تجلت الخلافات السياسية الانتخابية بين قادة الأحزاب العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48)، حتى في التعاطي مع عملية هجوم قوات الاحتلال على نابلس، وتصفية 5 شبان من مجموعة «عرين الأسود».
فبعد أن هنأ رئيس الوزراء يائير لبيد، قواته على «العملية البطولية الناجحة»، زار الناصرة، كبرى المدن العربية، فاستقبله رئيس بلديتها، علي سلام، وعدد آخر من رؤساء البلديات، بالترحاب، بينما استقبله نشطاء سياسيون من الجبهة بقيادة رئيس البلدية الأسبق، رامز جرايسي، بشعارات مثل: «أنت تقود حكومة تقترف جرائم حرب».
وكان لبيد قد قرر زيارة الناصرة (الثلاثاء)، في إطار حملته الانتخابية، داعياً لرفع نسبة التصويت المنخفضة في المجتمع العربي، ومعلناً أن امتناع العرب عن التصويت يصب في صالح معسكر اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو.
وبسبب ضغط الوقت؛ لأن الانتخابات ستجري الثلاثاء القادم، وعدم تمكنه من زيارة عدة بلدات عربية، دعا مجموعة من رؤساء البلديات العربية للقائه في الناصرة. واختار لذلك توقيتاً مشحوناً، إذ إن قواته تنفذ عمليات حربية شرسة في الضفة الغربية يومياً، تشمل قتل نشطاء مسلحين وإصابة مئات من المدنيين؛ بلغت أوجها ليلة الاثنين– الثلاثاء، في الهجوم على نابلس وتصفية 5 من عناصر «عرين الأسود».
وقبيل زيارته إلى الناصرة، وجه لبيد تهنئة لقواته قائلاً: «أهنئ أجهزة الأمن التي تعمل ليلاً ونهاراً في سبيل ضمان سلامة جميع مواطني إسرائيل. وليعلم كل من يحاول الاعتداء علينا أنه يضع حياته على كف عفريت». وأضاف: «كان هدفنا وما زال ضرب الإرهاب ومرسَليه ضربة قاسية ومتواصلة في جنين ونابلس، وفي كل مكان آخر تنشأ فيه أوكار الإرهاب» حسب تعبيره؛ مشدداً على أن تصفية قائد منظمة «عرين الأسود» وديع الحوح: «ومعه عدد من الإرهابيين الآخرين، تأتي في إطار إلحاق ضرر كبير بمختبر الإرهاب. هذه هي ضربة دقيقة وفتاكة تم توجيهها إلى قلب بنية تحتية إرهابية تسعى لتنفيذ عمليات إرهابية».
وفي ضوء قرار «جبهة الناصرة الديمقراطية» التظاهر ضد زيارة لبيد في هذا الوقت بالذات، نشرت الشرطة والمخابرات قوات كبيرة في محيط مبنى بلدية الناصرة، منذ ساعات الصباح، بينما تم إغلاق الشارع المؤدي إليه، ومنعت العشرات من الوصول إلى المنطقة. ودانت الجبهة، في بيان «المجزرة الإرهابية التي ارتكبها جيش الاحتلال بأوامر حكومته وقائديها يائير لبيد ووزير دفاعه بيني غانتس»، كما دانت «تضييق شرطة الناصرة والوحدات الخاصة على التظاهرة، ومنع العشرات من الوصول إليها، تنفيذاً لأوامر عليا، ولأوامر رئيس البلدية علي سلام الذي هدد بقمع المظاهرة ومنعها شخصياً».
وقالت «جبهة الناصرة»، إن «مجازر الاحتلال في الضفة لا تتوقف، وتحصد عشرات الأرواح من الشهداء، وسط صمت عالمي. ولا يجد زعيم حكومة الاحتلال، يائير لبيد، المسؤول مباشرة عن الجرائم، أي حرج من أن يزور مدينة الناصرة بعد ساعات من ارتكاب المجزرة، ضيفاً على رئيس البلدية علي سلام الذي يعتبر من مؤيدي (القائمة العربية الموحدة) للحركة الإسلامية، بقيادة النائب منصور عباس، الشريك في الائتلاف».
وكان حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة النائب سامي أبو شحادة، قد قرر الامتناع عن المشاركة في المظاهرة، وقال عضو اللجنة المركزية للحزب وائل عمري: «نعارض الزيارة؛ لكننا لا نريد أن يُفهم من تظاهرنا أننا نربط الموضوع بالانتخابات. نحن ضد لبيد مبدئياً، ونرى فيه مجرم حرب يجب تقديمه للمحاكمة، وجريمته في نابلس تثبت أن حكومته لا تختلف عن الحكومة التي سبقتها في القضايا الجوهرية وتعاملها مع شعبنا الفلسطيني، وموقفنا مبدئي وليس انتخابياً».
وانتقد عمري «الجبهة» التي تظاهرت ضد لبيد، قائلاً: «نرى أن هنالك من قرر التظاهر لكي يثبت للآخرين أنهم بعيدون عن لبيد؛ لأن تصرفاتهم في الفترة الأخيرة أثبتت أن هنالك تفاهمات مع لبيد وحكومته». ولكن «الجبهة» اتهمت «التجمع» بأنه امتنع عن التظاهر؛ لأنه «انصاع لأوامر حليفه في الناصرة علي سلام، واختار عدم التظاهر، ولكنه لم يكتفِ بهذه الفضيحة السياسية؛ بل راح يهاجم (الجبهة) التي يناصبها العداء وحدها، ويصمت كلياً عن الأحزاب الصهيونية وزعانفها».
وكان عدد من رؤساء البلديات العرب، قد شاركوا في اللقاء مع لبيد، وفسروا تصرفهم بأنه محاولة لإقناع لبيد بتحسين السياسة تجاه المواطنين العرب وحقوقهم في المساواة. وقال لبيد للحاضرين إن زيارته تحمل رسالة مفادها أنه مهتم بقضايا المواطنين العرب ويحمل همومهم، في مكافحة العنف وتحقيق المساواة؛ لافتاً إلى أن «مشكلة العنف في المجتمع العربي مقلقة، عملنا وما زلنا نعمل لحلها. في حال خرج المواطنون العرب للتصويت فسيصوتون لمكافحة العنف، وسيصوتون لصالح الخطط الاقتصادية التي تخدم المجتمع العربي. سيصوتون على الميزانيات التي من الممكن أن يتلقاها رؤساء السلطات المحلية. وفي حال عدم خروج المواطنين العرب للتصويت، فإن هذا الأمر يساعد اليمين وعودة نتنياهو».
وأضاف لبيد: «نعمل على تحسين العلاقة مع المجتمع العربي في جميع المواضيع، وليس فقط في العنف والجريمة».
ومن جهته، قال مصعب دخان، رئيس كتلة الجبهة المعارضة في بلدية الناصرة: «لا أهلاً ولا سهلاً برئيس حكومة الاحتلال الذي يأتي إلى الناصرة بعد أن قامت حكومته ليلة أمس باغتيال 5 فلسطينيين في نابلس». وقال إنه لا يختلف عن غيره، ويحاول خطف الأصوات على حساب الدم الفلسطيني، وعلى حساب المجتمع العربي: «ولا يمكن أن تمر زيارته إلى الناصرة بهدوء».
لبيد في الناصرة بعد تهنئة قواته على تصفية 5 فلسطينيين
متظاهرون عرب يتهمونه بجرائم حرب... وزعماء محليون يرحبون به
لبيد في الناصرة بعد تهنئة قواته على تصفية 5 فلسطينيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة