صعّدت السلطات الليبية حملتها في مواجهة مافيا «الاتجار بالبشر»، بعد «محرقة المهاجرين» التي وقعت على شاطئ مدينة صبراتة، الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل 15 شخصاً، بينما دعا المجلس الرئاسي، المجتمع الدولي إلى «عدم ترك البلاد تتحمل بمفردها جهود التصدي لتدفقات المهاجرين غير النظاميين».
وأثارت جريمة صبراتة، المطلة على البحر المتوسط (70 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس)، ردود فعل غاضبة محلياً ودولياً، وكانت البعثة الأممية قد سارعت إلى إدانة الحادث ووصفته بـ«عملية القتل الشنيعة» بعدما تم العثور على 11 جثة متفحمة داخل القارب، و4 أخرى خارجه.
وكشفت النيابة العامة في ليبيا أن الأجهزة الأمنية تمكنت، حتى الآن، من ضبط متهمَين اثنين بالتورط في جريمة مقتل المهاجرين في صبراتة، بعد مواجهتهما بأحد الناجين.
وقال علي زبيدة، وكيل النيابة بمكتب النائب العام الليبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» اليوم، إن التحقيقات لا تزال جارية في الجريمة؛ للتوصل إلى باقي المتهمين، لمعرفة جميع ملابسات الحادثة.
ويأتي هذا التطور في أعقاب مطالبة محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، الذي عقد اجتماعاً أمنياً موسعاً بشأن جريمة مقتل المهاجرين في حادثة صبراتة، التي أثارت ردود فعل غاضبة محلياً ودولياً.
وبحث اللقاء، الذي ضم رئيس الأركان العامة للجيش، ووزير الداخلية، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة، ورئيس أركان القوات البرية، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، ورئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، في سُبل محاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والمحافظة على الأمن، خصوصاً أمن الحدود البحرية لقطع الطرق جميعها على تجار البشر في المناطق التي تنشط فيها ظاهرة تهريب المهاجرين.
ووجه المنفي، بتشكيل لجنة تحقيق ومتابعة لهذا الملف، مشدداً على ضرورة الكشف عن ملابسات هذه القضية ومعرفة أسماء المتورطين «في هذه الجريمة البشعة في أسرع وقت ممكن»، وإحالة الجناة على الجهات المختصة.
وناقش المنفي مع وزيرة العدل في حكومة «الوحدة» حليمة البوسيفي، مساء أمس، ملفات عدة متعلقة بوضع السجون والسجناء وحقوقهم، والنظر في قضايا من صدرت بحقهم أحكام بالإفراج ولم تنفذ، كما تم التطرق للقاء الرئيس في نيويورك بالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.
ونقلت نجوى وهيبة، المتحدثة باسم المجلس الرئاسي، أن الأخير دعا المجتمع الدولي إلى «تحمل المسؤوليات الأخلاقية والقانونية بعدم إعادة المهاجرين غير القانونيين إلى ليبيا، وعدم ترك ليبيا تتحمل وحدها تكلفة التصدي للهجرة غير النظامية».
وتمكنت «قوة دعم المديريات بالمنطقة الغربية» من مداهمة ستة أوكار مخصصة لإيواء المهاجرين، من مختلف الجنسيات، مشيرة إلى أنه تم تحرير159 شخصاً من جنسيات أفريقية مختلفة، مساء أمس، من قبضة العصابات، كما صودرت قوارب ومعدات وأطقم نجاة تستخدم في عمليات التهريب.
https://www.facebook.com/100003577484104/videos/1509576202875672
وقالت قوة دعم المديريات إنها تمكنت من القبض على ثلاثة أشخاص تابعين لعصابات التهريب، لافتة إلى أن هذه المداهمات جاءت بعد تعليمات من النائب العام، للتحري والبحث عن المتورطين في الجريمة.
وقال زبيدة إن حملة قوة المديريات أشرف عليها المحامي العام بمحكمة استئناف الزاوية ورئيس نيابة الزاوية الابتدائية، اللذان تم تكليفهما من النائب العام الصديق الصور.
ونوهت قوة دعم المديريات بأنها تمكنت قبل يومين من ترحيل عدد كبير من مهاجرين غير نظاميين دخلوا ليبيا بطرق غير قانونية، ووجدت أنهم يحملون أمراضاً معدية من بينها «الإيدز» و«السحايا» و«الجرب»، لافتة إلى أن هذا تم بحضور آمر القوة العميد أشرف عيسى، وبمتابعة رئيس نيابة الهجرة السيد ربيع حدود، وبالتعاون مع جهاز مكافحة الهجرة.
في شأن قريب، تحدث تقرير أممي عن حجم الانتهاكات التي يتعرض لها مئات المهاجرين في مراكز الإيواء، مشيراً إلى أنهم «يجبرون على قبول برنامج العودة الطوعي إلى دولهم، هرباً من ظروف الاحتجاز التعسفية، والتهديد بالتعذيب، وسوء المعاملة، والعنف الجنسي، والاختفاء القسري، والابتزاز، وغير ذلك من انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان».
وأفاد التقرير بأن المهاجرين العائدين يواجهون أعباء شخصية ومالية ونفسية اجتماعية إضافية، بما في ذلك نتيجة الصدمة الشديدة التي عانوا منها في ليبيا، وفي غياب حلول مستدامة لهذه المشكلات يضطرون إلى إعادة محاولة الهجرة في ظروف أكثر خطور ويعودون إلى «الظروف نفسها التي دفعتهم إلى مغادرة دولهم في المقام الأول».
في السياق ذاته، دعت ندى الناشف، القائمة بأعمال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، السلطات الليبية إلى إنهاء جميع الانتهاكات والتجاوزات لحقوق المهاجرين على الفور، مشيرة إلى تحمل الدول الأخرى أيضا المسؤولية، فهي بحاجة إلى تكثيف وتوفير مزيد من الحماية للمهاجرين المحاصرين في ليبيا، من خلال زيادة المسارات الآمنة والمنتظمة لدخول أراضيها.
ودخلت بعثات دبلوماسية غربية في ليبيا على خط «جريمة» مقتل المهاجرين، ودعت السلطات المحلية إلى إجراء تحقيق «سريع ومستقل وشفاف»، لتقديم جميع الجناة إلى العدالة.
وصبراتة تعد من أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، بجانب مدن أخرى مثل الزاوية وزوارة والقرة بوللي، شرق العاصمة وغربها، حيث تنشط بها مافيا تهريب المهاجرين، بعيداً عن أعين الشرطة بتسريبهم عبر البحر.
ضبط متهمَين بالتورط في «محرقة المهاجرين» بصبراتة الليبية
المنفي يطالب بتعاون دولي لمكافحة الظاهرة
ضبط متهمَين بالتورط في «محرقة المهاجرين» بصبراتة الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة