ابتكار ثوري يمهد لإنتاج ساعات وهواتف تعمل بالطاقة النووية

ستتيح الساعات النووية إنتاج هواتف فائقة الأداء (رويترز)
ستتيح الساعات النووية إنتاج هواتف فائقة الأداء (رويترز)
TT

ابتكار ثوري يمهد لإنتاج ساعات وهواتف تعمل بالطاقة النووية

ستتيح الساعات النووية إنتاج هواتف فائقة الأداء (رويترز)
ستتيح الساعات النووية إنتاج هواتف فائقة الأداء (رويترز)

طوّر فريق من الباحثين، بقيادة جامعة كاليفورنيا الأميركية في لوس أنجليس، طريقة بسيطة للغاية وغير مكلفة، قد تمهد الطريق لصنع ساعات نووية اقتصادية وصغيرة الحجم، بحيث يمكن استخدامها يوماً ما في هواتفنا أو حتى ساعات اليد، بالإضافة إلى استبدال الساعات في شبكات الطاقة وأبراج الهواتف المحمولة وأقمار نظام تحديد المواقع العالمي( GPS).

ووفق دراستهم المنشورة، الأربعاء، في دورية «نيتشر»، يمكن استخدام الساعات الجديدة أيضاً للملاحة في بيئات تفتقر إلى نظام تحديد المواقع العالمي، مثل الفضاء السحيق أو الغواصات.

وكان الفريق قد حقق في العام الماضي إنجازاً سعى إليه العلماء لخمسين عاماً؛ فقد تمكنوا من جعل نوى الثوريوم المشعة تمتص وتبعث الفوتونات كما تفعل الإلكترونات في الذرة. كان هذا الإنجاز بمثابة تحقيق حلم طرحوه لأول مرة عام 2008، ومن المتوقع أن يُبشّر بعصر جديد من ضبط الوقت بدقة عالية، مع تأثير كبير على الملاحة. وقد يُفضي أيضاً إلى اكتشافات علمية جديدة تُعيد صياغة بعض الثوابت الأساسية للطبيعة.

لكن كان هناك عقبة واحدة؛ فنظير الثوريوم المطلوب، الثوريوم - 229، لا يوجد إلا في اليورانيوم المستخدم في الأسلحة. ولذلك، يُقدّر أن نحو 40 غراماً فقط منه هي المتوفرة حالياً في جميع أنحاء العالم لاستخدامها في الساعات النووية. ولكن الفريق نجح تحت قيادة الفيزيائي إريك هدسون، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، في تطوير طريقة لاستخدام جزء صغير فقط من الثوريوم لتحقيق النتائج نفسها التي حققوها في عملهم السابق باستخدام بلورات متخصصة.

تصنيع البلورات

قال ريكي إلويل، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، والحائز على جائزة «ديبورا جين» لعام 2025 لأفضل بحث في أطروحة الدكتوراه في الفيزياء الذرية عن إنجازه الرائد العام الماضي: «لقد بذلنا كل الجهد في تصنيع البلورات».

وفي العمل الجديد، قام فريق هدسون بترسيب كمية ضئيلة من الثوريوم على الفولاذ المقاوم للصدأ باستخدام تقنية الطلاء الكهربائي، وذلك بتعديل طفيف لطريقة تُستخدم في طلاء المجوهرات. تعتمد هذه التقنية، التي اختُرعت في أوائل القرن التاسع عشر، على تمرير تيار كهربائي عبر محلول موصل للكهرباء لترسيب طبقة رقيقة من الذرات من معدن إلى آخر. في صناعة المجوهرات، على سبيل المثال، يُطلى عنصر الفضة أو الذهب كهربائياً على قاعدة من معدن أقل قيمة.

يقول هدسون: «استغرقنا 5 سنوات لاكتشاف كيفية إنماء البلورات، والآن توصلنا إلى كيفية الحصول على النتائج نفسها باستخدام إحدى أقدم التقنيات الصناعية، وباستخدام كمية من الثوريوم أقل بألف مرة». وأضاف: «لطالما افترض الجميع أنه من أجل إثارة الثوريوم ومراقبة انتقاله النووي، يجب تضمينه في مادة شفافة للضوء المستخدم في إثارة النواة. وفي هذا العمل، أثبتنا أن هذا غير صحيح».

ولطالما سُعيَ إلى تطوير ساعات الجيل القادم كحلٍّ لمشكلة ذات تأثير بالغ على الأمن القومي: الملاحة دون نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). فإذا ما عطّل مُخرِّبٌ - أو حتى عاصفة كهرومغناطيسية - عدداً كافياً من الأقمار الاصطناعية، ستتعطل جميع أجهزة الملاحة بنظام تحديد المواقع العالمي. وبالمثل، تستخدم الغواصات التي تغوص في أعماق المحيط، حيث لا تصل إشارات الأقمار الاصطناعية، الساعات الذرية للملاحة، إلا أن الساعات الحالية ليست دقيقة بما يكفي، وبعد بضعة أسابيع، يتعين على الغواصات الصعود إلى السطح للتحقق من موقعها. في هذه البيئات القاسية، تتفوق الساعة النووية، الأكثر حمايةً لبيئتها، على الساعات الذرية الحالية.

ساعات دقيقة

ووفق النتائج، قد تُسهم ابتكارات مثل هذه في تطوير ساعات أكثر دقةً وثباتاً، وهو أمرٌ بالغ الأهمية لكثير من تطبيقات الفضاء. وكما صرّح إريك بيرت، الذي يرأس مشروع الساعة الذرية عالية الأداء في مختبر الدفع النفاث التابع لـ«ناسا»، والذي لم يشارك في البحث: «يُمكن لساعات الثوريوم النووية أن تُحدث ثورةً في وضع مقياس زمني على مستوى النظام الشمسي، وهو أمرٌ ضروري لوجود بشري دائم على الكواكب الأخرى».


مقالات ذات صلة

كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

أثارت تصريحات متكررة بشأن اقتراب رفع عقوبات «كاتسا» وإعادتها إلى برنامج تطوير مقاتلات «إف-35» تساؤلاً حول كيفية تخليها عن منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (رويترز) play-circle

وزير الحرب الأميركي: سنجري اختبارات على الأسلحة النووية «مثلما يفعل الآخرون»

أعلن وزير الحرب الأميركي، السبت، أن بلاده ستجري اختبارات على الأسلحة النووية ووسائل إطلاقها، «تماماً مثلما يفعل الآخرون»، في إشارة على ما يبدو إلى روسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)

«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس (الجمعة)، أن الدرع الواقية في محطة تشرنوبل النووية بأوكرانيا لم تعد بإمكانها أداء وظيفتها الرئيسية

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أفريقيا منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (داكار)
الخليج رافائيل غروسي يلقي كلمته التي بثت خلال المؤتمر بالفيديو (الشرق الأوسط)

وكالة الطاقة الذرية تدعو من الرياض لتوحيد جهود العالم في الاستجابة للطوارئ

دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى ضرورة تطوير التنسيق الدولي لمواجهة التحديات التي استجدت والجرأة في توظيف الابتكار والتقنيات الحديثة في مواجهة الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المد البشري» للمخرج البريطاني ديفيد وارد... ما خلف حكايات الحج

 ‎⁨ينطلق الوثائقي من أقصى الشمال البارد في السويد لشاب يحلم بالحج (لقطة من الفيلم)⁩
‎⁨ينطلق الوثائقي من أقصى الشمال البارد في السويد لشاب يحلم بالحج (لقطة من الفيلم)⁩
TT

«المد البشري» للمخرج البريطاني ديفيد وارد... ما خلف حكايات الحج

 ‎⁨ينطلق الوثائقي من أقصى الشمال البارد في السويد لشاب يحلم بالحج (لقطة من الفيلم)⁩
‎⁨ينطلق الوثائقي من أقصى الشمال البارد في السويد لشاب يحلم بالحج (لقطة من الفيلم)⁩

في قاعة يملأها الانتباه المشدود والدهشة الصامتة، قدّم فيلم «المد البشري» للمخرج البريطاني ديفيد وارد واحدة من أكثر التجارب الوثائقية قرباً من جوهر الحج وروحه، حيث لم يتجه الفيلم إلى الصورة التقليدية للجموع ولا إلى المشاهد العامة للطقوس، بل اقترب من الإنسان نفسه، من تفاصيله الصغيرة، من دوافعه، ومن تلك اللحظة التي تتحول فيها رحلة العمر إلى مرآة داخلية.

⁨بوستر الفيلم (مهرجان البحر الأحمر)⁩

من السويد.. حجّ للتعافي

تبدأ الرحلة من أقصى الشمال البارد، من السويد تحديداً، حيث يجلس الشاب يوسف بجوار والده، وهما يستعدان لمسافة تتجاوز السبعة آلاف كيلومتر نحو مكة، وقد تبدو الرحلة مجرد أداء فريضة طال انتظارها، لكن كاميرا وارد تعرف منذ البداية أن ما في داخل يوسف أكبر من مناسك، فهو يحمل ندبة الانفصال بين والديه.

والحج بالنسبة ليوسف ليس ركناً فحسب، بل محاولة لالتقاط ما تبقّى من يقين. وفي التفاصيل الصغيرة، لحظة يد الأب على كتف ابنه، ارتجافة يوسف في الطواف، بكاء والده حين يهمس بالدعاء باسمه، ينحت الفيلم رحلة تعاف أكثر منها رحلة عبادية، ويمنح الأب ابنه مساحة ليعيد ترتيب روحه، ويمنح الحج لهما فرصة نادرة لترميم علاقة شعثها الزمن.

⁨لحظة وجدانية عميقة خلال الوقوف في عرفة خلال الحج (لقطة من الفيلم)⁩

من أوغندا.. بكاء ثم ولادة

في أوغندا، يقف زوجان بسيطان أمام الكاميرا ويقولان بوضوح عفوي: «لسنا متدينين كثيراً... لكننا نعرف أن الحج ركن عظيم»... كلمات تبدو عادية، لكنها تخفي خلفها سنوات طويلة من محاولات الإنجاب التي لم تُكتب لها نتيجة، حيث يروي الزوجان كيف خصّصا كل ما ادّخراه للحج، وكيف توقّفا عن شراء «الأشياء الرفاهية» لأجل ذلك.

تتصدّر الزوجة المشهد بعفويتها ودموعها في يوم عرفة، تتوسّل بلا انقطاع، كأنها تحمل على كتفيها ثقل الضغوط العائلية والمجتمعية التي طاردتها لسنوات. وبعد العودة إلى أوغندا، يعود الفيلم إليهما في واحدة من أكثر لحظاته تأثيراً، حيث يعلن أن الزوجة حامل. وبعد أشهر تُنجب ابنة تغيّر شكل الأسرة كلّه، ولا يتعامل وارد مع الحدث بوصفه معجزة، بل بوصفه بُشرى، وواحدة من تلك اللحظات التي يدخل فيها اليقين القلب من بابٍ لا يراه أحد.

⁨داخل صالة العرض الأول للفيلم في مهرجان البحر الأحمر (تصوير: إيمان الخطاف)⁩

من برمنغهام... انتصار «مريم»

من بريطانيا تأتي واحدة من أكثر الحكايات عمقاً، لزوج من الصم، ترافقه زوجته مريم التي تولّت دور المترجمة طوال الرحلة، لكن التركيز هذه المرة ليس على الزوج، بل على مريم نفسها، فهي امرأة تخفي وراء ابتسامتها فوبيا من الحشود، وقلقاً اجتماعياً يربك تواصلها مع الآخرين. وفي مكة، حيث لا هروب من الزحام، تجد مريم نفسها فجأة في مواجهة أقسى مخاوفها.

في لقطات حقيقية وشفافة، نراها تتعثر، ترتبك، تلتفت يميناً ويساراً كمن يبحث عن مخرج. لكن الحج - كما يُبيّن الفيلم - ليس مكاناً للانكسار، بل للاكتشاف. وحين تعود مريم إلى برمنغهام، تعترف بأنها تغيّرت، قائلة: «لم أعد الشخص ذاته»، تقول وهي تبتسم: «تجاوزت شيئاً كبيراً»، وتترك الجملة معلّقة، كأنّها تشير إلى أن الطريق إلى مكة لم يكن يتجه جنوباً فحسب، بل إلى داخلها أيضاً.

آباء وأمهات يغيّرهم الحج

ومن قلب كينيا، تعرف الكاميرا طريقها إلى رجل آخر، لكنه هذه المرة ليس حاجاً، بل مرافق لآلاف الحجاج عبر ثلاثة عقود، عبر قائد حملة كيني يروي تجربته في خدمة ضيوف الرحمن، وتلمع عيناه حين يتحدث عن ابنه الصغير، الذي يحلم بأن يواصل المسيرة من بعده، ما يمنح الفيلم صوتاً نادراً لفئة لا تظهر كثيراً في الأعمال الوثائقية، وهم أولئك الذين يعيشون موسم الحج عاماً بعد عام، يحفظون تفاصيله، وينقلون خبرته جيلاً بعد جيل، ويعرفون معنى العطاء وسط المدّ البشري أكثر من أي أحد آخر.

أما من رينهام في المملكة المتحدة، فتأتي قصة امرأة بريطانية لم تستطع أداء الحج إلا بصحبة ابنها حمزة، بوصفه محرماً. يتحوّل الحج إلى مساحة لإعادة اكتشاف العلاقة بينهما. وفي لقطات صادقة، تُرى الأم وهي تحاول إخفاء دهشتها من نضج ابنها، فيما يمشي حمزة بجوارها بثقة تُشعرها بالأمان.

رحلة زوجين نحو الحج من لندن إلى مكة المكرمة (لقطة من الفيلم)

من لندن... زوجان وحياة جديدة

ويمضي الفيلم إلى لندن، حيث تعيش امرأة تركت الصلاة فترةً طويلة ثم شعرت بإحساس عميق بعدم الارتياح، قبل أن تقرر تغيير مسار حياتها، ونظرة واحدة في عينيها تكفي لتفهم أن الحج بالنسبة لها ليس قراراً عابراً، حيث تقول: «أريد تهذيب روحي»، وهي تستعد للسفر مع زوجها الذي يمر هو الآخر بأزمة ضياع روحي بعد سنوات ابتعد فيها عن العبادة.

يقرر الزوجان خوض الرحلة معاً، كأنهما يختبران إمكانية بناء حياة جديدة فوق أرضٍ أكثر ثباتاً، وخلال الحج، يتغيّر شيء داخلهما، إذ يقتربان، يتساندان، ويبدو أنّهما يجدان في رحلة المشاعر والإيمان ما لم يجداه في المحاولات اليومية، وفي واحدة من أجمل لقطات الفيلم، يتبادل الزوجان نظرة صامتة في يوم عرفة، نظرة تكفي لتشرح كل شيء.

لوحة إنسانية تجمعها مكة

لا يقدم «المد البشري» الحج بوصفه حدثاً ضخماً فحسب، بل بوصفه حدثاً فردياً، فلا الجموع هي البطل، ولا الشعائر، بل هؤلاء الأفراد الذين يقفون في قلب الزحام، حاملين قصصهم السرية، جروحهم، رغباتهم، صلواتهم، أسئلتهم التي لا يجرأون على قولها بصوتٍ مرتفع. ويمزج المخرج وارد بين أصوات أبطاله، كما يتيح لهم مساحات طويلة للسرد، لتتكوّن من القصص الست لوحة كبيرة، تتجاوز الحدود الدينية والجغرافية، وتكشف عن أن الحج بكل روحه وقدسيته ليس فقط رحلة نحو مكان، بل رحلة نحو الذات.

The extension has been updated. Please reload page to enable spell and grammar checking.


كيف تمنع الآخرين من إفساد مزاجك ويومك؟

سلوك الآخرين لا يعكس إلا ذواتهم ولا يجب أن تعتمد سعادتنا على أفعالهم (بيكسلز)
سلوك الآخرين لا يعكس إلا ذواتهم ولا يجب أن تعتمد سعادتنا على أفعالهم (بيكسلز)
TT

كيف تمنع الآخرين من إفساد مزاجك ويومك؟

سلوك الآخرين لا يعكس إلا ذواتهم ولا يجب أن تعتمد سعادتنا على أفعالهم (بيكسلز)
سلوك الآخرين لا يعكس إلا ذواتهم ولا يجب أن تعتمد سعادتنا على أفعالهم (بيكسلز)

نمر جميعنا بتجارب مع أشخاص وقحين، وظالمين، أو حتى فظين. قد يكون ذلك عبارة عن انتقاد يقدمه مديرنا، أو غضب يصبه علينا أحد أفراد العائلة. مهما كان السبب، تبقى هذه المواقف عالقة في أذهاننا، كأنها لحن مزعج يتردد في رؤوسنا. في كل مرة نسترجع فيها تلك الذكرى، نتذوق مرارة غضبنا، وإحباطنا.

نقول لأنفسنا: «لا أصدق أنهم قالوا ذلك!» ونحن نفكر في كل ما كان يجب أن نقوله حينها لنرد عليهم. قد نشعر بانزعاج شديد عندما يتهمنا أحدهم بفعل شيء خاطئ، ويزداد الأمر سوءاً إذا كان الاتهام باطلاً. والأسوأ من ذلك كله، أننا نعلم أنهم ربما تجاوزوا الأمر منذ زمن، وبقينا نحن نعاني من تبعاته النفسية، وفقاً لما كتبه الدكتور سيث ج. جيليان، اختصاصي علم النفس السريري، في موقع «ويب ميد».

كيف نتجنب السماح لسلوك الآخرين السيئ تجاهنا بتعكير صفو يومنا؟

تقبّل الأمر

ابدأ بالتقبّل. ولا يُقصد هنا تبرير سلوكهم، أو الاستسلام لهم. القبول هنا يعني الاعتراف بأن هذا النوع من الأمور يحدث في عالمنا. يتصرف الناس بظلم. يرتكب السائقون تصرفات طائشة. يزعجنا زملاء العمل. يكمن جزء كبير من الصراع الذي يُعيقنا بعد هذه المواجهات في إصرارنا على أننا لا نستطيع تصديق ما فعلوه. تخلَّ عن هذا الرفض عندما تلاحظه. حاول أن تقول بدلاً من ذلك: «بالطبع فعلوا. أحياناً يكون الناس هكذا»، وفقاً لجيليان.

قد تحتاج أيضاً إلى تقبُّل أن النتيجة لن تكون عادلة، رغم رغبتنا الشديدة في الانتقام.

أعد تعريف «الفوز»

إذا كنت ترغب في تجاوز شعورك بالخسارة وفوزهم، فأعد النظر في تفسيرك للفوز والخسارة في هذه المواجهات. من غير المرجح أن يُشعرك الرد بالمثل بتحسن. بل قد نشعر بانزعاج مضاعف عندما نسمح لأنفسنا بالاستفزاز -مرة بسبب الهجوم الأول، ومرة ​​أخرى بسبب الانجرار وراء استفزازهم، والانحدار إلى مستواهم.

إذا كنت ترغب في الانتقام من هذا الشخص، فذكّر نفسك بأن الرد بالمثل ليس هو الحل. إذا كان «العيش الرغيد هو أفضل انتقام»، فإن أفضل رد قد يكون تجاهل الموقف المزعج، والعودة للاستمتاع بيومك، بحسب الدكتور جيليان.

تخلص من الندم

في أغلب الأحيان، عندما نفاجأ بتصرفات غير لائقة، نفكر لاحقاً في ردٍّ قوي، ومقنع، نعتقد أنه كان سيضع الشخص الآخر عند حده. لكنّ تصوراتنا عن كيف كان من الممكن أن تسير الأمور ربما ليست واقعية، وفقاً لـتقرير «ويب ميد».

يتمتع الأشخاص المزعجون بمهارة فائقة في صدّ الردود الساخرة، وتوجيهها ضدّ مصدرها. ربما لديهم خبرة أكبر منك في الإساءة، ولذا فهم أكثر براعةً في ذلك. من الممتع تخيّل أن تكون لنا الكلمة الأخيرة، لكن على الأرجح لن نحظى بالرضا الذي نريده. لهذا السبب، يمكننا التخلي عن الندم وتقبّل حقيقة أننا لسنا بارعين في القسوة، بحسب الدكتور جيليان.

راقب غضبك

قد يؤدي سوء المعاملة إلى نوع من «الانزعاج المفرط»، أي الانزعاج من الانزعاج نفسه. قد ندرك أنه لا جدوى من الاستمرار في التفكير في الحادثة، لكننا نعيدها مراراً، وتكراراً. كلما حاولنا إجبار أنفسنا على التوقف عن التفكير فيها، ازداد تأثيرها على وعينا.

بدلاً من مقاومة ما يفعله العقل، غيّر منظورك. مهما كان ما تفكر فيه، أو تشعر به، خذ خطوة إلى الوراء، وراقبه. لاحظ كم هي تجربة مثيرة للاهتمام التي تمر بها الأحاسيس الجسدية، وتأثيرها على تنفسك، والأفكار، والتخيلات التي تجول في ذهنك. راقب الغضب، والاجترار، بدلاً من التماهي التام معهما.

امتلك سعادتك

قد تعتقد ضمنياً أن الآخرين هم من يحددون سعادتك: إذا أحسنوا معاملتك، شعرت بالرضا؛ وإن لم يفعلوا، شعرت بالضيق. لكن في الحقيقة، سلوك الآخرين لا يعكس إلا ذواتهم، ولا يجب أن تعتمد سعادتنا على أفعالهم. مجرد أن يلقي أحدهم شيئاً علينا لا يعني أن نأخذه. لسنا مضطرين لتفويض سعادتنا لأحد، بحسب ما شرحه جيليان.

يكمن السر في أن نقرر مسبقاً أن نجد الرضا في داخلنا؛ فإذا انتظرنا حتى يستفزنا شيء ما، نكون قد غرقنا بالفعل. يمكننا أن نبدأ بخطوات صغيرة، فنقرر أن نمتلك سعادتنا اليوم. هذا القرار لا ينطبق فقط على معاملة الآخرين لنا، بل على الحياة عموماً. لا شيء خارج أنفسنا يجب أن تكون له الكلمة الأخيرة فيما إذا كنا بخير أم لا، حيث أشار جيليان إلى أن العزم على اختيار سعادتك بنفسك هو القوة الأساسية.


المصري عباس الجمل يحصد جائزة «نوابغ العرب» للهندسة والتكنولوجيا

تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على الإنجازات العربية والتعريف بأثرها في مسيرة التنمية والحضارة الإنسانية (الشرق الأوسط)
تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على الإنجازات العربية والتعريف بأثرها في مسيرة التنمية والحضارة الإنسانية (الشرق الأوسط)
TT

المصري عباس الجمل يحصد جائزة «نوابغ العرب» للهندسة والتكنولوجيا

تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على الإنجازات العربية والتعريف بأثرها في مسيرة التنمية والحضارة الإنسانية (الشرق الأوسط)
تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على الإنجازات العربية والتعريف بأثرها في مسيرة التنمية والحضارة الإنسانية (الشرق الأوسط)

حصد البروفسور المصري عباس الجمل جائزة «نوابغ العرب» عن فئة الهندسة والتكنولوجيا لعام 2025. والجائزة التي تسلط الضوء على الإنجازات العربية والتعريف بأثرها في مسيرة التنمية والحضارة الإنسانية، أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، البروفسور عباس الجمل على فوزه، مؤكداً أن إنجازاته تجسد الدور المحوري للعقول العربية في تطوير الهندسة والابتكارات التكنولوجية التي تسهم في نهضة المنطقة وخدمة البشرية.

وأوضح نائب رئيس دولة الإمارات، في منشور على منصة «إكس»، أن اختيار الجمل، بعد تلقي آلاف الترشيحات، جاء تقديراً لإسهاماته الرائدة في نظرية معلومات الشبكات التي أسست لمفاهيم حديثة غيّرت مسار الاتصالات الرقمية ووضعت الأسس الرياضية لأداء شبكات الاتصال الحديثة.

ويشغل البروفسور عباس الجمل كرسي «هيتاشي أميركا» في كلية الهندسة بجامعة ستانفورد الأميركية، وقدّم على مدى عقود إسهامات بارزة في نظرية المعلومات والشبكات وأنظمة الحوسبة والتصوير الرقمي. وأسهمت أبحاثه في تطوير مصفوفات البوابات القابلة للبرمجة (FPGA) التي أحدثت تحولاً في تصميم الدوائر الإلكترونية وأنظمة الحوسبة المتقدمة، كما شارك في تطوير بنى «Routing Architecture» المعتمدة في الشرائح الذكية، وقاد تطوير مستشعرات الصور بتقنية «CMOS» التي تشكل اليوم التقنية الأساسية في كاميرات الهواتف الذكية والأجهزة الرقمية.

محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء في الإمارات ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب» خلال اتصال مرئي بالبروفسور المصري عباس الجمل (وام)

ونشر الجمل أكثر من 230 بحثاً علمياً، وله مؤلفات مرجعية أبرزها كتاب «نظرية معلومات الشبكات» الصادر عن جامعة كامبريدج، والذي يعد مرجعاً أساسياً في كليات الهندسة والتكنولوجيا حول العالم، كما يمتلك عشرات براءات الاختراع في مجالات الشبكات والشرائح والأنظمة الرقمية، ما رسّخ مكانته كمرجع عالمي في مجالات الاتصالات والشبكات الذكية.

من جهته، قال محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، إن تكريم المبدعين العرب مثل الجمل يمثل ركيزة في جهود استئناف الدور الحضاري للعالم العربي في مجالات العلوم والابتكار الهندسي والتقني.

وتُمنح جائزة «نوابغ العرب» ضمن 6 فئات رئيسية تشمل الهندسة والتكنولوجيا، والطب، والاقتصاد، والعلوم الطبيعية، والأدب والفنون، والعمارة والتصميم، بوصفها مشروعاً استراتيجياً لبناء الإنسان العربي وتحفيز الإنتاج العلمي والمعرفي والإبداعي. وتُوصَف المبادرة بأنها «نوبل العرب»، إذ تسهم في إبراز نماذج عربية ملهمة، وتشجيع الهجرة العكسية للعقول، وتحفيز الأجيال الشابة على تحويل طموحاتها العلمية إلى مشاريع مؤثرة في تنمية مجتمعاتها وتعزيز حضور المنطقة العربية في مسيرة التقدم الإنساني.