الملك عبد العزيز في روايات المستشرقين والزوار

السلامات لـ«الشرق الأوسط»: سجلوا تفرد شخصية المؤسس

الملك عبد العزيز والملك فاروق
الملك عبد العزيز والملك فاروق
TT

الملك عبد العزيز في روايات المستشرقين والزوار

الملك عبد العزيز والملك فاروق
الملك عبد العزيز والملك فاروق

 رصد باحث عربي أقوال وكتابات عدد من المستشرقين الأوروبيين والمؤرخين والزائرين - عربا ومسلمين - الذين التقوا الملك المؤسس للسعودية عبد العزيز بن عبد الرحمن، أو عملوا معه. وأجمعوا على أن شخصية الملك فريدة من نوعها، إذ يملك قدرة على البناء والتحديث على أسس عصرية ونجح في نشر الأمن ومحاربة الجهل والجمود، مما يؤهل لوصفه بطل الأمة ومرشح لحكمها وقيادتها.
الباحث في التاريخ وعلم الاجتماع والدراسات الأنثروبولوجية، وشؤون البادية والقبائل والأنساب العربية، والخبير في الأرشيف العثماني الدكتور إسماعيل بن محمد السلامات (سوري مقيم في السعودية)، رصد أقوال وكتابات بعض المستشرقين والمؤرخين الذين عايشوا الملك عبد العزيز، وشدد في حديث لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة ذكرى اليوم الوطني السعودي الـ92، أن شخصية الملك عبد العزيز، الذي أسس المملكة العربية السعودية في 1932، «اتسمت بمزايا الحاكم المؤمن التقي المحب لنشر العدل، والإنصاف والمساواة بين الناس، فكان كريماً شجاعاً، حليماً عفواً عند المقدرة؛ فأحبه وأعجب بشخصه النبيل كل من قابله أو عرفه».

وكان من ذلك إعجاب المستشرقين والزائرين، مشدداً على أن لهذه الشخصية التي فطر ونشأ عليها أثرها الكبير في كل من قابلهم في حياته وعرفوه، فشخصيته صقلتْها الظروف الاجتماعية والسياسية، وطبيعة البيئة التي نشأ وترعرع فيها، مبرزاً في هذا الصدد أقوال العرب والمسلمين والمستشرقين الأوروبين، بدءاً بالأمين العام للجامعة العربية عام 1364هـ عبدالرحمن عزام الذي قال: «عرفت جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، وعرفني، قبل أن نلتقي ببضع سنين، فلما كان حج سنة 1346هـ وأتيح لي أن أتشرف بلقائه، وأنزل ضيفاً في ساحته، رأيت فيه مثلاً للعروبة في حالتها النظرية، تتجلى فيه المعاني التي ظهرت في حياة العرب في جاهليتهم، وإسلامهم، وأول هذه المعاني: العزة، والثقة في النفس، وما ينطوي عليه ذلك من عقيدة في سمو القوم الذين ينتسب إليهم، فكل شيء في نظره هو دون المستوى الذي ترسمه العروبة في خاطره، وهو في ذلك مثل كل عربي لم تلوثه الحضارة الغربية، يعتقد أن العزة لله، ثم لرسوله الكريم».

