بريطانيا تتجمد... والطاقة تشتعل

الاقتصاد يسجل نمواً طفيفاً ومخاوف الشركات مستمرة

بريطانيون يسيرون على الجليد قرب جسر لندن في العاصمة البريطانية (رويترز)
بريطانيون يسيرون على الجليد قرب جسر لندن في العاصمة البريطانية (رويترز)
TT

بريطانيا تتجمد... والطاقة تشتعل

بريطانيون يسيرون على الجليد قرب جسر لندن في العاصمة البريطانية (رويترز)
بريطانيون يسيرون على الجليد قرب جسر لندن في العاصمة البريطانية (رويترز)

سجل الاقتصاد البريطاني نمواً، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع استعادة قطاع الأعمال عافيته التي فقدها عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، إلا أن أسعار الطاقة قفزت إلى مستويات قياسية، حيث تتجه درجات الحرارة القريبة من التجمد إلى التسبب في قفزة بالطلب، فى الوقت الذى تسبَّب فيه تراجع في توليد طاقة الرياح فى أزمة بالإمدادات.
ووفقاً لوكالة «بلومبيرغ»، جرت تسوية سعر يوم الاثنين عند مستوى قياسي بلغ 674.78 جنيه إسترليني لكل ميغاوات في الساعة في بورصة الكهرباء الأوروبية للبيع الفورى. وأصدر مكتب الأرصاد الجوية البريطاني تحذيرات صفراء اللون بشأن الثلوج والجليد في جميع أنحاء البلاد حتى الخميس المقبل. وتتراجع درجات الحرارة حالياً إلى ما دون الصفر في لندن، مما يعزز الطلب على التدفئة.
وكان من المتوقع أن يصل استهلاك الكهرباء إلى ذروته عند 46695 ميغاوات عند الساعة الخامسة مساء يوم الاثنين، مرتفعاً من ذروة بلغت 42930 ميغاوات يوم الأحد، وفقاً لما أظهرته بيانات شركة الشبكة الوطنية البريطانية؛ أحد أكبر المرافق العامة المدرجة في العالم التي تركز على نقل وتوزيع الكهرباء والغاز.
وفي غضون ذلك، قال اتحاد تجاري، يوم الاثنين، إن شركات التصنيع البريطانية تتوقع انخفاض الإنتاج بنسبة 3.2 %، العام المقبل، بعد انخفاض بنسبة 4.4 % في عام 2022 مع تضررها من ارتفاع أسعار المواد الخام وتكاليف الاقتراض وتراجع طلب المستهلكين.
وقال ستيفن بيبسون، الرئيس التنفيذي لاتحاد «ميك يو كيه»: «ليس هناك ببساطة تجميل لتوقعات العام المقبل، وربما بعده. هذه أوقات مليئة بالتحديات التي تختبر حتى أفضل الشركات وأكثرها نجاحاً إلى أقصى حد».
ورحب «ميك يو كيه» بالدعم الذي قدمته الحكومة في الآونة الأخيرة، والذي يتضمن 18 مليار جنيه إسترليني (22 مليار دولار) من دعم فاتورة الطاقة للشركات ككل، لكنه نبه إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى المزيد قريباً. وسيتوقف دعم الطاقة في نهاية مارس (آذار) المقبل. وقال الاتحاد إنه يريد تخفيفاً مؤقتاً في قيود الهجرة وخفض الضرائب على الممتلكات وحوافز ضريبية أكبر للتدريب والاستثمار.
ويقول «ميك يو كيه» إنه يمثل 20 ألف شركة تتراوح في الحجم من شركات ناشئة إلى شركات متعددة الجنسيات، ويتوقع انكماش الاقتصاد الأوسع 0.9 %، العام المقبل، وهو أقل من الانخفاض الذي يبلغ 1.4 %، والذي توقّعه مكتب مسؤولية الميزانية الحكومي، الشهر الماضي.
التوقعات السلبية تأتي رغم أن الاقتصاد البريطاني سجل نمواً، خلال أكتوبر الماضي، مع استعادة قطاع الأعمال عافيته التي فقدها عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية. وذكرت وكالة «بلومبيرغ» أن إجمالي الناتج المحلي لبريطانيا ارتفع بنسبة 0.5 %، خلال أكتوبر، مقارنة بالشهر السابق عليه الذي شهد فترة عطلة رسمية إضافية بمناسبة جنازة الملكة وفترة الحداد الوطني. وكان المحللون يتوقعون نمو الاقتصاد خلال أكتوبر بنسبة 0.4 % فقط.
