البرلمان اللبناني يعقد اليوم آخر جلساته هذا العام لانتخاب رئيس

نائب رئيس المجلس: لمست من بري أن المرحلة المقبلة ستشهد عملاً مختلفاً وجدياً

الرئيس نبيه بري مستقبلاً نائب رئيس المجلس أمس (البرلمان اللبناني)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً نائب رئيس المجلس أمس (البرلمان اللبناني)
TT

البرلمان اللبناني يعقد اليوم آخر جلساته هذا العام لانتخاب رئيس

الرئيس نبيه بري مستقبلاً نائب رئيس المجلس أمس (البرلمان اللبناني)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً نائب رئيس المجلس أمس (البرلمان اللبناني)

يعقد البرلمان اللبناني اليوم جلسته الأخيرة هذا العام لانتخاب رئيس للجمهورية، ويُعتقد أنها ستكون مثل سابقاتها، تمهيداً لمرحلة جديدة في العام المقبل يتنازع فيها سيناريوهان، أولهما إطالة فترة الفراغ في ظل انعدام المبادرات والفشل في التوافق ورفض الحوار، وثانيهما فرض أمر واقع في انتخاب رئيس بالأكثرية العددية المطلوبة، تحت الضغط الدولي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان للخروج من أزماته.
ويعقد البرلمان اليوم الجلسة العاشرة لانتخاب رئيس، بآمال منخفضة بأن تؤدي إلى خرق على مستوى انغلاق الملف الرئاسي، بعد رفض الكتلتين المسيحيتين الأكثر تمثيلاً في المجلس، أي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الحوار حول هذا الملف، وعجز البرلمان عن تأمين أكثرية عددية، حتى الآن، لمرشح واحد، سواء كان النائب ميشال معوض الذي ينتخبه «القوات» و«التقدمي الاشتراكي» وقوى أخرى، أو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الذي يدفع «حزب الله» و«حركة أمل» بشكل أساسي باتجاه انتخابه.
وكان لافتاً تصريح نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري أمس، حين قال إن «ما لمسه من الرئيس بري أن الوضع لن يكون متروكاً إلى ما لا نهاية»، وهو مؤشر جديد يدل على أن المشهد في مرحلة ما بعد العام الجديد سيكون مختلفاً. وقال بوصعب: «الرئيس نبيه بري كان دائماً حاضراً لتلبية الدعوة لعقد طاولة حوار؛ لأننا جميعا نعرف في النهاية أنه من دون حوار لن نستطيع التوصل إلى تفاهم لانتخاب رئيس للجمهورية»، مضيفاً «الواضح أن هناك أفرقاء ليسوا مقتنعين بطريقة جلسة الحوار، فاعتذروا أو أبدوا نيتهم في عدم الحضور إلى طاولة الحوار، والبعض الآخر كان يضع شروطاً حول كيف يجب أن تكون طاولة الحوار وبأي شكل، فهذا الموضوع لا يؤدي لانعقاد الحوار، وعليه أرى أنه لم تعد هناك إمكانية للحوار فيما تبقى من هذا العام، ولا أعتقد أن ذلك وارد».
وكرر بوصعب التأكيد أنه «لا يمكننا الخروج من الأزمة التي نحن فيها إلا من خلال العودة إلى الحوار الجدي بين كل الأفرقاء، ورئيس مجلس النواب طبعاً هو المعني الأول بانتخاب رئيس للجمهورية في مجلس النواب؛ كون المجلس هو الذي ينتخب الرئيس».
وأضاف «ما لمسته من الرئيس بري أن الوضع لن يكون متروكاً إلى ما لا نهاية، ما يعني أن الجهد الذي يجب أن يبذل من أجل انتخاب رئيس للجمهورية له وقت محدد من أجل الوصول إلى تفاهم وتشاور، ولكن بعد هذا الوقت سيكون هناك عمل مختلف وجدي أكثر لانتخاب رئيس الجمهورية ابتداءً من بداية العام المقبل»، لافتاً إلى أن «الخلاف بين الأفرقاء ما زال قائماً».
ورأت مصادر نيابية مواكبة للحراك الأخير في إعلان بوصعب أن الوضع لن يبقى متروكاً إلى ما لا نهاية، وأن «سيناريو تطبيق الأمر الواقع سيكون ممكناً، خلافاً للفترة السابقة بعد تمنع القوى السياسية المسيحية الأكبر عن التوافق والمشاركة في الحوار»، موضحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن فرضية عدم إخلاء قاعة البرلمان بعد انتهاء الدورة الأولى من الاقتراع «يمكن أن تُطبق، بحيث تعقد الجلسة الثانية بأكثرية الثلثين، ثم يقترع النواب لمن يريدون بحيث يفوز من يحوز على النسبة الأكبر من الأصوات». وقالت المصادر إن القوى السياسية «لا تستطيع أن تُبقي الشغور إلى ما لا نهاية، في ظل ضغوط دولية تدفع باتجاه تنفيذ الإصلاحات ووضع لبنان على سكة التعافي».
وقالت المصادر إن المجتمع الدولي «غير معنيّ بالأسماء المطروحة للرئاسة، مع إدراك أن لا تغيير في بنية النظام اللبناني، بل الإصرار على انتخاب الرئيس بأقصى سرعة كمدخل للبدء بتطبيق الإصلاحات وخطة تعاف للبلاد من الأزمات القائمة»، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي «يهتم بتشكيل حكومة سريعة لتطبيق الإصلاحات وفي مقدمتها الإصلاح المالي، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإصلاح القضاء وإنجاز التعيينات فيه، فضلاً عن تعيين الهيئات الناظمة للقطاعات الحيوية، وأن هناك فرصة لكيفية الاستثمار الإيجابي بناء على إنجاز ترسيم الحدود».
غير أن هذا السيناريو لا يوافق عليه النائب في «كتلة التنمية والتحرير» قبلان قبلان الذي قال إن رفض الحوار «سيؤدي إلى إطالة فترة الفراغ في سدة الرئاسة». وقال قبلان لـ«الشرق الأوسط»: «ما دام لا حوار، يعني أنه لا اتفاق على اسم واحد، ما يعني أن الاستحقاق مؤجل في ظل عجز أي فريق عن تأمين أكثرية النصف بزيادة واحد (65 نائباً) للتصويت لرئيس في الدورة الثانية».
وقال قبلان: «في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها البلد ويحتاج إلى توافق على كل المستويات، لا يمكن انتخاب رئيس بأمر واقع أو أكثرية عددية، بل يجب أن يُصنع التوافق خارج قاعة مجلس النواب، ويدخل الجميع إليها لتنفيذ الاتفاق»، لافتاً إلى أن كل رؤساء الجمهوريات في لبنان «انتخبوا بهذا المبدأ». وأضاف «اليوم هناك الكتلتان المسيحيتان الأكبر، وهما معنيتان من جهة تمثيلهما في الشارع المسيحي، ومعنيتان على المستوى الوطني، لم يتفقا على رئيس، ولم يتحاورا عليه، ورفضا الحوار الذي دعا إليه الرئيس بري، وهذا يعني أن لا رغبة عندهما لإخراج مسألة إنهاء الشغور الرئاسي إلى حيز التنفيذ»، متسائلاً: «لماذا أجريا اتفاقيات في الدورة السابقة في 2016 بينما يرفضان ذلك الآن؟».
إلى ذلك، علّق عضو كتلة «الكتائب» النائب إلياس حنكش على عدم عقد جلسة للحوار بناء على طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري، مشيرا إلى أن لا أحد مستعد لأن يتم استبدال جلسات انتخاب الرئيس من خلال جلسات حوارية، مضيفًا «حزب الكتائب لا يرفض الحوار ولكن هناك مقومات يجب أن تكون موجودة لإنجاحه». ورأى حنكش في حديث إذاعي أن استبدال الجلسات من خلال حوار إلى ما لا نهاية «هو تمديد للفراغ وللنزف الحاصل، لذلك يجب أن تكون الدعوة محصورة بالملف الرئاسي، وأن تكون داخل المؤسسات وألا تحل مكان جلسات الانتخاب».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بشار الأسد «اللاجئ» يستعد لحياة مرفهة لا تشمل حضور حفلات الكرملين

