تاريخ العلاقات السعودية الصينية... وإسهام زيارة الرئيس الصيني في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض
TT

تاريخ العلاقات السعودية الصينية... وإسهام زيارة الرئيس الصيني في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض

شهدت العلاقات السعودية الصينية تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وجاءت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض لتؤكد متانة علاقات تمتد منذ قرابة 8 عقود بين البلدين، وقد اتسمت العلاقات السعودية الصينية بتسارع الوتيرة مع مرور الزمن وتصاعد التحديات في العالم وتطور التقنيات، ليجد البلدان نفسيهما في نهاية المطاف أمام شراكة استراتيجية عميقة لا بد منها في مختلف المجالات.
تعد الصين إحدى أكبر الدول الصناعية المُصدرة للسلع الاستهلاكية، وتعد السعودية مستورداً مهماً لمثل هذه السلع، كما أن الصين تحتاج لكميات استثنائية من النفط الخام، والسعودية تلبي جزءاً كبيراً من هذه الاحتياجات المتنامية، ومن ثم لعبت هذه المعادلة دوراً في جعل العلاقات التجارية بين البلدين منطلقاً أساسياً لما بعدها.

ثلاث قمم في الرياض خلال زيارة الرئيس الصيني

وشهدت زيارة الرئيس الصيني التي استمرت ما بين السابع والتاسع من ديسمبر (كانون الأول) عقد ثلاث قمم (قمة سعودية - صينية)، وأخرى (خليجية - صينية)، وثالثة (عربية - صينية).
ووقّع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الصيني شي جينبينغ على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال استقبال الأخير في قصر اليمامة بالرياض في حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.


وأكد البلدان في بيان ختامي مشترك عقب نهاية القمة السعودية - الصينية على أهمية الشراكة الاستراتيجية وتعميق العلاقات بينهما، كما أشاد البيان بتوقيع «خطة المواءمة» بين «رؤية السعودية 2030»، و«مبادرة الحزام والطريق» الصينية.

إقرأ أهم بنود البيان الختامي المشترك بين السعودية والصين وأهم الاتفاقيات في مجال الأمن والطاقة والتعاون الدفاعي

الرئيس الصيني في صورة تذكارية خلال القمة الخليجية-الصينية

الرئيس الصيني في صورة تذكارية خلال القمة الخليجية-الصينية

القمة الخليجية الصينية وإعلان الرياض

وتوجت زيارة الرئيس الصيني أيضاً بالاتفاق مع قادة الدول الخليجية والعربية على تعميق وتعزيز التعاون الشامل ودفعه نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات، والتباحث مع القادة بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على أهمية تضافر الجهود كافة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم.

وأكد «إعلان الرياض» الذي صدر في ختام أعمال قمة الرياض العربية - الصينية على إعادة التأكيد على التزام جميع الدول الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبادئ الاحترام المتبادل لسيادتها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، واحترام مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. والعمل على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي، وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط، وهي التي تتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أكد الإعلان على التزام الدول العربية الثابت بمبدأ «الصين الواحدة»، ودعمها لجهود بكين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجدداً على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض «استقلال تايوان» بجميع أشكاله، ودعم الموقف الصيني في ملف هونغ كونغ، ودعم جهود الصين لصيانة الأمن القومي وتنمية الديمقراطية واستكمالها في هونغ كونغ في إطار دولة واحدة ونظامين.

إقرأ المزيد عن إعلان الرياض وأهم ما  صدر في البيان الختامي المشترك بين الدول العربية والصين

تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والصين

واستناداً لتاريخ العلاقات السعودية الصينية، فرغم قصر عمر وعدم اكتمال شكل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى وقت قريب، فإن التعاون التجاري لعب دوراً مهماً في تأسيس العلاقات الشعبية بينهما، قبل أن يأتي الدور على الجانبين الاقتصادي والثقافي اللذين سارا باطراد بين البلدين ليتوج ذلك بعلاقات دبلوماسية كاملة بين الرياض وبكين في صيف عام 1990.

أول لقاء رسمي

ووفقاً لمصادر تاريخية صينية، فقد عقد أول لقاء رسمي بين مسؤولين رفيعين من البلدين، في أبريل (نيسان) من عام 1955 خلال مؤتمر دول عدم الانحياز في باندونغ، وجمع ولي العهد السعودي آنذاك – الملك لاحقاً – الأمير فيصل بن عبد العزيز، ورئيس مجلس الدولة الصيني شو إين لاي، بطلبٍ من الأخير، وبحسب مطلعين على تاريخ العلاقات السعودية الصينية فقد أسهم ذلك اللقاء في فتح الباب أمام الصين الجديدة للتفاعل مع دول الشرق الأوسط.

زيارات رفيعة المستوى

ومنذ نهاية التسعينات الميلادية وحتى الوقت الحاضر، تسارعت وتيرة تحسن العلاقات السعودية الصينية ثم تم تطويرها لتشمل جميع الجوانب الحيوية بينهما، كما ازدادت على الصعيد ذاته الزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين، لتتوج برحلة تاريخية للملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى الصين حين كان ولياً للعهد، في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1998.
وفي الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) في العام التالي، قام الرئيس الصيني بزيارة رسمية إلى السعودية التقى خلالها بولي العهد - الملك لاحقاً - الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ونوه بكون السعودية أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، وأشار خلال محاضرة ألقاها في مكتبة الملك عبد العزيز العامة إلى أن «التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية يتمتع بصفة تكاملية قوية وإمكانات كامنة وهائلة ويبشر بمستقبل مشرق».
وكرر الملك عبد الله بن عبد العزيز زيارته إلى الصين، عندما اختار العاصمة بكين لافتتاح جولاته الخارجية كملكٍ على البلاد في 22 يناير (كانون الثاني) عام 2006.
: العاهل  السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الصيني السابق هو جينتاو يلتقيان طلابا صينيين في الرياض عام 2009

العاهل  السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الصيني السابق هو جينتاو يلتقيان طلابا صينيين في الرياض عام 2009

واكتسبت هذه الزيارة علامة فارقة كونها أول زيارة يقوم بها الملك عبد الله خارج الشرق الأوسط إثر توليه العرش في أغسطس (آب) عام 2005، وأول زيارة يقوم بها ملك سعودي إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وخلال الزيارة وقَّع الجانبان عدداً من الاتفاقيات التاريخية كان أبرزها «التعاون في مجال النفط والغاز والمعادن».

حوار سياسي منتظم

وأضافت العلاقات السياسية زخماً مهماً لمسارها في سبتمبر (أيلول) من عام 2004، حين زار وزير الخارجية الصيني لي زاو زنج محافظة جدة غرب السعودية، والتقى بالمسؤولين السعوديين، وخلال الزيارة اتفق الجانبان على بدء حوار سياسي منتظم، وتشكيل لجنة سعودية - صينية مشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.
 الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل الملك سلمان بن عبد العزيز في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين عام 2017

 الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل الملك سلمان بن عبد العزيز في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين عام 2017

الملك سلمان يزور الصين

ويحتفظ التاريخ بمحطات صينية لافتة في حياة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث زار الملك سلمان الصين في 3 مناسبات سابقة بمسؤوليات مختلفة، كان أولها في عام 1999 إبان توليه إمارة العاصمة الرياض، وفي عام 2014 عندما كان ولياً للعهد، والثالثة في مارس (آذار) من عام 2017 حيث استقبله الرئيس الصيني شي جينبينغ في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة الصينية بكين.

استقبال الرئيس الصيني في السعودية

وقام الرئيس الصيني شي جينبينغ، بأكثر من زيارة رسمية إلى السعودية، بدأها في يونيو (حزيران) من عام 2008، حينما كان نائباً للرئيس، وأجرى شي خلال الزيارة مباحثات رسمية مع القيادة السعودية، وأكد على إثرها أن الجانب الصيني يولي اهتماماً بالغاً بالعلاقات السعودية الصينية، وأن بلاده تعتبر السعودية «صديقاً وشريكاً وثيقاً».

من هو الرئيس الصيني شي جينبينغ؟

كما أجرى الرئيس الصيني زيارة رسمية إلى السعودية في يناير من عام 2016، التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، واتفق الزعيمان على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة وتكثيف التعاون في مجالات متنوعة.

للمزيد عن الرئيس الصيني ورؤيته الاقتصادية

النفط السعودي والصين

وفي عام 2020 كشفت بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية، أن شحنات النفط السعودية السنوية إلى الصين بلغت 84.92 مليون طن أو نحو 1.69 مليون برميل يومياً بزيادة 1.9 في المائة سنوياً، ما جعل الصين أكبر مستورد للنفط من السعودية.

للمزيد عن واردات الصين من النفط السعودي

زيارة ولي العهد السعودي إلى الصين

وانتقلت العلاقات السعودية الصينية إلى آفاق أرحب بعد زيارتين تاريخيتين أجراهما ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى العاصمة بكين في عام 2016 وفي عام 2019 وقّع خلالها الجانبان عدداً من اتفاقيات التفاهم والتعاون الاقتصادي في عدد من المجالات، ولفت حينها ولي العهد السعودي إلى أن «مبادرة طريق الحرير وتوجهات الصين الاستراتيجية تتلاقى بشكل كبير جداً مع رؤية السعودية 2030»، مشدداً في الوقت نفسه على تحقيق كل المكاسب ومجابهة كل التحديات التي تواجه البلدين.

بالصور زيارة ولي العهد السعودي إلى الصين عام 2016
 


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«التعاون الإسلامي»: قمة الرياض تحمل قيمة استراتيجية والتزاماً سعودياً

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)
TT

«التعاون الإسلامي»: قمة الرياض تحمل قيمة استراتيجية والتزاماً سعودياً

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)

ينطلق، الأحد، الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية التي تُعقد في الرياض بدعوة من السعودية؛ لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والجمهورية اللبنانية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، وتنسيق المواقف بين الدول الأعضاء.

وأكد حسين إبراهيم طه، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن انعقاد هذه القمة يحمل أهمية كبيرة وقيمة استراتيجية لما تعكسه هذه المبادرة من اهتمام، والتزام ثابت من السعودية (الدولة المستضيفة) وجميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، تجاه مساندة الشعب الفلسطيني.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)

وأفاد الأمين العام بأن اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة المنبثقة من القمة السابقة، نجحت جهودها السياسية في المحافل الدولية في توسيع الاعتراف بدولة فلسطين، والضغط لإصدار قرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة؛ لإدانة العدوان الإسرائيلي الجاري، وضرورة وقفه.

وحذَّر طه من انجرار المنطقة إلى حرب شاملة في ظل المحاولات الإسرائيلية لتوسيع الصراع، واستمرار وتصاعد العدوان العسكري على الأراضي اللبنانية وغيرها.

قمة الرياض تحمل قيمة استراتيجية

شدد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي على أن «انعقاد القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض يحمل أهميةً كبيرةً وقيمةً استراتيجيةً، لما تعكسه هذه المبادرة من اهتمام والتزام ودعم ثابت من السعودية، الدولة المستضيفة لهذه القمة، إلى جانب جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية تجاه مساندة الشعب الفلسطيني، والدفاع عن حقوقه المشروعة».

أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه (الشرق الأوسط)

وأضاف: «كما تؤكد هذه القمة أهمية العمل الإسلامي المشترك، ودوره في تحقيق الوحدة والتضامن وتنسيق المواقف، والتعبير عن الصوت الجماعي للدول الأعضاء وتعزيز جهودها المشتركة في المحافل الدولية؛ قصد استنهاض مسؤولية المجتمع الدولي تجاه وقف العدوان الإسرائيلي الجاري، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومساءلة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك تنفيذ حل الدولتين».

توسيع الاعتراف بدولة فلسطين

قال حسين إبراهيم طه إن اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة المنبثقة من قمة الرياض السابقة، نجحت في توسيع الاعتراف بدولة فلسطين، وإن الجهود مستمرة لحشد الدعم لوقف العدوان الإسرائيلي.

وتابع بقوله: «تقوم المنظمة بجهود سياسية وقانونية وإنسانية وإعلامية في إطار تنفيذ القرار الصادر عن القمة العربية - الإسلامية السابقة بشأن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وقد عقدت المنظمة اجتماعات عدة؛ لتنسيق المواقف واتخاذ إجراءات عملية بهذا الخصوص».

وأضاف: «لقد نجحت الجهود السياسية التي اضطلعت بها اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة في المحافل الدولية، في توسيع الاعتراف بدولة فلسطين، والضغط لإصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة تجاه إدانة العدوان الإسرائيلي الجاري، وضرورة وقفه».

الأمين العام، شدد على أن «التحركات الدبلوماسية ما زالت متواصلةُ لحشد الدعم لوقف العدوان الإسرائيلي، ودعم عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وتنفيذ رؤية حل الدولتين».

ومن الناحية الإنسانية، قدَّمت الدول الأعضاء في المنظمة المساعدات المالية والإنسانية والطبية لقطاع غزة، ودعمت موازنة وكالة «الأونروا»، وحكومة دولة فلسطين، في إطار المساعي الرامية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش القمة العربية - الإسلامية بالرياض 2023 (واس)

مرصد قانوني لجرائم إسرائيل

في إطار جهودها القانونية، أفصح أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أنها متواصلة لدى «محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية؛ للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه، والضغط باتجاه إنهاء العدوان الإسرائيلي الجاري والاحتلال غير الشرعي للأرض الفلسطينية».

وقال: «يعمل المرصد القانوني الذي تأسَّس بتوصية من القمة السابقة على توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي؛ بغية استخدامها مستقبلاً في رفع قضايا جديدة ضده في المحاكم الدولية».

كما تقوم المنظمة، بحسب حسين طه، بجهود إعلامية عبر «توثيق وفضح الانتهاكات الإسرائيلية إعلامياً عن طريق مرصد المنظمة الإعلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، الذي تشرف عليه الأمانة العامة، والذي تأسَّس أيضاً تنفيذاً لقرارات قمة الرياض السابقة». على حد تعبيره.

تنسيق المواقف واتخاذ الإجراءات

وعن الخطوات والإجراءات المتوقع اتخاذها في القمة المرتقبة الاثنين، أوضح طه أن هذه القمة «تأتي في إطار متابعة القمة العربية - الإسلامية السابقة على الساحة الدولية؛ للوقوف على تداعيات العدوان الغاشم، وتنسيق المواقف، واتخاذ ما يلزم من إجراءات؛ قصد استنهاض مسؤولية المجتمع الدولي تجاه وضع حدٍّ لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومساءلة الاحتلال الإسرائيلي وضمان امتثاله للقانون الدولي، وتنفيذ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، بما فيها قرار الجمعية العامة الأخير بشأن فتوى محكمة العدل الدولية».

صورة جماعية للقادة المشاركين في القمة العربية - الإسلامية في الرياض العام الماضي (واس)

محاولات إسرائيلية لتوسيع الصراع

حذَّر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي من خطورة المحاولات الإسرائيلية لتوسيع الصراع إلى حرب شاملة في المنطقة. وقال: «هناك مخاوف من خطورة محاولات إسرائيل توسيع الصراع إلى حرب شاملة في المنطقة؛ نتيجة استمرار وتصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية وغيرها».

وأقاد طه بأن ذلك «يستدعي تحمل المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن الدولي، مسؤولياته، وإنفاذ قراراته المتعلقة بالنزاع العربي - الإسرائيلي، وكذلك رعاية مسار سياسي يؤدي إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية».