دراسات جديدة لفهم أساسيات «ذاكرة العضلات»

دراسات جديدة لفهم أساسيات «ذاكرة العضلات»
TT

دراسات جديدة لفهم أساسيات «ذاكرة العضلات»

دراسات جديدة لفهم أساسيات «ذاكرة العضلات»

«ذاكرة العضلات» ليست واحدة من أساطير عالم الرشاقة؛ بل حقيقة واقعة، ولو أن معناها قد يختلف قليلاً عمّا يعتقد.

- ذاكرة عضلية
يتحدث الناس بشكل عام عن عدم نسيانهم مهارة ركوب الدراجة، ورمي الكرة، واستخدام مضرب التنس؛ بوصفها أمثلة على «ذاكرة العضلات (muscle memory)»، ولكن هذه المهارات التي تستعيدها الذاكرة باستمرار تعود جذورها إلى عملية التعلم الحركي. ويشرح ديفيد بيم، الباحث والأستاذ الجامعي في «كلية الحركية البشرية والترفيه» بجامعة ميموريال، في نيوفاوندلاند الكندية، أنه عندما يتعلم الإنسان كيف يؤدي هذه الحركات بشكل جيد ويصبح قادراً على تأديتها بشكل تلقائي دون تفكير واع، ترسخ هذه المعلومات على شكل رموز في الدماغ. ولذلك، وفي المستقبل، فإن ما يظل يرافق الإنسان هو «التنسيق الحركي الأساسي الذي تعلمه». في المقابل؛ عندما يتحدث العلماء المختصون في وظائف الأعضاء عن ذاكرة العضلات، فإنهم يشيرون إلى الظاهرة التي تكتسب من خلالها العضلات المدربة سابقاً القوة والحجم السريعين بعد فترة من توقف التمرين مقارنة بالعضلات التي لم تتدرب مطلقاً سابقاً وتبدأ من الصفر. وقد أظهرت الدراسات العلمية في السنوات الخمس عشرة الماضية أن التغييرات في العضلات لا تتوقف. فقد رجحت نتائج دراسة أجريت على الفئران أنه، وبعد تكاثر نوى (nuclei) الخلايا العضلية استجابة للتمارين الثقيلة، لا يخسر الإنسان هذه النوى في فترات انعدام الحركة المتتالية؛ بل يحتفظ بها الجسم في ألياف العضلات في انتظار إعادة تشغيلها عند استئناف التمرين.
عند ممارسة الرياضة، تتعرض ألياف العضلات إلى ضرر طفيف وطبيعي يلعب دوراً مهماً في زيادة قوة العضلات؛ لأن «الخلايا النائمة» المعروفة باسم «الخلايا التابعة» تسارع إلى موقع الإصابة وتُدخل مزيداً من النوى - وهي أدمغة الخلايا - إلى الألياف، مما يزيد نمو العضلات؛ بحسب ما أفاد به فابيو كومانا، الأستاذ المحاضر في العلوم الرياضية والغذائية بجامعة ولاية سان دييغو. ونقلت ستيسي كولينو؛ الإعلامية الأميركية في واشنطن، عن كومانا أنه حتى «لو توقف الإنسان عن ممارسة الرياضة لفترة طويلة، تبقى النوى في مكانها وتسرع عودة نمو العضلات مع استئناف التمرين».

- تغيرات جينية
ترتبط الأبحاث الأخرى التي درست الذاكرة العضلية بالتغييرات التي تطرأ على أنماط عمل الجينات عند الاستجابة للبيئة والسلوك. شرح كيفن موراتش، الأستاذ المساعد المختص في الصحة والأداء البشري والترفيه بجامعة أركنساس، في فايتفيل، أن «الجينات تعمل في خلايا العضلات وتتوقف عن العمل استجابة منها للتمارين الرياضية بهدف إنتاج بروتينات معينة في الخلية مهمتها تسهيل نمو وتقوية العضلات». تشير هذه النظرية إلى أن التغييرات طويلة الأمد في هذه الجينات قد تكون مسؤولة عن تحريك ذاكرة العضلات. والخلاصة أنه بطريقة أو بأخرى، يتضح لنا التالي: كلما مارس الإنسان الرياضة؛ زاد مخزون ذاكرته العضلية. تشرح لورنس شوارتز، أستاذة علوم الأحياء في جامعة ماساتشوستس - أَمهرست، أن «هذه النوى الإضافية تُحفظ فور إفرازها في الجسم، ويعمد الجسم إلى تخزينها. يسير جسم الإنسان وفقاً لدليل إرشادي لصناعة العضلات، مما يعني أن استئناف ممارسة الرياضة سيعزز نمو عضلاته بشكل أسرع». يعتقد العلماء أن الذاكرة العضلية تدوم لوقت طويل وربما تكون أبدية. فقد عدّ بيم أنه «لا يوجد سن معينة لتوقف هذه الذاكرة». وقد عمدت دراسة حديثة أجريت على رجال بين الخمسينات والسبعينات من عمرهم، إلى التحقيق في تأثيرات اتباع نظام تمارين المقاومة متبوع باستراحة من التمرين (12 أسبوعاً)، ثم استئناف التمرين (12 أسبوعاً). وكما توقع الباحثون، عززت تمارين المقاومة قوة تمدد الركبة وصلابتها بنسبة ما بين 10 و36 في المائة، بينما أدى توقف التمارين إلى خسارة القوة والصلابة بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة. أما الاكتشاف الكبير فهو: «احتاج المشاركون إلى أقل من 8 أسابيع بعد استئناف التمارين للوصول إلى مستوى ما بعد التمرين من الصلابة القصوى»؛ وفق الباحثين.
يشرح سيدريك براينت، رئيس ومدير القسم العلمي في «أميركان كاونسل أوف إكزرسايس (المجلس الأميركي للتمارين الرياضية)» أن سرعة اكتساب مستوى الرشاقة السابق تعتمد على: الرشاقة التي امتلكها الشخص قبل التوقف عن ممارسة الرياضة، ومدة الاستراحة، والسن، ومدة ممارسة الرياضة التي أسست الذاكرة العضلية. وختم قائلاً: «كلما كان الإنسان رشيقاً وكلما طالت فترة التأسيس للذاكرة العضلية، ازدادت نسبة ميل النتائج لصالحه».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان
TT

