قرض «صندوق النقد» لتونس... زهيد لكن مفيد

انقسام في مواقف الخبراء بعد الموافقة على نصف المطلوب

سيارات تقف في طابور بمحطة بنزين في المرسى بتونس (رويترز)
سيارات تقف في طابور بمحطة بنزين في المرسى بتونس (رويترز)
TT

قرض «صندوق النقد» لتونس... زهيد لكن مفيد

سيارات تقف في طابور بمحطة بنزين في المرسى بتونس (رويترز)
سيارات تقف في طابور بمحطة بنزين في المرسى بتونس (رويترز)

إثر مصادقة «صندوق النقد الدولي» على منح تونس قرضاً مالياً بقيمة 1.9 مليار دولار سيقع صرفه على 4 سنوات، تباينت المواقف والتقييمات في تونس حول مبلغ القرض مقارنة بانتظارات الحكومة التونسية، وحزمة الشروط التي يتطلبها هذا القرض، علاوة على قراءة في قرار تأخير البت النهائي في القرض إلى شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل بعد أن انتظرت تونس الحصول عليه نهاية الشهر الحالي.
وأجمع عدد من الخبراء؛ من بينهم رضا الشكندالي ومحسن وحسن وجنات بن عبد الله ومعز حديدان، في تصريحاتهم، على محدودية قيمة القرض الممنوح الذي قد لا يغطي خدمة الديون الخارجية المستوجبة على البلاد خلال السنوات المقبلة، بعد أن تحدث ممثلو السلطات التونسية أثناء جلسات التفاوض عن قرض مالي حجمه 4 مليارات دولار، غير أنها لم تحصل سوى على أقل من نصف المبلغ المنتظر.
وفي هذا الشأن، لاحظ رضا الشكندالي؛ الخبير الاقتصادي التونسي، أنّ حصول تونس على القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار هو أقصى ما يمكن أن تحصل عليه؛ نظراً إلى أن حصتها في الصندوق لا تسمح لها بتجاوز هذا المبلغ؛ على حد قوله. وقدر أن التوصل إلى اتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، يعد في حد ذاته «أمراً إيجابياً رغم تواضع قيمته المالية». وأضاف أن هذا الاتفاق سيفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد التونسي للحصول على تمويلات أجنبية من مؤسسات تمويل عدّة مثل «البنك الأفريقي للتنمية» و«البنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار» و«البنك الأوروبي للاستثمار»؛ إلى جانب التمويلات المالية في إطار العلاقات الثنائية.
وبشأن البت النهائي في القرض وتأخير ذلك إلى الشهر المقبل، عدّ الشكندالي أن «(صندوق النقد الدولي) رحّل الموافقة على هذا القرض، وفي ذلك إشارة واضحة منه إلى انتظار نتائج الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها المزمع إجراؤها يوم 17 ديسمبر للتأكد من سير البلاد نحو الاستقرار السياسي».
وفي السياق ذاته؛ قال محسن حسن، وزير التجارة التونسي السابق، إنّ الاتفاق مع الصندوق «يبقي جيداً لإطلاق الإصلاحات الاقتصادية وإن كان المبلغ زهيداً، وعلى تونس التحرك لتعبئة موارد إضافية في إطار التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف أو كذلك من المؤسسات المالية الدولية». وأضاف أن «هذا الاتفاق سيمكن تونس من النفاذ إلى مصادر تمويل أخرى تنتظر الضوء الأخضر من (صندوق النقد الدولي) حتى تقرض تونس وتخرج البلاد من أزمتها المالية وتقيها شرّ عدم سداد قروضها وتعهداتها، وكذلك عدم القدرة على إصلاح اقتصادها»؛ على حد تعبيره .
يذكر أن «صندوق النقد الدولي» قد اشترط حزمة من الإصلاحات الاقتصادية المرحلية لمنح تونس قرضاً مالياً يسدد على أقساط مرتبطة بمدى تقدم تلك الإصلاحات. وتشمل هذه الإصلاحات دعم الأسس المالية، والسلم الاجتماعي، وإرساء العدالة الجبائية، وترشيد النفقات، والتحكم في كتلة أجور الموظفين، وإصلاح نظام الدعم، وإصلاح المؤسّسات العمومية، وحماية الأسر الأكثر هشاشة.
في غضون ذلك، قفزت سندات تونس بالعملة الصعبة بنحو 4 سنتات يوم الاثنين لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ مارس (آذار)، بعد أن قال الصندوق إنه توصل إلى اتفاق تمويل مبدئي مع البلاد.
وأظهرت بيانات «تريدويب» أن السندات المقومة باليورو التي أصدرها البنك المركزي التونسي حققت أعلى المكاسب؛ إذ ارتفعت سندات 2023 بمقدار 3.8 سنت في اليورو لتتجاوز 81 سنتاً. كما ارتفعت السندات المقومة بالدولار والمستحقة في 2027 بواقع 2.9 سنت في الدولار.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
TT

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودولاً غنية أخرى، خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035. وفق وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة.

وكان من المقرر اختتام القمة الجمعة، لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد المقبل. ولا بد من حدوث توافق بين المفاوضين من أجل اعتماد أي اتفاق.

جاء هذا التحول في المواقف بعد أن رفضت الدول النامية يوم الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول النامية في مؤتمر (كوب29) قد أُبلغت بالموقف الجديد للدول الغنية، ولم يتضح كذلك ما إذا كان الموقف كافياً للفوز بدعم الدول النامية.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على المناقشات المغلقة إن الاتحاد الأوروبي أبدى موافقته على قبول المبلغ الأعلى. وذكر مصدران أن الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وافقت أيضاً.

وأحجم المتحدثان باسم المفوضية الأوروبية والحكومة الأسترالية عن التعليق على المفاوضات. ولم يرد وفد الولايات المتحدة في المؤتمر أو وزارة الطاقة البريطانية بعد على طلب للتعليق.

وتترقب الوفود المشاركة في (كوب29) في باكو بأذربيجان مسودة جديدة لاتفاق عالمي بشأن تمويل المناخ يوم السبت، بعد أن واصل المفاوضون العمل خلال ساعات الليل.

وكشفت محادثات (كوب29) عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية التي تعاني من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتطورة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.