«حب عتيق»... المكان بطلاً روائياً

تكشف العلاقات الإثنية والثورية لمدينة عراقية في خمسينات القرن الماضي

«حب عتيق»... المكان بطلاً روائياً
TT

«حب عتيق»... المكان بطلاً روائياً

«حب عتيق»... المكان بطلاً روائياً

رواية «حب عتيق» للروائي علي لفتة سعيد، الصادرة عام 2021 والحائزة على المرتبة الثانية لجائزة (توفيق بكار، للرواية العربية في تونس عام 2020)، هي رواية استثنائية من جميع الأوجه. فهي عن مكان ريفي وفلاحي، وتحديداً مدينة سوق الشيوخ «في الناصرية». وربما تؤشر عتبة الإهداء إلى هذه الحقيقة: «إليها يتجه الكلام: سوق الشيوخ»، لكنها أيضاً كناية مصغرة عن العراق، لذا فهي لا تنهض على شخصية مركزية محدودة، بل تنطوي على تعدد صوتي. والسرد فيها غالباً ما يغور في التاريخ، لكنه تاريخ غير رسمي، وهذا ما عبّرت عنه بوضوح العتبة النصية الرئيسية للرواية، والتي أعلن فيها الروائي عن رؤيته لكيفية التعامل مع التاريخ في هذه الرواية، إذْ يقول:
«لست هنا معنياً بالتاريخ، بوصفه أرشفة وأرخنة، أو معنياً بالحقيقة المطلقة، بل بالحقيقة المتخيلة التي تصنع عالماً آخر، يحمل قصديته معه، من مدينة وجدت نفسها في وسط صناعة التاريخ الذي أهملها» (ص 9).
هذا المنظور يجعل الرواية تنضوي تحت مظلة رواية ما بعد الحداثة في التعامل مع التاريخ بوصفه تخييلاً وبنية سردية افتراضية، وربما وفق ما قاله الناقد الأميركي هيدن وايت الذي ينظر إلى التاريخ بوصفه سرداً.
ومن جهة أخرى يمكن أن تعد هذه الرواية متحفاً للمأثورات والحكايات والشخصيات والمظاهر الأنثروبولوجية الاجتماعية التي كانت تشكل النسيج الاجتماعي الجواني لقاع المدينة. ولهذا يمكن النظر إليها بوصفها نموذجاً موفقاً لما يُصطلح عليه في النقد الثقافي بالسرد الثقافي، لأننا يمكن أن نتعرف من خلالها على صور الحياة المتنوعة، ونمط العلاقات والقيم السائدة والتشكيلات الإثنية والمعرفية، والإرهاصات الأولى للحركات الثورية. والمتن الروائي يركز على فترة الخمسينات من القرن الماضي وصولاً إلى عام 1958، لكنه غالباً ما يعود بالذاكرة من خلال مرويات وشهادات واستذكارات أبطالها إلى مراحل تاريخية أقدم تعود إلى فترة الحكم العثماني (العصملي) وتحديداً قبيل الحرب العالمية الأولى، والاحتلال البريطاني للعراق عام 1917، كما تتوقف عند ثورة العشرين وانتفاضة سوق الشيوخ عام 1935.
وهكذا فمدينة «سوق الشيوخ» التي هي كناية عن الناصرية، وربما كناية عن العراق بكامله، هي بنية مكانية مولِّدة للأحداث في الرواية. وهناك تنوع كبير في أنماط الشخصيات والنماذج البشرية، ففيها تتمثل جميع المكونات الاجتماعية والعشائرية والمذهبية والدينية التي يحفل بها المجتمع العراقي. إذ يحتل المسلمون، السنة والشيعة، الأغلبية، يتلوهم الصابئة المندائيون، كما تضم المدينة عدداً من المسيحيين يمثلهم «جورج» بائع المشروبات. فضلاً عن ذلك تضم المدينة عدداً من اليهود الذين يمتلكون كنيسهم الخاص ويمثلهم في الرواية «جاجو» البقال المشهور في المدينة.
وتلتقط الروايات نماذج نوعية ممثلة لثقافة المدينة من خلال التركيز على الثلاثي (عبيّس، ونعيّم، وستار) والثلاثي (نعمان، ومحمود، وسعد). الأول يميل إلى البساطة والتلقائية ويضم شخصيات شعبية قريبة من القاع الاجتماعي، في مقدمتها شخصية «عبيس» الذي يعدّ ذاكرة المدينة، و«ستار» الذي يمتلك صوتاً غنائياً عذباً. وكذلك شخصية «نعيّم»، الذي تشكل حكايته حبكة سردية أساسية لأنها تستمر لفترة زمنية طويلة. فهو ابن «الشيخ كاصد» الذي تهابه العشائر، لكن «نعيم» وهو شيخ شاب نزق في الثلاثينات من عمره وقع في حب «بدرية» التي اشترطت لقبوله زوجاً لها شرطاً قاسياً وغريباً، وهو أن يجمع مهرها الثقيل من التسول. وقد قبل «نعيّم» بهذا الشرط وبحضور «الملا يوسف» الذي كان ضامناً له. وهكذا تحول نعيّم إلى متسول يجوب الأزقة والمقاهي ويتلقى سخرية الأطفال والكبار معاً، لكنه ينجح في النهاية في جمع المهر، ويطالب بحقه في تنفيذ الوعد، لكن «بدرية»، وهي امرأة ذكية وتوصف بأن لها عقلاً يزن بلداً، تقدم شرطاً أخيراً للقبول بـ«نعيّم» يتمثل في عزوفه نهائياً عن «سُبّة» التسول التي تجذرت في سلوكه، لكن «نعيّم» يُخفق هذه المرة في الامتحان وينفلت من الجمع وهو يطلق توسله «من مال الله. عندي عرس وأريد فلوس» (ص 131).
وهكذا ينتهي حلم «نعيّم» الرومانسي بالزواج من فتاة أحلامه «بدرية». وهذا الثلاثي اعتاد أفراده الغناء والرقص على ضفة نهر الفرات ليلاً، وتعلو أصواتهم بالغناء الممزوج بالتأوهات والبكاء، لتسمعه المدينة في صوبيها، وبشكل خاص «بدرية» التي يثير لديها الإحساس بالأسى والندم، لأنها كانت السبب في وصول «نعيّم» إلى هذه الحالة المزرية الميؤوس منها. وأنا أرى أن هذا الثلاثي يمثل أحياناً نموذج الشخصية «الزوربية»، التي تعرّفنا إليها في رواية «زوربا» للروائي اليوناني كازانتزاكي. كما أن هذا الثلاثي قريب مما تسمى في الميثيولوجيا الإغريقية النزعة «الديونيزوسية» المشتقة من اسم الإله «ديونيزوس» أو الإله «باخوس»، إله الربيع والخصب والموسيقى، وهو يدعو إلى ممارسة كل ما هو حسّي ودنيوي وجسدي، بعيداً عن صحوة العقل وحسابات المنطق. أما الثلاثي الروائي الآخر الذي يضم «أمين، ومحمود، وسعد» فيمثل النقيض المقابل للنزعة «الديونزوسية». ذلك أنه يتميز بالميل إلى العقلانية والتفكير المنطقي المتوازن، والحس السياسي مما يجعله شبيهاً بالنزعة «الأبولونية» في المثيولوجية الإغريقية، نسبةً إلى الإله الإغريقي «أبولو»، إله النور والعقل والذي يدعو إلى التفكير العقلي المنطقي المنضبط.
وتضم الثلاثية الأبولونية في الرواية شخصيات مهمة، لها تأثيرها في حياة المدينة ونهوضها، هي: شخصية «نعمان» مدرس اللغة العربية في المدينة، وخريج دار المعلمين العالية ببغداد وهو مثقف يساري وشاعر، وعاشق لفتاة مسيحية اسمها «تانيا»، كما أنه واحد من مثقفي المدينة الذين تأثروا منذ كان طالباً في الجامعة، بالفكر الثوري، الذي راح يروّج له بين الشباب، ويعمل من أجل تحقيق تغيير اجتماعي ثوري يُخرج المجتمع من سكونيته وتخلفه، وهو ما تحقق فعلاً في نهاية الرواية عندما حصل مثل هذا التغيير الثوري عام 1958، فضلاً عن ذلك فقد كان «نعمان» يفكر بكتابة رواية عن المدينة، مما يشير إلى الجوهر الميتاسردي في الرواية. أما الشخصية الثانية فهي شخصية «محمود» وهو صابئي مندائي، يحمل أيضاً مثل «نعمان» أفكاراً يسارية ثورية. لكن مشكلته تكمن في أنه يعشق فتاة مسلمة اسمها «رزيقة» حيث يَحول التباين الديني بينهما دون تحقيق مثل هذا الحلم المستحيل. أما الشخصية الثالثة فهي شخصية «سعد» الذي يمتلك هو الآخر، فضلاً عن ميوله اليسارية، قصة مؤلمة عن حياته وأسرته، راح ضحيتها عدد من أفراد أسرته، أخذ يسردها على صديقيه «نعمان» و«محمود» اللذين قاما وفي أوقات متباينة، برواية قصص حبهما ومعاناتهما في الحياة. ولعبت الذاكرة دوراً مهماً في هذا السرد الاستذكاري الذي قدمته هذه الشخصيات الثلاث.
ومن الناحية الفنية يغلب السرد «المبأر» على الرواية، ففي الاستهلال، نجد «بدرية» وهي تتفاعل مع غناء «عبيس» و«ستار» و«نعيم» من خلال مونولوج داخلي عبر توظيف «أنا الراوي الغائب» بتعبير تودوروف:
«منذ أن سمعت صوته، وهو يغنّي على جرف النهر، لم يستكن قلبها، ولم يدر بخلدها أن هذا الغناء العذب سيعيدها إلى ذاكرة مكلومة» (ص 11).
كما أن الكثير من المرويات عن تاريخ المدينة تقدَّم بطريقة فنية مبأرة، إما عن طريق المنولوجات الداخلية للشخصيات الروائية، وإما من خلال حوارات درامية بينها نجد ذلك في حوار «رسول» مع زوجته «بدرية» عن تاريخ مدينة سوق الشيوخ:
«هذه المدينة قديمة، قبل أن يحتلها العصملية والإنجليز، وهي جزء من سومر» (ص 27)، لكن الرواية انطوت من الجانب الآخر، من الناحية السردية على مقاطع كثيرة تنتمي إلى السرد كليّ العلم، كما نجد ذلك في المثال التالي:
«لا أحد في المدينة لا يعرف عبيّس، كان الأشهر حتى من شيوخ العشائر، ومعارفه من الرجال الفقراء والنساء والأطفال، بل حتى الطبقة العليا من المجتمع» (ص 19).
وكان بإمكان الروائي أن يبث مثل هذا السرد كليّ العلم من خلال وعي أو رؤية شخصية روائية مشاركة لتتحقق عملية التبئير الفني في السرد، والتخلص من المباشرة التي يمليها السرد العليم، وهو أمر لم يخلُ بصورة واضحة من الطبيعة الفنية للسرد المبأر الذي يهيمن على الرواية.
لقد نجحت الرواية في أن تقدم معالم مثيرة لمدينة سوق الشيوخ، بخاصة عالمها الريفي الزراعي، وتقاليدها العشائرية الصارمة، وهو موضوع قلما اقتربت منه الرواية العراقية التي ظلت شخصياتها مدينية مأخوذة من المدينة الحديثة، وهو ما يمنح هذه الرواية خصوصية وتفرداً. ولأن الرواية تمتلك كل الثراء التاريخي والميثولوجي والروحي، نراها وقد تحولت لدى أبنائها إلى حب من نوع خاص، هو ما عبّر عنه عنوان الرواية «حب عتيق» ففي الحوار المحتدم بين «نعمان» و«محمود» و«سعد» حول تعلقهم، حد العشق، بمدينتهم، وتضحيتهم بمصالحهم وعواطفهم الشخصية، مثلما فعل «نعمان» عندما رفض أن يهجر مدينته من أجل حبيبته «تانيا» التي رفضت الذهاب معه إلى سوق الشيوخ، واقترحت عليه الهجرة خارج العراق. ونكتشف خلال ذلك انهماك «نعمان» بجمع المرويات والوقائع عن تاريخ المدينة وأناسها لغرض كتابة رواية عنها. ويرى «محمود»، وهو يؤيد صديقه «سعد»، أن يقوم «نعمان» بكتابة قصة حب «نعيم» لـ«بدرية» وقصة حبهم جميعاً لمدينتهم لتكون قصة هذا «الحب العتيق» أو «المعتق»:
«لكن محموداً، وهو يؤيد ما قاله سعد، طالب نعمان بإكمال قصة نعيم، وأن تكون القصتان المميزتان حكاية المدينة، قصة الحب العتيق الذي يبدأ بذاته، وينتهي بطرق مختلفة» (ص 166).
ومن هنا نكتشف دلالة العنوان في الرواية، ذلك أنه يدمج بين الخاص والعام في قصة حب «نعيم» الأسطورية، وقصة حبهم جميعاً لمدينتهم سوق الشيوخ التي أورثتهم هذا الحب العتيق الأزليّ.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
TT

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)

انتشر عمل فني من معرض «آرت بازل» يضم كلاباً آلية تحمل رؤوساً شمعية لوجوه شخصيات بارزة؛ مثل جيف بيزوس وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، انتشاراً واسعاً، إذ يتناول تأثير رواد التكنولوجيا على الطريقة التي نرى بها العالم.

وتتجول الكلاب الروبوتية ذات اللون الجلدي، والمزوّدة برؤوس شمعية دقيقة تشبه مستوى متحف «مدام توسو» لعدد من المليارديرات والفنانين - من بينهم جيف بيزوس، وإيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ، وآندي وارهول، وبابلو بيكاسو - داخل حظيرة صغيرة، وتقوم بـ«إخراج» صور فوتوغرافية.

ويحمل العمل الفني عنوان «حيوانات عادية» من إنتاج استوديو «بيبِل» في تشارلستون، وقد عُرض هذا العام في «آرت بازل» خلال انطلاق الفعالية السنوية في ميامي بولاية فلوريدا.

وقال مايك وينكلمان، المعروف باسم «بيبِل»، في مقطع نُشر من بورتوريكو على «تيك توك»: «الصورة التي يلتقطونها، يعيدون تفسير الطريقة التي يرون بها العالم. لذا فهي تضم فنانين، ولديها أيضاً إيلون وزوكربيرغ». وأضاف: «وبشكل متزايد، هؤلاء التقنيون والأشخاص الذين يتحكمون في هذه الخوارزميات هم الذين يقررون ما نراه، وكيف نرى العالم».

وتتجول الكلاب الروبوتية، وتجلس، وتصطدم بعضها ببعض، وبين الحين والآخر يومض ظهرها بكلمة «poop mode» قبل أن تُخرج صورة رقمية تُترك على الأرض، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وكتب أحد مستخدمي «تيك توك»: «شكراً، لم أكن أخطط للنوم الليلة على أي حال»، وقال آخر: «هؤلاء مقلقون تقريباً مثل الأشخاص الفعليين»، وعلّق مستخدم على حساب «آرت بازل» في «إنستغرام»: «هذا عبقري ومرعب في الوقت نفسه»، فيما تساءل آخر: «هل هذا حقيقي أم ذكاء اصطناعي؟».

مشهد من معرض «حيوانات عادية» في ميامي (أ.ف.ب)

ويهدف العمل الفني، بحسب الناقد الفني إيلي شاينمان الذي تحدث لـ«فوكس نيوز»، إلى إعادة النظر في كيفية تمكّن الفنانين العاملين في البيئات الرقمية من إحياء مفاهيمهم وأفكارهم عبر الروبوتات، والنحت، والرسم، والطباعة، والأنظمة التوليدية، والأعمال الرقمية البحتة.

وقال وينكلمان لشبكة «سي إن إن»، إن الروبوتات صُممت للتوقف عن العمل بعد 3 سنوات، على أن تكون مهمتها الأساسية تسجيل الصور وتخزينها على سلسلة الكتل (البلوك تشين). وأكد معرض «آرت بازل» لـ«فوكس نيوز ديجيتال»، أن كل نسخة من روبوت «حيوانات عادية» بيعت بالفعل مقابل 100 ألف دولار.

وقال فينتشنزو دي بيليس، المدير العالمي والمدير الفني الرئيسي لمعارض «آرت بازل»، لـ«فوكس نيوز ديجيتال»: «نهدف من خلال معرض (زيرو 10) إلى منح ممارسات العصر الرقمي سياقاً تنظيمياً مدروساً، وخلق مساحة للحوار بين الجمهور الجديد والحالي، مع الإسهام في بناء بيئة مستدامة للفنانين والمعارض وهواة الجمع على حدٍ سواء».


نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
TT

نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)

دقَّت نقابات هوليوود وأصحاب دُور العرض ناقوس الخطر بشأن صفقة الاستحواذ المُقترحة من «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز ديسكفري» بقيمة 72 مليار دولار، مُحذّرين من أنّ الصفقة ستؤدي إلى خفض الوظائف، وتركيز السلطة، وتقليل طرح الأفلام في دُور العرض إذا اجتازت مراجعة الجهات التنظيمية.

ووفق «رويترز»، من شأن الصفقة أن تضع العلامات التجارية التابعة لشركة البثّ العملاقة «إتش بي أو» تحت مظلّة «نتفليكس»، وأن تسلّم أيضاً السيطرة على استوديو «وارنر براذرز» التاريخي إلى منصة البثّ التي قلبت بالفعل هوليوود رأساً على عقب، عبر تسريع التحوّل من مشاهدة الأفلام في دُور السينما إلى مشاهدتها عبر المنصة.

وقد تؤدّي الصفقة إلى سيطرة «نتفليكس»، المُنتِجة لأعمال شهيرة مثل «سترينجر ثينغز» و«سكويد غيم»، على أبرز أعمال «وارنر براذرز»؛ مثل «باتمان» و«كازابلانكا».

وقالت نقابة الكتّاب الأميركيين في بيان: «يجب منع هذا الاندماج. قيام أكبر شركة بثّ في العالم بابتلاع أحد أكبر منافسيها، هو ما صُمّمت قوانين مكافحة الاحتكار لمنعه».

وتُواجه الصفقة مراجعات لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد عبَّر سياسيون أميركيون بالفعل عن شكوكهم.

الصفقة تواجه أصعب امتحان تنظيمي (د.ب.أ)

وتُمثّل النقابة الكتّاب في مجالات الأفلام السينمائية والتلفزيون والقنوات الخاصة والأخبار الإذاعية والبودكاست ووسائل الإعلام عبر الإنترنت. وأشارت إلى مخاوف تتعلَّق بخفض الوظائف وتخفيض الأجور وارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين، وتدهور ظروف العاملين في مجال الترفيه.

وقالت «نتفليكس» إنها تتوقع خفض التكاليف السنوية بما يتراوح بين مليارَي دولار و3 مليارات دولار على الأقل، بحلول السنة الثالثة بعد إتمام الصفقة.

وحذّرت كذلك «سينما يونايتد»، وهي منظمة تجارية تُمثّل 30 ألف شاشة عرض سينمائي في الولايات المتحدة و26 ألف شاشة حول العالم، من أنّ الصفقة قد تقضي على 25 في المائة من أعمال دور العرض محلّياً.

وتُصدر «نتفليكس» بعض الأفلام في دور العرض قبل إتاحتها للمشتركين على المنصة، وقالت الشركة إنها ستحافظ على طرح أفلام «وارنر براذرز» في دُور السينما، وتدعم محترفي الإبداع في هوليوود. ووصف رئيس منظمة «سينما يونايتد» مايكل أوليري، الاندماج بأنه «تهديد لم يسبق له مثيل»، مُتسائلاً عمّا إذا كانت «نتفليكس» ستحافظ على مستوى التوزيع الحالي.

وقالت نقابة المخرجين الأميركيين إنّ لديها مخاوف كبيرة ستناقشها مع «نتفليكس». وأضافت: «سنجتمع مع (نتفليكس) لتوضيح مخاوفنا وفَهْم رؤيتهم لمستقبل الشركة بشكل أفضل. وفي الوقت الذي نقوم فيه بهذه العناية الواجبة، لن نصدر مزيداً من التعليقات».


8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)
الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)
TT

8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)
الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)

يُعبر كثير من الموظفين عن عدم رضاهم عن ظروف العمل في معظم الأحيان، فهناك دائماً جوانب في المكتب تُشعرك بالإرهاق. ولكن في بعض الأحيان، قد تكون وظيفتك ليست مُرهقة فحسب؛ بل سامة بالفعل وتستنزف طاقتك.

قد تكون الوظائف سامة لأسباب عديدة، ومُملة بشكل لا يُطاق. قد يكون الزبائن هم من يجعلونها سامة؛ مثل رواد المطاعم المُتطلبين، أو ربما يكون السبب المدير أو الزملاء غير المتعاونين، وفقاً لموقع «ويب ميد».

من المهم هنا التمييز بين الوظيفة السامة والإرهاق. يحدث الإرهاق عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل، ونُنهك تدريجياً. مع قسط كافٍ من الراحة، وربما منظور مختلف لعملنا، يمكننا التعافي من الإرهاق. ولكن إذا كانت الوظيفة بالفعل سامة، فلن تكفي أي راحة أو وقت فراغ بعد عودتك.

وإذا كنت تشعر حقاً بعدم السعادة في العمل، فابحث عن العلامات التالية التي تشير إلى أن وظيفتك سامة لصحتك النفسية والعقلية:

1. اختفاء المشاعر الإيجابية في العمل

تشعر بكثير من الفرح والراحة بعيداً عن العمل، لكن هذه المشاعر تختفي بمجرد دخولك مكان العمل. بدلاً من ذلك، تشعر دائماً بعدم الارتياح، أو التوتر، أو مجرد إرهاق عاطفي. ربما ينصحك زملاؤك بالتفاؤل، لكنك لا تستطيع سوى إجبار نفسك على الابتسام.

2. يستغرق الأمر عطلة نهاية الأسبوع بأكملها للتعافي

تتدهور صحتك النفسية طوال الأسبوع. بحلول يوم الثلاثاء، تكون مرهقاً، ولا تتخيل كيف ستصمد حتى يوم الجمعة. عندما تأتي عطلة نهاية الأسبوع أخيراً، بالكاد تتطلع إليها لأنك منهك للغاية. عندما تبدأ بالتعافي أخيراً، يحين وقت العودة إلى العمل.

3. تشعر بالتوتر والانزعاج ليلة الأحد

في ليالي الجمعة والسبت، يمكنك إبعاد العمل عن ذهنك، ولكن بحلول يوم الأحد، لن تتمكن من إنكار قدومه. من الصعب عليك التفاعل مع من حولك، ولا تستمتع بآخر يوم في عطلة نهاية الأسبوع، كما تترقب صباح الاثنين.

4. تحلم بالتقاعد - الذي قد يكون على بُعد عقود

لا يتوقف الأمر على عطلة نهاية الأسبوع - بل تحلم بإجازة دائمة من العمل. قد تبدأ حتى بالتخطيط لتقاعدك، أو التفكير في طرق للثراء حتى لا تضطر للعمل.

5. نوعية نومك تكون أسوأ بكثير في أيام العمل

العمل الضار يمكن أن يُفسد نومك تماماً. يشعر بعض الناس بالآثار في أيام عملهم (عادةً من الاثنين إلى الجمعة)، بينما قد يلاحظها آخرون تحسباً للعمل (من الأحد إلى الخميس).

6. تشعر بالمرض الجسدي

أظهرت دراسات لا حصر لها آثار التوتر المزمن على جهاز المناعة. إذا كنتَ مُسَمَّماً ببيئة عملٍ سيئة، فستشعر بآثارها ليس فقط على عقلك وروحك؛ بل على جسدك أيضاً. يبدو الأمر كأنك تُصاب بكل فيروسٍ منتشر، وتستغرق وقتاً أطول للتعافي من المعتاد.

7. تأخذ كثيراً من الإجازات الشخصية

حتى عندما لا تكون مريضاً جسدياً، قد تختار البقاء في المنزل قدر الإمكان. في بعض الأيام، تستيقظ وتبدو فكرة الذهاب إلى العمل مستحيلة. ربما تصل إلى حد ارتداء ملابسك وتناول الفطور، لكن فكرة القيادة إلى العمل تُشعرك بالغثيان.

8. لا تحب الشخص الذي أنت عليه في العمل

ربما يكون أبرز دليل على أن وظيفتك سامة أنها تُغيرك بطرق لا تُحبها. قد تجد نفسك منعزلاً، ومُركزاً على نفسك، ومتشائماً. وقد يمتد هذا إلى وقتك في المنزل مع عائلتك، وهو الجزء الأكثر إزعاجاً لك.

إذا كانت بعض هذه الأعراض تُؤثر عليك، ففكّر ملياً في مستقبلك بهذا المنصب. هل هناك طريقة لتغيير الوظيفة لتقليل تأثيرها عليك؟ أم أن الوقت قد حان لتغيير وظيفة أخرى؟ ناقش هذه الأفكار مع شخص تحبه وتثق به، وانتبه لمن تتواصل معه، خصوصاً من له مصلحة في قرارك. على سبيل المثال، زميل العمل الذي لا يريدك أن تترك الوظيفة، من المرجح أن يُعطيك تقييماً متحيزاً.