أعلن قصر الإليزيه أمس أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، سيزور الجزائر من 25 حتى 27 من أغسطس (آب) الجاري، وذلك بهدف إعادة إحياء الشراكة بين البلدين بعد شهور من التوتر.
وجاء في بيان للرئاسة الفرنسية، صدر بعد اتصال هاتفي بين ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أن «هذه الزيارة ستسهم في تعميق العلاقات الثنائية مستقبلاً... وتعزيز التعاون الفرنسي - الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية، ومواصلة العمل على ذاكرة» فترة الاستعمار.
وتدهورت العلاقات بين باريس والجزائر العام الماضي، بعدما اتهم ماكرون النظام «السياسي - العسكري» الجزائري بتكريس سياسة «ريع الذاكرة» بشأن حرب الاستقلال، وشكك في وجود «أمة جزائرية» قبل الاستعمار الفرنسي. وعلى إثر ذلك، استدعت الجزائر سفيرها في فرنسا حينذاك، ليعود لاحقاً بينما بدا أن البلدين أعادا ترميم العلاقات. كما تسببت تصريحات جوزيه غونزاليس، نائب حزب «التجمع الوطني» الفرنسي اليميني المتطرف، في غضب الكثير من غضب الجزائريين، بعد أن زعم فيها أن «الكثير من الجزائريين يتمنون عودة الاستعمار الفرنسي».
وبعد تصريحات ماكرون، التي عدتها السلطات الجزائرية «مسيئة للغاية»، اندلعت «أزمة التأشيرات» بين الجزائر وفرنسا، بعد أن قلصت باريس منذ سبتمبر (أيلول) 2021 عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين بنسبة 50 في المائة، بذريعة أن حكومتهم «رفضت التعاون» بشأن ترحيل 8 آلاف مهاجر غير نظامي مقيم بفرنسا. وشملت هذه الإجراءات المغرب وتونس قبل أن تعرف الأزمة انفراجة مهمة، بعد أن وافقت الحكومة الجزائرية على إصدار تصاريح قنصلية للعشرات من مهاجريها، صدرت بحقهم قرارات إدارية بالطرد.
وعلى إثر هذا القرار، زال التشدد الذي كان سائداً الخريف الماضي، عندما هاجم وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانان سلطات الجزائر بحدة، قائلاً إنها «ترفض استرجاع رعاياها». لكن رد عليه الرئيس عبد المجيد تبون عبر وسائل إعلام محلية بأنه «أطلق كذبة كبيرة» بخصوص عدد المهاجرين الجزائريين السريين المقيمين فوق التراب الفرنسي. فيما قررت الجزائر بدورها تخفيض التعاون مع فرنسا في القضايا الأمنية، وعلى رأسها محاربة الإرهاب في منطقة المغرب العربي والساحل. كما استدعت الجزائر سفيرها بباريس، احتجاجاً على هذا الموقف الذي ربطه مراقبون بقضية «رفض إصدار التصاريح القنصلية»، التي تسمح بتنفيذ قرارات الإبعاد.
وكانت الجزائر قد أبلغت باريس باستحالة تسلم العدد الكبير من رعاياها الذي تطلبه، بحجة أنها ليست متأكدة من أن جميعهم يحملون جنسيتها. كما أثارت الأجهزة الأمنية الجزائرية، احتمال أن يكون من بينهم متطرفون.
ويبدو أن المهادنة التي ميزت تصريحات دارمانان، مهدت لها مواقف سياسية تبادلها أعلى المسؤولين الجزائريين والفرنسيين. ففي أبريل (نيسان) الماضي هنأ تبون ماكرون بفوزه بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة، ودعاه إلى زيارة الجزائر «من أجل بعث العلاقات»، وخاطبه بـ«فخامة الرئيس» و«صديقي العزيز».
وبمناسبة احتفال الجزائر في الخامس من يوليو (تموز) بستينية استقلالها، قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن المناسبة «تشكل فرصة لرئيس الجمهورية لكي يرسل إلى الرئيس تبون رسالة، يعبر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري، ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلاً بين فرنسا والجزائر». ونقل البيان عن ماكرون تأكيده مجدداً في رسالة بعثها إلى تبون «التزامه بمواصلة عملية الاعتراف بالحقيقة والمصالحة لذاكرتي الشعبين الجزائري والفرنسي». وتعد «جراح الذاكرة» حجر الزاوية في كل الخلافات بين البلدين.
الرئيس الفرنسي إلى الجزائر لإعادة إحياء العلاقات
بعد شهور من التوتر وسلسلة «التصريحات المسيئة»
الرئيس الفرنسي إلى الجزائر لإعادة إحياء العلاقات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة