هرمون الحب... هل يشفي القلب العليل؟

يُعيد إحياء خلايا عضلته بعد الإصابة بالنوبة القلبية

هرمون الحب... هل يشفي القلب العليل؟
TT

هرمون الحب... هل يشفي القلب العليل؟

هرمون الحب... هل يشفي القلب العليل؟

عند الإصابة بنوبة الجلطة القلبية، وحصول تلف في خلايا عضلة القلب جراء ذلك، هل يمكن أن يساعد هرمون الحب «الأوكسيتوسين» في تجديد خلايا عضلة القلب؟ وهل يمكن استخدام «هرمون الحب» في علاج القلب بعد الإصابة بنوبة الجلطة القلبية (Myocardial Infarction)؟

هرمون الحب
هذا ما طرحته دراسة حديثة لباحثين من قسم بيولوجيا الخلايا الجذعية وقسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة، وذلك ضمن عدد سبتمبر (أيلول) الماضي من مجلة «آفاق علم أحياء الخلية والتطور Frontiers in Cell and Developmental Biology».
وكانت الدراسة بعنوان «الأوكسيتوسين يعزز تنشيط تجديد خلايا القلب بعد إصابة القلب». ويأمل الباحثون أن يكون في هذا الاكتشاف وسيلة للبدء في استكشاف طرق جديدة في مساعدة المرضى مستقبلاً، على استعادة خلايا عضلة القلب المفقودة جراء النوبة القلبية. ومن جهة أخرى قد تعزز هذه النتائج الدور الإيجابي للمشاعر النفسية الإيجابية لدى مريض القلب، ولترابطه الأسري، ولمودة وحب شريكة الحياة، في تحسين حالته الصحية، ودعم تناوله للأدوية، واهتمامه بممارسة السلوكيات الصحية في حياته اليومية.
ويصف كثير من المصادر الطبية هرمون الأوكسيتوسين Oxytocin بهرمون الحب، وذلك لتقريب إدراك عدد من وظائفه في الجسم، ذات العلاقة بتعزيز الترابط والمزاج النفسي الإيجابي. ولذا يزداد مستواه في الجسم من خلال أنشطة تربط العقل والجسم Mind - Body Activities، التي نجدها غالباً ممتعة و- أو مُرضية. وضمن مقالات كلية طب هارفارد لصحة المرأة، تقول ستيفاني واتسون، المحررة التنفيذية، في مقالتها بعنوان «الأوكسيتوسين: هرمون الحب»، (20 يوليو - تموز 2021): «يمكن أن يساعدنا الأوكسيتوسين على الارتباط بأحبائنا، ويمكن إطلاقه من خلال اللمس والموسيقى والتمرين».
وهو هرمون يتم إنتاجه في منطقة ما تحت المهاد Hypothalamus في الدماغ، وتطلقه الغدة النخامية Pituitary Gland في مجرى الدم. وتتمثل وظيفته الرئيسية في تسهيل الولادة (والسيطرة على نزيف الرحم بعد الولادة)، وهو أحد أسباب تسميته بهرمون الحب. وفي بعض الأحيان، يُعطى الأوكسيتوسين للنساء اللواتي يتباطأ مخاضهن، لتسريع العملية. وبمجرد ولادة الطفل، يساعد الأوكسيتوسين في نقل الحليب من القنوات الموجودة في الثدي إلى الحلمة، وتعزيز الرابطة بين الأم والطفل. وتنتج أجسامنا أيضاً الأوكسيتوسين عندما نكون متحمسين لشريكنا الجنسي، وعندما نقع في الحب. ولهذا السبب أيضاً اكتسب لقب هرمون الحب. كما أظهرت الأبحاث السابقة أيضاً أن الأوكسيتوسين له تأثير إيجابي على القلب، بما في ذلك المساعدة في خفض ضغط الدم.

أمراض القلب
وتعد أمراض القلب حالياً السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم. حيث تؤكد الإحصائيات العالمية الحديثة أنه يموت سنوياً ما يقرب من 18.6 (ثمانية عشر فاصلة ستة) مليون شخص على مستوى العالم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
وأكثر أنواع أمراض القلب انتشاراً، وتسبباً بالوفيات والإعاقات، هو مرض شرايين القلب التاجية Coronary Artery Disease. وينشأ هذا المرض القلبي عندما تتراكم الدهون والكولسترول (اللويحات) Plaque داخل جدران شرايين القلب التاجية، وهي الأوعية الدموية التي تغذي عضلة القلب نفسها. ومع نشوء التضيقات تلك في مجاري الشرايين التاجية، لا تعبر من خلالها كمياتٌ كافية من الدم لتغذية عضلة القلب وتزويدها بالأكسجين. وبالمحصلة، لا يتلقى القلب الدم والأكسجين الذي يحتاج إليه، خصوصاً عند ارتفاع الطلب عليه حال ممارسة الجهد البدني أو الانفعال العاطفي. وهذا ما يتسبب بمعاناة المرء، إما بنوبات ألم الذبحة الصدرية Angina Pectoris، وذلك عندما «يقل» تدفق الدم إلى عضلة القلب من خلال الشرايين التاجية «المتضيقة»، أو المعاناة من نوبة الجلطة القلبية، عندما «يتوقف» تماماً وصول الدم إلى عضلة القلب من خلال الشرايين التاجية «المسدودة تماماً». وهي حالات تهدد سلامة حياة المريض، وتتسبب باحتشاء عضلة القلب، أي تلف وموت خلايا عضلة القلب، وبالتالي ضعف قوته.

عضلة القلب
وتاريخياً، اعتقد العلماء أن خلايا عضلة القلب Cardiomyocytes، لا يمكن أن تتجدد، ولا تنمو خلايا جديدة تعوض تلك التالفة منها، ما يعني أن أي خلايا عضلية قلبية فقدها الشخص في أثناء نوبة الجلطة القلبية لن يتمكن من استعادتها لاحقاً بمرور الوقت. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث الأحدث أن خلايا عضلة القلب قد تكون قادرة على التجدد، ما يفتح أملاً واسعاً للمرضى، ويتطلب من الباحثين الطبيين بذل الجهود في معرفة العوامل والمركبات الكيميائية التي لها القدرة على تنشيط عملية تجديد خلايا العضلة القلبية.
وبنى الباحثون دراستهم، وآمالهم المستقبلية على المقدمات الثلاث التالية:
> أظهر العمل الحاسم في العقدين الأخيرين أن خلايا عضلة القلب المفقودة، يمكن تجديدها جزئياً بواسطة عملية معقدة تقوم بها طبقة خلايا غشاء القلب (نخاب القلب) Epicardium، وهي الطبقة الظاهرية الخارجية للقلب، وذلك في عملية تلخص دورها الحيوي، وغير المدروس جيداً حتى اليوم، في نمو القلب.
> عند الإصابة بالنوبة القلبية، وحصول تلف في خلايا عضلة القلب، تنشط خلايا غشاء القلب الناضجة، وتدخل في سلسة معقدة من عمليات التحول EMT، لتشكيل خلايا بدائية من أصل سلالات خلايا تكوين القلب EpiPCs، أي خلايا أسلاف متعددة القدرات Multipotent Progenitors، قادرة على إنتاج خلايا عضلة القلب وخلايا الأوعية الدموية للقلب.
> في الحالات الطبيعية، فإن هذه العملية وحدها غير كافية للتجديد الكبير المطلوب لتغطية ما تم فقده من خلايا عضلة القلب نتيجة النوبة القلبية. ولكن من الممكن تضخيم تلك العملية، وتضخيم نتائجها، عن طريق إعطاء عوامل إعادة برمجة محددة، لتعزيز نشاط هذه الخلايا البدائية، كي تُنتج خلايا عضلية قلبية جديدة بكميات كافية.

تجديد الخلايا
وفي الدراسة الحديثة، قدم فريق باحثي جامعة ولاية ميشيغان دليلاً على أن هرمون الأوكسيتوسين، قد يساعد في تحفيز تجديد خلايا عضلة القلب Cardiomyocytes Regeneration. ويعتقد الباحثون أن هذه النتيجة قد تساعد يوماً ما في استعادة خلايا عضلة القلب المفقودة لدى الأشخاص الذين أُصيبوا بالنوبة القلبية.
وأفاد الدكتور آيتور أغيري، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ولاية ميشيغان والباحث الرئيسي في الدراسة، بالقول: «تجديد الخلايا عملية يتطلب الكثير من الطاقة ويفرض قيوداً شديدة على وظائف القلب، لذلك اعتقدنا أنه يجب أن يكون هناك نوع من التحكم المركزي، بدلاً من أن تكون عملية موضعية مستقلة تماماً تحصل في أنسجة القلب». وأضاف: «كان تخميننا المستنير، استناداً إلى ما هو معروف عن التحكم المركزي في العمليات الحرجة الأخرى في الجسم، هو أن الدماغ يتحكم في ذلك عبر مسارات الغدد الصم العصبية Neuroendocrine Pathways. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، انتقينا نحو 20 هرموناً مهماً من هرمونات الغدد الصم العصبية، وفحصنا قدرتها على تنشيط الخلايا الجذعية لطبقة خلايا القلب، التي تشارك في تجديد القلب. ووجدنا أن الأوكسيتوسين كان أعلاها في الأهمية».
واستخدم الدكتور أغيري وفريقه الأنسجة البشرية في المختبر لدراسة كيفية مساعدة الأوكسيتوسين في تحفيز الخلايا الجذعية Stem Cells التي تم إنشاؤها من خلايا غشاء القلب، لتتطور إلى خلايا عضلية القلب. وأوضح الدكتور أغيري، أن «الأوكسيتوسين يعيد برمجة مجموعة من الخلايا البالغة في الطبقات الخارجية لغشاء لقلب، ويحولها إلى خلايا جذعية. ثم تنتقل هذه الخلايا الجذعية إلى الطبقات العميقة من عضلة القلب. وهناك تُصلح الأجزاء التي أصابها التلف، عن طريق إطلاق عوامل الشفاء Healing Factors وبتحولها إلى خلايا عضلة قلب وأوعية دموية».

المشاعر الإيجابية والراحة النفسية مهمة بعد الإصابة بالنوبة القلبية
> قدمت رابطة القلب الأميركية في عدد يناير (كانون الثاني) 2021 من مجلة الدورة الدموية «Circulation»، مراجعتها العلمية بعنوان «الصحة النفسية والرفاهية والاتصال بين العقل والقلب والجسم: بيان علمي من رابطة القلب الأميركية».
واستهلت عرض بيانها الطبي بالقول: «بصفتنا أطباء يقدمون الرعاية الصحية، فنحن جيدون جداً في علاج المرض، ولكن في كثير من الأحيان لا نجيد علاج الشخص. كان تركيز انتباهنا على الحالة الجسدية تحديداً، بدلاً من المريض ككل. وتم إيلاء اهتمام أقل للصحة النفسية وكيف يمكن أن يسهم ذلك في الصحة الجسدية والمرض. ومع ذلك، هناك الآن تقدير متزايد لكيفية مساهمة الصحة النفسية، بطريقة إيجابية لتحسين صحة القلب والأوعية الدموية بعد الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا البيان العلمي لرابطة القلب الأميركية حول العلاقة بين الصحة النفسية وصحة القلب والأوعية الدموية والأمراض».
وأفادت بعرض نتائج المراجعات العلمية حول هذا الأمر بقولها النقاط التالية:
- هناك بيانات جيدة تُظهر ارتباطات واضحة بين الصحة النفسية والأمراض القلبية الوعائية والمخاطر.
- هناك أدلة متزايدة على أن الصحة النفسية قد تكون مرتبطة سببياً بالعمليات والسلوكيات البيولوجية التي تسهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتسببها.
- تشير كثرة البيانات إلى أن التدخلات العلاجية لتحسين الصحة النفسية، يمكن أن يكون لها تأثير مفيد على صحة القلب والأوعية الدموية.
- يمكن لمقدمي الرعاية الصحية استخدام إجراءات الفحص البسيطة للمرضى المصابين أو المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، لتقييم الحالة الصحية النفسية لديهم.
- يوصى بمراعاة الصحة النفسية في تقييم وإدارة المرضى المصابين أو المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وبعد عرضها الأدلة العلمية ونتائج الدراسات التي أفادت بأنواع التأثيرات السلبية على صحة القلب لحالات الصحة النفسية السلبية، مثل: التوتر المزمن والضغوط الاجتماعية والغضب والعدوانية والقلق والاكتئاب والتشاؤم، عرضت في المقابل تأثيرات مقومات الصحة النفسية الإيجابية على صحة القلب.
وعلى سبيل المثال، في جانب «التفاؤل»، قالت: «يتميز التفاؤل بوجود شعور بالأمل والثقة بأن الأمور ستسير بشكل جيد في المستقبل وتوقع أفضل النتائج الممكنة. لقد وجدت دراسات متعددة أن التفاؤل مرتبط بالسلوكيات الصحية مثل زيادة ممارسة النشاط البدني، وعدم التدخين، واتباع نظام غذائي صحي، وجودة نوم أفضل، ودرجة أعلى في صحة القلب والأوعية الدموية. ويترافق مع شيخوخة صحية وخطر أقل للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك السكتة الدماغية وفشل القلب، وخطر أقل للوفاة لجميع الأسباب. وفي الأفراد الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية المؤكدة، تم ربط التفاؤل بنتائج أفضل للقلب والأوعية الدموية وبانخفاض خطر إعادة الدخول إلى المستشفى».
كما أفادت قائلة: «الراحة مهمة بعد الإصابة بنوبة قلبية، ولكن من المهم أيضاً أن تشارك في المناسبات الاجتماعية والترفيهية، وأن تبدأ في جعل النشاط البدني جزءاً من حياتك اليومية. وسيخبرك طبيبك بما هو أفضل لحالتك الخاصة». وأضافت: «من أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لنفسك الدخول في برنامج إعادة تأهيل القلب، لمساعدتك على تحسين صحتك ورفاهيتك وتغيير عادات نمط حياتك من خلال التدريب على التمارين والتعليم والاستشارة لتقليل التوتر».
وحول العودة للعمل، تقول الرابطة: «يعود معظم مرضى النوبات القلبية إلى العمل في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أشهر حسب شدة النوبة القلبية. وسيحدد طبيبك متى يمكنك العودة، وما إذا كانت وظيفتك الحالية مناسبة لشخص أُصيب بنوبة قلبية».
وتضيف: «يمكن لمعظم الناس الاستمرار في نفس نمط النشاط الجنسي في غضون أسابيع قليلة بعد تعافيهم من نوبة قلبية. تحدَّثْ إلى طبيبك لتحديد ما هو آمن لك».



ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»