أمين الريحاني
ولفت الباحث السلامات إلى أن شهادة الكاتب والأديب العربي أمين الريحاني «تأتي شهادة حق، تظهر تفوق الملك عبدالعزيز في الكثير من المواهب والخصال الحميدة، مقارنة بمن قابلهم من ملوك العرب، وأمرائهم في عصره، شهادة بعيدة كل البعد عن الادعاء». ويقول الريحاني: «لقد قابلت أمراء العرب كلهم، فما وجدت فيهم أكبر من هذا الرجل، إن الرجل فيه أكبر من السلطان، ومهما قيل في ابن سعود فهو رجل قبل كل شيء، رجل كبير القلب والنفس والوجدان، عربي تجسمت فيه فضائل العرب إلى حد يندر في غير الملوك الذين زينتْ آثارهم شعرنا وتاريخنا، رجل صافي الذهن والوجدان، خلو من الادعاء والتصلف، خلو من التظاهر الكاذب».
أما عباس محمود العقاد، فيقول في شخص الملك عبدالعزيز إنه «بطل الأمة من الأمم، هو الرجل الذي يتجمع في شخصه صفاتها، ومزاياها على أتمها، وأوضحها، وأقواها، فهو مرشح بالفطرة لحكمها وقيادتها».
وعندما نقرأ ما كتبه خير الدين الزركلي الذي عاصره، وكتب عنه مؤلفاً قيماً، فيقول: «الكرم من سجايا العرب المحمودة قديماً وحديثاً، والملك عبدالعزيز اشتهر بالجود في عهدي: ضيق ذات اليد، وإقبال دنيا النفط على خزائنه. كان يعطي ويتلذذ بالعطاء، وأخباره في هذا كثيرة. أنشأ الدولة، ودوّخ أعداءه ومنافسيه، وأدخل في بلاده أنواع الإصلاح، واشتهر بما انفرد به من الكرم. وذلك كله قبل أن يدر النفط فيضه، وقبل أن يكون له ولمملكته من الثروة ما ينهض به وبأعماله. ولما تدفق النفط أكمل ما بدأ».
وحول ما قاله بعض المستشرقين الأوربيين في الملك عبدالعزيز، أشار المؤرخ السلامات إلى أن «صفات وسجايا الملك عبدالعزيز الحميدة لفتت أنظار المستشرقين الأوربيين، ممن التقوا به، وعرفوه عن قرب، وسعدوا بصحبته، فكان ذلك كفيلاً بأن يعرفوا حقيقة أخلاق العرب، ومبادئ الإسلام والمسلمين من خلاله». وضرب مثلاً بالرحالة البريطاني فيلبي الذي كان قريباً من الملك عبدالعزيز منذ شبابه، وقال فيه: «جندي ناجح، ومصلح أصيل، تقي كل التقى، صريح حازم، ذكي متواضع. ولا أعلم أن في العالم حاكماً غيره تتحدث معه رعيته بمثل الحرية التي تتحدث بها رعية عبدالعزيز معه، وذلك إلى جانب ما تكن له من إكبار وإخلاص عظيمين».

جواهر لال نهرو
ويذكر الزعيم الهندي جواهر لال نهرو في كتابه «رسائل إلى ابنتي»: «أثبت ابن سعود أنه أذكى من الحسين، فقد استطاع أن يقنع الإنجليز بالاعتراف باستقلاله، وأن يبقى على الحياد. وبعد أن نجح ابن سعود جندياً ومحارباً، كرّس كل جهوده لبناء بلاده على أسس عصرية حديثة، لقد أراد القفز بها من حياة القبيلة إلى حياة العصر الحديث. ويظهر أن ابن سعود نجح في ذلك إلى حد كبير، وأثبت أنه رجل سياسي قدير بعيد النظر».
ويقول المستشرق المجري جرمانوس: «إنه بطل بما تسعه الكلمة القصيرة من معانٍ، وإن الملك كان شديد التأثير فيمن يعرفه أو يلقاه. الملك الذي لا يقاتل الناس، ولا يعتدي عليهم، وإنما يحارب الجهل، ويقاتل الجمود، ويكافح التآمر».
وبعدما جالسه، وتأثر بشخصه النبيل قال: «استروحت في أحاديثه للعواطف التي تصدر عن أب يحيط ابنه بجليل سجاياه، حتى يتأثر بها، ويحتذيها، وكانت هذه الأحاديث دلالة قوية على أنني أجلس إلى رجل عربي التفكير».
وكتب جورج أنطونيوس: «بدّل ابن سعود شكل الحياة في غرب الجزيرة تبديلاً أساسياً، في نواحيها الخاصة والعامة؛ بما أوجده من نظام للحكم، وما ذهب إليه من فهم الواجبات المدنية، فقضى على العادات الشائعة منذ قرون، كما أنه جعل الشرع الإسلامي له المقام الأول في تسيير أمور الدولة، وعسى أن تثبت الأيام أنه أنفع تطور حدث في الجزيرة منذ الدعوة إلى الإسلام».
ويقول برنارد لويس إن «خلفية الملك عبدالعزيز السياسية، جعلته يفهم أن الدول الكبيرة القوية المنظمة هي وحدها التي ستبقى بعد الحرب، ولذلك بدأ بتغيير الأسس والتطبيقات في المملكة، واكتسب صورة من يبنون الإمبراطوريات بسيوفهم».
ورآه كنث وليامز مثال الرجل المصلح، فكتب يقول إنه «كان رجلاً عميق الورع، بكرم لا حدود له، كان من أعظم إنجازاته أنه ساهم في تحويل مجتمعه إلى مجتمع مستقر، وقاد إصلاح التعليم وعين وزيراً له، واستقدم المدرسين من الدول المجاورة الناطقة باللغة العربية كمصر وسوريا، وأولى صحة الحجاج اهتماماً بالغاً، وقد كان الأساس الذي قاد إلى ذلك كله، هو تحقيقه للأمن المطلق، والنظام في المملكة».


الضابط شكسبير
ويثني الرحالة الإنجليزي النقيب وليام إرفيان شكسبير على الملك عبدالعزيز ثناء المعجب به. وجاء ذلك في أكثر من موضع في تقاريره التي كتبها، ومنها قوله فيه إنه «ذو وجه وضاح، وصريح كريم. طبقت شهرته آفاق القبائل. ناقشني بكل الصراحة والوضوح فيما يخص بلاده وعاداتها وتقاليدها. ولم أجد فيه أثراً للتعصب». ويقول: «لقد وجدت في عبدالعزيز رجلاً نبيلاً كريماً، لا يمكن إطلاقاً أن يسمح لخاطره بالانشغال بسفاسف الأمور».
وفي رسالة من الرحالة شكسبير إلى كوكس، يبدو أكثر وضوحاً عند وصفه للملك عبدالعزيز، إذ يقول: «يولد الانطباع بأنه ذو شخصية مستقيمة، صريحة، وكريمة. لقد عاملني بأقصى درجات الضيافة والصداقة. وأراني مقتنعاً بصدق انطباعاتي، خصوصاً بعد نقاشنا في مسائل مثل العقيدة والدين. وكنت دائماً أحظى بإجابات هادئة تنم عن ذكاء ومنطق». ويقول في موضع آخر: «تحرك عبدالعزيز وطنية صادقة، وولاء لوطنه، وتقديس عميق مؤصل لدينه، ورغبة أكيدة لا يخامرها ظل شك أبداً في العمل على خدمة مواطنيه، والوصول بهم إلى السلم والأمن».
ويتحدث عن مكانة الملك عبدالعزيز بين الزعماء العرب من معاصريه، إذ يقول: «لقد وجد العرب الآن قائداً تعلو هامته هامة أي زعيم آخر، وبات المشايخ الآخرون من الحلفاء العرب يحيلون إلى ابن سعود قضاياهم كافة، يطلبون فيها نصحه».
أما ليزلي ماك لوغن، فكتب عن الملك عبدالعزيز: «لقد كان له قبل كل شيء ذكاء هائل، وبصيرة فطرية، وقدرة على التفكير في موضوعات متنوعة، وبسرعة عالية. وكان حاضر الذهن دوماً، وأبدى دائماً معرفة واسعة جداً بموضوعات كثيرة وواسعة. ولقد رأينا للتو قوة تأثيره في جميع من قابلوه: غرترود بل، برسي كوكس، شيزمان، فيلبي، وغيرهم».
ويقول الروسي المعاصر إليكسي فاسيلييف عن شخصية الملك عبدالعزيز، وتحليه بخصال الشيخ والأمير: «تحلى بالبسالة والمهارة في القيادة، وأثبتت الأحداث اللاحقة أن عبدالعزيز كان شخصية بارزة من دون ريب بمقاييس الجزيرة العربية، وهذا ما أجمع عليه كل المؤرخين والرحالة من عرب وأوروبيين».
وينقل لنا المفوض السياسي البريطاني في الكويت جيرالد دي غوري صورة عن الملك عبدالعزيز أثناء زيارته له في الرياض سنة 1934: «إن لبعض الحكام العرب سحراً طاغياً. وكانت ابتسامة ابن سعود مليئة بالرجولة، ولهجته مليئة بالثقة، ويتحدث بعربية فصحى يلونها بأقوال بدوية بين حين وآخر. وما أن يبدأ الحديث حتى يتحول كلامه إلى فيضان لا يوقفه شيء، إلا الدعوة إلى صلاة الظهر. إن قوة هذا الزعيم، كما يبدو لي، في ذكائه الخارق».


د. إسماعيل السلامات
ويوضح الدكتور السلامات حقيقة الموقف الثابت للملك عبد العزيز من القضية الفلسطينية بدعمه الدائم لها مادياً، ومعنوياً، وعسكرياً، وتأييدها في المحافل الدولية والعربية، وخاصة لدى حكومات بريطانيا، وفرنسا، وأميركا. ويضيف أن «مناصرة الملك عبدالعزيز القضية الفلسطينية بدأت بمجابهته لبريطانيا عندما عرضوا عليه في اجتماعات وادي العقيق سنة 1926، (1345هـ) مشروع اتفاقية جدة، وطلبوا فيها وضع مادة لاعتراف الملك عبدالعزيز بمركز خاص لبريطانيا في فلسطين والعراق وشرق الأردن. وعندما عرضها نائب القنصل البريطاني في جدة المستر جوردان رفضها الملك عبدالعزيز رفضاً قاطعاً، فتوقفت المفاوضات حينها من أجل هذه المادة ومواد أخرى، إلى أن تنازلت بريطانيا عنها».

وعلق الأديب أحمد عبدالغفور عطار على هذا الموقف السعودي الحازم بقوله: «عندما وصل نبأ اعتداء مجموعة من اليهود بإلقاء قنابل على المصلين يوم الجمعة في المسجد الأقصى أغسطس (آب) 1929 الموافق (ربيع الأول 1348هـ)، كتب الملك عبد العزيز كتاباً إلى ملك بريطانيا، يعرب فيه عن سوء الأثر الذي أحدثه الاعتداء في نفسه، ونفس شعبه، ويطلب منه بكل شجاعة وحمية بضرورة معاقبة المعتدين، ومنع تكرار مثل ذلك الحادث بحق أشقائه أهل فلسطين، وقد أجابه العاهل الإنجليزي في 10 ديسمبر 1929 (رجب 1348هـ) مؤكداً له اهتمام حكومته بالأمر».
كما اتضح اهتمام الملك المؤسس بالقضية الفلسطينية من خلال قراره بتأسيس جمعية أهلية للدفاع عن فلسطين وإيفاده لوزير الدفاع السعودي آنذاك الأمير منصور بن عبد العزيز لفلسطين سنة 1943 لمؤازرة شعبها إبان الحرب العالمية الثانية، وإرساله للمساعدات العاجلة، إذ أصدر الملك عبدالعزيز في ربيع الأول من سنة 1355هـ أمره السامي بإرسال المساعدات العاجلة إلى منكوبي فلسطين من المؤن، والأرزاق، والمال، وصولاً إلى مشاركة السعودية في حرب فلسطين، وإسقاط قرار التقسيم في هيئة الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

الرياضة أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

توج الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بطلي الشوطين الرئيسيين في كأس المؤسس، التي نظمها نادي سباقات الخيل في ميدان الملك عبد العزيز. وحقق «عسفان الخالدية» ابن «ليث الخالدية» المملوك لأبناء الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز لقب الشوط العاشر للخيل العربية، وحقق جائزة الخمسة ملايين ريال، وبلغت مسافة هذا الشوط 1600 متر، ونجح الجواد في وصول خط النهاية خلال 1:46 دقيقة، وذلك تحت قيادة المدرب سعد مطلق والخيال عبد الله العوفي.

