الاقتصاد الروسي أكثر صموداً بتأكيدات محلية وشهادة غربية

مزيد من التوجه لـ«اليوان» والنأي عن عملات «غير الأصدقاء»

تظهر التقارير المحلية والغربية أن الاقتصاد الروسي تمكن من الصمود في وجه العقوبات (غيتي)
تظهر التقارير المحلية والغربية أن الاقتصاد الروسي تمكن من الصمود في وجه العقوبات (غيتي)
TT

الاقتصاد الروسي أكثر صموداً بتأكيدات محلية وشهادة غربية

تظهر التقارير المحلية والغربية أن الاقتصاد الروسي تمكن من الصمود في وجه العقوبات (غيتي)
تظهر التقارير المحلية والغربية أن الاقتصاد الروسي تمكن من الصمود في وجه العقوبات (غيتي)

اعتبر رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين الخميس أن العقوبات الغربية التي فرضت بعد التدخل العسكري في أوكرانيا «لم تتمكن من تقويض الاستقرار المالي» لروسيا.
وقال ميشوستين خلال منتدى موسكو المالي، إن «عقوبات غير مسبوقة فرضت على بلادنا. لكن مدبريها لم يحققوا هدفها الرئيسي. لقد فشلوا في تقويض استقرارنا المالي».
وأضاف أمام العديد من صانعي القرار الاقتصاديين أن «الحكومة، وبالتعاون مع البنك المركزي الروسي، نجحت في تخفيف الأثر السلبي للأعمال العدائية ضد مواطنينا وشركاتنا، بشكل كبير». وتابع: «خلافا للمخاوف في بادئ الأمر، ارتفعت الاستثمارات في الفصل الثاني بنسبة 4 في المائة».
وقال إن تباطؤ الاقتصاد «حتمي» في مواجهة سيل العقوبات «لكن لم يتبين أنه مدمر»، فيما تراجع إجمالي الناتج الداخلي الروسي «بحوالي 1 في المائة فقط بحسب وزارة التنمية الاقتصادية» في الأشهر الستة الأولى من 2022، وأضاف «توقعنا حدوث انكماش عميق. لكن هذا لم يحصل»، معتبرا أن روسيا تخرج من هذه الفترة «بشكل أقوى وبجهوزية أفضل».
من جانب آخر، أشار ميشوستين إلى أن «محاولة الغرب للحد من صادرات الطاقة» من روسيا «أدت إلى زيادة طبيعية في عائدات النفط والغاز في ميزانيتنا بمقدار النصف تقريبا».
ولتأكيد الأداء الجيد للاقتصاد الروسي عام 2022 دعا ميشوستين البنك المركزي إلى «تبسيط وصول المستثمرين الأجانب إلى السوق الروسية» لا سيما هؤلاء الذين يستعدون لدفع التعاملات بالعملة المحلية وليس بالدولار الأميركي، عملة التداول الرئيسية في العالم.
والثلاثاء أعلن عملاق الغاز الروسي غازبروم الذي تملك الدولة غالبية أسهمه، أن الصين ستدفع من الآن وصاعدا عقودها بالروبل واليوان بدلا من الدولار. وأوضح ميشوستين أن «خفضا كبيرا في استخدام الدولار هو توجه للمدى الطويل»، داعيا الدول التي ترغب بذلك إلى «تشكيل نظام (جديد) من المدفوعات الدولية».
وفي تأكيد منفصل على هذه الخطوة، ذكر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن نصيب اليوان الصيني في الاحتياطيات الدولية الروسية سوف يواصل النمو. وذكرت وكالة أنباء إنترفاكس أن روسيا تتوقع زيادة في حجم التجارة مع الصين.
وأضافت إنترفاكس نقلا عن سيلوانوف «عادة ما يتشكل احتياطي البلاد من عملات (هؤلاء) الذين توجد معهم تجارة نشطة. ونعم، نحن نرى زيادة في حجم التجارة مع الجارة الشرقية. وبالطبع دور اليوان في الاحتياطي سوف يزيد أيضا».
