أبرز الإنجازات الطبية في 2022

تقنية لقاحات «كورونا» لعلاج السرطان والملاريا... وأدوية وعلاجات جديدة

أبرز الإنجازات الطبية في 2022
TT

أبرز الإنجازات الطبية في 2022

أبرز الإنجازات الطبية في 2022

في نهاية العام نتعرف على أهم الأبحاث والإنجازات الطبية التي حدثت، ومن شأنها أن تسهم في تحسين الصحة العامة على صعيد تقنيات التشخيص وأحدث أساليب العلاج، وهو الأمر الذي يمهّد لشفاء الكثير من الأمراض في المستقبل ويسهم في الوقاية منها ويحمي الملايين من أخطارها.

نجاحات جديدة
• تقنية اللقاحات لعلاج الأمراض. ربما يشهد العالم في المستقبل طفرة جديدة من اللقاحات شديدة الفاعلية. وقد أسهمت التقنية التي تم بها عمل اللقاحات المختلفة ضد جائحة «كورونا» في التوصل إلى جيل جديد منها المسمي «vaccines mRNA» يمكن أن تسهم في الوقاية من أنواع السرطانات والفيروسات والطفيليات المختلفة خصوصاً أنه تم التوصل إليها في وقت قصير وأثبتت فاعلية بالفعل في الوقاية من الجائحة.
- مقاومة السرطان. وهذا الأمر نفسه يمكن تكراره في مقاومة السرطان والأمراض الأخرى المميتة مثل الملاريا، وكذلك الأقل حدة مثل الإنفلونزا الموسمية. والتجارب على فاعلية هذه اللقاحات ضد السرطان تم استخدامها هذا العام على فئران التجارب ونجحت في الحد من انتشار المرض، حيث تعتمد التقنية بشكل أساسي على توصيل اللقاح إلى خلايا الجسم عن طريق الدهون بطريقة تسمح للخلايا بفك شفرة الحمض النووي (RNA) لخلية السرطان وتكوين ما يشبه العلامة المميزة للمرض، أي مولّدات الضد «antigens» ولكن بشكل مخفف جداً لا يسبب ضرراً بالطبع والتي بدورها تقوم بتحفيز الجهاز المناعي للجسم خصوصاً الجهاز الليمفاوي المنوط بمحاربة السرطان. ويحدث تدريب لخلايا هذا الجهاز بحيث تصبح استجابته أقوى.
- لقاح ضد الملاريا. تم إجراء تجارب للقاح واقٍ من المرض على 450 طفلاً في بوركينا فاسو بحيث تناولوا جميعاً 3 جرعات من اللقاح بالإضافة إلى جرعة معززة، وهذه الطريقة كانت فعالة بنسبة تصل إلى 80% في الوقاية من العدوى التي تعد المرض الأخطر في أفريقيا وتقتل سنوياً ما يزيد على 400 ألف شخص لأنه حتى الآن لا يوجد لقاح واقٍ بمثل هذه النسبة.
- لقاح ضد الإنفلونزا. وأيضاً تم التوصل إلى لقاح ما زال في طور التجريب للإنفلونزا يقوم بتحفيز استجابة مناعية وقائية ضد معظم أنواع الإنفلونزا المعروفة في الحيوانات وعلى الرغم من أن اللقاح لن يمنع عدوى الإنفلونزا بالطبع لكنه سيرفع مستوى مقاومة الجسم لها ويحدّ من المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تحدث جراء الإنفلونزا الموسمية خصوصاً أن أنواع فيروسات الإنفلونزا كثيرة جداً ولها سلالات مختلفة واللقاحات الحالية (على الرغم من فاعليتها) فإنها لا تحمي من كل السلالات ولكن اللقاحات الجديدة تحفز الجهاز المناعي لكل السلالات.
• علاج لطفلة في الرحم. في نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام سجل الأطباء في الولايات المتحدة وكندا أول حالة طبية يتم علاجها داخل رحم الأم لطفلة تسمى «أيلا بشير» تعاني من مرض وراثي نادر ومميت يسمي بومبي «Pompe disease» يسبب شلل في عضلات الجسم ويؤدي إلى الوفاة نتيجة لطفرة جينية تُحدث خللاً في إنزيم مسؤول عن الحفاظ على توازن الغليكوجين glycogen في الخلايا ويقوم بتكسيره.
وفي غياب الإنزيم يحدث تراكم للغليكوجين في جميع أنحاء الجسم وأهمها العضلات وتحدث مضاعفات تنتهي بالوفاة. وهذه الطفلة بصحة جيدة وتبلغ من العمر 16 شهراً الآن وقد تناولت «الشرق الأوسط» الموضوع بالتفصيل وقت حدوثه.