فهد العيسى (الرياض)
السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

احتفت المملكة العربية السعودية في جميع مناطقها، يوم أمس (السبت)، بـ«يوم العلم»، الذي يصادف 11 مارس (آذار)، والذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ليكون ذكرى سنوية خاصة بهذه المناسبة، حين أصدر في مطلع الشهر الحالي، أمراً ملكياً ليكون هذا التاريخ يوماً خاصاً بالعلم. وجاء في سياق الأمر الملكي: «وحيث إن يوم 27 من ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه ـ العلم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء، أمرنا بما هو آتٍ: أولاً: يكون يوم (11 مارس) من كل عام يوماً خاصاً بال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

من أفضل المشاهد التي يمكن أن تراها من نافذة الطائرة، وأنت قادم إلى جدة، «سارية العلم»، التي تحمل راية التوحيد، والتي رُفعت على السارية لأول مرة في اليوم الوطني السعودي في 23 سبتمبر (أيلول) 2014، وتُرفرف على ارتفاع 171 متراً، حيث تغطي النباتات مساحة 9 آلاف متر مربع من حولها، ويحيط بها 13 ضوءاً يمثل عددها مناطق المملكة الـ13. وبتثبيت العلم السعودي ورفعه عليها، كُسر الرقم القياسي في موسوعة «غينيس» لطاجيكستان البالغ 165 متراً، بفارق 6 أمتار، لتصبح بهذا المشروع ثاني أكبر سارية علم في العالم بعد سارية العاصمة الإدارية الموجودة في مصر.

أسماء الغابري (جدة)
«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

استذكاراً ليوم 11 مارس (آذار)، يحتفل السعوديون للمرة الأولى بيوم العلم، وبقيمته الوطنية والتاريخية الممتدة منذ 3 قرون. وأعاد يوم العلم السعودي، الذي صدر بأمر ملكي، صلة السعوديين برمز الوحدة والسيادة الوطنية، وفتح نوافذ إلى التاريخ الشاهد على مراحل تطوره، متزامناً مع حقب مفصلية من تاريخ البلاد وهي تواجه شروط الاستدامة واستحقاقات التنمية. وفي ساحة العدل، المقابلة لجامع الإمام تركي بن عبد الله المعروف في منطقة قصر الحكم، ومن قصر المصمك التي تمثل الرياض القديمة، ومنطلق نهضة السعودية المعاصرة، نظمت وزارة الثقافة السعودية فعاليات فنية وثقافية وإثرائية تُرسي الارتباط الوثيق بين المواطن وبين العَلَم،

محمد هلال (الرياض)
«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

بالتزامن مع يوم العلم الوطني السعودي، الذي تحتفل به السعودية لأول مرة تعزيزاً لقيمته التاريخية والوطنية، تستعيد الدرعية مهد الدولة السعودية الأولى، إحدى أعرق أسواقها التاريخية، حيث أحيت دوي حركتها التجارية وعبقها العلمي، إذ كانت محلاً لتبادل البضائع والتعليم في آن معاً. وتقع «سوق الموسم» التاريخية في الدرعية على ضفاف وادي حنيفة، واشتهرت بكثرة الحوانيت فيها، حيث يجتمع الناس لتبادل البضائع، والبيع والشراء، وتلبية احتياجاتهم المعيشية. السوق التي تتخذ موقعاً استراتيجياً، بتوسطها بين أهم أحياء منطقة الدرعية (الطريف والبجيري) على طرفي وادي حنيفة، كانت حوانيتها مبنيّة من القصب وسعف النخل، وكانت زاخرة

عمر البدوي (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».