وتابع سيلوانوف: «وبالتالي في الأوضاع الحالية، أعتقد أنه إذا أنشأنا احتياطيات وأبقينا على المال في هيئة ذهب واحتياطيات العملة الأجنبية، فسوف يكون بالطبع الذهب واليوان وعدد من العملات الأخرى للدول الصديقة»، بحسب وكالة بلومبرغ.
ورغم التشكيك الغربي أحيانا في الأرقام الاقتصادية الروسية، خاصة حول النمو والعجز، قال إيفان تشاكاروف، كبير الاقتصاديين في مجموعة «سيتي غروب» المصرفية الأميركية العملاقة، إن تراجع إجمالي الناتج المحلي الروسي سيكون هذا العام أكثر اعتدالا مما كان متوقعا من قبل.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» يوم الخميس، بأن المرة هي الثانية التي يقوم فيها تشاكاروف بتحسين التوقعات منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي. وأوضح تشاكاروف في ملاحظة له أن «إجمالي مؤشرات الاقتصاد الكلي حتى شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، يشير إلى أننا ما زلنا شديدي التشاؤم». وجدير بالذكر أن «سيتي غروب» خفضت في مايو (أيار) الماضي توقعات انكماش إجمالي الناتج المحلي الإجمالي إلى سالب 5.5 في المائة، مقابل سالب 6.9 في المائة سابقا.
وفي شأن منفصل، حصلت الشركة المشغلة لخط الغاز المتنازع عليه بين روسيا وأوروبا «نورد ستريم 2» يوم الخميس على تمديد لأجل سداد ديونها، وهو ما يعني أنها لن تكون عرضة لتنفيذ التهديد بإعلان إفلاسها هذا الأسبوع.
وكان مقررا أن تسدد شركة «نورد ستريم - 2 - إيه جي» دفعة الدين التالية يوم السبت المقبل، لكن محكمة سويسرية وافقت على طلبها تمديد أجل السداد، وهو ما يعني أن دفعة الدين لن تكون مستحقة قبل يوم 10 يناير (كانون الثاني)، بحسب وثائق المحكمة.
وهذا هو ثاني تمديد تمنحه المحكمة للشركة. وتشهد عملية تمويل خط «نورد ستريم 2» ماليا عدم استقرار منذ غزو روسيا أوكرانيا في 24 فبراير الماضي. وأثار خط الغاز الممتد إلى ألمانيا جدلا، مع تحذير العديد من حلفائها، خلال مراحل إنشائه النهائية، من اعتماد برلين على واردات الوقود الروسية.
وكان العمل في خط الغاز قد انتهى وقت الغزو. وعلى خلفية ذلك، قررت ألمانيا عدم الموافقة على بدء تشغيله. ومنذ ذلك الحين، أغلقت روسيا «نورد ستريم 1»، خط الغاز الآخر الممتد إلى ألمانيا، وتذرعت بأن العقوبات المفروضة عليها بسبب الغزو جعلت صيانته غير ممكنة.
وتسببت الخطوة الروسية في مخاوف لدى ألمانيا وبقية الدول الأوروبية من مواجهة مشكلة في تخزين كميات كافية من الغاز للشتاء المقبل. وجعلت أولئك، الذين كانوا يعتبرون أنه من الحماقة منح إمدادات الوقود الروسية ثقة كبيرة، يقولون إن رأيهم كان صائبا طيلة الوقت.
و«نورد ستريم - 2 - إيه جي» هي شركة تابعة لعملاق الطاقة الروسية «غازبروم». ويرمي تمديد أجل سداد ديون الشركة إلى حماية الشركة من الدعاوى القانونية، بينما يجري العمل لحصر الأصول التي تمتلكها بالفعل.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».