تسارع إغلاق الشركات الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري

منظر عام لدمشق 2018 (رويترز)
منظر عام لدمشق 2018 (رويترز)
TT

تسارع إغلاق الشركات الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري

منظر عام لدمشق 2018 (رويترز)
منظر عام لدمشق 2018 (رويترز)

كشفت صحيفة «الوطن» المحلية المقربة من النظام في دمشق عن تسارع في إغلاق الشركات الاقتصادية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ فمن أصل 79 شركة أُغلقت منذ بداية العام، هناك 50 شركة أُغلقت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي بنسبة 75 في المائة، بحسب ما صرح به مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، زين صافي، للصحيفة التي اعتبرت تلك «النسبة كبيرة»، مع الإشارة إلى أنه في المقابل تم تأسيس ما يزيد على مائة شركة في الفترة ذاتها. وكشفت الصحيفة عن رفض أصحاب الشركات المنحلة التصريح للإعلام حول أسباب الإغلاق.
تأتي تلك الأنباء بعد أيام قليلة على عقد دمشق «ملتقى الاستثمار السياحي (2022)»، بهدف ترويج قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 الخاص بتسهيل الاستثمار في المجال السياحي، وبحسب وسائل الإعلام الرسمية، طرح الملتقى مجموعة من الفرص الاستثمارية الجاهزة، كالمجمعات السياحية والفنادق ومنشآت المبيت من الدرجة الممتازة والأولى والثانية، وقد تم أخذ الموافقات اللازمة للبدء بها.
وتُوجَّه للحكومة في دمشق انتقادات حادة، بسبب اهتمامها بالاقتصاد الخدمي والاستثمار السياحي، في بلد تقتصر فيه السياحة على زيارات المغتربين والسياحة الدينية إلى المراقد الشيعية، على حساب الاقتصاد الإنتاجي، الأمر الذي حوَّل الاقتصاد السوري من اقتصاد منتج إلى اقتصاد ريعي خدمي.
واعتبر الخبير الاقتصادي، د. حسن حزوري، القرارات الحكومية لتشجيع الزراعة والصناعة «خجولة جداً مقارنة بالقطاع السياحي»، لافتاً إلى أن معظم رجال الأعمال الذين يخرجون من السوق السورية «ينتمون لقطاع الاقتصاد الحقيقي، كالصناعي والزراعي، أكثر من بقية القطاعات الخدمية، كالسياحة أو التجارة». ورد الأسباب إلى «الإجراءات والقرارات الحكومية المتسرعة وغير المدروسة بشكل صحيح، لمعالجة الوضع الاقتصادي»، التي أدَّت إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، وبالتالي انسحاب فئة ليست بالقليلة من رجال الأعمال من السوق السورية وإغلاق منشآتهم بشكل مؤقت أو دائم، أو عرضها للبيع أو تصفيتها، أو تركها تعمل بطاقتها الإنتاجية الدنيا.
وكان صاحب معمل الإندومي (الوجبة الأرخص في سوريا)، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي، التوقف عن الإنتاج، لكنه، وبضغط من الرئاسة السورية، عاد عن القرار، ليواصل المعمل إنتاجه بأدنى طاقته الإنتاجية. كما أفادت به تقارير إعلامية محلية، الأسبوع الماضي، بإغلاق نحو 25 في المائة من ورش ومنشآت إنتاج الألبان والأجبان، بالتزامن مع تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الخمسة آلاف ليرة، واضطراب الأسواق وارتفاع الأسعار وتكاليف الإنتاج.
وتعاني القطاعات الإنتاجية في مناطق النظام من سلة أزمات زاد في حدتها إجراءات الحكومة لكبح التضخّم، منها تقييد حركة السحب من المصارف ونقل الأموال بين المحافظات، وتحديد مبلغ الحوالة بسقف المليون ليرة للشخص الواحد، فيمكن أن يستغرق تحويل أربعة ملايين ليرة (أقل من ألف دولار) من دمشق إلى حلب أربعة أيام.
كما تمنع الإجراءات نقل الشخص الواحد لأكثر من خمسة ملايين في سيارته الخاصة، ناهيك بتعقيدات منح إجازات الاستيراد وتأخر التمويل وحصره بشركة صرافة واحدة معتمدة، وقانون تجريم التعامل بغير الليرة.
وذلك بالإضافة إلى ملاحقة جباة الضرائب والجمارك، وإتاوات الحواجز وارتفاع أجور النقل... إلخ من نفقات تضاف إلى تكاليف الإنتاج، وبالتالي سعر السلعة قبل وصولها إلى السوق في بلد بلغت فيه نسبة الفقر 90 في المائة من عدد السكان، بحسب تقارير أممية.
البيئة الخانقة للإنتاج والاستثمار في سوريا، عززتها العقوبات الاقتصادية الغربية و«قانون قيصر»، الأمر الذي أدى إلى موجة هجرة كبيرة خلال السنتين الماضيتين للصناعيين ورجال الأعمال، إضافة للعمال والحرفيين، في استنزاف غير مسبوق للاقتصاد السوري. هذا مقابل غياب خطط حكومية لوقف النزف الخطر للموارد البشرية التي تفوق في خسارتها خسارة الموارد الطبيعية، فالافتقار إلى الأيدي العاملة أدى إلى وقف خطوط إنتاج كاملة في كثير من الشركات الصناعية والزراعية.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.