الإعلام الروسي يغيّب دور «الوسيط» ويركز على «فتح القنوات»

TT

الإعلام الروسي يغيّب دور «الوسيط» ويركز على «فتح القنوات»

كما كان متوقعاً فقد غيب الاهتمام الإعلامي الواسع بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أخبار اللقاء «التاريخي» الذي احتضنه موسكو بين وزراء الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية في روسيا وسوريا وتركيا. برز الخبر بشكل عادي على شريط الأنباء لدى أبرز الوكالات الحكومية، واكتفت الصحف الفيدرالية بنقل مقتطفات من البيانات الرسمية للبلدان الثلاث.
مع ذلك، فإن التغطيات النادرة التي قامت بها بعض وسائل الإعلام ركزت على معادلات الربح والخسارة بالنسبة إلى أنقرة ودمشق. غاب عن الحدث التركيز على الدور الروسي كوسيط أساسي، وحل مكانه الإشارة إلى أن موسكو متمسكة بذات النهج الذي دعت إليه على مر سنوات وهو فتح قنوات مباشرة. في إشارة لافتة كتب موقع إلكتروني أن «قنوات الاتصال الرفيعة التي كانت تديرها موسكو تحولت إلى قناة رسمية علنية واسعة تدشن لاتصالات نشطة مستقبلاً».
أيضاً، اتجه بعض التركيز على توقيت عقد اللقاء، خصوصاً من خلال نقل تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول أن القمة المنتظرة على مستوى الرؤساء لن تنعقد في بداية العام، كما ذكرت بعض الأوساط، بل في وقت لاحق وبعد استكمال ترتيبات على مستوى وزراء الخارجية.
هذا الأمر لم يكن جديداً؛ إذ ذكرت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، أن لقاء وزراء الخارجية ينتظر أن يعقد في مطلع العام، وأن القمة الرئاسية سوف تعقد في حال تم التوافق على النقاط المطروحة قبل منتصف العام، أي قبل موعد انتخابات الرئاسة في تركيا.
قد يكون أكثر ما لفت الأنظار، هو تركيز الإعلام الروسي على أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كسب ورقة مهمة بعد هذا اللقاء، وأنه يستعد حالياً لتغيير استراتيجيته في سوريا.
نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية عن خبراء أنه قبل اجتماع قادة تركيا وروسيا وسوريا، كانت الخطوة الأولى المقترحة عقد مفاوضات بين وزراء الدفاع والشؤون الخارجية، وهذا أمر بات يسير على سكته الموضوعة.
لكن الخبراء الذين تحدثوا مع الوكالة أشاروا إلى أن عقبات كثيرة تعترض طريق التقدم، وأن الملفات المطروحة والتي ينبغي تقريب وجهات النظر بشأنها سوف تخضع لنقاشات تفصيلية.
بين الملفات برز الحضور الأميركي في سوريا الذي يشكل عقبة أمام التقدم وفقاً للسيناريو الذي تريده موسكو.
في هذا الإطار، نقلت الوكالة عن الخبراء أن الحكومة السورية قد تختار قطع كل المجالات لتحسين العلاقة مع الأكراد، عبر اتخاذ موقف مرن حيال استمرار العملية التركية في الشمال، ما يعني أنها أيضاً سوف تضع نفسها في مواجهة الولايات المتحدة مباشرة.
بهذا المعنى، فإن أنقرة قد تحصل على ممر أمني لاستكمال عملية إبعاد الأكراد عن المنطقة الآمنة، وأنها بعد البداية «الإيجابية» للمحادثات يبدو أنها «حصلت على ضوء أخضر مشترك» لمواصلة العمل.
بنفس هذا المعنى، كتبت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» أن إردوغان أعلن أخيراً أن بلاده ستغير استراتيجيتها العسكرية في سوريا، في عام 2023، مع إشارة إلى أن أنقرة سوف تبدأ باستهداف حاسم لمنشآت البنية التحتية والموارد للميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
وفقاً للصحيفة، هذا قد يشير إلى الاستعداد لبدء مرحلة عملية جوية كاملة. وهو أمر كان قد أعلن عنه وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قبل حضوره إلى موسكو مباشرة، عبر الكشف عن مفاوضات مع قيادة روسيا بشأن فتح المجال الجوي فوق سوريا لسلاح الجو التركي.
من جانب آخر، نقلت وسائل إعلام عن رامي الشاعر، الدبلوماسي المقرب من وزارة الخارجية، أن لقاء موسكو «تم التحضير له على مدى ثلاثة أشهر، بتكليف من المستوى الرئاسي في البلدان الثلاثة»، يعني ذلك أن الأطراف وضعت في حساباتها عند ترتيب اللقاء مطالب كل طرف، ومدى قدرة الأطراف الأخرى على التجاوب معها، والتوصل إلى حلول وسط بشأن الملفات الأكثر تعقيداً.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.