موسكو تتهم واشنطن بالسعي لقضايا خارج «النووي» الإيراني

«الأمن القومي» الأميركي نفى تقديم «تنازلات كبيرة» لطهران > باقري كني قال إن إدارة بايدن ضمنت البقاء في الاتفاق لخمس سنوات ونصف

أوليانوف يغادر قصر كوبرغ مقر المحادثات النووية في فيينا في 5 أغسطس 2022 (أ.ب)
أوليانوف يغادر قصر كوبرغ مقر المحادثات النووية في فيينا في 5 أغسطس 2022 (أ.ب)
TT

موسكو تتهم واشنطن بالسعي لقضايا خارج «النووي» الإيراني

أوليانوف يغادر قصر كوبرغ مقر المحادثات النووية في فيينا في 5 أغسطس 2022 (أ.ب)
أوليانوف يغادر قصر كوبرغ مقر المحادثات النووية في فيينا في 5 أغسطس 2022 (أ.ب)

ألقى المبعوث الروسي إلى محادثات فيينا، باللوم على الولايات المتحدة في السعي وراء قضايا «لا علاقة لها» بمسار إحياء الاتفاق النووي، لكنه توقع نهاية الجهود الدبلوماسية في «الأيام القليلة المقبلة»، في وقت تضاربت فيه الأنباء أمس، بشأن رد وشيك من واشنطن على حزمة مقترحات قدمتها إيران رداً على ما وصفه الاتحاد الأوروبي مقترحاً «نهائياً» لعودة متبادلة بين طهران وواشنطن إلى اتفاق 2015.
وقال أوليانوف خلال مؤتمر في موسكو أمس، إن الأطراف المشاركة في محادثات الاتفاق النووي «قد تتوصل إلى إجماع بشأن إحياء الاتفاق في الأول من سبتمبر(أيلول)»، مشيراً إلى أن اتفاقاً بشأن استعادة خطة العمل المشتركة الشاملة يمكن التوصل إليه «حرفياً في الأيام المقبلة»، حسبما أوردت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية.
وقال أوليانوف إن «هناك أموراً كثيرة تم التوصل إليها لإعادة إحياء الاتفاق النووي (الخاص بإيران)»، لافتاً إلى أن «هناك 3 نصوص لإعادة إحياء الاتفاق النووي، والاتحاد الأوروبي يحاول تقريب وجهات النظر»، مشيراً إلى أن «لدينا انطباعات بأن واشنطن تريد حل مسائل عالقة أخرى لا علاقة لها بالاتفاق النووي».
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن أوليانوف قوله إن «الإدارة الأميركية تعيش في عالم آخر تماماً، لأن ما كتب في هذا المشروع غير قابل للتحقيق»، معتبراً أنه «لا أحد تمكن من إثبات أن إيران لديها صواريخ قادرة على حمل الرؤوس النووية»، لافتاً إلى أنّ «هناك بعض الاستفسارات لمنظمة الطاقة الذرية بشأن اليورانيوم الإيراني وتخصيبه، لكنها ليست مسألة ملحة».
> ترقب أوروبي
وقال مسؤول أوروبي كبير لـ«الشرق الأوسط» صباح أمس، إن الكتلة الأوروبية تترقب الرد الأميركي بشأن الطلبات الإيرانية لتعديل المسودة الأوروبية، مشدداً على أنه «من المستحيل تقييم الرد الإيراني قبل تلقي الرد الأميركي».
ورجح عدد من الصحافيين الغربيين المتابعين لمحادثات فيينا، صباح أمس (الجمعة)، أن توجه الولايات المتحدة ردها على حزمة المقترحات الإيرانية مع حلول السبت. وتوقع مراسل «وول ستريت جورنال» لورنس نورمان على «تويتر»، بأن «تستجيب الولايات المتحدة للمخاوف (الطلبات) الإيرانية»، في وقت لاحق اليوم عبر الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى سعي أميركي لمعالجة مخاوف طهران «دون تغيير في النص ودون ترك قضايا مفتوحة».
وفي كوريا الجنوبية، أكدت وكالة «يونهاب» أن النائب الأول لوزير الخارجية، أجرى سلسلة اتصالات أمس، مع المبعوث الأميركي الخاص بإيران وكذلك المسنق الأوروبي لمحادثات فيينا، إنريكي مورا.
وشدد المسؤول الكوري الجنوبي على أن «الوقت قد حان لإنهاء المفاوضات»، معرباً عن دعم بلاده لاستعادة الاتفاق. وقالت الوكالة: «يجب أن تؤتي المفاوضات ثمارها لإطلاق الأصول الإيرانية المجمدة». وقال مسؤول بوزارة الخارجية: «بالرغم من وجود ملاحظة أن التسوية كانت وشيكة في مارس (آذار)، فإن هناك ضرورة ملحة مختلفة الآن، على ما يبدو».
وأبدى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في اتصال هاتفي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، استعداد طهران لدخول مرحلة جديدة من محادثات فيينا «إذا احترمت واشنطن الخطوط الحمراء لإيران». وبعد تلقيه اتصالاً من عبد اللهيان، أجرى البوسعيدي اتصالاً مع المبعوث الأميركي الخاص بإيران.
> طلبات طهران
وتناقلت مواقع إخبارية إيرانية تصريحات من كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني لعدد من الصحافيين بشأن تفاصيل الجدول الزمني للاتفاق.
وبحسب موقع «خبر أونلاين» الإيراني فإن الاتفاق يبدأ بأربعة مواعيد تنفيذية كالتالي:
- يوم «الإجماع»: يوقع فيه وزراء خارجية أطراف الاتفاق على المسودة، على أن تبدأ في نفس اليوم «مراجعة الأوامر التنفيذية للرئيس الأميركي السابق لا إلغاؤها»، وسترفع العقوبات عن المؤسسات الاقتصادية و17 مصرفاً إيرانياً.
- يوم المصادقة: سيأتي بعد 60 يوماً، بناءً على طلب الطرف الإيراني لعرض الاتفاق على البرلمان، كما تقوم الأطراف الأخرى بالإجراءات المطلوبة.
- یوم إعادة التطبيق: من المقرر أن يبدأ تنفيذ الاتفاق النووي بصورة كاملة، على أن إيران تعلن استعدادها للخطوة قبل سبعة أيام على ذلك. وفي هذا اليوم ستلغى الأوامر التنفيذية للرئيس ترمب بشكل كامل، كما أن إيران لم ترسل المواد النووية إلى الخارج قبل يوم التطبيق.
- يوم الإنجاز: يتعين على جميع الأطراف تنفيذ التزاماتهم بعد 45 يوماً من يوم التطبيق.
أما عن طريقة التحقق، فقال باقري كني إن الفترة تمتد على 48 ساعة، لكنه أشار إلى أن البنك المركزي الإيراني ووزارة النفط سيبدآن عملية التحقق من يوم «الإجماع» لفترة أربعة أشهر.
وبشأن آلية «سناب بك» التي تنص على عودة تلقائية للعقوبات الأممية في حال لم تلتزم إيران بالاتفاق النووي، أبلغ باقري كني الصحافيين بأن إزالتها من نص الاتفاق «كانت غير ممكنة بسبب وجودها في نص الاتفاق الأصلي وكذلك القرار 2231 الصادر من مجلس الأمن». لكنه قال: «تقرر أن تكون آلية معقولة أكثر» وأضاف: «تقرر أن يكون تفعيلها ممكناً بناءً على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.... كما قررنا أنه إذا أقدمت إحدى الدول لتفعيل الآلية بصورة غير مقبولة، فستقوم الدول الأخرى بتعويض خطوتها».
وبشأن الضمانات التي تطالب بها إيران لعدم الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، نُقل عن باقري كني قوله إن «النقطة المهمة هي أن الطرف الآخر من المؤكد لن ينسحب من الاتفاق النووي حتى نهاية فترة بايدن». وأضاف: «بحسب الاتفاق إذا أراد الرئيس المقبل الانسحاب من الاتفاق النووي فيجب أن تمر ثلاث سنوات من فترته» مضيفاً أن الإدارة الأميركية «لن تتمكن من الانسحاب قبل خمس سنوات ونصف» نظراً لبقاء عامين ونصف على فترة بايدن.
أما عن تبادل السجناء، فقد نُسب إلى باقري كني قوله إن العملية «أصبحت نهائية في فترة المفاوض السابق عباس عراقجي، وأصبحت إحدى الوثائق نهائية حينذاك ونحن مستعدون لإجرائها، لقد كان التباطؤ من الجانب الأميركي وتقرر تأجيلها للمستقبل».
يأتي ذلك، بعدما أطلقت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة الإيرانية، صباح الخميس، حملة جديدة لترويج ما تصر إيران على تحققه في الاتفاق المحتمل.وقالت قنوات إيرانية على شبكة «تلغرام» الخميس، إن المرحلة الأولى من إلغاء العقوبات ستمتد على 120 يوماً، في إطار الاتفاق المحتمل، وستشمل رفع العقوبات «17 بنكاً إيرانياً» و«إبطال 3 أوامر تنفيذية» للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي انسحب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018.
وتزعم التسريبات أن إيران طالبت الإدارة الأميركية بدفع تعويضات في حال الانسحاب من الاتفاق النووي، كما تعفي الشركات الأجنبية العاملة في إيران من العقوبات. كما تتحدث عن «بيع 50 مليون برميل من النفط الخام»، و«إلغاء العقوبات عن 150 كياناً إيرانياً، بما في ذلك مؤسسة تنفيذ لجنة أوامر الإمام» الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، وكذلك «إطلاق 7 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية».
> تباين أميركي
في وقت لاحق الخميس، نفى مجلس الأمن القومي الأميركي تنازلات في محادثات إحياء الاتفاق النووي، تلبي طلبات إيران بشأن إغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقديم ضمانات لإعفاء الشركات الغربية العاملة في إيران من العقوبات.
وحذر كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور جيم ريش، في تغريدات على «تويتر» من أن النظام الإيراني «يسعى للحصول على ضمانات من خطة العمل الشاملة المشتركة من إدارة بايدن بإنهاء تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية وحماية الشركات الغربية العاملة في إيران والسماح لإيران بتسريع أعمال الأسلحة النووية إذا انسحبت إدارة مستقبلية من الصفقة».
ووصف ريش مطالب إيران بأنها «ابتزاز وستسجل في التاريخ على أنها إخفاق كبير لسياسة بايدن الخارجية»، محذراً من أن الاتفاق «سيهدد أمن شركائنا والأميركيين في المنطقة»، متوقعاً أن تكون نتيجة رفع العقوبات إذا عادت إدارة جو بايدن إلى الاتفاق النووي «زيادة الإرهاب الإيراني».
كما أشار السيناتور الجمهوري إلى «تخطيط إيران لتنفيذ اغتيالات ضد المسؤولين الأميركيين السابقين»، متهماً إيران بـ«تزويد روسيا بطائرات مسيرة مسلحة لمهاجمة أوكرانيا»، وكذلك «تعطيل مراقبة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، و«دعم هجمات الجهاد الإسلامي ضد إسرائيل»، وكذلك «مهاجمة القوات والدبلوماسيين الأميركيين».
وكتب حساب مجلس الأمن القومي الأميركي في «تويتر» رداً على ريش: «لا شيء هنا صحيح. لن نقبل أبداً مثل هذه الشروط»، وأضاف: «في الوقت نفسه لم نكن نترك اتفاقاً كان يعمل، فقط لرؤية إيران تسرع برنامجها النووي بشكل كبير».
وقبل الرد، نقل موقع «اكسيوس» الإخباري عن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، أدريان واتسون، أن التقارير «التي قبلنا أو ندرس تنازلات جديدة لإيران كجزء من إعادة الدخول في الاتفاق النووي لعام 2015 خاطئة بشكل قاطع».
وأبلغ مسؤول إسرائيلي كبير الصحافيين، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد بعث برسالة إلى البيت الأبيض الخميس، مفادها أن مسودة الاتفاقية النووية للاتحاد الأوروبي «لا تتماشى مع الخطوط الحمراء لإدارة بايدن».
وتحدث لبيد الخميس مع تيد دويتش، رئيس لجنة الشرق الأوسط المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، ومع توم نايدز، السفير الأميركي لدى إسرائيل.
وفي بيان أُرسل عبر البريد الإلكتروني، قال المسؤول الإسرائيلي إن الوقت حان لإنهاء المحادثات مع إيران، مُضيفاً: «أي شيء آخر يبعث برسالة تنم عن ضعف».
وتابع: «حان الوقت للجلوس والتحدث عما يجب القيام به في المستقبل من أجل منع إيران من الحصول على سلاح نووي».
وأعلنت إسرائيل مراراً معارضتها لجهود إحياء الاتفاق النووي واحتفظت بحقها في القيام بعمل عسكري لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي أو ضد الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المنطقة. وفي المقابل، حذرت إيران، من رد «ساحق» على أي هجوم إسرائيلي.
ومن المقرر أن يتوجه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، لإجراء مزيد من المحادثات.
وكان لبيد قد توجه بطلب مماثل إلى الأطراف الأوروبية، وشدد في اتصال هاتفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، على «ضرورة نقل رسالة حادة وواضحة من قبل أوروبا، مفادها عدم تقديم مزيد من التنازلات للإيرانيين»، وأضاف أنه «يتعين على أوروبا أيضاً معارضة أسلوب المماطلة الذي تتبعه إيران في المفاوضات»، مجدداً التأكيد على معارضة إسرائيل إحياء الاتفاق النووي.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل (نيسان) 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو (حزيران) من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر (تشرين الثاني)، علّقت مجدداً منذ منتصف مارس (آذار) مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي، مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة، أواخر يونيو، لم تفضِ إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي 4 أغسطس (آب)، استؤنفت المباحثات في فيينا، بمشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر. وبعد 4 أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية «نهائية».


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».