفاة من الضرائب والرسوم، التي كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة طبقاً للشروط والأحكام الواردة بالقانون وهذا القرار، وذلك مقابل سداد المبلغ النقدي المستحَق والمحدد وفقاً لفئة السيارة بجداول محددة».
وأوضح السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن الحكومة «ارتأت ضرورة مراعاة ما جرت إثارته من عدد من الإشكاليات التي واجهت بعض المصريين المقيمين بالخارج، حيث تركزت التعديلات في إلغاء الشرط الخاص بإيداع المبلغ المتعيّن سداده قبل التحويل بثلاثة أشهر على الأقل، مع الاكتفاء بتقديم كشف حساب بنكي للحساب المُحوَّل منه المبلغ، كما جرى إلغاء الشرط الخاص بالتصديق لدى وزارة الخارجية على الإقامة وكشف الحساب البنكي، وشهادة بيانات السيارة المقدمين من المصري المقيم في الخارج»، مضيفاً أن «التعديلات نصّت على تحويل المبلغ النقديّ المستحَق وفقاً لفئة السيارة في الجداول المرفقة بالقرار، بما يعكس قيام مصلحة الجمارك بإضافة فئات متدرجة (عالية ـ متوسطة ـ عادية) داخل كل ماركة».
وعلى صعيد السوق الداخلية، دخلت «وثيقة سياسة ملكية الدولة» حيز التنفيذ بعد موافقة الرئيس المصري عليها، وفقاً لما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في إفادة رسمية، الخميس.
وقال مدبولي، خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة المصرية، إن «(وثيقة سياسة ملكية الدولة) تؤكد حرص البلاد على إتاحة مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص في توليد النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص العمل، وزيادة مستويات الاستثمارات والصادرات»، مشيراً إلى أنها «تستهدف رفع معدلات الاستثمار بنسبة تتراوح ما بين 25 و30 %، وزيادة معدل النمو الاقتصادي إلى نحو 9 %، وتنظيم العلاقة مع القطاع الخاص».
وتوقّع مدبولي أن يؤدي تنفيذ الوثيقة إلى «تحقيق وفورات مالية تمكِّن من دعم أوضاع الموازنة العامة، وتحقيق الانضباط المالي، وضمان الاستدامة المالية، وتعزيز قدرة الدولة المالية على دعم شبكات الأمان الاجتماعي، لحماية الفئات الهشة، وزيادة مستويات قدرة صمود الاقتصاد المصري أمام الأزمات».
وتفاعل قطاع كبير من الاقتصاديين المصريين والمسؤولين السابقين مع المحاولات الحكومة لحلحلة الأزمة الاقتصادية، التي رأوا معها «ضرورة تغيير المسار الاقتصادي»، وفق ما رأى نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق زياد بهاء الدين.
وقال بهاء الدين، في مقال نشرته صحيفة «المصري اليوم»، الخميس: «نحتاج لمراجعة أولويات الإنفاق العام، والحد من صرف مواردنا المحدودة فى مشروعات غير مطلوبة بشكل عاجل أو غير واضحة التكلفة ولا العائد، وتوجيه المزيد منها نحو المشروعات القومية التي يستفيد منها الناس بشكل مباشر وتساهم فى رفع مستويات معيشتهم، مثل برنامج (حياة كريمة) الذى يعبر عن التوجه المطلوب».
وأضاف: «نحتاج للتوقف عن الحديث عن تشجيع الاستثمار وتحسين مناخه والإعلان عن تسهيلات وحوافز هامشية وغير مؤثرة، بينما سلوك البيروقراطية طارد للاستثمار، والتدخلات من مختلف الجهات كفيلة بإحباط أكثر المستثمرين تفاؤلاً وحماساً. المطلوب هو توجه داعم من كل جهات الدولة، واقتناع بأن نجاح الاستثمار الخاص هو ما يوفر لنا فرصاً للعمل وحصيلة ضريبية وزيادة فى التصدير وتنمية مستدامة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن أكثر من 73 شخصاً لاقوا حتفهم في مدينة الهلالية ومناطق مجاورة بولاية الجزيرة بسبب تفاقم الوضع الصحي.

وجاء في بيان للجنة، اليوم (الأربعاء): «تواجه مناطق شرق الجزيرة في السودان كارثة إنسانية متفاقمة، نتيجة لهجمات عنيفة ومستمرة تشنها ميليشيا (الدعم السريع)».

وتابعت: «يعاني مستشفى الصباغ الريفي، الذي يعد المحطة الرئيسية لتقديم الرعاية الطبية للنازحين، من تدفق هائل للمرضى يفوق طاقته الاستيعابية، ويعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية».

وأضافت: «يعيش النازحون في مدينة حلفا الجديدة وقراها في أوضاع مأساوية، حيث ينامون في العراء دون مأوى أو أغطية، ويفتقرون إلى مصادر مياه شرب نظيفة».

وطالبت اللجنة المجتمع الإقليمي والدولي «بالتدخل الفوري لوقف هذه المأساة الإنسانية».

وتصاعد العنف في ولاية الجزيرة بشرق السودان في الأسابيع الأخيرة، وقالت الأمم المتحدة إن نحو 135 ألف شخص نزحوا منها إلى ولايات أخرى.

وأدت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد، بالإضافة إلى نزوح الملايين.