وأشارت «بلومبيرغ» إلى أن معدل النمو خلال أكتوبر ما زال أقل كثيراً من المطلوب لتعافي الاقتصاد الذي يعاني من أسوأ أزمة لنفقات المعيشة في بريطانيا واحتمالات دخوله فترة ركود طويلة. في الوقت نفسه من المنتظر أن تؤدي التوقعات القاتمة للاقتصاد البريطاني إلى انقسام كبير بين أعضاء لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا المركزي بشأن حجم الزيادة المطلوبة في أسعار الفائدة لكبح التضخم، الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ 41 عاماً. ويتوقع المستثمرون زيادة الفائدة البريطانية، خلال الاجتماع المقبل، بمقدار نصف نقطة مئوية.
وفي إطار الإضرابات المتنامية بسبب التضخم وتراجع الدخل، تُنفّذ الممرّضات، الخميس، إضراباً غير مسبوق في المملكة المتحدة للحصول على زيادات في الأجور، في خطوة يعتبرن أنها «الملاذ الأخير»، بعد أن بِتن بحاجة إلى دعم مادي، على الرغم من أنهن كُنّ في الخطوط الأولى بمواجهة «كوفيد-19».
وللمرّة الأولى منذ تأسيس النقابة قبل أكثر من قرن، يشارك ما يصل إلى 100 ألف عضو في الكلّية الملكيّة للتمريض (آر سي إن) في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشماليّة في هذا التحركـ بعد رفض المقترحات الحكومية الأخيرة. وسيبقى عدد من الخدمات الطبّية بمنأى عن هذا التحرك، مثل أقسام العلاج الكيميائي وغسل الكلى والعناية المركّزة.
وقال ممرّض الطوارئ في لندن مارك بوثرويد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عبء العمل مروّع. الممرّضون منهَكون ولا يمكنهم توفير خدمة آمنة للمرضى. المرضى معرّضون للخطر كل يوم».
ووفقاً لهذا العضو في الكلّية الملكيّة للتمريض؛ وهي منظّمة مهنيّة أنشئت قبل 106 أعوام، فإن التحرك الذي سيكون على مدى يومين يهدف إلى «استعادة جودة الرعاية المقدّمة إلى المرضى».
وفي المملكة المتحدة التي تشهد أزمة غلاء معيشة، تقول النقابات إن أعضاءها يُفوّتون وجبات طعام ويكافحون من أجل إطعام أسرهم وإكسائها. وجرى التصويت في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) لصالح هذا الإضراب غير المسبوق. وأُعلِن عن يومين من التحرّك، في 15 و20 ديسمبر (كانون الأول) بعد «رفض الحكومة التفاوض».
واستناداً إلى تقديرات، انخفض الراتب الحقيقي للممرّضات بنسبة 20 % منذ عام 2010، ولا سيّما بسبب الأزمة الحالية لكلفة المعيشة، إذ تجاوز معدّل التضخم 11 %. ويبلغ الراتب السنوي لممرّضة مبتدئة 27 ألف جنيه إسترليني (31400 يورو).
لكن بالنسبة إلى وزير الصحّة ستيف باركلي، فإن «هذا وقت عصيب للجميع»، والحكومة لا تستطيع أن تلبِّي مطالب «لا يمكن تحمّلها» قدّمتها الكلّية الملكيّة للتمريض، و«تُمثّل زيادةً في الرواتب بنسبة 19.2 %».
وقالت الأمينة العامّة للكلّية الملكيّة للتمريض بات كولين، الأحد، إنها مستعدّة لإنهاء الإضراب إذا وافق وزير الصحة على إجراء «محادثات». وردّ باركلي بأنه منفتح على مناقشات حول قضايا أوسع، لكن ليس حول الرواتب.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

«بنك التنمية الجديد» لتعزيز الجهود في دول «البريكس»

شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
TT

«بنك التنمية الجديد» لتعزيز الجهود في دول «البريكس»

شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)

أقر «بنك التنمية الجديد» آلية جديدة لتعزيز جهود التنمية في دول «البريكس»، خلال اجتماع عقدته الدول الأعضاء، السبت، في كيب تاون بجنوب أفريقيا.

وأنشأت الدول المؤسسة لمجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) «بنك التنمية الجديد». وضمّت مجموعة «بريكس» السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا إلى عضويتها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024.

ولم يتم الكشف عن بنود الآلية الجديدة، لكن من المقرر أن تظهر ملامحها خلال فعاليات الاجتماع الحالي.

وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، محافظ مصر لدى «بنك التنمية الجديد»، رانيا المشاط، أهمية سد الفجوات التمويلية التي تواجه جهود تحقيق التنمية، من خلال التمويل المختلط الذي يجمع بين الاستثمارات الحكومية، والتمويلات الأخرى المتاحة من مختلف الأطراف ذات الصلة.

وأوضحت المشاط، في الجلسة النقاشية لمحافظي «بنك التنمية الجديد»، حول «فتح آفاق التمويل من أجل التنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والدول النامية»، أنه «في ظل انخفاض نسب التمويل المختلط، فإن التكامل بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، والحكومات، يُعد أمراً بالغ الأهمية للدفع قدماً بجهود التنمية».

وأضافت المشاط، أن الحكومات يجب أن تكون واضحة بشأن أولوياتها، وأيضًا على مستوى حجم الاستثمارات الحكومية التي ستتيحها، وتعظيم مبدأ ملكية الدولة، من أجل تحديد الاحتياجات الفعلية من بنوك التنمية متعددة الأطراف، وتشجيع الاستثمارات الخاصة، مؤكدة أن توضيح الأولويات في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول المختلفة يعزّز من فاعلية التعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف، ويحفّز جذب استثمارات القطاع الخاص.

جاء ذلك، وفق بيان صحافي، خلال مشاركة الوزيرة في الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي البنك، المنعقد تحت عنوان «الاستثمار في مستقبل مستدام» خلال المدة من 28 - 31 أغسطس (آب) 2024 بمدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا.

وألقى الكلمة الافتتاحية للجلسة رئيسة «بنك التنمية الجديد» ديلما روسيف، ورئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية جين لي تشون، ورئيسة منظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا، ومحافظو دول البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، وبنغلاديش، والإمارات العربية المتحدة، لدى البنك.

وفي كلمتها أوضحت المشاط، أن «تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وإفساح المجال للقطاع الخاص يُعدّ أحد المحاور الأساسية لتشجيع الاستثمارات، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن تتحمّل الدولة تكلفة، وتتيح جزءاً من موازنتها الاستثمارية لتنفيذ المشروعات ذات الأولوية».

وفي سياق متصل، شددت الوزيرة على أن «التعاون بين دول الجنوب العالمي وزيادة جهود تبادل الخبرات والممارسات التنموية، يُعدان عنصرين حاسمين للاستفادة من التجارب الناجحة التي تساعد الدول النامية على تجاوز تحدياتها».

ثم انتقلت إلى الحديث حول الترابط الكبير بين جهود التنمية والعمل المناخي، وأنه «لا يمكن تجاهل هذا الترابط في أثناء السعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ولذلك فقد أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج (نُوَفّي)، التي تتضمّن مشروعات ذات أولوية في مجالي التخفيف والتكيف بقطاعات المياه والغذاء والطاقة».

وأشارت الوزيرة إلى «أهمية التكامل بين التمويل الحكومي وما تقدمه بنوك التنمية متعددة الأطراف أو الشراكات الثنائية، بهدف خفض التكاليف إلى أدنى حد ممكن»، موضحة أن «أحد التحديات الكبرى التي نواجهها هو أن التمويل المطلوب للتنمية والعمل المناخي سيستمر في الزيادة مع مرور السنوات، وعلى الرغم من أن التمويلات التنموية تؤدي دوراً حيوياً في تلك القضية، فإنها لا تستطيع سد الفجوة المتنامية باستمرار، لذا يتعيّن على الدول النامية والناشئة اتخاذ نهج متعدد الأوجه لحشد التمويل للتنمية المستدامة».