الرئيس السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء عام 2010 (أ.ف.ب)
الرئيس السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء عام 2010 (أ.ف.ب)
TT

بشار الأسد «اللاجئ» يستعد لحياة مرفهة لا تشمل حضور حفلات الكرملين

الرئيس السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء عام 2010 (أ.ف.ب)
الرئيس السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء عام 2010 (أ.ف.ب)

«تنحّى طوعاً»، كما تقول رواية روسية. وجّه أوامر قبل مغادرته بـ«نقل سلمي للسلطات»، ثم اتّجه إلى المطار مصطحباً معه عدداً كبيراً من أفراد عائلته، و«جيشاً» صغيراً من الحراس والخدم. ركب الطائرة، وغادر وطنه للمرة الأخيرة كما يبدو، إلى منفاه الأول موسكو.

لا يتحدث الروس كثيراً على المستوى الرسمي -حتى الآن على الأقل- حول الملابسات الدقيقة للحظات بشار الأسد الأخيرة في قصره، لكن الرواية الرسمية، ومعها كل تعليقات وسائل الإعلام المقربة من الكرملين، تصر على فكرة أنه «قدّم استقالته»، وتتجاهل تهمة «الهروب» في جنح الظلام على متن طائرة روسية كانت قد استعدت منذ وقت لحمله إلى خارج البلاد.

أهمية الفارق بين الحالتين، على المستوى القانوني، كبيرة، «استقال» و«سلّم السلطات طوعاً»، فهو إذن لن يكون مسموحاً له بأن يمارس أي نشاط سياسي في المستقبل، ولا أن يستخدم وجوده في روسيا أو في أي ملجأ آخر لشنّ عملية مضادة ضد «الانقلابيين» في بلاده.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد في سوتشي 20 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)

أيضاً، هناك فارق كبير في الصفة المؤقتة التي منحت له، فهو «لاجئ سياسي»، وفقاً لتقييم جهات حقوقية، واستناداً إلى تأكيدات دبلوماسيين تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، لكنه وفق بيان أصدرته الخارجية الروسية، «مُنح حق اللجوء لأسباب إنسانية». هذا الإعلان، كما يبدو، أخذ في الاعتبار أن زوجته أسماء الأسد تخضع لجولات علاج طويل ومعقد في العاصمة الروسية.

هناك فارق مهم هنا؛ لأن موسكو لم تكن على مدى السنوات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي قد منحت لجوءاً سياسياً إلا في حالات نادرة للغاية.

رسمياً، لم يتم بعد تحديد وضع الرئيس السوري المخلوع، لكنه قد يصبح أول صاحب حق باللجوء السياسي في روسيا منذ عام 1992، كما تُشير صحيفة «كوميرسانت». هذه الصفة تعطيه المجال لحياة طويلة في روسيا، رغم حديث بعض المصادر عن أن وجوده «مؤقت».

على مدى السنوات الـ32 الماضية، لم يحصل عليها سوى الرئيس الأول لأذربيجان، أياز مطلبوف، والمواطن الكوري الشمالي كيم ميونغ سيو، الذي كان طالباً في جامعة موسكو.

في معظم الحالات، يُمنح الأجانب الفارون إلى روسيا، حق «اللجوء المؤقت»، كما حدث مع الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، والموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن.

صورة لبشار الأسد تظهر ضمن الهدايا التذكارية الشخصية له في إحدى غرف القصر الرئاسي (رويترز)

للمقارنة، كما أوضح أناتولي كوتشيرينا، محامي سنودن، فإن اللجوء السياسي يُمنح بقرار مباشر من الرئيس الروسي، في حين اللجوء الإنساني المؤقت تقرره خدمة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية، وهو يعطي حقوقاً أقل، ويتطلب التجديد كل عام.

وفي حال منح الأسد اللجوء المؤقت، سيكون بإمكانه الحصول على بوليصة طبية وبطاقة مصرفية، وله الحق في الإقامة والعمل في روسيا وفقاً للقوانين المحلية. ويقوم حاملو هذه الصفة عادة، بإيداع جوازات سفرهم الوطنية لدى دائرة الهجرة، ويحصلون في المقابل على شهادة اللجوء المؤقت.

لكن الرئيس السوري الفار، لن يحتاج إلى كل تلك التعقيدات، إذ يكفي منحه سنداً قانونياً للإقامة فقط، وستكون أمامه حياة طويلة مرفهة وباذخة في مدينة الثلوج. وقد يقرر في الربيع والصيف، أن يقضي عطلات في منزل فاخر تقول تقارير إنه يمتلكه في منتجع سوتشي على البحر الأسود.

أسماء الأسد مع ابنها حافظ بعد مناقشة أطروحته للدكتوراه في جامعة موسكو نهاية نوفمبر (منصة لايف جورنال الإلكترونية الروسية)

ما بات معلوماً حتى الآن، أن الرئيس المخلوع يقيم حاليّاً مع زوجته وأبنائه حافظ وكريم وزين في شقة فاخرة وسط العاصمة الروسية.

ناقش حافظ، البالغ من العمر 21 عاماً، أطروحته للدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية، نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحضرت أسماء الأسد حفل تسليم شهادة ابنها بدعوة خاصة من رئيس الجامعة، فيكتور سادوفنيتشي. ولم تكن العائلة تتوقع أنها قد لا تعود إلى دمشق مطلقاً بعد هذه المناسبة.

وكانت معطيات قد رددتها وسائل إعلام أجنبية في حينها، أن الأسد موجود في موسكو، وقد أقام مع عائلته في فندق فور سيزونز الشهير. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة «خاصة» وليست سياسية.

المهم أنه مع تطور الأحداث ترك عائلته في العاصمة الروسية، وعاد سريعاً إلى دمشق، لكن بعد أيام قليلة غادر بلاده ليلاً، للمرة الأخيرة مع رهط من المرافقين.

موسكو سيتي وهو حي ضخم فيه مساكن فاخرة ومقرات شركات لدى عائلة الأسد ويعتقد أنهم يسكنون هنا

حياة مرفهة تنتظره

لا يحتاج الأسد للإقامة طويلاً في فندق، فهو يمتلك مع بعض أقاربه «رزمة» من الشقق الفارهة في أرقى مناطق موسكو. ووفقاً لتقارير كانت نشرتها في السابق وسائل إعلام غربية وروسية ومنظمة «غلوبال ويتنس» غير الحكومية لمكافحة الفساد، فإن أقارب الأسد من جهة الأم (آل مخلوف)، أصبحوا على مدار 6 سنوات يمتلكون 19 شقة في تجمع موسكو سيتي الفاخر، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 40 مليون دولار.

ووفق معطيات، تعود غالبية الممتلكات لأبناء عمومة الأسد (حافظ وإياد وإيهاب مخلوف، والأخت كندة مخلوف، ورزان عثمان، زوجة ابن عم آخر للرئيس السوري، ورجل الأعمال رامي مخلوف).

صورة لأسماء الأسد في إحدى غرف «قصر الشعب» (رويترز)

وتزعم منصات إعلامية روسية، أن أقارب الأسد لم يشتروا عقارات في موسكو، بل حصلوا عليها بصفتها جزءاً من الربح، مقابل استثمارات ضخمة في بناء برج نيفا للسكن والأعمال.

المعطى الجديد هنا، أن الأسد يُقيم في بعض هذه الشقق، ويسكن في بعضها أيضاً جيش من الخدم والمترجمين والسائقين وحراس الأمن الذين انتقلوا أيضاً إلى روسيا.

