ماذا تعني تعديلات قانون «هيئة قناة السويس» في مصر؟

بعد لغط بشأن بيع أصولها... وطمأنة رسمية

سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)
سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)
TT

ماذا تعني تعديلات قانون «هيئة قناة السويس» في مصر؟

سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)
سفينة حاويات عملاقة خلال عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس (رويترز-أرشيفية)

تصَدَّرَ الجدل بشأن تعديلات أقرها مبدئياً البرلمان المصري على قانون «هيئة قناة السويس» ساحة الجدل العام ومواقع التواصل الاجتماعي. وفيما أثارت شخصيات عامة واقتصاديون تساؤلات وتحذيرات من أن تؤدي تلك التعديلات إلى «بيع أصول الهيئة» ذات الأهمية الاستراتيجية، طمأن مسؤولون رسميون بشأنها وأكدوا أنها تتعلق بـ«إدارة صندوق خاص لأموالها».
وتضَمَّنَ مشروع القانون الذي ناقشه «مجلس النواب» النص على «إنشاء صندوق استثماري تابع للهيئة (قناة السويس) من شأنه مواجهة الأزمات والطوارئ الاقتصادية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس وتطويره».
وأثارت بنود القانون كثيراً من اللغط حول «توجيه عائدات المجرى الملاحي العالمي قناة السويس، وخروجها من الموازنة العامة للدولة، كما تعالت تساؤلات حول بعض البنود التي شملها تقرير لجان البرلمان المعنية، لا سيما تلك التي تطرح بيع أو تأجير بعض الأصول».
بدوره قال النائب الدكتور محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن بيع أصول تحظى بملكية عامة (ادعاءات)، ومشروع القانون الذي نحن بصدده لن يمس حق الدولة والمصريين في أهم مجرى ملاحي في العالم». وشرح: «يجب التفرقة بين هيئة قناة السويس كشخصية اعتبارية منوطة بإدارة القناة، وبين مرفق قناة السويس نفسه والمملوك للدولة (ملكية عامة) وليس للهيئة سالفة الذكر. كذلك، حماية قناة السويس موجبة بحكم المادة 43 من الدستور المصري».
وأشار سليمان إلى أن «مشروع القانون يسمح لهيئة قناة السويس بالاستثمار من خلال إنشاء صندوق لمواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية». مضيفاً: «الصندوق يسمح للهيئة بأن تمتلك فائضاً مالياً يُستغل في أعمال تطوير القناة نفسها»، وحدد موارد الصندوق بـ«رأس مال الصندوق نفسه، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، فضلاً عن فائض عوائد الهيئة، غير أن ذلك يتم تحديده بالاتفاق مع وزير المالية».
ورداً على سؤال بخصوص بيع أو تأجير أصول قناة السويس تحت عباءة الاستثمار، يقول النائب بالبرلمان: «المقصود ببند البيع والتأجير هي أصول الصندوق وليس قناة السويس، وهو أمر مشروع بغرض الاستثمار ومن ثم تحقيق تنمية مستدامة لأهم مجرى ملاحي في العالم».
وعلق الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، على ما تم تداوله حول الهدف من إنشاء الصندوق الاستثماري وإمكانية بيع ممتلكات قناة السويس، ووصفه بأنه حديث «عارٍ عن الصحة»، وقال في مداخلة هاتفية برنامج «على مسؤوليتي»، على فضائية «صدى البلد» المحلية المصرية، إن «الغرض من الصندوق هو مواجهة الأزمات الطارئة على نحو مستدام».
وقال: «الموازنة العامة للدولة منوطة بتحديد موارد الصندوق على أن تُحدد من الفائض الذي تحققه قناة السويس». مشيراً إلى «تحقيق القناة قرابة 15 في المائة زيادة في الحركة الملاحية خلال العام الجاري، بينما وصل إيراد القناة لما يقرب من 8 مليارات بزيادة تقدر بـ25 في المائة عن الماضي 2021 أي بمقدار مليار ونصف المليار دولار».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أشار خلال حديثه في المؤتمر الاقتصادي، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى فكرة «إنشاء صندوق هيئة قناة السويس» موجهاً بأن «يكون رأس ماله نسبة من إيرادات الهيئة قناة السويس والفائض المالي التابع لها».
في المقابل أعلن عدد من نواب البرلمان رفضهم لمشروع القانون في أثناء مناقشته مبدئياً، ومن بينهم النائب عاطف مغاوري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يرفض «دخول (قناة السويس) في نطاق استثمارات الصناديق، ولا أبالغ حين أصف المشروع المقدم بـ(التشوه التشريعي)».
وأضاف: «قناة السويس ليست مرفقاً اقتصادياً عادياً، بل تجسيد لتاريخ مصر لا يجوز المساس به». ويزيد: «إذا كان الدافع هو مواجهة الأزمات الطارئة، على غرار جنوح السفينة (إيفرغرين)، فهناك المنطقة الاقتصادية التابعة لهيئة قناة السويس باستثماراتها، فما الداعي لإنشاء صندوق جديد يخلق أزمة؟».
وكذلك أعلن النائب عبد المنعم إمام رفضه المشروع، ورأى أن «مشاريع صناديق الاستثمار السابقة لم تُثبت جدواها حتى نعيد الكرّة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الموازنة العامة تعاني عجزاً يُقدر بـ560 مليار جنيه مصري، وقناة السويس هي واحد من أهم مصادر دخل النقد الأجنبي، فكيف نقتطع منها ونُعمّق الأزمة؟».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.