فؤاد المهندس... الساخر الذي جسّد تحولات المجتمع

في ذكرى ميلاد «أيقونة الكوميديا» المصرية

فؤاد المهندس... أيقونة الكوميديا
فؤاد المهندس... أيقونة الكوميديا
TT
20

فؤاد المهندس... الساخر الذي جسّد تحولات المجتمع

فؤاد المهندس... أيقونة الكوميديا
فؤاد المهندس... أيقونة الكوميديا

تحتفل مصر، غداً (الثلاثاء)، بالذكرى الثامنة والتسعين لميلاد الفنان فؤاد المهندس، «أيقونة الكوميديا العربية»، الذي ترك ميراثاً «ثرياً» من الإبداع، يضم مسرحيات وأفلاماً وفوازير واستعراضات، ومسلسلات، وتتلمذ على يديه عدد من نجوم الكوميديا. واحتفاء بهذه المناسبة أعلنت الإذاعة المصرية عن إعادة بث حلقات من برنامجه «كلمتين وبس»، إلى جانب لقاءات نادرة معه.
ولد المهندس بحي العباسية، وسط القاهرة، وكان ترتيبه الثالث في العائلة بعد أختين هما صفية ودرية، والشقيق الرابع هو سامي، والده هو العالم اللغوي زكي المهندس، وكان ذلك سر إتقانه للغة العربية الفصحى، ولم يكن ذلك التأثير الوحيد لأبيه في حياته، حيث كان أيضاً «صاحب الفضل الأول في تنمية مواهبه الفنية»، كما ورث عنه خفة الدم وحضور البديهة.
استطاع المهندس، الذي اشتهر بلقب «الأستاذ» تقديراً لدوره في تاريخ الفن المصري، أن يشق لنفسه طريقاً في الكوميديا التي تستند إلى الموقف في الأساس، وعُرف كممثل وسينمائي كوميدي تمتع بجماهيرية واسعة خلال مشواره الفني الطويل في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة. وكان المصريون ينتظرون بشغف برنامجه الاجتماعي اليومي «كلمتين وبس»، الذي بدأ تقديمه عبر إذاعة «البرنامج العام» منذ 1968. باعتباره تجسيداً لنبض حياتهم اليومية، يتناول سلبيات المجتمع على لسان «سيد أفندي». ترك المهندس عدداً كبيراً من الأغاني التي قدمها خلال أفلامه ومسرحياته، كما قدم أعمالاً متعددة للأطفال أشهرها فوازير «عمو فؤاد»، التي عرضت خلال شهر رمضان، ومسرحية «هالة حبيبتي».

وليد الخشاب، أستاذ الدراسات العربية بجامعة يورك في كندا، وأحد الباحثين المهتمين بالتأريخ للمهندس، ألقى سلسلة محاضرات في عدة دول عربية، حول حياة الفنان المصري، ومسيرته الفنية، كان آخرها في الجزائر، ومصر، حيث تناول التاريخ الفني للمهندس، ضمن برنامج سينما الأحد بمكتبة الإسكندرية، نهاية الشهر الماضي، ويقول الخشاب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «شهر سبتمبر (أيلول) دائماً ما يأتي حاملاً مفارقة عجيبة بشأن المهندس، فهو الشهر الذي ولد وتوفي فيه، وكأنه اختتم بوفاته رحلة دائرية، عاد فيها إلى عالم الغيب بعد حياة فنية حافلة كنجم مسرحي وسينمائي وإذاعي وكشخصية فارقة في صفحات المجتمع وأخبار النجوم في الصحف، لا سيما في فترات ارتباطه الفني بالنجمة شويكار». مشيراً إلى أنه «يعكف حالياً على إعداد كتاب يجمع فيه خلاصة أبحاثه عبر عشر سنوات، عن المهندس».
وحول أسباب شغفه بالمهندس أوضح الخشاب أنه «عادة لا تؤخذ الكوميديا مأخذ الجد، بينما دراسة إنتاج المهندس على نحو جاد تكشف لنا الكثير عن تطورات المجتمع العربي الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، وميلاد الدولة الوطنية»، ويقول إن «المهندس كشخصية سينمائية ومسرحية يمثل تجسيداً للفئات الاجتماعية التي تنامى صعودها للطبقة الوسطى، أو لشرائح أعلى في إطار تلك الطبقة، أو تلك التي تنامت وتزايد أبناؤها بفضل سياسات التحديث المركزية التي انتهجتها الدولة في مصر». ويردف: «فنجده الموظف (عادة) والكاتب في مسرحية (حواء الساعة 12)، ومؤلف الأغاني في فيلم (اعترافات زوج)، والمحامي في فيلم ومسرحية (أنا وهو وهي)، والفنان التشكيلي في (نحن الرجال طيبون)».

كل هذه الفئات والمهن وفق الخشاب «صعدت بقوة» في إطار سياسات التوسع في التوظيف، أو توسيع المعاملات القانونية والتجارية في المجتمع، أو دعم الدولة المركزية لأشكال الإنتاج الثقافي كافة، وهذه «سمة سياسات دول التحرر الوطني في العالم العربي كله، وخصوصاً في مصر أثناء الخمسينات والستينات من القرن العشرين»، على حد قوله.
ويلفت الخشاب إلى وضع المهندس كنجم عربي، رغم أنه لم يكن يتحدث كثيراً في حواراته عن التلقي العربي لفنه، ويقول إنه «يلتقي بكثير من الزملاء في العالم العربي الذين يحتفون بفن المهندس ويستمتعون بتسجيلات أعماله، مسترجعين بحب ذكريات الطفولة والشباب».
هذه النجومية وهذه السيرة «المستمرة في التألق» بعد عقود من ابتعاد فؤاد المهندس عن أدوار البطولة كفتى أول وبعد مرور ستة عشر عاماً على وفاته، تلفت النظر إلى أن «المهندس ليس فقط صاحب حضور جذاب وموهبة فردية، وإنما هو تعبير عن عصر بأكمله» حسب الخشاب، الذي يؤكد أن «الأمر لا يتعلق فقط بالشخصيات التي جسدها والموضوعات التي تناولها، بل بحياته الشخصية أيضاً، زواجه من الفنانة شويكار وشكل العلاقة بينهما التي تشبه مجازاً علاقة الأستاذ بتلميذته، التي تدين له بالفضل ثم تتمرد عليه لتعيش بكل حرية خارج كل الأطر، حتى إطار الزواج». حيث تزوج المهندس من شويكار في «أوج المد التحرري» في مطلع الستينات، وانتهى زواجهما باستقلال شويكار بعد عشرين عاماً، في «أوج استقرار النظم الاجتماعية» في الدول العربية المستقلة حديثاً.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


معبر رفح: استقبال 38 مصاباً ومرافقاً من غزة

جريحة فلسطينية تم نقلها في وقت سابق بواسطة أفراد من «الهلال الأحمر» إلى مصر (أ.ب)
جريحة فلسطينية تم نقلها في وقت سابق بواسطة أفراد من «الهلال الأحمر» إلى مصر (أ.ب)
TT
20

معبر رفح: استقبال 38 مصاباً ومرافقاً من غزة

جريحة فلسطينية تم نقلها في وقت سابق بواسطة أفراد من «الهلال الأحمر» إلى مصر (أ.ب)
جريحة فلسطينية تم نقلها في وقت سابق بواسطة أفراد من «الهلال الأحمر» إلى مصر (أ.ب)

استقبلت مصر، الخميس، دفعة جديدة من الجرحى والمرضى الفلسطينيين، الذين تم إجلاؤهم من قطاع غزة عبر معبر رفح البري. وأكد مصدر مسؤول، «استقبال مصر 17 جريحاً ومريضاً فلسطينياً إلى جانب 21 من مرافقيهم».

وقال المصدر المسؤول في معبر رفح، وفق ما أوردت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية: «إن المصابين والجرحى والمرضى الفلسطينيين ومرافقيهم من ضمن الدفعة 41 منهم، وقد تم توزيعهم على الطواقم الطبية والكشف عليهم، ونقلهم بسيارات الإسعاف إلى المستشفيات بشمال سيناء وباقي المحافظات المصرية لعلاجهم ورعايتهم والاهتمام بهم».

سيارات إسعاف مصرية خلال استقبال «جرحى غزة» في وقت سابق (الصحة المصرية)
سيارات إسعاف مصرية خلال استقبال «جرحى غزة» في وقت سابق (الصحة المصرية)

من جهة أخرى، لا تزال عشرات الشاحنات من المساعدات الإنسانية تنتظر في ساحة معبر رفح، بسبب إغلاق إسرائيل لمنفذي كرم أبو سالم والعوجة.

ووفق المصدر ذاته، فإن «الشاحنات تنتظر العبور إلى قطاع غزة فور فتح إسرائيل للمنافذ»، مشيراً إلى «وجود عشرات اللوادر ومعدات إعادة الإعمار في انتظار الدخول إلى القطاع فور افتتاح المنافذ».

وتواصل إسرائيل إغلاق معبري كرم أبو سالم، وبيت حانون «إيرز» لليوم الثالث عشر على التوالي.

وذكرت «وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)»، الخميس، أنه بعد قرار إغلاق المعابر الحدودية، ووقف تدفق البضائع، حذرت مؤسسات حكومية وأممية من عودة التجويع إلى القطاع إذا ما استمر قرار الإغلاق سارياً.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد قرر مطلع الشهر الحالي، وقف دخول كل المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع، وفق ما ذكر مكتبه.

مسعفون خلال نقل جرحى فلسطينيين عند وصولهم من غزة إلى الجانب المصري في وقت سابق (أ.ف.ب)
مسعفون خلال نقل جرحى فلسطينيين عند وصولهم من غزة إلى الجانب المصري في وقت سابق (أ.ف.ب)

وبدوره، أطلع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، نظيره التايلاندي ماريس سانجيا مبونجسا، على تطورات الأوضاع في المنطقة، بما في ذلك المساعي المصرية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بمراحله الثلاث.

وأكد عبد العاطي -خلال اتصال هاتفي تلقاه الخميس من نظيره التايلاندي- أولوية توفير وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وتوفير متطلبات التعافي المبكر لمواجهة حجم التدمير الذي عانى منه القطاع طوال الفترة الماضية.

إلى ذلك، تحدَّث السفير البريطاني في القاهرة، جاريث بايلي، في لقاء متلفز الخميس، عن زيارته، الأربعاء، إلى مستشفى العريش، وقال إن «المستشفى يوفر الرعاية الطبية للفلسطينيين على أعلى مستوى»، لافتاً إلى أنه تابع المساعدات التي تقدمها الحكومة المصرية في جميع المستشفيات لتوفر الدعم الطبي والإنساني لكل الفلسطينيين، مشيراً إلى مشروع التعاون مع «منظمة الصحة العالمية» لتوفير أدوية أساسية وإمدادات طبية للفلسطينيين الذين وصلوا من غزة.

عربات تحمل المساعدات تصطف على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ب)
عربات تحمل المساعدات تصطف على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ب)

وأكد بايلي، أن المجتمع الدولي يبحث عن حلول للقضية الفلسطينية «من خلال 3 محاور، هي: ضمان وقف إطلاق نار مستمر، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وفي هذا الإطار أعربت الحكومات البريطانية والألمانية والفرنسية والإيطالية منذ أيام عن قلقها العميق تجاه إعلان إسرائيل وقف دخول الإمدادات إلى غزة»، داعياً إسرائيل إلى «الالتزام بمسؤولياتها بهذا الشأن».

وشدد السفير البريطاني على أنه «ينبغي ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة إطلاقاً بوقف إطلاق النار أو الهدنة، أو أن يتم استخدامها أداةً سياسية».