لكن الأسد، كما يبدو، لم ينقل معه الخدم والحراس فقط، إذ تحدثت تقارير عن نقل ما يقارب 135 مليار دولار. ويبدو الرقم مبالغاً به بشكل كبير، لكن هذا ما أكدته وسائل إعلام نقلاً عن خالد باي، ضابط المخابرات السابق، الذي يقال إنه كان مقرباً من الأسد. ونشرت هذه التفاصيل صحيفة «غازيتسي» التركية، ونقلتها عنها وسائل إعلام أوكرانية ناطقة بالروسية.

نقل الأموال

ووفق باي، فقد جرى تهريب الأموال على مراحل، لكن ضابط المخابرات لم يكشف عن تفاصيل تتعلق بآليات تحويل هذا المبلغ الكبير.

زي عسكري لجندي في الجيش السوري على سياج خارج سجن صيدنايا بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد 11 ديسمبر (رويترز)

وفي الوقت نفسه، تحدث باي عن صراع وقع بين الجنود الموالين لروسيا والموالين لإيران في جيش الأسد، في الأيام الأخيرة الحاسمة، خصوصاً بعد سقوط مدينة حلب.

ووفقاً له، فقد وقعت المواجهة الأولى بين قائد حلب اللواء محمد الصفادلي واللواء سهيل حسن الموالي لروسيا، وبعد ذلك توقف تبادل المعلومات بين المخابرات العسكرية والجيش. وقال باي: «إن الهزيمة بدأت يوم سقوط حلب».

ومهما كانت درجة صحة معلومات هذا الضابط حول المبالغ المالية التي اصطحبها الأسد إلى منفاه، لكن المعلومات التي تقدرها جهات غربية بينها وزارة الخارجية الأميركية تشير إلى أن صافي ثروة عائلة الأسد يتراوح بين مليار إلى ملياري دولار، ولكن من الصعب حسابها بشكل أكثر دقة، لأن الأصول «موزعة ومخفية في عدد من الحسابات والمحافظ العقارية والشركات الخارجية».

شيخوخة مريحة

الأكيد حالياً، أن موسكو لن تسلم الرئيس السوري السابق بشار الأسد لأي طرف، حتى لو طالبت محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق معه، وكما قال الباحث الروسي يوري ليامين: «هناك شيخوخة مشرفة تنتظره في روسيا». مشيراً إلى أن الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش والموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن «يعيشان في روسيا منذ سنوات كثيرة، برخاء، ولم تتواصل معهما أي سلطات قضائية أجنبية».

الهدايا التذكارية الشخصية للرئيس الأسد في إحدى غرف «قصر الشعب» (رويترز)

ويضيف المستشرق كيريل سيمينوف، أن وضع الأسد لم يتغير منذ سنوات، فهو عملياً كان ملاحقاً لجهات جنائية دولية، لكنه تحرّك بحرية في بلدان عدة. ووجوده في روسيا لن يُشكل عنصراً ضاغطاً عليه، باستثناء أن عليه أن ينسى أي أفكار تتعلق بالثأر، أو محاولة تأسيس حكومة في المنفى تحارب الانقلابيين، فهذا لن يحدث مطلقاً.

وأضاف: «لذلك سيحظى الأسد بحياة هادئة ومريحة في روسيا. علاوة على ذلك، وعلى حد علمنا، فهو ملياردير بالدولار، ولا يستطيع إلى حد ما أن يفعل معه أي شيء على الإطلاق». مع الإقرار بأن الأسد بطبيعة الحال «لن يظهر كثيراً في وسائل الإعلام، ولن يشارك في أي أنشطة عامة».

في هذا الصدد، وافق معلقون روس على ما نشر في وسائل إعلام غربية: «لن تكون هناك دعوات لوجبات عشاء فاخرة في الكرملين، لكن بشار الأسد ربما لن يفتقد للرفاهية، وسوف يواصل احتساء الشمبانيا وتناول الكافيار في حياته الفارهة الجديدة في المنفى».