أفرقاء ليبيا يبحثون عن ضالتهم خارجياً لكسر «العناد السياسي»

صالح يمهد من القاهرة لإعادة الحوار... والدبيبة يلجأ لتونس

جانب من لقاءات الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة خلال زيارته تونس (الحكومة)
جانب من لقاءات الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة خلال زيارته تونس (الحكومة)
TT

أفرقاء ليبيا يبحثون عن ضالتهم خارجياً لكسر «العناد السياسي»

جانب من لقاءات الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة خلال زيارته تونس (الحكومة)
جانب من لقاءات الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة خلال زيارته تونس (الحكومة)

يسود تخوف لدى قطاع واسع من مؤيدي حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مما قد ينتج عن المحادثات المرتقبة في القاهرة لرئيسي مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، و(الأعلى للدولة) خالد المشري.
ويأتي هذه التخوف، وسط ما يسعى إليه أفرقاء السياسة في البلاد، ممثلين في صالح والمشري من جهة، والدبيبة من جهة ثانية، للبحث عن حل خارجي يهدف إلى كسر «العناد السياسي»، المسيطر على البلاد، بالنظر إلى تمسّك كل جبهة بما تراه ملائماً.
ووسط تباين ليبي وحساسية بعض أطراف الداخل من اللجوء للخارج، تعاني الأزمة الليبية حالة من الجمود السياسي، منذ رحيل سيتفاني ويليامز، المستشارة السياسية للأمين العام للأمم المتحدة السابقة في ليبيا، عن منصبها، بينما لا تزال الخلافات حول «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الانتخابات قائمة دون التوصل إلى توافق بين مجلسي النواب والأعلى لـ«الدولة» بشأن كثير من النقاط الخلافية.
غير أن صالح، الذي عاد إلى القاهرة للبحث عن حل لتعقُّد أزمة بلاده، أعلن في مؤتمر صحافي عقده بجامعة الدول العربية، منتصف الأسبوع، أنه سيطلب عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لدى ليبيا بدعوة لجنة «القاعدة الدستورية» لاستكمال مهامها المُعطلة، كما أكد أنه «سيجري التوافق خلال الأيام القليلة المقبلة على المناصب السيادية مع مجلس الدولة».
ويرى سياسيون ليبيون، أن باتيلي، «إن لم ينجح في خلق حالة من التوافق بين مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، وكسر الجمود السياسي، فإن مصيره لن يختلف عن سابقيه من المبعوثين الأمميين»، مشيرين إلى أن «الأزمة الليبية ستظل معلقة، وفق ما يتحقق لهذين المجلسين من مصالح ونفوذ سياسي».

لقاء سابق لخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بالمغرب (مجلس الدولة)

تحركات صالح والمشري، التي تباركها البعثة الأممية، من جهة أنها تسهم في عودة لجنة «المسار الدستوري» للتباحث مجدداً، غمز إليها الدبيبة، تلميحاً وليس تصريحاً، بقوله «الحوار هو البديل عن الصفقات المشبوهة التي تتم في الكواليس».
ولم تتوقف اتهامات الدبيبة، المبطّنة، عند ذلك، بل إنه، قبل أن يذهب إلى تونس، في زيارة حملت كثيراً من الدلالات، وشهدت توقيع اتفاقيات قال إن «الطبقة السياسية الحالية تسعى وراء التمديد لنفسها وتعطيل المسار الانتخابي والسياسي في ليبيا».
وبدت الصورة منقسمة بين أنصار الجبهتين، إذ يرى مؤيدون للدبيبة أن «معسكر عقيلة والمشري وحفتر يسارعون في تشكيل حكومة ثالثة جديدة، في ظل مفاوضات سرّية في سرت لتقاسم (المناصب السيادية)»، على الجانب الآخر ذهب مناوئون للدبيبة، إلى أن الأخير اتجه إلى تونس، «لكسر عزلته، بعدما سبق أن اعتذرت رئيس الحكومة التونسية نجلاء بودن، عن زيارة كانت مقررة إلى ليبيا منتصف الشهر الماضي».
ورأى المحلل السياسي إدريس إحميد، لـ«الشرق الأوسط» أن «الجزء الأكبر من حل الأزمة الليبية يتمثل في الداخل، لذا يجب التركيز على ملفات من بينها العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية، ومن ثم عودة الثقة بين الأطراف المختلفة».
وعبّر إحميد عن اعتقاده بأن «البحث عن حل غير ليبي يعكس تبعية هذه الأطراف للخارج، مشدداً على ضرورة أن يكون حل الأزمة ليبياً»، منوهاً إلى أن «عودة الثقة تسهم في قبول الاستفتاء على الدستور، وإجراء الانتخابات، ثم القبول بنتائجها».
من جهته، قال النائب الأول لرئيس مجلس الدولة ناجي مختار، إن المشاورات الجارية مع مجلس النواب «يمكن أن تكون الأكثر إيجابية من حيث النتائج»، لافتاً إلى أن «التوافق حول تشكيل حكومة جديدة يمكن أن يكون قريباً، حال تحديد آلية الحوار بين مجلسي النواب و(الدولة) بالتنسيق مع البعثة الأممية».
رؤية مختار التي نقلها موقع «ليبيا 24» تمثلت في أن «الخلافات الحالية بين مجلس الدولة وحكومة الدبيبة، لا تعني تغير المواقف، فالمجلس لم يكن يدعم حكومة الدبيبة، لكن الانقسام كان حول حكومة فتحي باشاغا، وهو ما استفاد منه الدبيبة قبل التقارب والتشاور الحالي بين المجلسين».
ومضى مختار يقول إنه وفقاً للاتفاق السياسي، فإن «جميع الاتفاقيات التي وقّعتها حكومة الدبيبة تفتقر للشرعية لأن مجلس النواب لم يصادق عليها»، لافتاً إلى أن «القاعدة الدستورية هي الأقرب للتوافق بين الأطراف الليبية، من أجل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، في حين أن طرح الدستور للاستفتاء يظل بعيداً».
وفي مواجهة الدعوات الرافضة لتحاور المجلسين قريباً، قال مختار إن «المناخ في الوقت الراهن يؤشر لنتائج إيجابية، خصوصاً أن الحوار (ليبي–ليبي) مع وجود فرصة كبيرة للتوصل إلى توافق من الجانبين». وخلص إلى أن «البعد الدولي والإقليمي يؤثر في الأزمة الليبية، والإرادة الدولية في ليبيا باتت من المسلّمات، وهو ما يجعل التواصل مع الأطراف الدولية أحد العوامل المهمة من أجل الاستقرار».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.