«المحاسبة» الليبي يرد بالمستندات على واقعة شراء ملابس لـ«الأوقاف»

أصداء تقرير كشف عن «فساد مالي» بحكومة الدبيبة

خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (المكتب الإعلامي للديوان)
خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (المكتب الإعلامي للديوان)
TT

«المحاسبة» الليبي يرد بالمستندات على واقعة شراء ملابس لـ«الأوقاف»

خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (المكتب الإعلامي للديوان)
خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (المكتب الإعلامي للديوان)

تصاعدت ردود الأفعال بالعاصمة الليبية بين أكبر جهاز رقابي وهيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية بطرابلس، على خلفية تقرير أصدره الجهاز، قبل أربعة أيام، وكشف فيه عن وقائع «فساد مالي وإداري» تتعلق بالوزارات والمسؤولين بحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وبدأت الواقعة عندما كشف ديوان المحاسبة الليبي، برئاسة خالد شكشك، في تقريره السنوي لعام 2021، عن «تجاوزات مالية واسعة»، بعضها تورطت فيها جهات حكومية تتعلق بالإنفاق الواسع على شراء السيارات وأجهزة الجوال الحديثة من نوعية «آيفون»، بالإضافة إلى التوسع في استئجار الطائرات الخاصة.
ورصد التقرير أيضاً أن الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس، تعاقدت على توريد «زي عربي» بقيمة 700 ألف دينار، دون تقديم ما يثبت الكمية المتعاقد على توريدها، وقال إن الهيئة «صرفت عدداً من الزي العربي للطلبة المشاركين في برنامج (حلق الذكر)، ولا تربطهم علاقة وظيفية بالهيئة، الأمر الذي يعد تصرفاً في المال العام بالمجان بالمخالفة لنص قانون النظام المالي للدولة».
غير أن رئيس الهيئة، محمد إحميدة العباني، خرج على الليبيين في تسجيل مصور، وكذّب تقرير الديوان، وقال إنه «تضمن معلومات مغلوطة ومجهولة المصدر، تستهدف اختراق الأمن القومي للبلاد»، لكن الديوان، الذي تضمن تقريره 18 فصلاً، رد على رئيس هيئة الأوقاف، مفصحاً عن «امتلاكه وثائق تثبت بالأدلة الكافية صدق ما أورده في تقريره».
وقال الديوان في رده على رئيس هيئة الأوقاف، مساء أمس، إنه تابع أصداء تقريره السنوي وردود أفعال بعض المسؤولين على الملاحظات والمخالفات المرصودة بالمؤسسات التي يعملون بها، وكذلك حراك واهتمامات الرأي العام ووسائل الإعلام وتفاعلها مع موضوعات محددة.
وأضاف أن «عدداً من المسؤولين توجهوا للإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي للرد على الملاحظات التي تمس تصرفاتهم، وإن لوحظ أن ردودهم تؤكد ما بدر منهم من مخالفات، إلا أنها كانت عبارة عن تبرير للتصرف من خلال إبداء بيانات مضللة ليست لها علاقة بالتصرف الذي يعد مخالفة حسبما ورد بالتقرير، أو ادعاءات باطلة ومضللة ليست مرتبطة بجوهر الملاحظات المعروضة».
ونوه الديوان بأن بعض هذه الردود «تحمل في طياتها إساءة غير مقبولة والتلفظ بعبارات غير مسؤولة ومنها ما ورد بأقوال رئيس الهيئة العامة للأوقاف، التي تضمنت إساءة شخصية وتضليلاً للرأي العام، وخرجت عن السياق المتزن المفترض صدوره عن مسؤول في مؤسسة حكومية تخضع للقانون، بهدف التشكيك فيما ورد بتقرير الديوان لدى الرأي العام».
وفضّل الديوان، أمام حملات التشكيك في تقريره، أن يفصح عما لديه من معلومات، قال إنها تتعلق بـ«التصـرف المخالف الذي قامت به هيئة الأوقاف بشـراء ملابس تقليدية باهظة الثمن متمثلة في 1366 بذلة عربية بقيمة 700 ألف دينار، تم منح 19 منها لمتسابقين والباقي تم توزيعه على موظفي الهيئة بالمخالفة للقانون».
وأرفق ديوان المحاسبة مع بيانه، مستندات قال إنها «تدل على المخالفات التي رصدها»، ورأى أن تقارير ديوان المحاسبة «تملك الحجية القانونية لدى الهيئات القضائية وعلى الكافة وفقاً لنص المادة (52) من القانون رقم 19 لسنة 2013 بشأن تنظيم ديوان المحاسبة».
كما ذهب إلى أن «ما يرد في التقارير ليس محل أخذ ورد ممن وردت مخالفاتهم وتصرفاتهم بين طياته، وتم توثيقها وتجميع أدلة الإثبات الكافية للنشر والإحالة».
ونبه ديوان المحاسبة إلى أنه «عاكف على توثيق وتكييف ما ورد من ردود مضللة وإساءات شخصية في حق موظفي الديوان ومسؤوليه، أو في حق الديوان كمؤسسة إدارية عامة وفقاً لنص المادة (245) من قانون العقوبات الليبي».
ودافع عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، عما ورد في تقرير ديوان المحاسبة، وقال في تصريحات تلفزيونية، إنه «صدر متأخراً وأظهر نصف حقيقة حكومة الدبيبة»، مشيراً إلى أنه «يجب تقديم هذا التقرير إلى مجلس النواب بشكل دوري».
ورد غالبية الوزراء والمسؤولين بحكومة الدبيبة، عما ورد بحقهم من تجاوزات، وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة عمران القيب، إن «شراء وزارته لأجهزة محمول جاء بمقتضى القانون».
وكان تقرير ديوان المحاسبة أورد أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أنفقت 155 ألف دينار لشراء هواتف «آيفون 13 برو ماكس» لأعضاء مركز التطوير بالوزارة، علماً بأن بعضهم ينسب إلى جهات أخرى وحصل على أكثر من هاتف.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.