ميكروبيوم وغضاريف صناعية
• ميكروبيوم بشري صناعي. تمكّن الباحثون من جامعة «ستانفورد» بالولايات المتحدة من بناء ميكروبيوم بشري صناعي synthetic human microbiome. والميكروبيوم هو مجتمع كامل من الميكروبات المفيدة تعيش في الأمعاء وتختلف بشكل ملحوظ عن الميكروبات الضارة الموجودة على سطح الجلد وتلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الخلايا العصبية وكذلك تعزز من المناعة بشكل عام ضد العدوى وأيضاً ضد الأورام المختلفة.
وقام العلماء بتخليق الميكروبيوم من 100 نوع من البكتيريا التي تم العثور عليها في 20% على الأقل من المتطوعين للدراسة وأيضاً قاموا بإضافة بعض الأنواع الأخرى التي كان قد تم إجراء دراسات عليها في وقت سابق ليصل العدد النهائي إلى 119 نوعاً تم دمجها لتشكيل ما يشبه الشفرة الأولي لتركيب الميكروبيوم.
وقال العلماء إن هذه الشفرة للميكروبيوم الصناعي يمكن تعديلها وتغيير خصائصها عن طريق إضافة أو إزالة بعض الأنواع عبر تقنية معقدة مما يمكن أن يؤدي إلى طرق جديدة لعلاج الأمراض ويمكن إجراء هذه التغييرات باستمرار لمحاربة الأمراض التي تنشأ عن طفرات في أنواع البكتيريا.
• غضاريف صناعية. هناك ما يقرب من 350 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من تيبس الغضاريف (Cartilage degeneration) الذي يؤدي في النهاية إلى تدميرها مما يسبِّب آلاماً كبيرة وعدم راحة في الحركة لفترات طويلة. وفي هذا العام توصل العلماء في جامعة هارفارد إلى آلية لتصنيع خلايا الغضاريف سوف تغيّر شكل الطب التجديدي «regenerative medicine» في المستقبل عن طريق تغيير خصائص الخلية التي سوف تسلك مساراً يتحول إلى غضروف أو عظام لجعلها تتحول إلى غضاريف بتغيير التسلسل الجيني المكون للخلية لإعادة برمجتها لإنتاج نوع معين من الخلايا.
وهذا التكنيك يمكن استخدامه لتغيير أي خلية جسدية أياً كان نوعها لتصبح خلية مكونة للغضاريف بنفس الطريقة التي يتم فيها استخدام خلايا جذعية لتوليد خلايا جذعية جنينية «embryonic stem cell» شبيهة بالخلايا الأصلية ولكن لها قدرات أكبر وعن طريق خلق خلايا جديدة تحل محل الغضاريف يمكن علاج التهاب المفاصل وإنقاذ ملايين المرضي.
• طرف صناعي ذكي. في هذا العام قامت إحدى شركات الأجهزة التعويضية «Esper Bionics» بتطوير ذراع صناعية ذاتية التعلم «self - learning bionic arm» تستخدم الذكاء الصناعي «AI» لجمع المعلومات من سلوك المصاب وتحاول اكتشاف نشاط العضلات بشكل أفضل، ومن ثم تتفاعل مع الأشياء بشكل أقرب إلى الطبيعي وتتحسن بمرور الوقت لأنها تجمع المزيد من المعلومات حول مستخدمها كما أنها خفيفة الوزن على من يرتديها، وفي المستقبل القريب سوف تُستبدل هذه الأجهزة الذكية الأجهزة العادية وتوفر حياة أفضل لهؤلاء الذين فقدوا أطرافهم.

السرطان والأورام
• علاجات مناعية لخلايا السرطان. في هذا العام تم تطوير عدة أدوية لمحاربة السرطانات أدت إلى نتائج تعد معجزة وأسهمت في اختفاء الخلايا السرطانية بشكل كامل وذلك في التجارب التي تم إجراؤها على 18 من مرضى سرطان المستقيم «rectal – cancer» الذين يتلقون العلاج المناعي الجديد.
ويعد اختفاء الخلايا السرطانية بشكل كامل سابقة لم تحدث قبل ذلك ونفس الأمر تكرر مرة أخرى بعد عدة أشهر في القضاء على ثانويات سرطان الثدي وتم التوصل إلى العقار عن طريق تصنيع أجسام مضادة معينة تستهدف الخلايا السرطانية عن طريق بروتين متحور يسمي HER2 وهو مسبب معروف للسرطان.
وقامت الأدوية الجديدة بتدمير الخلايا التي تحتوي على البروتين المتحور فقط بدقة كبيرة جداً مما أسهم في الحفاظ على حياة مرضى في المراحل الأخيرة لفترات أطول وهذه الأبحاث منحت آلاف المرضي أملاً جديداً في مقاومة السرطان من خلال دمج العلاج الجيني والمناعي من دون الحاجة إلى العلاج الكيميائي المعروف بأعراضه الجانبية العنيفة، خصوصاً مع نجاح أقراص معينة تعالج سرطان الرئة «Amgen» في القضاء على الطفرة الجينية المرتبطة بهذا النوع من السرطانات «KRAS» بشكل أفضل من العلاج الكيميائي مما يساعد المرضي على البقاء على قيد الحياة دون أن تزداد أورامهم سوءاً.
• تحليل منزلي للكشف عن الأورام. خلال هذا العام وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA) على تحليل يستطيع التنبؤ بوجود الأورام في مرحلة مبكرة عن طريق رصد الحمض النووي المكوِّن للورم ونظراً لحداثة التقنية تبلغ تكلفة الاختبار الواحد نحو 1000 دولار. وحسب التقارير يستطيع الاختبار الكشف عن 50 نوعاً من السرطانات المختلفة بدقة عالية حتى إن النتائج التي تبدو إيجابية ولكنها فعلياً خاطئة «false – positive» كانت أقل من 1%، مما يشير إلى دقة الاختبار، وفي المستقبل القريب سوف تصبح هذه الأنواع من الاختبارات أرخص وأكثر توفراً ودقة مما يسهم في تشخيص الأورام بشكل مبكر وبالتالي سرعة العلاج.

أدوية وعلاجات
• دواء فعال لإنقاص الوزن. من المؤكد أن السمنة المفرطة من أكثر الأمور التي تمثل هاجساً صحياً لملايين من البشر حول العالم. وفي الولايات المتحدة هناك على وجه التقريب 4 من كل 10 أفراد يعانون من سمنة مفرطة.
وفي الأغلب يلجأ الأطباء إلى العلاج عن طريق اتباع نظم غذائية معينة وممارسة الرياضة باستمرار أو إجراء جراحات لإنقاص الوزن إذا لزم الأمر، ولكن نادراً ما ينصح الأطباء باستخدام أقراص لخفض الوزن لعدم فاعليتها بشكل حقيقي إلى جانب خطورتها الصحية، حيث تعمل على تثبيط مراكز الشهية في المخ وتؤثر على أجهزة الجسم كلها. وفي هذا العام وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA) على دواء يساعد على خفض الوزن عن طريق الحقن، وهو في الأصل دواء لعلاج مرض السكري من النوع الثاني «semaglutide». وكان خفض الوزن نوعاً من أعراضه الجانبية عند بداية استخدامه وهو ما تمت الاستفادة منه لاحقاً.
والعلاج الجديد يماثل الهرمونات الطبيعية الموجودة في الجسم والتي تقوم بتنظيم إفراز الإنسولين ويقلل من سرعة امتصاص الطعام عن طريق إبطاء سرعة إفراغ المعدة، وهناك عدة أدوية تعمل بنفس الآلية يُتوقع أن تنال موافقة (FDA) العام القادم.
• علاج جذري لاكتئاب ما بعد الولادة. مرض اكتئاب ما بعد الولادة «postpartum depression» ليس عرضاً غير شائع كما يعتقد الكثيرون، وفي أقل التقديرات تعد الإصابات الحقيقية ضعف التي يتم تشخيصها بالفعل. وعلى الرغم من أن معظم الأمهات المصابات بالاكتئاب في الأغلب يتعرضن لأعراض بسيطة من اعتلال المزاج ويتماثلن للشفاء بشكل كامل في غضون أيام أو أسابيع فإن بعض النساء يمكن أن تحدث لهن أعراض شديدة الحدة ربما تستلزم دخول المستشفى وفي أحيان نادرة ربما تؤدي إلى الانتحار.
وحتى الآن يقتصر العلاج على الجلسات النفسية والأدوية المضادة للاكتئاب ولكن بعض النساء لا يستجبن لهذه الأدوية. وكانت (FDA) قد وافقت في عام 2019 على علاج مخصص لاكتئاب ما بعد الولادة على وجه التحديد، وهذا العام جري استخدامه بشكل موسع ويتم تناوله على مدار الساعة لمدة 60 ساعة مستخدماً مادة معينة «neurosteroid» للتحكم في الاستجابة العصبية للتوتر. ويعد هذا العلاج فريداً من نوعه لأنه يعالج اكتئاب ما بعد الولادة مع مراعاة دور الهرمونات في حدوثه «hormone – sensitive» إلى جانب أنه يُظهر تحسناً سريعاً في حين أن مضادات الاكتئاب التقليدية تستغرق عادة من 2 إلى 4 أسابيع حتى يكون لها تأثير كبير.
• علاج جديد للكوليسترول الضار. من المعروف أن المستويات المرتفعة من الكوليسترول في الدم خصوصاً الدهون منخفضة الكثافة (LDL - C) لأن صغر حجم هذه الدهون يساعدها في الترسب على جدار الشرايين عبر المرور من الثقوب الموجودة في الجدران وبذلك تسهم بشكل كبير في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والعلاج الحالي لخفض هذه الدهون عن طريق عائلة من الأدوية تسمى الستاتن statin يتم تناولها على شكل أقراص.
وعلى الرغم من فاعلية هذه الأدوية في خفض الكوليسترول فإن أعراضها الجانبية يمكن أن تؤثر على المرضي وأهمها ارتفاع إنزيمات الكبد فضلاً عن الآلام في العضلات واحتمالية ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم على المدى الطويل.
ومنذ بضعة سنوات تمت تجربة دواء لخفض الدهون «inclisiran» عن طريق الحقن مرتين فقط في العام في المرضى الذين يستخدمون الأدوية بالفعل (جزء كبير من فشل العلاج وهو عدم قدرة المرضى على تناول أقراص بشكل يومي لفترات طويلة) وأثبتت التجارب حدوث انخفاض كبير في مستوى الدهون، ونال العلاج موافقة (FDA) في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2021 وتم استخدامه بشكل رسمي هذا العام، ومن المتوقع أن يقوم بتوفير حماية كبيرة من أمراض القلب.
• بخاخة مضادة للأفيون. تبعاً لبيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) يُتوفى كل عام ما يزيد على 80 ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها بسبب جرعة زائدة من المخدرات الطبيعية، ونحو 150 شخصاً يومياً بسبب الأفيونات المخلقة «synthetic opioids» مثل الأقراص المخدرة. وفي الأغلب يُتوفى هؤلاء قبل الوصول إلى المستشفيات.
وكان عقار النالوكسون «naloxone» هو مضاد المخدرات المعروف والفعال المستخدم. وعلى مدى سنوات كانت هناك اختبارات إكلينكية متعددة على مادة «nalmefene» التي تُستخدم كبخاخ للأنف كمضاد للأفيون، وأظهرت التجارب أن لها بداية أسرع في المفعول ومدة تأثير أطول مقارنةً بالنالوكسون، وفي هذا العام تمت الموافقة من «FDA» على العقار.

