تباين في البرلمان الإيراني بشأن منح الحكومة الضوء الأخضر لإحياء «النووي»

مشرعون طالبوا واشنطن بـ«الرد المناسب» على الحزمة المقتَرحة من طهران

شمخاني وعبداللهیان أثناء وصولهما إلى قاعة البرلمان الإيراني أمس (تسنيم)
شمخاني وعبداللهیان أثناء وصولهما إلى قاعة البرلمان الإيراني أمس (تسنيم)
TT

تباين في البرلمان الإيراني بشأن منح الحكومة الضوء الأخضر لإحياء «النووي»

شمخاني وعبداللهیان أثناء وصولهما إلى قاعة البرلمان الإيراني أمس (تسنيم)
شمخاني وعبداللهیان أثناء وصولهما إلى قاعة البرلمان الإيراني أمس (تسنيم)

بعد يومين من إرسال حزمة مقترحات إيرانية رداً على «النص النهائي» الذي طرحه منسق الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي، تفاعلت المفاوضات النووية في الداخل الإيراني، وتباين نواب البرلمان بشأن منح فريقهم التفاوضي ضوءاً أخضر لإبرام أي صفقة مع الولايات المتحدة، دون الحاجة إلى مصادقة المشرعين.
وقدم أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، خلف الأبواب المغلقة، أمس (الأربعاء)، تقريراً مفصلاً إلى المشرعين الإيرانيين بشأن تطورات المحادثات النووية، خصوصاً الرد الإيراني، وذلك وسط تسارع محاولات إنعاش الاتفاق.
وتوجه المسؤولون المعنيون بالملف النووي، على رأسهم شمخاني، أمس، إلى البرلمان، بعدما اجتمعوا الثلاثاء مع أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية.
وقال عضو اللجنة، النائب عباس مقتدايي لوكالة «إرنا» الرسمية إن «هناك تفاهماً؛ إيران اتخذت قرارها السياسي لتنفيذ التفاهم، وعلى الولايات المتحدة توضيح موقفها»، منوهاً بأن نواب البرلمان «طرحوا وجهات نظرهم في الاجتماع واستمعوا للشرح المطلوب من المسؤولين المعنيين».
وأرسلت إيران، ليلة الاثنين، ردها على «النص النهائي» الذي طرحه الاتحاد الأوروبي، بعد جولة من المحادثات غير المباشرة بين الوفدين الإيراني والأميركي في فيينا، التي انتهت مطلع الأسبوع الماضي. وقالت وسائل إعلام إيرانية إن طهران تترقب جواب «الطرف الآخر»، في غضون «يومين». وصرح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، الاثنين، بأن «الأيام المقبلة أيام مهمة (...) في حال تمت الموافقة على مقترحاتنا... نحن مستعدون للإنجاز وإعلان الاتفاق خلال اجتماع لوزراء الخارجية».
في المقابل، قال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أول من أمس (الثلاثاء)، إنهما يدرسان رد إيران على ما وصفه الاتحاد الأوروبي باقتراحه «النهائي» لإنقاذ الاتفاق النووي. ورفض الجانبان إعطاء إطار زمني لأي رد فعل على المقترح الإيراني.
بشأن هذا التبادل، قال مقتدايي: «إيران أرسلت ردها في أقصر وقت ممكن، وعلى الطرف الآخر الآن أن يظهر جديته». وتابع: «على الطرف الآخر أن ينظر في قضية أساسية وجوهرية، وهي القبول بمصالح الشعب الإيراني»، وأضاف: «إذا لم يتخذ الأوروبيون أي خطوة في هذا الصدد، فإن موسم البرد سيصل قريباً، وربما سيكون الجانب الأوروبي المتضرر الأكبر». وتابع: «يجب أن نتوصل إلى تفاهم أو توافق على أعلى مستوى، وهو ما توصلنا إليه إلى حد ما في جلسة البرلمان».
وبدوره، قال النائب ولي إسماعيلي لوكالة «إرنا» الرسمية إن «البرلمان منح الفريق المفاوض النووي تفويضاً تاماً، ولا حاجة لمصادقة البرلمان على الاتفاق مع الطرف الآخر». وأضاف: «الكرة الآن في الملعب الأميركي، يجب عليهم أن يتخذوا القرار الصائب في الرد المناسب على الحزمة المتقرَحة من إيران بشأن الاتفاق».وعلى نقيض ذلك، قال عضو هيئة رئاسة البرلمان، النائب علي رضا سليمي أن «أي اتفاق مع أطراف المفاوضات يجب أن يوافق عليه البرلمان».
من جهته، قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي، النائب أبو الفضل عمويي: «نحن في طريقنا إلى الاتفاق، لكننا لم نتوصل بعد إلى اتفاق، رغم أننا لسنا بعيدين، لكن إذا كانت هناك إرادة جادة، فسنرى هذا يحدث بسرعة كبيرة».وفي وقت لاحق، نقلت وکالات إيرانية عن شمخاني قوله إن «المجلس الأعلى للأمن القومي لن يصدر قراراً حول المفاوضات»، لكنه أضاف «سيدرس المجلس الاتفاق وسيصوت عليه قبل أن يرسل تقريراً إلى البرلمان».
وقبل حضوره في الجلسة المغلقة، استضاف شمخاني نقاشاً حول المفاوضات النووية في مقره، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، بحضور عبداللهيان وكبير المفاوضين النوويين علي باقري كني، ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، وأعضاء لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان.
ويُعدّ المجلس الأعلى للأمن القومي الخاضع لصلاحيات المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل في البرنامج النووي، وكان المجلس مسؤولاً مباشراً عن المفاوضات النووية، قبل إحالة ملف المفاوضات إلى وزارة الخارجية، في بداية عهد الرئيس السابق حسن روحاني، 2013.
وأطلع شمخاني أعضاء اللجنة على «تقرير شامل» من مسار مفاوضات رفع العقوبات وآلية دراسة مقترحات المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، والرد الإيراني على المقترح، حسبما أفاد به موقع «نور نيوز» (منصة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني).
وبشأن اجتماع الثلاثاء، أوضح مقتدايي أن «الجلسة تناولت مضمون الرسائل المتبادلة والقضايا ذات الصلة التي تفكر بها إيران». وقال: «النقطة المهمة هي أن الجلسات التي بدأت الأربعاء والثلاثاء لن تتوقف، وخلال الأيام المقبلة ستكون هناك جلسات أخرى في لجنة الأمن القومي للنظر في توفير مصالح الشعب الإيراني على أعلى المستويات».
وأعرب أعضاء لجنة الأمن القومي عن تمسك طهران بـ«العمل بقانون الخطوة الاستراتيجية» الذي أقره البرلمان الإيراني مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020، بعدما أظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية تقدم الرئيس جو بايدن الذي تعهد بالعودة للاتفاق النووي على سلفه، دونالد ترمب، الذي انسحب من الاتفاق في مايو (أيار) 2018.
وقال مقتدايي الذي يمثل مدينة أصفهان: «يجب على أميركا أن تقرر وتحدد موقفها بوضوح، ما إذا كانت على استعداد لقبول مصالح الشعب الإيراني بشكل كامل، أو تريد نقض الاتفاق ونكث الوعود كما السابق»، لافتاً إلى أن الرسائل المتبادلة بين طهران وواشنطن بوساطة الاتحاد الأوروبي: «تدور في هذه الأجواء، عليهم أن يتخذوا القرار السياسي... سيكون الاتفاق في متناول اليد»، محذراً من أنه «إذا لم يعمل الطرف الآخر بما يقوله، فستكون كل المسؤولية على عاتقه»، مؤكداً أن أعضاء اللجنة «اطلعوا على نص الاتفاق»، مستطرداً أن «قضية التحقق من رفع العقوبات والقضايا الأخرى تم طرحها في جلسة اليوم... من المؤكد أن نواب البرلمان سيضغطون».
واعتبر عمويي قضية التحقق من رفع العقوبات «أحد أوجه القصور في الاتفاق السابق»، قائلاً إن «(الوكالة الدولية للطاقة الذرية) كانت تتحقق من التزامات إيران، دون أن تكون هناك آلية للتحقق من التزامات الطرف الآخر في رفع العقوبات». وزاد على ذلك أن الطرف الآخر «وافق على أصل القضية بأن يكون هناك إطار زمني محدد للتحقق من رفع العقوبات، واتباع إجراءات مختلفة، لكي تتمكن إيران من التحقق بصورة متواصلة».
وكان أصوات برلمانية إيرانية قد انتقدت، الشهر الماضي، عدم معرفة النواب بما يجري في المفاوضات التي استؤنفت خلال عهد رئيسي، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد ست جولات حكومية سابقة. وتعثرت المفاوضات في مارس (آذار) لأسباب عديدة، أبرزها طلب طهران إزالة «الحرس الثوري» من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية.
وقالت وكالة «إرنا» الرسمية الاثنين إن نقاط التباين المتبقية «تدور حول ثلاث قضايا، أعربت أميركا عن مرونتها اللفظية في حالتين منها، لكن يجب إدراجهما في النص»، وتتعلق الثالثة «بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تعتمد على واقعية أميركا» لتلبية مطالب طهران. وكتب مستشار الفريق التفاوضي الإيراني، محمد مرندي، عبر «تويتر» أن «حل القضايا المتبقية ليس صعباً»، لكنه أضاف: «لا يمكنني القول إن الاتفاق سيحصل، لكننا أقرب مما كنا عليه».
وفي هذا الصدد، أفادت شبكة «سي إن إن»، نقلاً عن دبلوماسي إقليمي بأن طهران تسعى للحصول على ضمانات بتعويضها مالياً إذا انسحب أي رئيس أميركي مقبل من الاتفاق النووي. وقال الدبلوماسي: «يبدو أنه تم إحراز تقدُّم في تقريب وجهات النظر، لا سيما فيما يتعلق بمسألة العقوبات الثانوية على الشركات الإيرانية في الخارج».
وقال الدبلوماسي إن لدى إيران تخوّفاً بشأن احتمال انسحاب أي رئيس مستقبلي من الاتفاق، وفرض عقوبات جديدة عليها، على غرار ما فعلت الحكومة الأميركية السابقة، برئاسة دونالد ترمب.في موسكو، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن العمل على إحياء الاتفاق النووي الإيراني بصيغة فيينا على وشك الانتهاء، ولكن لم يتم إغلاق جميع القضايا بعد.
وأشار ريابكوف في مقابلة مع وكالة «تاس» الروسية إلى أن «الاتصالات المكثفة على مختلف المستويات مستمرة»، مضيفاً أن «الوفد الروسي يعمل بشكل وثيق ومثمر» مع الأطراف الأخرى.
وكتب المبعوث الروسي لمحادثات فيينا، ميخائيل أوليانوف على تويتر أن «هذه المرة لدينا فرصة كبيرة أكثر من أي وقت مضى لعبور خط النهاية في محادثات فيينا». وأضاف «تعتمد النتيجة النهائية على كيفية رد الولايات المتحدة على آخر المقترحات الإيرانية المعقولة».
قانون الخطوة الاستراتيجية
يأتي تمسُّك نواب البرلمان الإيراني بـ«قانون الخطوة الاستراتيجية»، في سياق مطالب الأوساط المؤيدة لمواصلة القدرات النووية الحالية، تحسباً لأي تعثر في تنفيذ الاتفاق النووي.وقال شمخاني بعد الجلسة البرلمانية إن «القانون الاستراتيجي لعب دوراً مؤثراً في القدرة التفاوضية الإيرانية نظراً لتوفيره الدعم الفني».
بموجب هذا القانون، اتخذت طهران خطوات متقدمة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، برفع نسبة التخصيب إلى 20 في المائة، في يناير (كانون الثاني) العام الماضي، قبل أن تباشر التخصيب بنسبة 60 في المائة، بعد أسبوع على انطلاق المحادثات النووية، في أبريل (نيسان) العام الماضي، وبذلك اقتربت تدريجياً من كمية المواد المطلوبة لبلوغ العتبة النووية.
وأوقف في فبراير (شباط) العام الماضي، الامتثال للبروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، ومنذ ذلك الحين اتخذت طهران خطوات تدريجية لإغلاق كاميرات المراقبة، التي واقفت عليها بموجب الاتفاق النووي، للتحقق من أنشطتها الحساسة.
كما سارعت طهران إلى تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة من الجيل السادس، وقامت بتركيب المئات منها في منشأتي نطنز وفوردو. وقامت لأول مرة منذ امتلاكها برنامجاً نووياً بتحويل غاز اليورانيوم إلى معدن اليورانيوم، قبل أن توقف الخطوة تحت ضغوط الدول الغربية التي رأت في الخطوة الإيرانية توجهاً لاستخدام غير مدني في البرنامج النووي.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة، وتحذيرات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع مهلة تمتد إلى نحو 50 يوماً لإبرام صفقة للرهائن «وإلا سيدفع الشرق الأوسط ثمناً باهظاً»، وتأكيد مصر على استمرارها في العمل «بلا هوادة» لوقف دائم لإطلاق النار.

تلك التطورات التي صاحبها إعلان «حماس» عن مقتل وفقْد 33 أسيراً لديها، يشي بحسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بأن «هناك اتفاقاً يكون قريباً، وأن كل طرف يستعد لمشهد اليوم التالي من الحرب ويمارس حالياً أقصى الضغوط لنيل مكاسب ولو إعلامية»، متوقعين أن «تساعد المهلة الانفعالية التي وضعها ترمب، فريق الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن».

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، عن أن «حركتي (فتح) و(حماس) اتفقتا بشكل مبدئي عقب سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على تشكيل لجنة تحمل اسم الإسناد المجتمعي ستكون معنية بإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب».

فلسطيني يسير بجوار الأنقاض وهو يحمل كيساً من الدقيق في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وتشير معلومات المصدر الفلسطيني إلى أن الجولة الثالثة بين الحركتين بالقاهرة بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، «نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي على تشكيل تلك اللجنة ولا يعني عدم التوقيع عليها فشلها»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمنح موافقة مبدئية على مسودتها المتفق عليها على أن يعود الأمر للقاهرة مرة ثانية ويعرض في اجتماع للفصائل، سيليها بعد التشاور صدور مرسوم نهائي بأعضاء اللجنة ومهامها تفصيلاً».

وستشكل اللجنة «حسب الاتفاق المبدئي من تكنوقراط دون تبعية لـ(حماس) أو (فتح)، وستُدمج كل القطاعات الحكومية بالقطاع داخل نظامها الإداري بدءاً من الشرطة والوزارات وغيرهما وصولاً لتسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدارته»، وفق المصدر ذاته.

ويوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن لجنة الإسناد المجتمعي فكرة مصرية تقوم على عناصر مستقلة تدير غزة لقطع أي ذرائع إسرائيلية تعارض عودة «حماس» لإدارة القطاع، لافتاً إلى أن المعلومات الأولية التي لم تؤكدها القاهرة بشأن حدوث اتفاق بين الحركتين، وأنهما لن يكونا بالإدارة أو الواجهة، ستعزز الموقف الفلسطيني في مسار اليوم التالي من الحرب والتوصل لاتفاق هدنة قريب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن تلك الفكرة المصرية يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق ومتميزة، معتقداً أنها «تسير بشكل إيجابي، لمواجهة أزمة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على عدم بقاء (حماس) بالسلطة».

ويعتقد أن «الموافقة تأتي في توقيت مهم وقد تساعد في التوصل لهدنة قريبة وتسهل مهام تسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن موقف «حماس» يؤكد أن الأمور تسير بشكل إيجابي، وأن الحركة تفهمت استحالة بقائها بالحكم في غزة، وأنها تريد فقط حفظ ماء الوجه وبالتالي قبولها الاتفاق بعد جولات من التفاهمات منطقي وسيدخل حيز التنفيذ.

وجاء التوصل لاتفاق مبدئي بشان إدارة غزة، غداة تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وعبر منصته «تروث سوشال»، قال ترمب: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم سيدفع في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ، وأولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية»، وفق «سي إن إن» الأميركية.

ورحب نتنياهو في فيديو قصير باللغة الإنجليزية خلال اجتماع حكومي ونشره مكتبه الثلاثاء بموقف ترمب، وقال إنه «موقف قوي ويضيف قوة أخرى إلى جهودنا المستمرة للإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب «سي إن إن»، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين وفي نوفمبر 2023 تم إطلاق سراح أكثر من 100 شخص جزءاً من صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

وتتفق تلك التقديرات الأميركية بشأن مقتل الرهائن، مع ما أعلنته «حماس» الاثنين، عبر مقطع فيديو مصور نشرته الحركة يكشف عن أن «33 أسيراً إسرائيلياً قُتلوا وفُقدت آثار بعضهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مخاطباً ذوي الرهائن بالقول: «مقتل بعض الأسرى وفقدان بعضهم كان بسبب المجرم نتنياهو وجيشه الفاشي وباستمرار حربكم المجنونة قد تفقدون أسراكم إلى الأبد، افعلوا ما يجب عليكم فعله قبل فوات الأوان».

ويرى السفير رخا، أن تصريحات ترمب «انفعالية»، نتيجة «متابعته فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي صدر قبل أيام، وتأتي في ظل جهد دولي يسعى لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة وفتح المعابر»، لافتاً إلى أنها قد تشكّل ضغطاً على نتنياهو للقبول بالاتفاق، خصوصاً وأنه يعلم أنه قد تتم التضحية به في أي مرحلة مستقبلية حال استمر بالمراوغة.

وباعتقاد الرقب، فإن «تهديد ترمب للمنطقة من باب الضغط على المفاوضات التي تتم حالياً وقد تصل لاتفاق قريب، وهذا أسلوب يكشف عن أن الرئيس القادم سيسكب وقوداً مع كل أزمات المنطقة لحلها»، لافتاً إلى أن تجاوب نتنياهو معه متوقع.

تلك المفاوضات كشف عنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي في تصريحات بمؤتمر صحافي، الاثنين، قائلاً إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي، عن أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

ويعتقد السفير رخا، أن الجهود المصرية قد تكلل بنجاح في هذه المرة خصوصاً وهناك احتمال كبير أن يتم اتفاق الهدنة قبل وصول ترمب للسلطة. وبرأي الرقب، فإن «القاهرة تبذل جهوداً كبيراً في إنهاء ملفات عالقة سواء بدعم تشكيل اللجنة أو التوصل لاتفاق هدنة، والكرة الآن في ملعب نتنياهو لحسم التوصل لاتفاق كما يرغب ترمب قبل وصوله، وأيضاً في ملعب أبو مازن لاعتماد مسودة الاتفاق بعد مشاورات الفصائل وتسويقه عربياً ودولياً لضمان نجاحه».