أعمال «بينالي مكتبة الإسكندرية العاشر» تصالح الطبيعة

يضم عشرات الأعمال من مصر وكندا وفرنسا وكولومبيا

جانب من افتتاح البينالي (مكتبة الإسكندرية)
جانب من افتتاح البينالي (مكتبة الإسكندرية)
TT

أعمال «بينالي مكتبة الإسكندرية العاشر» تصالح الطبيعة

جانب من افتتاح البينالي (مكتبة الإسكندرية)
جانب من افتتاح البينالي (مكتبة الإسكندرية)

ربما دفع تأجيل بينالي الإسكندرية لـ«كتاب الفنان»، منذ عام 2020 بسبب جائحة كورنا، فنانين من مصر وفرنسا وكولومبيا وكندا إلى المشاركة في دورته العاشرة التي انطلقت مساء الثلاثاء بقاعتي المكتبة الشرقية والغربية، وتقديم أعمال تبرز فيها محبة الجمال والدعوة لمصالحة الطبيعة، والعودة للجذور، وقد ظهر هذا الاتجاه بشكل عام في معظم موضوعات الكتب، وأساليب التلوين، وأدوات الطباعة بما فيها استخدام الألواح الخشبية والتي نتج عنها نوع من التلقائية والبساطة، وأدى لظهور أعداد قليلة جدا من نسخ الكتب، لم تتجاوز أكثر من خمسة في بعض الأحيان.
يتضمن البينالي الذي يعقد كل عامين، في دورته الجارية، مشاركة 18 فناناً مصرياً، و14 فنانا كنديا، بجانب مشاركات عدة من كولومبيا، ودور نشر فرنسية على غرار دار نشر لأديان ومقرها مدينة نيس، والتي يحرص مديرها جون بول أوريليا على المشاركة الدائمة في البينالي، وتقديم الأعمال الفنية الأصلية المعروضة كهدية لمكتبة الإسكندرية لتبقى ضمن مجموعة مقتنياتها الدائمة.
ومن بين الأعمال المصرية التي برزت في البينالي كتاب الفنانة المصرية أمل ناصر، وجاء من نسخة واحدة بعنوان «حوار بصري مع كتاب تعويذة الحسي لإبرام ديفيد»، وتشكل من 20 عملا رسمته بألوان متنوعة، و42 عملا أبدعتها على مساحات ورقية قامت بالقصد بتعريج أطرافها، بعضها جاءت في شكل لقطات مرسومة تصور علاقة الإنسان بما حوله من أشياء، والبعض الآخر كتبت عليه عبارات استوحتها من «تعويذة الحسي».

وفي كتابها قدمت ناصر أيضا 7 لوحات تصوير أكريليك على توال، وكان الهدف هو الدعوة للإنصات لصوت الطبيعة وإعادة الاعتبار لعناصرها، وللمخلوقات المرئية وغير المرئية فيها، حسب قولها لـ«الشرق الأوسط».
جاءت فكرة ناصر الأساسية متماشية مع مسار كتاب إبرام، وتقول خلالها إننا في زحمة الحياة والتعامل مع الآلات التكنولوجية أهملنا الطبيعة وعناصرها، ولابد من إدراك خطورة ذلك لأننا شركاء في الكون ولابد من إعادة الاعتبار للكائنات التي تعيش معنا فيه، وإدراك أهميتها لاستمرار الوجود، وهذه القضية بدأت ناصر الاهتمام بها منذ فترة طويلة حينما كانت تدرس المعتقدات الشرقية.

ومن أبرز ما يمكن ملاحظته في الأعمال المشاركة أنها تنوعت في محتواها وفكرتها، ولكن جمعتها روح البينالي نفسه، والتي تدور حول الكتاب والكتابة والقصة والحكي والقصة المصورة واستخدام الحرف والرمز في العمل الفني؛ وهكذا تظهر حدود مفهوم «كتاب الفنان» رحبة ومرنة تتسع لكل هذه المفاهيم، وتمكن كل فنان من حكي قصته أو التعبير عن حكايته بشكل نابع من روحه، ومتصل بالمفهوم الشامل لطبيعة فكرة بينالي كتاب الفنان.
أحمد عكاشة مسؤول مشروعات التنمية بالمكتبة لفت إلى هذه السمات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «الالتزام بالمنازل في ذروة جائحة كورونا ربما يكون هو السبب الرئيسي لبروز أفكار ظهرت لدى بعض الفنانين المشاركين من مصر وفرنسا وكولومبيا وكندا، وبدا فيها الإحساس بالوطن بمعنى مختلف، وجعل الأعمال تتعمق أكثر في طبيعة كل بلد وثقافة كل مجتمع، لتأتي جميعها ذات مذاقات متباينة ومتنوعة حسب البيئة التي يعبر عنها كل فنان، وقد جاء كل هذا بدعم واضح من السفارة الفرنسية التي نقلت أعمال فنانيها عبر الحقيبة الدبلوماسية ومعها الكولومبية التي سارت على النهج نفسه، حيث اصطحبت السفيرة أنا ميلينا دي جافيريا الأعمال معها بنفسها إلى البينالي وحرصت على المشاركة في افتتاحه مع ديفيد رينيه الملحق الثقافي الفرنسي».
أما الفنانة مي كريم فكانت مشاركتها مختلفة وجاءت مرتبطة بالجريمة التي هزت مدينة الاسكندرية، في بداية القرن الماضي، وعرفت بقضية «ريا وسكينة»، وقامت كريم بالمشاركة بكتاب مصور قائم على حكايتهما، والظروف التي نشأتا فيها، وما دفعهما لارتكاب جرائمهما، وكان عنوان الكتاب «القضية 43 اللبان».

يذكر أن بينالي «كتاب الفنان» توالت دوراته بشكل منتظم منذ عشرين عاما، ويقام كل عامين، وتستمر الدورة الحالية حتى الأحد، 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، وقد بدأت فكرة إقامته منذ إنشاء المكتبة، وعلى مدى الـ9 دورات السابقة، شهد كثيرا من التطورات والأفكار والمشاركات من دول ومؤسسات مختلفة، في هذا العام كانت الرغبة في المشاركة كبيرة من فنانين كنديين، وكولومبيين وفرنسيين.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».