مسؤول ليبي يحذر من إثارة قضية «لوكيربي»

قال إن إعادة فتحها ستُدخل البلاد في «عقود من الاستباحة»

صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء «لوكيربي» الاسكوتلندية (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء «لوكيربي» الاسكوتلندية (أ.ف.ب)
TT

مسؤول ليبي يحذر من إثارة قضية «لوكيربي»

صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء «لوكيربي» الاسكوتلندية (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء «لوكيربي» الاسكوتلندية (أ.ف.ب)

حذر إبراهيم بوشناف، مستشار الأمن القومي الليبي، من تعمد البعض إثارة قضية طائرة «بان إم 103» التي تحطمت فوق بلدة لوكيربي الاسكوتلندية عام 1988، وقال إن هذه القضية «إن أثيرت من جديد وأصبحت موضوعاً لتحقيق جنائي ستُدخل ليبيا في عقود من الاستباحة، لا يعلم إلا الله منتهاها».
ويأتي هذا التحذير وسط مزاعم راهناً بأن هناك توجهاً داخل البلاد لتسليم المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود، الذي يشتبه في مشاركته بتفجير الطائرة إلى الأميركيين، لكنها تبقى مزاعم على خلفية انقسام سياسي بين جبهتي غرب ليبيا وشرقها.
وفي السادس من فبراير (شباط) عام 2021، نُسبت تصريحات لوزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، نجلاء المنقوش، أبدت فيها تعاونها بإمكانية عمل بلادها مع الولايات المتحدة لتسليم أبو عجيلة، لكن سرعان من تراجعت عنها حينها، وقالت إنها «لم تذكر ذلك نصاً»، لكنها كانت تجيب عن تساؤل بخصوص قضية «لوكيربي».
وأوضح بوشناف، في تصريح اليوم (الجمعة)، أنه «قبل مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب البيت الأبيض، أثار المدعي العام في عهده ويليام بار، قضية (لوكربي)، ما رشح من أنباء حينها أنه يطالب السلطات الليبية بتسليم المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود، بزعم أن له علاقة بتلك القضية».
وقال بوشناف: «لأننا على علم بتفاصيل الاتفاق الذي أنهى النزاع مع الولايات المتحدة، شكلنا حينها فريقاً قانونياً سياسياً يتبع مكتب وزير الداخلية الليبي حينها لمتابعة مستجدات الطلب».
وأوضح: «أساس عمل هذا الفريق، أن الدولة الليبية زمن النظام السابق تمسكت بأن أساس التسوية ينحصر فقط في مسؤوليتها المدنية عن أفعال تابعيها دون المسؤولية الجنائية»، و«شملت التسوية أيضاً أن أي مطالبات بعد تاريخ التوقيع توجه إلى حكومة الولايات المتحدة».
ولفت بوشناف، إلى أن «تصريحات منسوبة لـ(السيدة) وزير الخارجية، راجت العام الماضي عن هذا الموضوع، فخاطبنا رئيس الوزراء (عبد الحميد الدبيبة) بكتاب لم يخرج عن مضمون هذا الكلام».
ومضى بوشناق محذراً، من إثارة قضية (لوكربي)، داعياً «كل الوطنيين والكيانات السياسية في البلاد إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيداً عن الصراع السياسي».
وسبق لوزارة العدل الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021، توجيه الاتهام رسمياً إلى الليبي أبو عجيلة، بـ«ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة» التي أسقطت الطائرة فوق «لوكيربي» خلال رحلتها من لندن إلى نيويورك، وأدى إلى مقتل 270 شخصاً، بينهم 189 أميركياً.
وطالب ويليام بار، حينها السلطات الليبية في طرابلس بسرعة تسليم أبو عجيلة، الموقوف لديها لتقديمه للمحاكمة في الولايات المتحدة. وقال مسؤولون أميركيون إن أبو عجيلة قدم اعترافات للسلطات الليبية عام 2012 بضلوعه في تفجير «لوكيربي»، وإن هذه الاعترافات سُلمت إلى السلطات الاسكوتلندية.
وأبو عجيلة هو مسؤول استخباراتي ليبي سابق، موقوف حالياً بأحد سجون العاصمة طرابلس، لإدانته بتهم ليست لها علاقة بقضية «لوكيربي». وسبق لنظام معمر القذافي الإقرار رسمياً عام 2003 بمسؤوليته عن اعتداء «لوكيربي» ووافق على دفع تعويضات قدرها 2.7 مليار دولار إلى عائلات الضحايا. وأطلق سراح المقرحي، الذي حكم عليه بـ27 عاماً، لأسباب صحية عام 2009، لكنه توفي عام 2012 عن ستين عاماً في ليبيا.
واعتبر ضابط الاستخبارات الليبي عبد الباسط المقرحي المتهم الرئيسي في تفجير الطائرة، وصدر حكم بحقه بالسجن 27 عاماً، لكن أفرج عنه في 2009 بعدما جرى تشخيص إصابته بالمرحلة الأخيرة من سرطان البروستاتا. وعقب إشارة من صحيفة «الديلي ميل» باحتمال تورط إيران في القضية، طالبت أسرة المقرحي بتعويضها عن الفترة التي أمضاها في السجن، فيما تصاعدت داخل مدن ليبية عدة مطالب موازية، تتحدث عن «إمكانية استعادة التعويضات التي دفعها نظام معمر القذافي لذوي ضحايا لوكيربي».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

ما حقيقة تجنيد مصريين في الجيشين الروسي والأوكراني؟

فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)
فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)
TT

ما حقيقة تجنيد مصريين في الجيشين الروسي والأوكراني؟

فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)
فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)

حذر برلمانيون وخبراء مصريون من إمكانية وجود مقاتلين من بلادهم في الجيشين الروسي والأوكراني، في وقت فرضت فيه السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في البلدين.

واشترطت السلطات المصرية أخيراً «حصول الطلاب على تصريح أمني مسبق للفئة العمرية من 18 إلى 35 عاماً، للراغبين بالسفر للدراسة في روسيا وأوكرانيا خلال الفترة المقبلة»، بعد أسابيع من رصد حالات لتجنيد طلاب مصريين في الجيشين الروسي والأوكراني عقب تجنيسهم والدفع بهم للخطوط الأمامية بالقتال.

ويجري التقدم للالتحاق بالجامعات الروسية عادةً في فصل الصيف، فيما عاد غالبية الطلاب المصريين الذين كانوا يدرسون بالجامعات الأوكرانية، وجرى نقلهم إلى كليات مناظرة في مصر مع بدء الحرب قبل أكثر من 3 سنوات، بينما واصلت الجامعات الروسية استقبال الطلاب المصريين مع امتيازات جعلت بعضها أقل تكلفة من الجامعات المصرية الخاصة.

ونشر صحافي أوكراني، الشهر الماضي، مقابلة مصورة مع شاب مصري وقع في الأسر لدى القوات الأوكرانية على خطوط القتال الأمامية بعدما انخرط في الجيش الروسي للقتال بعد فترة قصيرة من سفره لدراسة الطب في روسيا وفصله من الجامعة.

وحسب روايته المصورة، التي لم يتسن تأكيدها من مصدر مستقل، فإنه واجه مشكلات مادية مع عدم قدرته على سداد رسوم الجامعة التي التحق بها، قبل أن يُفصل ويُعرض عليه التجنيد في الجيش الروسي، مقابل العفو عنه بعد إدانته بالحبس مع منحه الجنسية، لكنه وقع في الأسر بعد 4 أيام فقط من الدفع به على الجبهة الأمامية للقتال في أوكرانيا.

ووصف عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدي البياضي، اشتراط التصريح الأمني المسبق بـ«الضروري»، الذي يستند لقيام الدولة بدورها في حماية مواطنيها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لدرس أسباب إقدام الشباب على هذه «المغامرة الخطيرة».

وأوضح البياضي أن مثل هذه الوقائع تشكل أمراً خطيراً يجب التعامل معه بجدية، لكونها مرتبطةً بانخراط مواطنين مصريين للقتال في جيوش دول أخرى.

وحسب مصدر دبلوماسي مصري مطلع، فإن «بعض الشباب الذين يسافرون إلى روسيا بغرض الدراسة يلجأون لممارسة أنشطة غير قانونية من أجل البحث عن مصادر للدخل تمكنهم من الاستمرار في الإنفاق على دراستهم، مما يؤدي لملاحقتهم قانوناً وتعرضهم للحبس». وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «السلطات المصرية تتخذ إجراءات وتدابير احترازية لتوفير الحماية لشبابها الراغب في الدراسة بالجامعات الروسية، ولضمان عدم استدراجهم في أنشطة غير قانونية»، من بينها «التأكد من أن غرض السفر هو الدراسة».

ويصل عدد الطلاب المصريين في روسيا إلى 15 ألف طالب موزعين على العديد من التخصصات الطبية والهندسية والنظرية، حسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي، أيمن عاشور، خلال افتتاح «منتدى خريجي الجامعات السوفياتية والروسية» نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

طلاب مصريون عادوا بعد اندلاع الحرب (أرشيفية)

ووفق الخبير المصري بالشأن الروسي، الدكتور نبيل رشوان، فإن الإجراء يأتي مع تكرار وقائع سفر طلاب جامعيين للتجنيد بحثاً عن العائد المادي، وهو أمر يتكرر ليس فقط في الجيش الروسي ولكن أيضاً الأوكراني، الأمر الذي كان يستلزم تحركاً سريعاً من الدولة بالتدقيق في هوية المسافرين وأسباب توجههم. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن المخاطر ليست فقط على حياة هؤلاء الشباب، ولكن على ما يتدربون عليه وخطورة انعكاسه على المستقبل مع عودتهم إلى البلاد، الأمر الذي يستدعي تحركاً مبكراً من السلطات المصرية لتجنب مخاطر مستقبلية تعيد تكرار تجربة العائدين من أفغانستان بالتسعينات.

لكن رئيس «لجنة العلاقات الخارجية» في البرلمان الأوكراني، أوليكساندر ميريزكو، أكد لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود أي معلومات لديه حول هذا الأمر، نافياً «انخراط مصريين في القتال مع القوات الأوكرانية».

التشديدات المصرية مع تصاريح سفر الشباب الراغب في الدراسة في روسيا، أكدها مصدر بالسفارة الروسية بالقاهرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات المصرية اتخذت إجراءات أمنية جديدة مع المسافرين إلى روسيا أخيراً»، مشيراً إلى أن من بين تلك الإجراءات «التشدد في إصدار تصاريح السفر بغرض الدراسة، وسفر الشباب». وأضاف المصدر أن «وزارة الدفاع الروسية تكون مسؤولة عن التعامل مع حالات الوفاة التي تحدث للجنود مزدوجي الجنسية، وعائلاتهم والتواصل معها»، لافتاً إلى أن «الأمر لا يجري من خلال السفارة بشكل مباشر».