تنشأ أورام الدماغ الأولية في الدماغ أو في الأنسجة القريبة من الدماغ، مثل الأغشية التي تغطي الدماغ أو الأعصاب القحفية المخية أو الغدة النخامية أو الغدد الصنوبرية، وهناك العديد من أنواع أورام الدماغ الأولية. وقد تلقى أكثر من 84000 شخص تقريبا تشخيصاً أولياً لورم في الدماغ في عام 2021، وكان متوسط العمر لهذه التشخيصات هو 60 عاما، وفقاً لجمعية أورام الدماغ الوطنية الأميركية (The National Brain Tumor Society).
ويعتبر الورم الدماغي (غليوبلاستوما glioblastoma) هو الورم الأكثر شيوعاً من أورام الدماغ السرطانية الخبيثة، ويبدأ في الدماغ أو النخاع الشوكي. بينما يعتبر الورم السحائي (مينينجيوما meningioma) هو الورم الأكثر شيوعا بين أورام المخ الأولية غير السرطانية أو الحميدة، وينشأ من الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي. وسوف نتعرف على الورمين الأكثر شيوعا في الدماغ، غليوبلاستوما (الخبيث) ومينينجيوما (الحميد).
سرطانات خبيثة
حول سرطان «غليوبلاستوما» الخبيث، يوضح الدكتور أليكس بورتر Dr. Alyx Porter، الرئيس المشارك لمجموعة أمراض أورام الجهاز العصبي المركزي في مركز مايو كلينيك للسرطان أن «غليوبلاستوما Glioblastoma» هو الورم الدماغي (الأرومي الدبقي)، الأكثر عدوانية من أنواع السرطان في الدماغ، يمكن أن يحدث في الدماغ أو النخاع الشوكي. يتكون هذا الورم من خلايا تسمى الخلايا النجمية (astrocytes) التي تدعم الخلايا العصبية.
يمكن أن يحدث ورم غليوبلاستوما في أي عمر، ولكنه يميل إلى الحدوث في كثير من الأحيان عند كبار السن. ويمكن أن يسبب تفاقم الصداع والغثيان والقيء ونوبات التشنج.
قد يكون من الصعب جداً علاج ورم غيوبلاستوما، والمعروف أيضاً باسم الورم متعدد الأشكال (glioblastoma multiforme)، وغالباً ما يكون العلاج مستحيلا. قد تؤدي العلاجات إلى إبطاء تطور السرطان وتقليل العلامات والأعراض.
> التشخيص. يتم التشخيص بواسطة مجموعة من الاختبارات والإجراءات، كالتالي:
- الفحص العصبي. يتم أثناؤه تحديد العلامات والأعراض، فحص البصر والسمع، والتوازن وقوة وتنسيق الجسم وردود أفعاله. ومن خلال هذا الفحص، قد يتوصل الطبيب إلى أدلة حول جزء الدماغ الذي يمكن أن يتأثر بالورم.
- اختبارات التصوير. غالباً ما يستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي لتشخيص أورام المخ، ويمكن استخدامه جنباً إلى جنب مع التصوير بالرنين المغناطيسي المتخصص، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي والتحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي. وهي تساعد في تحديد مكان وحجم ورم الدماغ. قد تشمل اختبارات التصوير الأخرى التصوير المقطعي المحوسب والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET).
- اختبار عينة من الأنسجة (خزعة). يمكن إجراء الخزعة بإبرة قبل الجراحة أو أثناء الجراحة لإزالة الورم الدماغي، اعتماداً على الحالة الصحية وموقع الورم. يتم تحليل عينة الأنسجة المشبوهة في المختبر لتحديد نوع الخلايا ومستوى عدوانيتها، وأنواع الطفرات التي اكتسبتها الخلايا. وهي تعطي الطبيب أدلة حول التشخيص مع خيارات العلاج المناسبة.
خيارات العلاج
> العلاج. تشمل خيارات علاج ورم غليوبلاستوما ما يلي:
- العلاج الجراحي. بعملية جراحية لإزالة الورم بواسطة جراح المخ والأعصاب. الهدف هو إزالة أكبر قدر ممكن من الورم. ولكن نظراً لأن هذا النوع من الأورام ينمو في أنسجة المخ الطبيعية، فلا يمكن الإزالة الكاملة. لهذا السبب، يتلقى معظم الأشخاص علاجات إضافية بعد الجراحة لاستهداف الخلايا المتبقية.
- العلاج الإشعاعي. باستخدام حزم إشعاعية عالية الطاقة مثل الأشعة السينية أو البروتونات، لقتل الخلايا السرطانية، يتم توجيهها إلى نقاط محددة في الدماغ. أثناء العلاج الإشعاعي، يظل المريض مستلقيا على الطاولة بينما تتحرك الأجهزة من حوله. ينصح بالعلاج الإشعاعي عادةً بعد الجراحة ويمكن دمجه مع العلاج الكيميائي. بالنسبة للأشخاص الذين لا يستطيعون الخضوع لعملية جراحية، يمكن استخدام العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي كعلاج أولي.
- العلاج الكيميائي. تستخدم فيه أدوية قاتلة للخلايا السرطانية. في بعض الحالات وأثناء الجراحة، قد يتم وضع رقائق دائرية رفيعة تحتوي على أدوية العلاج الكيميائي في الدماغ. تذوب هذه الرقائق ببطء، وتطلق الدواء وتقتل الخلايا السرطانية. وبعد الجراحة، غالباً ما يتم استخدام عقار العلاج الكيميائي تيموزولوميد temozolomide (تيمودار Temodar) - الذي يتم تناوله على هيئة حبوب - أثناء العلاج الإشعاعي وبعده. وقد يوصى بأنواع أخرى من العلاج الكيميائي إذا تكررت الإصابة بنفس هذا الورم. غالباً ما تعطى هذه الأنواع الأخرى من العلاج الكيميائي من خلال وريد في الذراع.
- تقنية علاج الورم في حقله (Tumor Treating Fields (TTF) therapy). يستخدم مجالاً كهربائياً لتعطيل قدرة الخلايا السرطانية على التكاثر. تتضمن تقنية TTF وضع ضمادات أو وسادات لاصقة على فروة الرأس متصلة بجهاز محمول يولد مجالا كهربائيا. يتم الجمع بين تقنية TTF والعلاج الكيميائي وقد يوصى به بعد العلاج الإشعاعي.
- العلاج الدوائي المستهدف (Targeted drug therapy). تركز الأدوية الموجهة على التشوهات التي تسمح للخلايا السرطانية بالنمو والازدهار. فتهاجم تلك التشوهات، مما يؤدي إلى موت الخلايا السرطانية. يستهدف عقار بيفاسيزوماب (أفاستين) Bevacizumab (Avastin) الإشارات التي ترسلها خلايا الورم الدماغي إلى الجسم والتي تتسبب في تكوين أوعية دموية جديدة وتوصيل الدم والعناصر الغذائية إلى الخلايا السرطانية. قد يكون Bevacizumab خياراً إذا تكرر الورم أو لم يستجب للعلاجات الأخرى.
- الرعاية الداعمة (التلطيفية palliative). هي رعاية طبية متخصصة تركز على توفير الراحة من الألم والأعراض الأخرى لمرض خطير. يعمل اختصاصيو الرعاية التلطيفية مع المريض وأسرته وأطباء آخرين لتوفير طبقة إضافية من الدعم تكمل الرعاية المستمرة. يمكن استخدام الرعاية التلطيفية أثناء الخضوع لعلاجات قوية أخرى، مثل الجراحة أو العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي.
- التجارب السريرية. هي دراسات للعلاجات الجديدة، تمنح فرصة لتجربة أحدث خيارات العلاج، ولكن قد لا يكون خطر الآثار الجانبية معروفاً.
أورام حميدة
أما عن سرطان «مينينجيوما»، فيواصل حديثه، الدكتور أليكس بورتر استشاري أورام الجهاز العصبي المركزي، موضحا أن ورم «مينينجيوما Meningioma»، هو ورم دماغي سحائي ينشأ من السحايا – وهي الأغشية التي تحيط بالدماغ والحبل الشوكي. ورغم أنه ليس ورماً في المخ نفسه من الناحية التشريحية، إلا أنه مدرج في هذه الفئة لأنه قد يضغط على الدماغ والأعصاب والأوعية المجاورة. والورم السحائي هو أكثر أنواع الأورام التي تتكون في الرأس شيوعاً.
معظم الأورام السحائية ليست سرطانية (أي أنها حميدة) ويمكن علاجها، رغم أنها قد تكون سرطانية (خبيثة) في بعض الأحيان. بشكل عام، إذا كان الورم سرطانياً، فهذا يعني أنه عدواني، ويمكن أن يغزو الأنسجة الأخرى ويحتمل أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. بينما، لا ينتشر الورم الحميد إلى أجزاء أخرى من الجسم. وفقاً لكليفلاند كلينيك.
تنمو معظم الأورام السحائية ببطء شديد، غالباً على مدى سنوات عديدة دون أن تسبب أعراضاً. لكن في بعض الأحيان، قد تؤدي آثارها على أنسجة المخ أو الأعصاب أو الأوعية الدموية المجاورة إلى إعاقة خطيرة.
تحدث الأورام السحائية بشكل أكثر شيوعاً عند النساء وغالباً ما يتم اكتشافها في الأعمار الأكبر، ولكنها قد تحدث أيضاً في أي عمر. نظراً لأن معظم الأورام السحائية تنمو ببطء، وغالباً بدون أي علامات وأعراض واضحة، فإنها لا تتطلب دائماً علاجاً فورياً ويمكن مراقبتها بمرور الوقت.
عادةً ما تبدأ علامات الورم السحائي وأعراضه تدريجياً وقد تكون خفية جداً في البداية. اعتماداً على مكان الورم في الدماغ أو في حالات نادرة في العمود الفقري، قد تشمل العلامات والأعراض ما يلي: تغيرات في الرؤية، مثل الرؤية المزدوجة أو الضبابية - الصداع، خاصةً ذلك الذي يكون أسوأ في الصباح - فقدان السمع أو طنين في الأذنين - فقدان الذاكرة - فقدان حاسة الشم - نوبات التشنج - ضعف في الذراعين أو الساقين - صعوبة اللغة.
وينصح بطلب الرعاية الطبية الطارئة في الحالات التالية:
- ظهور نوبات مفاجئة من التشنجات.
- حدوث تغيرات مفاجئة في الرؤية أو الذاكرة.
- ظهور علامات وأعراض مستمرة تثير القلق، مثل الصداع الذي يتفاقم بمرور الوقت.
ونظراً لأن الأورام السحائية لا تسبب أي علامات أو أعراض ملحوظة، فيتم اكتشافها عند عمل تصوير بالأشعة لأسباب لا علاقة لها بالورم، مثل إصابة الرأس أو السكتة الدماغية أو الصداع.
نقطة ضعف الخلايا السرطانية
يتواجد البروتين المسمى (PD - L1) بشكل متكرر على سطح الخلايا السرطانية، وهو معروف بدوره في مساعدة الخلايا السرطانية على الهروب من جهاز المناعة عن طريق إيقاف الوظيفة المضادة للورم في الخلايا المناعية.
الجديد هنا، اكتشاف فريق من الباحثين دوراً جديداً لهذا البروتين (PD - L1) وهو استخدام الخلايا السرطانية له في تعزيز مقاومتها للعلاج من خلال تحسين قدرتها على إصلاح تلف الحمض النووي الناجم عن العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي.
لكن فريق الباحثين - المكون من اختصاصي علاج الأورام بالإشعاع الدكتور روبرت دبليو موتر Robert W. Mutter، وزميليه الباحثين في مايو كلينيك في مدينة روتشستر بولاية مينيسوتا (زينكون لو Zhenkun Lou، هايدونغ دونغ Haidong Dong) – وجد أن الجسم المضاد المسمى (H1A) يمكن استخدامه لاستهداف وظيفة البروتين (PD - L1) التي تستخدمها الخلايا السرطانية.
وعليه قام الدكتور هايدونغ دونغ من فريق البحث (وهو يعد جزءاً من الباحثين بمركز المناعة والعلاج المناعي مع الدكتورة شيني تو Xinyi Tu من جامعة إلينوي بتطوير المضاد (H1A) واكتشفا أنه بالفعل يقلل من مستويات البروتين (PD - L1) داخل الخلايا السرطانية، مما يجعل الأورام أكثر حساسية للعلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي.
وجاء ضمن تقرير نتائج البحث، تصريح رئيس الفريق الدكتور روبرت دبليو موتر: «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن البروتين (PD - L1) داخل الخلايا السرطانية هو هدف جديد لرفع حساسية الخلايا السرطانية للعلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي. مما يبشر في المستقبل، بإمكانية تحسين فعالية علاج السرطان باستخدام المضاد (H1A) أو أي استراتيجيات أخرى من التي يمكنها منع البروتين (PD - L1) من القيام بهذا الدور المكتشف حديثاً داخل الخلايا السرطانية».
* استشاري طب المجتمع