الصرع والشلل
• تقنية للتنبؤ بنوبات الصرع. من المعروف أن الصرع يتسبب في حدوث نوبات من التشنجات يمكن أن تصيب الجسم كله أو بعض الأجزاء منه وينتج من بؤرة معينة في المخ تسمى بؤرة صرعية «epileptic focus» ويصيب نحو 70 مليون شخص حول العالم. وفي الأغلب تتم السيطرة على النوبات باستخدام العقاقير لكن في الكثير من الأحيان لا تكفي الأدوية وحدها ويحتاج هؤلاء المرضي إلى عملية استئصال جراحي للأنسجة التي تسبب النوبات، ويحتاج الأطباء لمعرفة هذه الأنسجة على وجه التحديد قبل إجراء الجراحة.
والتقنية المستخدمة حالياً تعتمد على حفر ثقوب في الجمجمة لوضع أقطاب كهربائية «electrodes» لتسجيل النشاط الكهربائي في المخ ويمكن أن يستمر ذلك لمدد طويلة تصل إلى أسبوع في المستشفى لانتظار حدوث النوبة وبالتالي معرفة مكان البؤرة.
وخلال هذا العام تم التوصل إلى تقنية جديدة تقوم بتحليل التوصيلات العصبية في المخ وتحديد النوبات التي يمكن أن تحدث والتنبؤ بنتيجتها في حالة الراحة لمدة 10 دقائق فقط دون الحاجة إلى انتظار حدوث النوبات لتسجيلها، وتمت تجربتها، وبلغت نسبة الدقة 92%، وهو ما يوفر المعلومات الكافية عن النوبات وحدّتها وتحديد إذا كان المريض يحتاج إلى جراحة من عدمه.
• أمل كبير لمرضي الشلل. يعد الشلل «Paralysis» من كبرى المشكلات الصحية التي يمكن أن يعاني منها الإنسان ليس فقط لفقدان القدرة على الحركة ولكن على الحالة النفسية للمصابين. ومؤخراً هناك محاولات مستمرة من خلال الشرائح الإلكترونية «implanted electrodes» التي تتم زراعتها وتقوم بتوصيل الإشارات العصبية من المخ وتحويلها إلى أوامر حركية مثل وظيفة الأعصاب في الجسم، وبالتالي تستعيد القدرة الحركية في الطرف الذي يعاني من الشلل.
وفي شهر فبراير (شباط) من العام الحالي تم وضع هذه الشرائح في الحبل الشوكي لثلاثة رجال مصابين بالشلل وتمت استعادة قدرتهم على المشي بعد أيام فقط، مما يعد إنجازاً علمياً هائلاً، ومن المتوقع أن يتم تطوير هذه الشرائح والتوسع في استخدامها في المستقبل القريب.
• علاج لمرض الثعلبة. من المعروف أن مرض الثعلبة «alopecia areata» من الأمراض المناعية التي ينتج عنها فقدان الشعر بالكامل من منطقة معينة في شعر الرأس أو الجسم وأحياناً في عدة مناطق. ويصيب المرض الملايين وفي الولايات المتحدة فقط هناك 7 ملايين مصاب. وبطبيعة الحال يسبب المرض الحرج ويؤثر بالسلب على الحالة النفسية للمريض وبشكل خاص النساء.
وفي الأغلب كان الكورتيزون هو العلاج سواء استخدامه كدهان أو الحقن الموضعي في المنطقة المصابة مع عقار المينوكسيديل «minoxidil» على شكل سائل، الذي يساعد في نمو الشعر. وهذا العام قامت «FDA» بالموافقة على مادة فعالة في علاج الأمراض المناعية (أقراص الباريستينيب baricitinib) التي تُستخدم في علاج التهاب المفاصل. وفي التجارب الإكلينكية نجح العلاج في شفاء الكثير من المرضي وتقريباً ثلث مَن أُجريت عليهم التجارب استعادوا كمية كبيرة من الشعر بالجرعة القصوى. وفي الأغلب يكون العلاج بقرص واحد ويمكن أن تزيد الجرعة إلى قرصين.

وسائل علاجية ووقائية
• عدسات لاصقة تعالج العين. في هذا العام وافقت «FDA» على نوع معين من العدسات اللاصقة لا تقوم بتحسين الرؤية فقط ولكن توفر العلاج للعين أيضاً من خلال احتواء هذه العدسات على مادة الكيتوتايفين «ketotifen» المضادة للهيستامين والتي تساعد في علاج حساسية العين لمدة تصل إلى 12 ساعة، ومن المتوقع أن تساعد هذه التقنية التي طوَّرتها شركة «جونسون» الرائدة في الصناعات الطبية في علاج الكثير من أمراض العين مثل ارتفاع ضغط العين (الغلوكوما glaucoma)، ومرض عتامة العين (الكتاركت cataracts) على المدى القريب.
• قرص ثلاثي للوقاية من أمراض القلب. في هذا العام نجحت الأقراص المعروفة بالمتعددة «Polypill» في الوقاية بشكل فعّال من الأزمات القلبية في المرضي الذين تناولوا هذه الأقراص. وسُمِّيت بهذا الاسم لأنها تحتوي على مادة الأسبرين «aspirin» التي تساعد في الحفاظ على سيولة الدم وتقي من الجلطات ومادة الستاتن «atorvastatin» التي تستخدم في علاج الخلل في الدهون في الجسم، ومادة الراميبريل «ACE inhibitor ramipril» التي تنظم ضغط الدم وتحافظ على صحة القلب وتمت الموافقة عليها من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تنتشر بشكل كبير لفاعليتها ورخص ثمنها.



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».