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

تقويم الأسنان هو ذلك الفرع من فروع طب الأسنان الذي يهتم بتشخيص ومعالجة اعوجاج الأسنان وسوء الإطباق وعدم تناسق حجم الفك العلوي مع الفك السفلي. ويُعاني نحو 45 في المائة من المراهقين العرب من سوء الإطباق، وهم بحاجة إلى علاجات تقويم الأسنان لتحسين صحتهم الفموية وعلاج تلك المشكلات.

إمكانات الذكاء الاصطناعي

يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة في مجال تقويم الأسنان، مع تطبيقات تتراوح من الكشف التلقائي عن المعالم التشريحية وتحليل القياسات الرأسية إلى التشخيص وتخطيط العلاج، وتقييم النمو والتطور، وتقييم نتائج العلاج.

> الكشف التلقائي عن المعالم التشريحية وتحليل القياسات الرأسية. أحد المجالات الأكثر شيوعاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تقويم الأسنان، هو الكشف التلقائي عن معالم القياسات الرأسية وتحليلها، وهي من أهم المؤشرات لتشخيص درجة سوء الإطباق أو اعوجاج الأسنان.ويتم إنشاء هذه القياسات بواسطة الذكاء الاصطناعي على الصور الشعاعية الثنائية والثلاثية الأبعاد (الأشعة المقطعية للفم والأسنان). وتُظهر الدراسات أن دقة هذه الأدوات تتنبأ بالنمو الهيكلي والسنوي العام لدى المرضى بنسبة تصل إلى 99 في المائة، مقارنة بنسبة 75 في المائة عند المراقبين البشر.

> تخطيط العلاج ودعم القرار السريري. التشخيص وتخطيط العلاج هما مكونات حاسمة في علاجات تقويم الأسنان، وينطويان على نظرة ذاتية وتعقيد كبير. وتساعد أنظمة دعم القرار السريري المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تقليل هذه التحديات من خلال مساعدة الأطباء. وعلى سبيل المثال، فإن قرار خلع الأسنان هو قرار مهم في تقويم الأسنان ويمكن أن يختلف بين طبيب وطبيب. وأظهرت أنظمة دعم القرار المعتمدة على الشبكات العصبية الاصطناعية دقة عالية في تقدير قرارات خلع الأسنان، حيث بلغت دقتها 94 في المائة. يمكن استخدام هذه الأدوات أيضاً لتقييم احتياجات علاج تقويم الأسنان وتقدير نتائج العلاج.

تقييم التماثل الوجهي

> تقييم التماثل الوجهي والتنبؤ بموقع الأسنان المدفونة. تم تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي لتقييم التماثل الوجهي بدقة عالية قبل وبعد الجراحة الفكية باستخدام صور الأشعة المقطعية المخروطية (CBCT) للفم والأسنان، مما يوفر دقة تصل إلى 90 في المائة. وتساعد هذه النماذج أطباء تقويم الأسنان في الحصول على تقييم دقيق للحالة وتحليل التغيرات التي تحدث بعد الجراحة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بموقع واتجاه ووضع الأسنان المدفونة أو المطمورة، مثل الأنياب، مما يوفر لأطباء تقويم الأسنان تصوراً ثلاثي الأبعاد مفصلاً للحالة السريرية. ويساعد هذا التصور في صياغة خطة علاجية شاملة ومتكاملة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المعقدة للحالة، مما يضمن تحقيق أفضل النتائج العلاجية للمرضى وتقليل المخاطر المحتملة.

ماسحات ضوئية وطابعات تجسيمية

> التطورات في تكنولوجيا الماسحات الضوئية وعضات التقويم الشفاف. أحدثت التطورات في الماسحات الضوئية داخل الفم وتكنولوجيا الطابعة الثلاثية الأبعاد (التجسيمية) الطريق لتطوير برمجيات التنبؤ بالذكاء الاصطناعي لعلاج تقويم الأسنان.

> توفر هذه الأدوات الرقمية لتخطيط العلاج نهجاً دقيقاً لعلاج تقويم الأسنان، حيث تسمح لأطباء تقويم الأسنان بمحاكاة وتحريك الأسنان بدقة أثناء العلاج.

يتم صنع عضات التقويم الشفاف حسب خطة العلاج لتضمن ابتسامة جذابة ووظيفة فم طبيعية، مما يساعد في تحسين النتائج وتوضيح العملية العلاجية للمرضى.

> تقييم مجرى الهواء باستخدام الذكاء الاصطناعي. تلعب البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تقييم مجرى الهواء في تقويم الأسنان. يمكن لهذه البرمجيات تحديد أنماط مجرى الهواء، وتحديد التباينات التشريحية، وحساب حجم مجرى الهواء.

وتستخدم البرمجيات الترميز اللوني لتوفير تصور سهل لمجرى الهواء وهياكله، مما يساعد في صياغة أجهزة وعلاجات لوقف التنفس خلال النوم، وهو أمر مهم للغاية لصحة المريض.

رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان في الشرق الأوسط.