في ظل أوضاع شديدة التعقيد، تبث بيوت الخبرة والمؤسسات المالية والاستثمارية الكبرى تحذيرات من أوضاع سلبية قادمة، تطال الدول الغنية والفقيرة على حد سواء.
وخفضت وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني، توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي، بما يعكس التدهور الكبير في آفاق الكثير من الاقتصادات الكبرى منذ بداية العام، فبعد نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9% عام 2021، تتوقع الوكالة الآن أن يتباطأ نمو اقتصادات مجموعة العشرين إلى 2.5% عام 2022، يليه 2.1% عام 2023.
وأشار أحدث تقارير «موديز» إلى أن آفاق النمو العالمي ما زالت مستمرة في الضعف، لا سيما مع تشديد الأوضاع المالية في أعقاب تحركات البنوك المركزية لكبح جماح التضخم المستمر والواسع النطاق. وترى الوكالة أن تضخم أسعار المنتجين بلغ ذروته في الكثير من البلدان، وأن أسواق العمل لا تزال محدودة في الاقتصادات المتقدمة، كما ترى أن الظروف النقدية والمالية العالمية ستكون مقيدة حتى عام 2023، وحتى إذا استمر التضخم الأساسي في التراجع، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سوف يعارض أي تخفيف سابق لأوانه للأوضاع المالية.
وبالنسبة لمعظم البنوك المركزية الرئيسية الأخرى، لا تزال المخاطر المتصاعدة للتضخم قائمة، وبالتالي فإن الحفاظ على السياسة النقدية مشددة نسبياً سيكون أمراً ضرورياً بالنسبة لمصداقية أهداف سياستهم، وبشكل عام يواجه الاقتصاد العالمي مخاطر مستمرة بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية، وفيروس «كورونا»، فضلاً عن استمرار خطر حدوث المزيد من صدمات الطاقة.
وجنباً إلى جنب مع توقعات الاقتصادات الكبرى، قلّص بنك الاستثمار «جيه بي مورغان» يوم الاثنين، توقعاته لإصدار ديون الشركات في العالم النامي بنسبة الثلث، في أحدث علامة على الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الآن الدول الأكثر فقراً.
وهوى حجم السندات الحكومية وسندات الشركات في الاقتصادات الناشئة التي بيعت هذا العام بينما جعلت قفزة في تكاليف الاقتراض العالمية الكثير منها إما غير راغبة وإما غير قادرة على طرق الأسواق الدولية.
وقال «جيه بي مورغان» في مذكرة بحثية إنه قلص تقديراته لإصدار سندات الشركات في الاقتصادات الناشئة للعام 2022 إلى 260 مليار دولار من 400 مليار ولار. وأضاف: «لا نتوقع انتعاشاً قوياً في الإصدار في المستقبل القريب»، قائلاً إن ما إجماليه 260 مليار دولار سيكون أدنى حجم لإصدارات سندات الشركات في الأسواق الناشئة في عام منذ 2015.
وعانت الأسواق الناشئة أحد أكبر مبيعاتها على الإطلاق هذا العام مع تضرر المعنويات من قفزة في التضخم العالمي والحرب بين أوكرانيا وروسيا وتباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني. وخفض «جيه بي مورغان» توقعاته لإصدار سندات الشركات في آسيا، حيث ما زال القطاع العقاري في الصين في ركود عميق، بنسبة 34% إلى 177 مليار دولار. وخفض أيضاً تقديراته لأميركا اللاتينية بنسبة 34% إلى 41 مليار دولار، في حين قلص توقعاته لمنطقة وسط أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 39% لكل منهما إلى 15 مليار دولار و27 مليار دولار على الترتيب.
من ناحية أخرى، يقدّر محللون في بنك الاستثمار «مورغان ستانلي» أن حكومات الاقتصادات الناشئة باعت ديوناً قيمتها الإجمالية 67.5 مليار دولار حتى الآن هذا العام بانخفاض قدره 60.4 مليار دولار عن مجمل مبيعات العام الماضي.
وفي مؤشر عملي على الرؤية للمستقبل، لم يكتفِ بنك مثل «غولدمان ساكس» بإصدار النشرات، بل شرعت مجموعة الشركات التابعة حالياً في تنفيذ جولة لخفض الوظائف تعدّ الأكبر منذ بدء الجائحة، حسبما أفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء يوم الاثنين.
وتخطط الشركة لإلغاء عدة مئات من الوظائف بدءاً من الشهر الحالي حسبما ذكرت مصادر مطلعة. وبينما يعد العدد الإجمالي أقل من بعض جولات التخفيض السابقة، فإن الخفض يعد استئنافاً لدورة خفض الوظائف السنوية بالشركة التي كانت قد توقفت بصورة كبيرة في أثناء الجائحة.
ويعد هذا التحرك من جانب مؤسسة الخدمات المالية أكثر علامة مؤكدة حتى الآن على الركود الذي ضرب نشاط الخدمات المالية وسط تراجع الإيرادات بعد سنوات من تحطيم أرقام قياسية. وطبقاً لبيانات جمعتها «بلومبرغ»، يتوقع محللون أن يسجل البنك تراجعاً بأكثر من 40% في الإيرادات هذا العام.
الغني والفقير على موعد مع المعاناة
توقعات تباطؤ عالمي مع التشديد النقدي
الغني والفقير على موعد مع المعاناة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة