«ملفات ليبية شائكة» في انتظار المبعوث الأممي الجديد

باتيلي أجرى لقاءات دولية... ويصل البلاد قريباً

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية لدى البلاد)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية لدى البلاد)
TT

«ملفات ليبية شائكة» في انتظار المبعوث الأممي الجديد

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية لدى البلاد)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية لدى البلاد)

مع قرب وصول عبد الله باتيلي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إلى ليبيا، يرى سياسيون أن هناك كثيراً من «الملفات الشائكة» التي تنتظر الدبلوماسي السنغالي، يجب التعامل معها سريعاً «إذا ما أراد تحريكاً للأوضاع المتجمدة» في البلاد.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مساء أمس، إن باتيلي باشر مهماته رسمياً ممثلاً خاصاً جديداً للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ورئيساً للبعثة منذ 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2629 (2022).
ونوّهت البعثة إلى أن باتيلي، الذي ينحدر من السنغال، سيعمل بدعم من ريزدون زينينغا، نائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، وجورجيت غانيو، نائبة الممثل الخاص للأمين العام والمنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية.
وأمام التحديات التي تتطلب عملاً مضاعفاً من البعثة الأممية بالبلاد، قالت البعثة إن باتيلي سيبدأ بإجراء سلسلة من الاجتماعات مع كبار مسؤولي الأمم المتحدة وممثلي الدول الأعضاء بمجلس الأمن في نيويورك، قبل وصوله إلى ليبيا المقرر أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتنتظر باتيلي، الذي قالت عنه البعثة الأممية إنه يمتلك خبرة 40 عاماً في العملين السياسي والدبلوماسي، مهمة توصف بـ«الصعبة»، إذ يستوجب عليه أولاً العمل على «توحيد الخصوم» في البلاد، بما يضمن العودة بهم سريعاً إلى طاولة التفاوض السياسي.
ويعوّل سياسيون ليبيون على المساعي الأممية لجهة إنقاذ «خريطة الطريق» التي تعطّلت بعد مغادرة ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، منصبها نهاية يوليو (تموز) الماضي، وهي العثرة الأول وأهم الملفات الشائكة، التي تقوض الاستقرار في البلاد، وذلك على خلفية عدم توافق مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» على شروط «القاعدة الدستورية» اللازمة لإجراء الاستحقاق الانتخابي.
وسبق أن أبدى المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، مطلع أغسطس (آب) الماضي، استعداد مجلسه لإجراء أي تعديلات على قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية «إذا طُلب منه ذلك»، لكن هذه التصريحات فتحت باب الجدل واسعاً بسبب تعارض التوجهات السياسية.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها ريزدون زينينغا، القائم بأعمال رئيس البعثة، مع بعض أطراف الأزمة، بشكل منفرد، فإن هناك ما يشبه «جبل الثلج»، الذي تراكم بفعل الانقسام الحكومي، وأصبح في حاجة إلى تحرك أممي يحظى بإسناد دولي لإذابته، وفق قرارات ملزمة للأطراف المتحكمة في الأزمة، تفضي إلى مواعيد ثابتة لإجراء الاستحقاق.
ويكرر كل من رئيسي حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، وخصمه فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، تأكيدهما على المضي قدماً في إجراء الانتخابات العامة في البلاد، لكن دون خطوات ملموسة على الأرض راهناً، سواء تتعلق بتقسيم الدوائر أو بالقانون اللازم لهذا الاستحقاق.
ومن بين الملفات التي يعتبرها سياسيون ليبيون معرقلة للحل الإبقاء على ملف «المرتزقة والمقاتلين الأجانب» دون حلّ منذ توقفت الحرب بين جبهتي شرق ليبيا وغربها في يونيو (حزيران) عام 2020. مشيرين إلى أن «القوى الدولية، ومن بينهما روسيا وأميركا، تستخدم ورقة وجود (المرتزقة) في ليبيا كانعكاس للحرب بين روسيا وأوكرانيا».
ويرهن سياسيون أي تقدم على المسار السياسي في ليبيا بضرورة إجراء «مصالحة وطنية» شاملة بين مختلف التيارات والجبهات السياسية، بما يضمن جبر الضرر للمدن التي أضيرت منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وهي النقطة التي انطلق منها القائم بأعمال رئيس البعثة خلال الأشهر الماضية من خلال لقاءات كثيرة بمختلف التيارات الليبية داخل وخارج العاصمة طرابلس.
وعيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رسمياً، السياسي والدبلوماسي السنغالي باتيلي، ممثلاً خاصاً له إلى ليبيا، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم بالبلاد، في الثالث من الشهر الحالي، وسط تعويل كبير على الدور المرتقب الذي سيلعبه.
وعقب الإعلان عن قرار تعيين باتيلي، تسابقت الأطراف المحلية والدولية للتأكيد على دعمها الكامل له، «بما يضمن العمل على حل الأزمة السياسية في ليبيا».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.