علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)
النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)
TT

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)
النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

ووفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية، فقد أشار فريق الدراسة، التابع لمعهد وايزمان الإسرائيلي إلى أن «نموذج الجنين»، تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية، و«يبدو كأنه مثال كتابي لجنين حقيقي عمره 14 يوماً».

ولفت الباحثون إلى أن الجنين المطوّر أطلق هرمونات جعلت اختبار الحمل إيجابياً في المختبر.

وقال فريق الدراسة إن الهدف من هذا الابتكار هو «التوصل لطريقة أخلاقية لفهم الفترات الأولى من حياة الأجنة، التي تزيد فيها فرص حدوث الإجهاض أو العيوب الخلقية».

واستخدم الباحثون مواد كيميائية لتحويل الخلايا الجذعية إلى 4 أنواع من الخلايا الموجودة في المراحل الأولى من تطور الجنين البشري، وهي الخلايا الأذينية، وخلايا الأرومة الغاذية المخلوية، وخلايا خارج المضغة «هيبوبلاست»، وخلايا الأديم المتوسط.

وتم خلط ما مجموعه 120 من هذه الخلايا بنسبة دقيقة، وبعد ذلك راقب الباحثون ما يحدث بها.

ووجد الفريق أن نحو 1 في المائة من هذا الخليط بدأ في تجميع نفسه تلقائياً في هيكل يشبه الجنين البشري.

وقال البروفسور جاكوب حنا، الذي شارك في هذا الابتكار: «عليك أن تجلب المزيج الصحيح في البيئة المناسبة، وهذا ما فعلناه. إنها نتيجة مذهلة حقاً».

ووصف الباحثون هذا الابتكار، الذي نُشرت تفاصيله في مجلة «نيتشر»، بأنه أول نموذج جنين «كامل» يمتلك كل الخصائص الهيكلية الرئيسية التي تظهر في الجنين الحقيقي في مراحل تطوره المبكرة.

وأثار هذا الابتكار كثيراً من المخاوف القانونية والأخلاقية، حيث قال عدد من الخبراء إنه لا توجد حالياً لوائح واضحة تحكم هذا النوع من الابتكارات، وتضع قيوداً على استخداماتها.


مقالات ذات صلة

جهاز يُشبه شَعر الإنسان لمراقبة نشاط الدماغ

يوميات الشرق يثبّت الجهاز مباشرةً على فروة الرأس (جامعة ولاية بنسلفانيا)

جهاز يُشبه شَعر الإنسان لمراقبة نشاط الدماغ

ابتكر فريق من الباحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية جهازاً (قطباً كهربياً) يُشبه شَعر الإنسان لمراقبة النشاط الكهربائي للدماغ على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص المختبر يُجسد رؤية «مايكروسوفت» للشمولية والتزامها بتمكين ذوي الإعاقة عبر تكنولوجيا تلبي احتياجاتهم (الشرق الأوسط)

خاص «الشرق الأوسط» تدخل مختبر «مايكروسوفت للتكنولوجيا الشاملة» في أميركا

يُجسد المختبر التزام «مايكروسوفت» بتوفير تكنولوجيا تخدم جميع الأفراد بغض النظر عن قدراتهم البدنية أو الإدراكية.

نسيم رمضان (سياتل - الولايات المتحدة)
علوم ذراع روبوتية ذكية (جامعة فيينا للتكنولوجيا)

تطوير روبوت لتنظيف دورات المياه

نجح فريق من الباحثين في تطوير روبوت جديد يمكنه أن يحاكي حركات البشر في تنظيف دورات المياه بكفاءة عالية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك الجهاز يحتوي على شبكة من 19 مشغلاً مغناطيسياً محاطاً بمادة سيليكون مرنة (جامعة نورث وسترن)

جهاز يوجه المكفوفين لتجنب العوائق والحفاظ على التوازن

طوّر فريق من المهندسين، بقيادة جامعة نورث وسترن الأميركية، جهازاً قابلاً للارتداء يحاكي حاسة اللمس؛ لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية ومستخدمي الأطراف الاصطناعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق نسخة مُكبرة من البطارية (جامعة أكسفورد)

بطارية ليثيوم قابلة للتحلُّل داخل الجسم

حقّق باحثو جامعة «أكسفورد» البريطانية خطوة مهمّة نحو إنتاج بطاريات ذكية مصغَّرة وناعمة الملمس يمكن استخدامها في مجموعة متنوّعة من التطبيقات الطبّية داخل الجسم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

اكتشاف إنزيم في بكتيريا الأمعاء يمنع اليرقان

اكتشاف إنزيم في بكتيريا الأمعاء يمنع اليرقان
TT

اكتشاف إنزيم في بكتيريا الأمعاء يمنع اليرقان

اكتشاف إنزيم في بكتيريا الأمعاء يمنع اليرقان

لمدة قرنين تقريباً، حيَّر البيليروبين -وهو صبغة صفراء تنتج عندما تتحلل خلايا الدم الحمراء- العلماء. وبينما يتسبب تراكمه في حدوث اليرقان، مما يحوِّل الجلد والعينين إلى اللون الأصفر، ظل الإنزيم المسؤول عن تحلله لغزاً. والآن، حددت دراسة بارزة نُشرت في مجلة «Nature Microbiology» هذا الإنزيم المراوغ وهو: إنزيم اختزال البيليروبين (BilR)، الذي تُنتجه بكتيريا الأمعاء.

لغز البيليروبين

لا يحل هذا الاكتشاف لغزاً بيولوجياً طويل الأمد فحسب، بل يكشف أيضاً عن كيفية مساهمة الاضطرابات في ميكروبيوم أمعائنا في أمراض مثل مرض التهاب الأمعاء (IBD) واليرقان عند حديثي الولادة.

والبيليروبين هو منتج نفايات يتم إنتاجه في أثناء إعادة تدوير الهيموغلوبين من خلايا الدم الحمراء المتقدمة في العمر. وفي العادة تجري معالجة البيليروبين بواسطة الكبد، ثم يتم إفرازه في الأمعاء، ثم يتم تكسيره بواسطة البكتيريا أو إعادة امتصاصه. ويؤدي الإفراط في إعادة الامتصاص إلى فرط بيليروبين الدم، مما يسبب اليرقان. وفي الحالات الشديدة قد يسبب تلف الأعصاب.

بحلول سبعينات القرن العشرين اشتبه الباحثون في أن البشر يفتقرون إلى الإنزيم اللازم لتحلل البيليروبين داخلياً واعتمدوا بدلاً من ذلك على ميكروبات الأمعاء. ومع ذلك فقد ثبت أن تحديد اللاعبين البكتيريين الدقيقين -وآلياتهم الجينية- غير مجدٍ لعقود من الزمن.

فك الشفرة

تعاون شياوفانغ جيانغ، عالم الأحياء الحاسوبية في المعاهد الوطنية للصحة، وبرانتلي هول، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة «ماريلاند»، للعمل على فرضية بسيطة: مقارنة الجينات في البكتيريا التي تهضم البيليروبين بتلك التي لا تعالج هذه الصبغة. ولكن مع وجود عدد قليل فقط من البكتيريا الهاضمة المعروفة، كان عليهم أولاً توسيع قائمة المشتبه بها.

وباستخدام اختبار جديد قائم على الفلورسنت، عرّض الفريق مزارع بكتيرية للبيليروبين واليود. وعندما يتحلل البيليروبين تتفاعل منتجاته الثانوية مع اليود لإصدار الضوء. وقد كشفت هذه الطريقة عن تسعة أنواع جديدة كلها ضمن البكتيريا المؤتلفة Firmicutes phylum (هي شعبة من البكتيريا معظمها يحتوي على جدران خلوية من النوع موجبة الجرام) قادرة على هضم الصبغة.

بعد ذلك، كشفت المقارنات الجينومية عن جين مشترك بين هذه الأنواع: «إنزيم من نوع أوكسيدوردوكتاز» يستهدف على الأرجح الروابط المزدوجة الأربعة للبيليروبين بين ذرات الكربون. وللتأكد من ذلك نقل الباحثون الجين إلى بكتيريا غير قادرة على الهضم. ومن المثير للدهشة أن هذه الميكروبات المعدلة وراثياً اكتسبت قدرات كاملة على إجراء تحلل البيليروبين.

وقال هول: «افترضت النظريات السابقة أن هناك حاجة إلى أربعة إنزيمات منفصلة. لكن إنزيم اختزال البيليروبين وحده يتعامل مع الروابط الأربعة. إنه (سكين الجيش السويسري) في الكيمياء الحيوية».

ثم قام الفريق بتحليل 1801 ميكروبيوم أمعاء بالغ سليم، ووجدوا إنزيم اختزال البيليروبين في 99.9 في المائة من الأفراد، على الرغم من الاختلافات الشاسعة في التركيب الميكروبي. قال جيانغ: «هذا الإنزيم هو حماية بشرية عالمية». ومع ذلك، تتغير الصورة في حالات المرض: أكثر من 30 في المائة من مرضى التهاب الأمعاء، و70 في المائة من الأطفال حديثي الولادة الذين تقل أعمارهم عن شهر واحد يفتقرون إلى البكتيريا المنتجة إنزيم اختزال البيليروبين.

قد يفسر هذا الغياب سبب الإصابة باليرقان عند الأطفال حديثي الولادة بنسبة 60 في المائة من الرضع. وأشار هول إلى أن «ميكروبيوم الأمعاء لم يتم تأسيسه بالكامل عند الولادة، ومن دون إنزيم اختزال البيليروبين، ترتفع إعادة امتصاص البيليروبين، مما يتسبب في الاصفرار الذي نراه». وبالمثل، يمكن أن يؤدي خلل التوازن المعوي المرتبط بالتهاب الأمعاء إلى تفاقم تراكم البيليروبين، مما قد يؤدي إلى تفاقم الالتهاب.

من الاكتشاف إلى العلاج

وقد وصف زاكاري كيب، وهو عالم عقاقير في جامعة كنتاكي غير مشارك في الدراسة، تحديد إنزيم اختزال البيليروبين بأنه «علامة فارقة تفتح الأبواب لاستهداف البيليروبين في أمراض مثل تليف الكبد أو الاضطرابات الوراثية». ومن جهته سلَّط تيري هيندز، وهو باحث مستقل آخر، الضوء على الاحتمالات الانتقالية: «هل يمكننا إنشاء البروبيوتيك باستخدام إنزيم اختزال البيليروبين لعلاج اليرقان؟ أو هندسة نماذج الفئران لدراسة آثاره؟».

ويتطلع جيانغ وهول بالفعل إلى ما هو أبعد من إنزيم اختزال البيليروبين. وأعلنا: «هذا جزء واحد من لغز أكبر. تشفِّر بكتيريا الأمعاء عدداً لا يُحصى من الإنزيمات غير المعروفة المهمة لصحة الإنسان. يمكن أن تساعدنا المعلوماتية الحيوية في العثور عليها».

وتؤكد الدراسة الإدراك المتزايد: تعتمد صحة الإنسان على رقصة تكافلية مع سكاننا الميكروبيين. ويوضح دور إنزيم اختزال البيليروبين في استقلاب البيليروبين كيف تعوِّض بكتيريا الأمعاء «الفجوات» الجينية البشرية. ومع ذلك، وكما أكد هول، «فإن فهم هذا الحوار بين المضيف والميكروبيوم هو المفتاح لاكتشاف علاجات جديدة».

وفي حين أن اكتشاف إنزيم اختزال البيليروبين يعد نوعاً من التحول، فإن الأسئلة لا تزال قائمة. لماذا يفتقر بعض البالغين إلى هذه البكتيريا على الرغم من عدم وجود مرض واضح؟ هل يمكن لمكملات إنزيم اختزال البيليروبين تقليل البيليروبين في الفئات المعرَّضة للخطر؟ وهل يمكن لاستعادة الميكروبات المنتجة لإنزيم اختزال البيليروبين أن تخفِّف من حالات مثل مرض التهاب الأمعاء؟

في الوقت الحالي، جعلَ الفريقُ التسلسلَ الجيني لإنزيم اختزال البيليروبين متاحاً للجمهور، وحثّوا الباحثين العالميين على البناء على نتائج عملهم.