ماذا تعني تعديلات قانون «هيئة قناة السويس» في مصر؟

بعد لغط بشأن بيع أصولها... وطمأنة رسمية

سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)
سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)
TT

ماذا تعني تعديلات قانون «هيئة قناة السويس» في مصر؟

سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)
سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)

تصَدَّرَ الجدل بشأن تعديلات أقرها مبدئياً البرلمان المصري على قانون «هيئة قناة السويس» ساحة الجدل العام ومواقع التواصل الاجتماعي. وفيما أثارت شخصيات عامة واقتصاديون تساؤلات وتحذيرات من أن تؤدي تلك التعديلات إلى «بيع أصول الهيئة» ذات الأهمية الاستراتيجية، طمأن مسؤولون رسميون بشأنها وأكدوا أنها تتعلق بـ«إدارة صندوق خاص لأموالها».
وتضَمَّنَ مشروع القانون الذي ناقشه «مجلس النواب» النص على «إنشاء صندوق استثماري تابع للهيئة (قناة السويس) من شأنه مواجهة الأزمات والطوارئ الاقتصادية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس وتطويره».
وأثارت بنود القانون كثيراً من اللغط حول «توجيه عائدات المجرى الملاحي العالمي قناة السويس، وخروجها من الموازنة العامة للدولة، كما تعالت تساؤلات حول بعض البنود التي شملها تقرير لجان البرلمان المعنية، لا سيما تلك التي تطرح بيع أو تأجير بعض الأصول».
بدوره قال النائب الدكتور محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن بيع أصول تحظى بملكية عامة (ادعاءات)، ومشروع القانون الذي نحن بصدده لن يمس حق الدولة والمصريين في أهم مجرى ملاحي في العالم». وشرح: «يجب التفرقة بين هيئة قناة السويس كشخصية اعتبارية منوطة بإدارة القناة، وبين مرفق قناة السويس نفسه والمملوك للدولة (ملكية عامة) وليس للهيئة سالفة الذكر. كذلك، حماية قناة السويس موجبة بحكم المادة 43 من الدستور المصري».
وأشار سليمان إلى أن «مشروع القانون يسمح لهيئة قناة السويس بالاستثمار من خلال إنشاء صندوق لمواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية». مضيفاً: «الصندوق يسمح للهيئة بأن تمتلك فائضاً مالياً يُستغل في أعمال تطوير القناة نفسها»، وحدد موارد الصندوق بـ«رأس مال الصندوق نفسه، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، فضلاً عن فائض عوائد الهيئة، غير أن ذلك يتم تحديده بالاتفاق مع وزير المالية».
ورداً على سؤال بخصوص بيع أو تأجير أصول قناة السويس تحت عباءة الاستثمار، يقول النائب بالبرلمان: «المقصود ببند البيع والتأجير هي أصول الصندوق وليس قناة السويس، وهو أمر مشروع بغرض الاستثمار ومن ثم تحقيق تنمية مستدامة لأهم مجرى ملاحي في العالم».
وعلق الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، على ما تم تداوله حول الهدف من إنشاء الصندوق الاستثماري وإمكانية بيع ممتلكات قناة السويس، ووصفه بأنه حديث «عارٍ عن الصحة»، وقال في مداخلة هاتفية برنامج «على مسؤوليتي»، على فضائية «صدى البلد» المحلية المصرية، إن «الغرض من الصندوق هو مواجهة الأزمات الطارئة على نحو مستدام».
وقال: «الموازنة العامة للدولة منوطة بتحديد موارد الصندوق على أن تُحدد من الفائض الذي تحققه قناة السويس». مشيراً إلى «تحقيق القناة قرابة 15 في المائة زيادة في الحركة الملاحية خلال العام الجاري، بينما وصل إيراد القناة لما يقرب من 8 مليارات بزيادة تقدر بـ25 في المائة عن الماضي 2021 أي بمقدار مليار ونصف المليار دولار».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أشار خلال حديثه في المؤتمر الاقتصادي، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى فكرة «إنشاء صندوق هيئة قناة السويس» موجهاً بأن «يكون رأس ماله نسبة من إيرادات الهيئة قناة السويس والفائض المالي التابع لها».
في المقابل أعلن عدد من نواب البرلمان رفضهم لمشروع القانون في أثناء مناقشته مبدئياً، ومن بينهم النائب عاطف مغاوري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يرفض «دخول (قناة السويس) في نطاق استثمارات الصناديق، ولا أبالغ حين أصف المشروع المقدم بـ(التشوه التشريعي)».
وأضاف: «قناة السويس ليست مرفقاً اقتصادياً عادياً، بل تجسيد لتاريخ مصر لا يجوز المساس به». ويزيد: «إذا كان الدافع هو مواجهة الأزمات الطارئة، على غرار جنوح السفينة (إيفرغرين)، فهناك المنطقة الاقتصادية التابعة لهيئة قناة السويس باستثماراتها، فما الداعي لإنشاء صندوق جديد يخلق أزمة؟».
وكذلك أعلن النائب عبد المنعم إمام رفضه المشروع، ورأى أن «مشاريع صناديق الاستثمار السابقة لم تُثبت جدواها حتى نعيد الكرّة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الموازنة العامة تعاني عجزاً يُقدر بـ560 مليار جنيه مصري، وقناة السويس هي واحد من أهم مصادر دخل النقد الأجنبي، فكيف نقتطع منها ونُعمّق الأزمة؟».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».


مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

مع انطلاق عملية التصويت في جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ولمدة يومين، جددت الهيئة الوطنية للانتخابات دعوتها المواطنين إلى الإقبال على صناديق الاقتراع، وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة في جولات سابقة شهدتها الانتخابات ذاتها.

وخاطب القاضي أحمد بنداري، رئيس غرفة العمليات المركزية بالهيئة الوطنية للانتخابات، الناخبين قائلاً: «لا تفرّطوا في أحد أهم حقوقكم التي كفلها لكم الدستور والقانون، وهو حق التصويت والاقتراع»، مؤكداً أن «الهيئة تقف على مسافة واحدة من جميع المترشحين، ولن تسمح بأي تجاوزات».

وكان بنداري قد دعا، خلال مؤتمر صحافي عقده الاثنين، المواطنين، «شيوخاً وشباباً»، إلى المشاركة بشكل أكبر والتصويت بحرية كاملة.

وتأتي هذه الدعوات في ظل مؤشرات رصدها مراقبون وحقوقيون، استناداً إلى محاضر الفرز في جولات إعادة سابقة، على ضعف الإقبال على التصويت، في وقت لم تعلن فيه الهيئة الوطنية للانتخابات أرقاماً رسمية لنسب المشاركة.

غيَّر أن بنداري سعى إلى التقليل من شأن الحديث عن ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التصويت كان مُرْضِياً في عدد من المحافظات، خصوصاً في المناطق الريفية»، مرجعاً تفاوت الإقبال في جولات الإعادة إلى «قدرة المترشحين على حشد أنصارهم».

مركز اقتراع في كفر الشيخ بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

وأعاد الجدل حول تدني نسب المشاركة إلى الواجهة ما أظهرته أوراق الفرز في نتائج جولات الإعادة في 19 دائرة سبق إلغاء نتائجها، التي كشفت عن تراجع كبير في أعداد المقترعين. ففي دائرة إمبابة بمحافظة الجيزة، حضر نحو 27 ألف ناخب فقط من أصل قرابة نصف مليون مسجل، بنسبة لم تتجاوز 5.1 في المائة.

وفي دوائر أخرى بمحافظة الجيزة أيضاً، شملت 24 دائرة ألغت محكمة القضاء الإداري نتائجها، تراوحت نسب الإقبال في جولات الإعادة التي جرت في وقت سابق من الشهر الحالي بين 1.7 و3.6 في المائة في مناطق مثل الدقي وأكتوبر والواحات والهرم وبولاق الدكرور.

الخروقات وأثرها

ويتوقع عماد جاد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تسجل جولات الإعادة نسب مشاركة أقل، مرجعاً ذلك إلى ما وصفه بـ«فقدان الثقة لدى قطاع من المواطنين في جدوى العملية الانتخابية»، بعد ما شابها من خروقات وإعادة لجولاتها، فضلاً عن علامات الاستفهام المتعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية ونظام القائمة الحزبية.

رئيس غرفة العمليات المركزية بالهيئة الوطنية للانتخابات في مصر (لقطة مثبتة)

ويرصد جاد، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، مفارقة تعكس عزوف الناخبين، مشيراً إلى أن «فوز نائب في دائرة الدقي والعجوزة بمحافظة الجيزة بنحو 7 آلاف صوت فقط من أصل أكثر من 700 ألف ناخب مسجل، يعكس تراجعاً حاداً في المشاركة مقارنة بانتخابات 2011 وانتخابات 2015».

وتُجرى جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب لعام 2025 في الداخل، وتشمل 4494 لجنة فرعية موزعة على 13 محافظة، و55 دائرة انتخابية، للتنافس على 101 مقعد.

وجرى تصويت المصريين في الخارج بهذه الجولة يومي الاثنين والثلاثاء، ومن المقرر أن تُعلن النتائج الرسمية في 25 ديسمبر (كانون الأول).

وفي ظل الحديث المتزايد عن مؤشرات ضعف الإقبال، دعت أحزاب، كانت ضمن الأغلبية البرلمانية السابقة، المواطنين إلى المشاركة، حيث شددت قيادة غرفة العمليات بحزب «حماة الوطن» على كوادرها، الأربعاء، على ضرورة حث المواطنين على التصويت؛ فيما دعا حزب «الجبهة الوطنية» إلى «مشاركة إيجابية وفعالة» في الاستحقاق البرلماني.

ماراثون اقتراعي

ولم تخلُ هذه الجولة من اتهامات بمحاولات استخدام «المال السياسي» للتأثير في إرادة الناخبين، إذ أعلنت الأجهزة الأمنية القبض على 33 شخصاً بتهم تتعلق بمخالفات انتخابية، من بينها الدعاية غير المشروعة، وتجميع البطاقات الشخصية، وتوزيع أموال وكوبونات مواد غذائية لحث الناخبين على التصويت لصالح بعض المرشحين.

مركز اقتراع لانتخابات مجلس النواب المصري بحي المطرية في القاهرة (أ.ش.أ)

من جهته، قال الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية إنه رصد «تكرار أساليب الحشد الجماعي القائم على الدعم الجهوي والعشائري»، متحدثاً عن «حالة استنفار واسعة» في القرى ومقار الاقتراع التي ينتمي إليها مرشحو جولة الإعادة، مع الاعتماد على وسائل نقل جماعي ومنسقين من داخل العائلات، واتخاذ نقاط تجمع بعيدة عن نطاق اللجان لتفادي تدخل قوات التأمين.

وتُعد هذه الانتخابات أطول ماراثون اقتراعي في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، حيث جرى التصويت عبر سبع جولات غير مسبوقة، عقب إلغاء نتائج نحو 30 دائرة بحكم من المحكمة الإدارية العليا، و19 دائرة بقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات بسبب مخالفات، ما أدى إلى تأجيل إعلان النتيجة النهائية من 25 ديسمبر (كانون الأول) إلى 10 يناير (كانون الثاني).

ويرجح جاد أن يكون البرلمان المقبل «قصير العمر» في ضوء احتمالات الطعن على النظام الانتخابي وتوزيع الدوائر أمام المحكمة الدستورية العليا.