«داعش» في منظور هيغل وفلسفة التاريخ

«داعش» في منظور هيغل وفلسفة التاريخ
TT

«داعش» في منظور هيغل وفلسفة التاريخ

«داعش» في منظور هيغل وفلسفة التاريخ

لماذا يظهر الفلاسفة الكبار في التاريخ؟ ولماذا ظهروا في أوروبا ولم يظهروا في العالم العربي أو الإسلامي؟ كان ديكارت أول فيلسوف كبير يظهر في أوروبا إبان القرن السابع عشر، وقد أغلق فلسفة القرون الوسطى كما هو معلوم، ودشّن الفلسفة الحديثة. ثم تلاه تلميذه سبينوزا في أواخر القرن ذاته. وكذلك لايبنتز ومالبرانش صاحب كتاب «البحث عن الحقيقة». ثم في القرن الثامن عشر ظهر فلاسفة الأنوار الكبار: فولتير، وديدرو، وروسو، وكانط، إلخ. ثم في القرن التاسع عشر ظهر فلاسفة كبار أيضاً من أمثال: هيغل، وماركس، وفرويد، ونيتشه، إلخ. وفي القرن العشرين ظهر بعض الكبار أيضاً وعلى رأسهم هيدغر وكارل بوبر وفتغنشتاين، وهابرماس الذي لا يزال حياً حتى الآن بعد أن تجاوز التسعين. والسؤال المطروح هنا هو: لماذا لم يظهر مفكر عربي أو مسلم كبير واحد؟ آخر فيلسوف ظهر كان ابن رشد الذي مات في أواخر القرن الثاني عشر عام 1198. وقد كان فقيهاً لاهوتياً بقدر ما كان فيلسوفاً وربما أكثر. ينتمي إلى الفضاء العقلي للقرون الوسطى وليس الفضاء الذي دشنته الحداثة. وهذا يعني أن الحداثة التنويرية من صُنع فلاسفة الغرب لا الشرق ولا علاقة للعالم العربي بها. على مدار 400 أو 500 سنة كانت أوروبا موطن الفلسفة ومرتعها، وكذلك العلم بالمعنى الفيزيائي الرياضي البيولوجي للكلمة. ولهذا السبب تفوقت أوروبا على العالم الإسلامي وخلّفته وراءها بسنوات ضوئية.
لنتوقف عند بعض المحطات الفلسفية الكبرى وأولها كانط، مؤسس الحداثة الفلسفية بامتياز بعد ديكارت. فكتابه «نقد العقل الخالص» الذي ظهر عام 1781 يقسم تاريخ الفلسفة إلى قسمين؛ ما قبله وما بعده. وعندما ظهر الكتاب لأول مرة كان مليئاً بالمصطلحات العويصة، والغموض، والعسر العسير. ولم تظهر أهمية الكتاب وعظمته إلا بشكل تدريجي. في الواقع إن كانط كان يريد أن يضع حداً لتيارين فلسفيين سائدين في عصره: التيار الدوغمائي الميتافيزيقي ذي اليقينيات القطعية النهائية التي لا تقبل النقاش، والتيار الارتيابي الشكوكي الذي لا يثق بأي شيء. فهذان التياران أثبتا فشلهما بعد أن انخرطا في مناقشات عقيمة حول أسئلة ميتافيزيقية غيبية لا طائل من ورائها. في هذه اللحظة بالذات ظهر كانط لكي يفتح للفلسفة أفقاً جديداً، ولكي يجعلها مفيدة لتقدم الجنس البشري. وهنا تكمن عظمة هذا الفيلسوف وأهميته. فهو يرى أن الشيء الأساسي الذي حصل في عصره هو ازدهار العلم الطبيعي الفيزيائي الرياضي: أي علم نيوتن القائم على التجريب واكتشاف القوانين التي تمسك الكون وبالأخص قانون الجاذبية. وبالتالي فلم نعد قادرين على التفلسف بشكل ميتافيزيقي –أي غيبي ما ورائي- بعد ظهور علم نيوتن. فالفلسفة منذ الآن فصاعداً ينبغي أن تكون تفكيراً حول العلم ونتائجه ومناهجه، وليست تهويماً في فراغات الميتافيزيقا والثرثرات المجانية الفارغة التي لا ترتكز على أي شيء محسوس أو ملموس. وهذا يعني أننا لم نعد قادرين على قول أي شيء كما كان يفعل الخطاب الفلسفي العمومي السابق، وإنما ينبغي أن يتوافق كلام الفلسفة مع كلام العلم الذي هو وحده الموثوق واليقيني والتجريبي. بمعنى آخر، لقد انتهى العهد الذي كنا نقول فيه كل شيء عن اللاشيء، أو اللاشيء عن كل شيء. لقد أحدث كانط (1724 - 1804) ثورة كوبرنيكية في مجال الفلسفة تشبه الثورة التي أحدثها كوبرنيكوس في مجال علم الفلك. فكما أن كوبرنيكوس قال بدوران الأرض حول الشمس وليس العكس، فإن كانط قال بضرورة دوران الفلسفة حول العلم التجريبي وليس العكس. فالعلم الفيزيائي - الرياضي الذي يكتشف قوانين الطبيعة هو أساس المعرفة وهو القادر على استكشاف أسرار الكون.
أما المحطة الكبيرة الثانية في تاريخ الفلسفة فهي بالطبع: هيغل الذي جاء بعد كانط مباشرةً (1770 - 1830)، فهو الذي قال لنا إن الفلسفة تعني القبض على الواقع من خلال الفكر. إنها تعني حل مشكلة الواقع العويصة. ولكن ما علاقة اللاهوت (أو علم الدين) بالفلسفة. وكيف يمكن أن نصالح بينهما؟ كان اللاهوتيون المسيحيون والمسلمون في القرون الوسطى يقولون إن الحقيقة المطلقة للدين تتعارض مع الحقائق المصغَّرة أو اللايقينية للعقل. بل يستسخفون حقائق هذه الحياة الدنيا العابرة والزائلة. كان والدي يقول لي: كل علوم الدنيا لا تساوي قشرة بصلة أمام العلم الإلهي أو علم التوحيد. وبالتالي فلا داعي للسفر إلى باريس والركض وراء الأوهام والضلالات، ناهيك بالحسناوات والغاويات... كان يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة التي لا حقيقة بعدها. كل الشيوخ يعتقدون ذلك. ولهذا السبب استسخف شيوخ السلطنة العثمانية، الذين تحكّموا برقابنا طيلة 400 سنة متواصلة، كل العلوم الوضعية الدنيوية التجريبية وعدّوها غير ذات قيمة؛ بل تطاولاً على القدرة الإلهية، ومنعوا ترجمتها ما عدا كتاباً واحداً في الطب لأن السلطان كان مصاباً بمرض جنسي. لماذا الاهتمام بكل هذه السخافات التي تُبعد عن الله؟ ثم استفقنا فجأة على التأخر المريع الذي يفصلنا عن أوروبا. صحِّ النوم!
كما أنه يمكن للفيلسوف أن يستشرف حركة التاريخ في المستقبل، أي إنه يتنبأ بما سيحصل بعد عشرين أو خمسين أو مائة سنة أو حتى أكثر. جان جاك روسو تنبأ باندلاع الثورة الفرنسية قبل اندلاعها بثلاثين سنة على الأقل. والمدهش أنه تنبأ بها بعبارات دقيقة جداً. وكانط تنبأ في كتابه «السلام الدائم بين الأمم» بظهور منظمة الأمم المتحدة قبل ظهورها الفعلي بـ150 سنة على الأقل. كان ذلك على يد تلميذه المعجب به جداً الرئيس الأميركي المحترم وودرو ويلسون. ونيتشه تنبأ بالحروب العالمية في أوروبا قبل اندلاعها بنصف قرن على الأقل في وقت كانت فيه أوروبا مزدهرة جداً ومستقرة ولا شيء ينبئ بأنها ستشهد انفجار الزلازل والبراكين. وهذا يعني أن الفلاسفة الكبار يمتلكون حاسة سادسة ترى ما لا يُرى بالعين المجردة. لهذا السبب يصعب أن يظهر مفكر حقيقي في التاريخ. ليس في كل يوم يظهر فيلسوف كبير! فلتة من فلتات الزمان.
كان هيغل يقول: التاريخ عقلاني بالكامل على الرغم من المظاهر الخادعة التي تقول العكس، وكل الظواهر اللاعقلانية الهائجة والتجليات الفوضوية والأحداث الإجرامية التي قد تحدث فيه. حتى «داعش» كان هيغل قادراً على تفسيرها عقلانياً! عندما طرحت عليه السؤال شخصياً قال لي بالحرف الواحد: «داعش» سوف تسرع من حركة التاريخ عندكم. «داعش» قدمت أكبر خدمة للتنوير العربي الإسلامي دون أن تدري ودون أن تريد بالطبع. الظلمات الداعشية والوحشيات الداعشية والمجازر الداعشية سوف تُحدث رد فعل عكسياً هائلاً يؤدي إلى استئصال «داعش» وأخواتها جميعاً. بل ليس فقط استئصال «داعش» وإنما استئصال كل الفكر الأصولي الظلامي المهيمن عليكم منذ ألف سنة تقريباً والذي أدى إليها وفرَّخها. ثم أردف قائلاً هذه الكلمات الجوهرية: أعلم أنه لا يمكن تجاوز الفهم الظلامي للدين قبل المرور به والاحتراق بحر ناره. هذا ما حصل عندنا في أوروبا أيضاً. وهذا ما هو حاصل عندكم الآن مع اللحظة الداعشية. وبالتالي فـ«داعش» تمثل أكبر حظ للفكر العربي. «داعش» قدمت لكم أكبر خدمة أيها العرب دون أن تدروا، فلولا فظائعها غير المسبوقة لما استطعتم أن تطرحوا سؤالاً واحداً على تراثكم الديني. ولما استطاع التنوير العربي أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام. وهذا ما دعوته بمصطلح شهير دوَّخ العقول: مكر العقل في التاريخ! ولكنه مكر من أجل الخير لا من أجل الشر.
نقطة أخيرة: الفلاسفة الكبار من وزن ديكارت أو روسو أو كانط أو هيغل أو نيتشه، إلخ، هم عبارة عن ظهورات في التاريخ. ولذلك فهم نادرون جداً ويعدّون على أصابع اليد الواحدة في كل قرن أو قرنين. وما إن يظهر الفيلسوف الكبير حتى يشعر الناس بأن شيئاً ما قد حصل، الأفق المسدود قد انفتح، وعقدة التاريخ قد حُلّت، وأساريره قد انفرجت. وهكذا يتنفس التاريخ الصعداء بعد طول تأزم واحتقان. فمثلاً الألمان عندما ظهر كانط بين ظهرانيهم شعروا بذلك وهدأ روعهم واطمأنوا. عرفوا أنهم وصلوا إلى الحقيقة الغائبة والمنهج الفلسفي الرصين المؤدي إلى درب الخلاص. ما عادوا خائفين على مستقبلهم. وقُلْ الأمر ذاته عن ديكارت عند الفرنسيين الذي قدم لهم الكتاب المنقذ: «مقال في المنهج». إنه بطل حقيقي أنقذ ليس فقط فرنسا وإنما كل أوروبا. نفس الشيء يمكن أن يقال عن هيغل. وأما العرب فلا ظهورات ولا من يحزنون... لا يوجد مفكر واحد قادر على أن يفهم ما الذي يحصل الآن بالضبط: أي في عمق العمق. كلنا نلفّ على أنفسنا وندور في حلقة مفرغة تائهة. لولا هيغل لما فهمنا شيئاً. كلنا نتخبط في عصر هائج مائج... وذلك لأنه تنقصنا شخصيات فكرية لا أقول في حجم ديكارت أو جان جاك روسو أو كانط أو هيغل أو نيتشه، إلخ، فهذا مستحيل، وإنما في حجم تلامذتهم أو على الأقل تلامذة تلامذتهم!


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.